تعقيب وتوضيح على مقالة الأستاذ عبد الحميد درويش في مجلة (المثقف التقدمي)

نذير إبراهيم

السيد رئيس هيئة تحرير مجلة المثقف التقدمي، تحية وبعد…

كما أكدتم دوما أن الاختلاف في نقطة هنا، أو موقف هناك، ليس بالضرورة أن يكون رفضا للحرية وفضائها الواسع الرحب، كما أنه لا يعد عداء أو خصومة… من هنا ومن هذا المنطلق الصائب والرؤية السديدة، أنشر هذه الدراسة، ليس ردا على مقالة الأستاذ درويش في مجلة المثقف التقدمي تحت عنوان (القضية الكردية ومرحلة الحرب الباردة) بقدر ما هي توضيح مازال البعض يجهلها أو يتجاهلها، وأظن أن الأستاذ عبد الحميد درويش الذي خاض غمار الحياة السياسية، وصارع حدثانها، وخرج من معمعان الصراع لن يتبرم من هذه المقالة التي كتبت بموضوعية، بعيدا عن تزوير حقائق الحياة أو تزييفها بأوهام سقيمة لا سند لها، بل من منطلق التوق لمعرفة الحقيقة الساطعة، فما كان حقيقة في عهد آدم لا يزال حقيقة حتى عهدنا هذا..
لقد وردت في مقالة الأستاذ درويش حقائق دامغة ودقيقة، تهم كل مواطن يهتم بقضايا الفكر والسياسة، وذكر من جملة ما ذكر معلومة عتيقة رددتها الكثير من الشفاه والألسن التي تعودت أن تكون في الخندق المعادي للفكر الاشتراكي العالمي وطليعته آنذاك الحزب الشيوعي السوفياتي؛ ومن منطلق طبقي بحت، وفحوى المعلومة  كالتالي، كما يقول درويش: (لقد سحقت حكومة طهران بالتفاهم مع الولايات المتحدة وبريطانيا وباتفاق ضمني من الاتحاد السوفييتي، الحركة الكردية، وقضت على جمهورية مهاباد ذات الحكم الذاتي عام 1946) لا أعلم من أين التقط الأستاذ عبد الحميد هذه المعلومة، وهل شق قلوب القادة السوفييت حتى استوثق المعلومة (وباتفاق ضمني من الاتحاد السوفييتي….) وقد سبقه في هذا الرأي الظالم المجحف الذي يبعث على الأسف والأسى في آن (ريبر سليفي) في مجلة الحوار العددين ( 44ــ 45) 2004م في مقالة بليغة بلغتها تحت عنوان (الساعات الأخيرة من حياة زعيم الحركة الكردية في كردستان أيران) عندما جانب الصواب وخان الحقيقة الكاشفة عندما قال: (انهارت جمهورية كردستان “مهاباد 1946” بتعاون القوى الأجنبية، وخيانة الاتحاد السوفييتي السابق لها) دون أن يحدد هوية القوى الأجنبية، لكنه صرح باسم الاتحاد السوفييتي السابق من باب التشفي وليس من منطلق صحة المعلومة أوالحقيقية الموضوعية، ولا حظوا معي صيغة العبارة (تعاون القوى الأجنبية، وخيانة الاتحاد السوفييتي، والقارئ اللبيب يدرك كم الفرق شاسع في التعبير بين التعاون والخيانة، وهذا له تفسير واحد هو مدى الحقد المسبق الذي يكنه هذا الإنسان للاتحاد السوفييتي والحزب الشيوعي، وليدلي بدلوه ــ بالتالي ــ في هذه المسعورة التي انطفأ أوارها، وليعض كغيره من الأعداء الطبقيين بنواجذ كلماته على الدور السوفياتي المادي والمعنوي للكرد والقضية الكردية؛ وبرأيي أن هذه الآراء التي لا سند لها، تمهد لأحقاد وإحن ليس لنا فيها لا ناقة ولا جمل، ولا تخلف وراءها سوى الشقاق والمحن، وتحدث شرخا في وحدة الصف الوطني…

 والسؤال اللاهث الملح هو، كيف توصل الأستاذ حميد إلى هذا الرأي الغريب دون سند تاريخي يركن إليه بالثقة،علما أن الاتحاد السوفييتي كان قد خرج لتوه من رحى الحرب العالمية الثانية، واستطاع رغم ضحاياه بالملايين، أن يقضي على قطعان ذئاب النازية الهتلرية والفاشية الإيطالية والعسكرية اليابانية، كان هو الحاضنة التي حضنت جمهورية مهاباد وأذربيجان، حيث يؤكد السيد “ديفيد مكدول” في كتابه القيم (تاريخ الأكراد الحديث) ترجمة الأستاذ “راج آل” :أنه بدعم من الاتحاد السوفييتي وصل عباس الكردي مندوبا عن كرمنشاه إلى البرلمان الأيراني، وتم تعيين شقيق عباس وهو “خسرو” حاكما على شاه آباد… كما أصبح السيد صدر قاضي مندوبا في البرلمان، وهو شقيق قاضي محمد؛ وعقد بعدها اجتماع في باكو بين قادة كرد، كردستان أيران والسوفيات، حيث دعا السوفييت ثلاثين زعيما كرديا للاجتماع في باكو، ومنهم الخالد الذكر قاضي محمد، والشيخ عبدالله  بن الشيخ عبد القادر الكيلاني، وهو من أكراد العراق جاء من مركور إلى أيران عام 1941بعد احتلال الحلفاء، وهو صديق للسوفييت، ومن أعز أصدقاء قاضي محمد وأقربهم إلى نفسه وقلبه، ثم عقد اجتماع باكو الثاني، للبحث في حق تقرير المصير للكرد، وإقامة الدولة الكردية المستقلة سيما بعد بروز قوة الحزب الشيوعي الأيراني (تود ه) في عموم أيران وكردستان، وخاصة في أذربيجان، وهكذا توالت اللقاءات بشكل متواتر، وأصبح قاضي محمد عام 1945 زعيما لـ (كومله) وراح السوفييت ينادون قاضي محمد بالرئيس، ودعموه بشكل سريع، وطالب السوفييت، كونهم من ضمن قوى الاحتلال لإيران مع الحلفاء، طالبوا طهران المهزومة في الحرب العالمية  بتعيين / سيف قاضي/ ابن عم  قاضي محمد قائدا للجندرمة ، وبدأ السوفييت بتسليح الأكراد على جناح السرعة، ونصح القنصل السوفياتي الأكراد بتأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بدلا من “كومله” وقد قابل رئيس أذربيجان السوفياتية قادة الكرد وقال لهم : إن حزب “توده” لم يكن فعالا في أذربيجان، فتم استبداله بالحزب الديمقراطي، وعلى الأكراد أن يستبدلوا “كومله” بالحزب الديمقراطي الكردستاني….
بعد عودة قاضي محمد من بلاد السوفييت، أسس الحزب الديمقراطي الكردستاني فتم حل “كومله” ودمج عضويتها في الحزب الجديد، وبعد وصول البارزاني الخالد والشيخ أحمد البارزاني مع ألف مقاتل مع عائلاتهم إلى أيران قرب أشنو عام 1945 بعد فشل ثورتهما ، طلب السوفيات من البارزاني الخالد، أن يضع نفسه وإمكاناته تحت تصرف قاضي محمد بحيث يكون له دعما وسندا ..
 أعلن قاضي محمد عن إقامة الجمهورية الكردية الصغيرة، التي ضمت مهاباد، وبوكان، ونغده، وأشنو، كنواة لكردستان أيران، وأصبح قاضي محمد رئيسا لجمهورية مهاباد، وسيف قاضي وزيرا للحربية، وحاجي بابا شيخ رئيسا لحكومة كردستان، وهو من السادة ومن أبناء أسر كردية عريقة في الفداء والعطاء، وتم على إثر ذلك تعيين الملا مصطفى البارزاني وثلاثة من الزعماء برتبة  “مشير” ومنهم “سيف قاضي”..


بدأ البارزاني الخالد بهجومه الساحق على المواقع العسكرية الأيرانية، في  سقز، وبانه، وسردشت، بدعم سوفياتي..

وبدأ التدريس باللغة الكردية، وقدم السوفييت مطبعة لهم، لطبع جريدة هيواي كردستان، وكردكا ني، مندالاني كرد، ومسرحيات منها مسرحية دايكى نشتمان التي ألهبت حماسة الكرد، وأججت ثورة الضمير الإنساني ضد الطغيان، وكان روزفلت يتابع فصول المسرحية الكردية من السفارة الأمريكية في طهران، وبدأ يخشى من الدعم والنفوذ السوفييتي، وجهود الاتحاد السوفييتي لبناء كردستان مستقلة إلى جانب أذربيجان المستقلة…
ولسوء الحظ والطالع كما يبدو، ورغم الجهود السوفياتية، بدأت الخلافات تدب في الحكومة الوليدة حديثا، وتنهش من جسدها، فكان الشيخ عبدالله الكيلاني خصما  لدودا  للعقيد الكردي (زيرو بك هرني) في مهاباد،واعتبره إنسانا سيئا، وبدأ المارشال (مشير) أحمد رشيد في مهاباد، يتصل سرا مع الجنرال الفارسي (هما يوني) ويعلمه بقراره التخلي عن حزبه الكردي إذا عينته طهران (بخشدارا) لمدينة بانه…..
بعدها حدثت مشاكل كردية أذرية، فلعب السوفييت, والجيش السوفياتي المنهك دورا في حلها عام 1946رغم جراح السوفييت الثخينة، فقد جاء في بيان الصلح الذي أشرف عليه السوفييت: عاشت الأخوة الكردية الأذرية التاريخية، ومعلوم أنه بموجب الاتفاقية الأنكلو ـ السوفياتية الأيرانية عام 1942، تعهدت القوتان بالانسحاب من أيران بعد ستة أشهر من انتهاء الحرب بين دول المحور والحلفاء، وهذا بالطبع سيعني انسحاب وجلاء الجيش الأحمر السوفياتي في الثاني من آذار من عام 1946،هذا نظريا، ولكن بدا عمليا أن السوفييت يرغبون في مزيد من البقاء، فمارست كل من بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الضغوط وأبدتا قلقهما الشديد من الوجود السوفييتي في أيران، وتحت هذا الضغط وعد السيد، أندريه غروميكو بأن كافة القوات السوفياتية سوف تكون خارج أيران في غضون ستة أسابيع، وكان الغرب يتخوف من احتلال سوفياتي دائم لأيران، وبالمقابل، فقد أخاف الانسحاب كل من مهاباد وتبريز المستقلتين لأنهما لن تتمتعا بالحماية من حكومة طهران التواقة إلى الانتقام، وفي هذا الوقت بعد الانسحاب السوفييتي الذي تأخر كثيرا، تجاهل الفرس اتفاقهم مع الجمهورية الكردية، واعتبروه جيبا متمردا، وفي هذا الوقت كانت القوات الأيرانية، وقوات القائد الكردي الخالد المشير ملا مصطفى البارزاني تراقب بعضها البعض بحذر في أطراف (سـقز) فلجأ السوفييت إلى الحيلة، وأغرى الضباط السوفييت عمر خان الكردي بالرشوة، لأخذ قبيلتي شكاك وهركي الكرديتين إلى الجنوب لمساندة قوات البارزاني الخالد، ولا زال الكلام للسيد مكدول، وفي مهاباد كان (ثمة أمل) لإنشاء قوة عسكرية كردية  ( 13000) جندي لشن هجوم على (سقز وسنندج) علما أن تعداد القوات الأيرانية كان حوالي (50000) جندي وتميزت قوات البارزاني الخالد بالجرأة والثبات والبأس والشجاعة، بخلاف قوات عمر خان التي تميزت بالتردد والخوف، وحذر السوفيات مهاباد أن تتخلى عن هجومها على سنندج، لكن رجال القبائل الكرد انسحبوا إلى الشمال، فتضاءل جيش مهاباد إلى حد كبير وانهار الاتحاد الهش بين المدنيين ورجال القبائل، وفضل السوفييت إجلاء الفئة الأخيرة منها….
 ذهب قاضي محمد إلى طهران للمطالبة بحكم ذاتي حقيقي لكردستان أيران، فوافق رئيس الحكومة اليساري على إقامة منطقة كردية ذات حكم شبه ذاتي، وبنفس المساحة التي طالب بها قاضي محمد رغم معارضة المؤسسة الديكتاتورية متمثلة بالشاه والجيش والقبائل، وقام رئيس الحكومة اليساري (قوّام) باعتقال رموز الرجعية الأيرانية ومنهم عباس قابوريان، وتعاون مع تودة والحزبين الديمقراطيين الكردي في كردستان، والأذربيجاني في تبريز والعمل للحفاظ على وحدة اليسار الأيراني، لكن الجيش الأيراني تحرك ضد وحدة اليسار بتحريض من الشاه، الذي أعادته أمريكا والدول الغربية الأخرى إلى كرسي السلطة الشاهنشاهية، بخلاف إرادة أغلبية الشعوب الأيرانية، وذلك بعد القضاء على سلطة الدكتور محمد مصدق..فقد وضعت الإمبريالية الأمريكية كل ثقلها في أيران لضرب حركات التحرر لشعوب منطقة الشرق الأوسط ، وكان الشاه محمد رضا بهلوي قد رضي بتنصيب نفسه شرطيا وخادما لمصالح أمريكا والدول الغربية الأخرى، رضي الشاه القيام بهذا الدور المخزي، فأباد حركات التحرر كما أفلح بإزالة جمهورية كردستان الديمقراطية الفتية من الوجود…
في نهاية المطاف، أجبر الجيش (قوّام) على قطع علاقاته مع الحزبين، فغير قاضي محمد من لهجته، وتخلى عن كلمة الرئيس، وجاءت صفقة طهران ــ تبريز لإضعاف اقتصاد مهاباد الذي يعتمد على القمح والتبغ، فأخذ السوفيات بتقديم العون تلو العون لمهاباد، يقايضون القمح والتبغ الكردي بالقطن والسكر السوفياتي، ووصلت مساعدات سوفياتية للفلاحين الكرد في مهاباد (جمهورية كردستان الديمقراطية الفتية) والخطير في الأمر، إذ تفاقمت الخلافات بين زعماء قبيلتي مامش ومنكور الكرديتين من طرف، وقاضي محمد من طرف آخر، دعم السوفييت قاضي محمد، فأرسلوا له قوة عسكرية من الجيش الأحمر السوفياتي لطرد الطرف الآخر إلى العراق ، والذي زاد الطين بلــّة  تفاقم الخلافات بين قاضي محمد وقبيلة (دي بوكري) لكن عمر خان أجبرهم على الانصياع لأوامر مهاباد تحت ضربات قبيلتي (شكاك وهركي) فأرسل الجنرال هما يوني حلفاءه من الكرد الخونة من قبائل دي بوكري، ومامش،ومنكور، إلى مهاباد..

وخوفا من الفتنة طلب قاضي محمد من هما يوني بدخول قوات نظامية بدلا من أولئك الكرد أعداء القاضي من قبل, وفي 31 آذار صعد قاضي محمد وشقيقه وابن عمه إلى المشانق في ساحة جوار جرا في مهاباد،  ثم تجرع الوزراء نفس المصير الفاجع، وطالت الإعدامات (كه وورك وفيض الله بكي) لكن البارزاني الخالد القائد العام للقوات المسلحة، رفض الاستسلام، بل آثر الثبات ومواصلة المقاومة، وكأن لسان حاله يقول: (من تحت أخمصك الحشر) وبرهن القائد البارزاني على تفوقه في المهارات التكتيكية، حيث أسر ألباب الكرد في كل مكان بمقاومته الباسلة وبمسيرته الملحمية عبر المناطق الحدودية الوعرة لكل من العراق وإيران وتركيا وقطع مع رجاله 220 ميلا من الاراضي الجبلية خلال خمسة عشر يوما وكانت القوات الإيرانية تتعقبهم بضراوة الى ان عبر البارزانيون ضفاف اراس قادمين من مهاباد الدامية , وكان البارزاني الخالد آخر من عبر بعد ان اطمئن على عبور قواته من البيشمركة الابطال ووصلوا بأمان الى البر السوفياتي الصديق في 15 حزيران ليغدو هذا الليث الهصور في حمى السوفيات وهكذا كتب بنفسه وبدماء البيشمركة الابطال الاسطورة التي عاد بها , وقد قابل في بلاد السوفيات الكثير من قادة الحزب والجيش والدولة السوفياتية ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر :خروشوف وباقر وف ونور الدين محي الدينوف وغيرهم وغيرهم… وستبقى الفكرة القائلة بأن جمهورية مهاباد الفتية كانت هي اللحظة الحرجة التي حقق فيها الكرد حريتهم رواية وردية عن الواقع وهي قابلة للأخذ والرد فهي كانت ضحية سياسات الأعيان والزعماء القبليين الكرد والانقسامات الاجتماعية بين الكرد القبليين والمدنيين وبين الأعيان  والطبقة الوسطى الأقل شأنا وكان الاقتصاد الضعيف أيضا من عوامل السقوط , فقمعت الجمهورية بوحشية (المرجع مكدويل) وفي نفس الوقت يؤكد المناضل الكردي العراقي الأستاذ نوري صديق شاويس طيب الله ثراه هذه الحقائق وبيّن الدور السيء الذي قام به بعض الخونة من الإقطاعيين الكرد (ولكل امرئ من دهره ما تعودا) الذين تسللوا الى مراكز القيادة في جمهورية مهاباد خيانة شنيعة بنسفهم وهدمهم لجسر بوكان كي لا يتمكن البارزاني الخالد والبيشمركة الابطال من الوصول الى جبهة سقز لدعم قاضي محمد رئيس جمهورية مهاباد الشهيدةـ لذا سلم قاضي محمد نفسه للجنرال همايوني في 16 كانون الأول 1946 …
يقول المناضل نوري شاويس انه في مؤتمر طهران عام 1943 وقع ستالين وتشرشل وروزفلت على الانسحاب من إيران والحفاظ على وحدة أراضيها لكن الجيش الأحمر السوفياتي كان يتلكأ في سحب قواته رغم اعتراض وتهديد الولايات المتحدة وبريطانية , فلم يسحب السوفيات قواتهم إلا بعد عام ونصف من التهديد والإنذار و الوعيد تاركاً عتاده وسلاحه وأمواله للكرد وبه قاوم البارزاني الخالد عاماً وبه انسحب مع 500 مقاتل من البيشمركة الأشاوس الى بلاد السوفيت وساد العزاء الوطني بإعدام قاضي محمد , و صدر قاضي , وسيف قاضي , ورحيم قاضي وكان أعداء الشيوعية من الخونة و الإقطاع المتحالفين مع الشاه يروجون الدعايات بأن السوفيات تخلوا عن مهاباد وأذربيجان ومن لا يتذكر إنذار مولوتوف بعد استسلام أسرة قاضي ــ انظر مذكرات المناضل شاويس ص 54 … ويؤكد مكدويل بأن الشيوعيين الإيرانيين كانوا حلفاء للأكراد في كردستان أيران، وكذلك الأمر بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي.

حيث كان أفضل حليف للقوميين الكرد، كان الحزب يؤمن بحق تقرير المصير لهذا الشعب، وجاء في كتاب مكدويل، تحت عنوان كردستان تركيا (1946ــ 1979) ما يلي: وبتحريض بلشفي حصلت انتفاضة الكرد في شرق الأناضول عام 1940، يقول المناضل الشيوعي الراحل زكي خيري في كتابه (صدى السنين في ذاكرة شيوعي مخضرم) وهو العربي البغدادي: كنت من الأنصار الرواد لقضية الشعب الكردي القومية، بيد أن انتصاري لها كان أفلاطونيا، ولم يصبح عمليا إلا بعد انتمائي للحزب الشيوعي العراقي … إلخ
من الأحاديث الأخاذة الآسرة عن قادة الكرد خاصة عن الشيخ محمود الحفيد آخر أمير كردي مستقل حيث كان معتقلا في داره برأس الحوّاش في الأ عظمية ويقول خيري:كنت أرى الشيخ جالسا أمام باب منزله، كنسر مهيض الجناح، يتحين الفرصة للإفلات من الأسر ليقود آخر انتفاضة في كردستان عام 1941، وكانت حركته الأخيرة…
هكذا كتب الشيوعيون المخلصون والغيارى والراسخون منهم في الشيوعية العلمية عن الشعب الكردي الجميل، وعن سحر طبيعة كردستان، أمثال الشيوعي المقدام زكي خيري وهادي العلوي والجواهري الكبير فالأول طاف ربوع كردستان، مع القائد الشيوعي الفارس توما توماس صاحب الجنان الذي لا يتزعزع، فلا يستطيع أي منصف أن ينسف تاريخ الكرد المضني الطويل، فالذاكرة حبلى بالكثير الكثير، حيث الصفحات المشرقة،والشخصيات المضحية، والمواقف مشهودة لا تطويها صفحة النسيان، ولا ذاكرة أي إنسان….


يقول الأستاذ مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان في الجزء الثالث من كتابه (البارزاني وحركة التحرير الكردية): إن السيد بريماكوف وصل كردستان في الثامن من كانون الأول عام1968وأكد للكرد أن السوفييت بكل ثقلهم يعملون لحمل بغداد على الوصول إلى نتيجة حاسمة، ص 227، ووصل وفد سوفياتي في 25 تشرين الأول عام 1971 برئاسة غفوروف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ، وعضوية بنجكين وأعضاء السفارة السوفياتية في بغداد، وقابلوا البارزاني الخالد، وحملوا له رسالة القادة السوفييت وهنؤوه على النجاة من الموت إئر مؤامرة اغتياله، والتي سقط فيها صريعا النادل وإحدى عشرة شخصية عراقية، معظم الشخصيات من علماء الدين الإسلامي؛ ومن جملة ما جاء في برقية القادة السوفييت : نحن سعداء ليقظتكم أيها الرفيق العزيز مصطفى البارزاني المحترم وسيبقى السوفييت الصديق الصدوق المخلص لحركة التحرير الكردستاني ــ التوقيع ليونيد بريجنيف ــ  الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي..
إن علاقة الكرد بالروس قديمة تعود إلى عهد الشيخ عبد السلام الثاني البارزاني عام 1913في تفليس حيث قابل الغراندوق ممثل القيصر بمعية إسماعيل آغا شكاكي، وأنترانيك الأرمني، والبطريرك بنيامين، وتم الاتفاق على تشكيل دولة كردستان في روسيا وأرمينيا ذات طابع فيدرالي.

لكن بقيام الحرب العالمية الأولى، واستشهاد الشيخ عبد السلام البارزاني، أجهض هذا المشروع ؛ اتصل الشيخ محمود الحفيد (حفيد الرسول) بالسوفيات برسالة إلى لينين، كما أحسن  السوفيات وفادة البارزاني الخالد ومعه (500) مقاتل لمدة اثني عشر عاما، وهم الذبن قادهم الجنرال الخالد الذكر مصطفى البارزاني بعد سقوط مهاباد، ولا ننكر العون من قبل السوفيات للثورة في أوقات محنتهم ص374  مصدر سابق
ويقول البارزاني : وفي عام 1963 انبرى الاتحاد السوفييتي عمليا، وعلى النطاق الدولي يدافع عن الشعب الكردي أثناء تعرضه للإبادة الجماعية في الثالث من تموز عام 1963، ففي شهر تموز  نفسه وجه السيد أندريه غروميكو وزير الخارجية وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي إنذارا شديد اللهجة إلى تركيا والعراق وإيران وسوريا مصرحا بأن الاتحاد السوفييتي لن يقبل ولن يقف مكتوف اليدين إزاء العمليات العسكرية والإبادة الجماعية التي يمارسها النظام البعثي في حربه مع الكرد في كردستان العراق؛ وفي 3 تموز 1963انبرى مندوب منغوليا الشعبية يعرض القضية في هيئة الأمم المتحدة بتوجيه سوفياتي..

وفي 11 تموز 1963قدم مندوب الاتحاد السوفياتي في الأمم المتحدة اقتراحا لمجلس الأمن لإدانة النظام العراقي على جرائمه التي يرتكبها ضد الشعب الكردي، وقد رفض الاقتراح وكانت بريطانيا وراء رفض القرار السوفياتي، ثم يتابع السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان إذ يقول: وبدأت المساعدات المادية من الاتحاد السوفياتي ترد الثورة بشكل متواصل من عام 1961ـ 1972وبقيت العلاقة ممتازة لكنها فترت بعد أن توثقت علاقاتنا مع أيران وأمريكا ص 375  المصدر نفسه… وحين نشأت علاقة بين الثورة الكردية والأمريكان، علمت أجهزة الاستخبارات السوفياتية k.g.b بذلك اتصل السوفييت بالبارزاني، فأرسلوا بريماكوف ثم السكرتير الأول بالسفارة السوفياتية في بغداد (فيكتور باسافا ليوك) الذي أصبح نائبا لوزير الخارجية السوفياتية، ثم أرسلوا فيدوتوف وكودرباتسيف أعضاء قيادة الحزب والدولة السوفياتية لمنع قيام علاقات كردية ـ أمريكية …..

أليس سرد هذه الحقائق كلها، دليل قاطع على الاهتمام السوفياتي والقادة الشيوعيين الآخرين، حملة التقاليد الثورية لمؤسسي الاشتراكية العلمية العظام بالشأن الكردي، والمسألة الكردية، أم أن بعض هؤلاء في آذانهم وقر..!؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…