هــــــوزان الـمـرعـــــي ـــ ديرك
تنطلق الديمقراطيات الغربية من الاسس التي يقوم عليها المذهب الفردي أو الليبرالي الذي يمكن تحديد أسسه العامة في الفردية والحرية والمساواة القانونية إضافة للمبدأ الدستوري المتمثل بفصل السلطات ولكن بسبب الظروف المختلفة وخصوصا الاقتصادية منها فقد طرأت تحولات جوهرية على محتوى الانظمة الديمقراطية الغربية لذا يمكننا أن نبرز أهم الخصائص المشتركة لهذه الديمقراطيات بشيء من التفصيل بعد أن أصبحت الشعوب الشرقية في أمس الحاجة إليها :
أولا : الــثــقـة بالــفـــرد :
إن الايمان بقيمة وأهمية الفرد يعتبر إحدى الايديولوجيات الاساسية التي تقوم عليها الانظمة السياسية في الدول الغربية .
هذا الايمان في الواقع ناجم عن موروث تاريخي أفرزته الحضارات التي تعاقبت على هذه الدول .
فالعصور القديمة ركزت وأكدت إنسانيا على الشخصية الإنسانية الحرة المسؤولة واقتصاديا على الملكية الفردية واجتماعيا على العدالة .
هذا الايمان في الواقع ناجم عن موروث تاريخي أفرزته الحضارات التي تعاقبت على هذه الدول .
فالعصور القديمة ركزت وأكدت إنسانيا على الشخصية الإنسانية الحرة المسؤولة واقتصاديا على الملكية الفردية واجتماعيا على العدالة .
فالإنسان أو الفرد هو خير بطبيعته والمؤسسات هي التي يمكن أن تكون فاسدة , لذلك يكفي أن نحرر الإنسان من هذه المؤسسات بأن نعطيه أقصى حد ممكن من الحرية , أي نمنحه كامل الثقة حتى نحصل على نظام اجتماعي متكامل للأسباب التالية:
آ / المجتمع ليس سوى مجرد تجمع أفراد نتيجة روابط العقد الاجتماعي فيما بينهم اي ناجم عن مجرد اتفاقهم الارادي
ب / ان محور تنظيم المجتمع يجب أن يتركز على حماية حقوق الفرد , من خلال تقييد مجال السلطة السياسية في أضيق نطاق ممكن .
ج / القانون ليس سوى التعبير عن الإرادة العامة , أي أرادة مجموع المواطنين وهذه قمة التمجيد للإنسان الفرد الذي يمنح عقله ثقة وإيمانا كاملين .
د / إن الثقة بالفرد لا تذهب إليه كإنسان فقط ,وإنما كصاحب وظيفة في المجتمع .
ثانيا : الإيمان بفضيلة الحوار :
الحوار من حيث الظاهر هو تبادل الكلام والعمل الحر , تبادل الآراء والافكار والاحكام , اي القدرة والإمكانية على القول ( مبادرة ) والنقض ( الرد على المبادرة ).
والحوار من حيث المبدأ , يقتضي وجود إمكانية الاتصال بلآخر لأنه يفترض وجود فردين أو مجموعتين من الافراد : الاولى تقوم بالمبادرة والأخرى ترد على المبادرة .
ولكن هذين الطرفين المتحاورين يجب أن يأخذا بعين الاعتبار بعدا قيميا يتمثل بالحقيقة والعدالة ولذلك فإن الحوار الحضاري يتطلب :
ولكن هذين الطرفين المتحاورين يجب أن يأخذا بعين الاعتبار بعدا قيميا يتمثل بالحقيقة والعدالة ولذلك فإن الحوار الحضاري يتطلب :
1 / القناعة بوجود حقيقة وعدالة .
2 / القناعة والإحساس بأن البحث واكتشاف الحقيقة يتعلقان أساسا بتجربة المقترحات و الافكار الاولى عن طريق مرورها عبر عقول متتابعة تعمل بما لها من ذاتية على تنقيتها كلها أو في جزء من الاخطاء التي تمتزج بالحقيقة .
3 / الاعتقاد بوجود نوع من التعادل الفكري بين الافراد أو على الاقل تتوفر فيهم القدرة على المساهمة في الحوار .
هذا المفهوم المدئي للحوار يرتب عدة آثار فيما يتعلق بالمؤسسات السياسية أو التنظيم السياسي , يمكن إجمالها بما يلي:
1 / ان النظم الغربية تقوم على التمثيل السياسي وأهم ما يسهم في تطوير آلية التمثيل السياسي هو الحوار بين المنتخب ان النظم الغربية تقوم على التمثيل السياسي وأهم ما يسهم في تطوير آلية التمثيل السياسي هو الحوار بين المنتخب وناخبيه .
هذا الحوار يسمح للنواب بالوقوف باستمرار على رغبات ومتطلبات و آراء نا خبيهم .
2 / وجود الاحزاب السياسية التي تسهم في عملية الحوار بين الحكام والمحكومين , بين السلطة والمعارضة .
هذا الحوار يسمح للنواب بالوقوف باستمرار على رغبات ومتطلبات و آراء نا خبيهم .
2 / وجود الاحزاب السياسية التي تسهم في عملية الحوار بين الحكام والمحكومين , بين السلطة والمعارضة .
3 / المجالس البرلمانية التي تؤمن الحوار بين مختلف الأحزاب والتيارات السياسية وبين الأكثرية والمعارضة .
3 / المجالس البرلمانية التي تؤمن الحوار بين مختلف الأحزاب والتيارات السياسية وبين الأكثرية والمعارضة .
3 / المجالس البرلمانية التي تؤمن الحوار بين مختلف الأحزاب والتيارات السياسية وبين الأكثرية والمعارضة .
4 / إن مبدأ الفصل بين السلطات , الذي يعتبر أهم أسس الليبرالية في الغرب , يؤمن نوعا من الحوار بين السلطات الأساسية وخصوصا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية .
ثالثا : المجتمع التعددي :
تقوم الديمقراطية الغربية على تعددية المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا ….
, وهذا أمر طبيعي تفرضه مقتضيات الحرية , التي تعتبر الشرط الاساسي للثقة بالفرد .
, وهذا أمر طبيعي تفرضه مقتضيات الحرية , التي تعتبر الشرط الاساسي للثقة بالفرد .
فالتعددية السياسية تنجم عن حرية الرأي , حيث يكون من حق المواطنين أفرادا وجماعات أن تختلف آراؤهم حول سير الشؤون العامة وحول القرارات السياسية وحول تنظيم المجتمع و أسسه .
وهذه التعددية السياسية تتجلى في حرية التجمع والمشاركة , وتعددية الأحزاب السياسية , وتعددية المرشحين نتيجة الانتخابات التنافسية , وتعددية الكتل البرلمانية في المجالس التشريعية ….
الخ .
وهذا المجتمع التعددي هو نقيض المجتمع الإجماعي في الأنظمة الشمولية ذات الحزب الواحد.
وهذه التعددية السياسية تتجلى في حرية التجمع والمشاركة , وتعددية الأحزاب السياسية , وتعددية المرشحين نتيجة الانتخابات التنافسية , وتعددية الكتل البرلمانية في المجالس التشريعية ….
الخ .
وهذا المجتمع التعددي هو نقيض المجتمع الإجماعي في الأنظمة الشمولية ذات الحزب الواحد.
ويزعم بعض الباحثين بأن ميل الانظمة الغربية نحو المجتمع التعددي يعود الى جملة من العوامل ذات الصبغة السوسيولوجية وأهمها ( إن الليبرالية الاقتصادية القائمة طبعا على التعددية الموجودة في هذه البلدان أسهمت في قيام المجتمع التعددي سياسيا) .
رابعا : ثنائية السلطة / المعارضة :
تقوم المجتمعات الغربية على ثنائية السلطة .
وهذا أمر منطقي لأنه ينجم عن قيام هذه المجتمعات على الثقة بالفرد وخاصة حرية الرأي , وعن الايمان بفضيلة الحوار والمجتمع التعددي .
ويقصد بالمعارضة / Opposition/ بالمدلول العضوي : الهيئات (الحزاب والتجمعات السياسية ) التي تختلف مع الحكومة وتنتقدها , وتسعى للحلول محلها .
ويقصد بالمعارضة بالمدلول الموضوعي : كل نشاط أو عمل يتضمن نقدا للحكومة , سواء أكان صادرا عن أحزاب أو تجمعات سياسية أم عن أفراد وتجمعات غير سياسية .
وهذا أمر منطقي لأنه ينجم عن قيام هذه المجتمعات على الثقة بالفرد وخاصة حرية الرأي , وعن الايمان بفضيلة الحوار والمجتمع التعددي .
ويقصد بالمعارضة / Opposition/ بالمدلول العضوي : الهيئات (الحزاب والتجمعات السياسية ) التي تختلف مع الحكومة وتنتقدها , وتسعى للحلول محلها .
ويقصد بالمعارضة بالمدلول الموضوعي : كل نشاط أو عمل يتضمن نقدا للحكومة , سواء أكان صادرا عن أحزاب أو تجمعات سياسية أم عن أفراد وتجمعات غير سياسية .
* إن رفض المعارضة يعني السعي لإقامة مجتمع إجماعي يفكر فيه جميع أفراده على نحو موحد .
* أما قبول المعارضة فيعني السعي لإقامة مجتمع تعددي , يحقق ثنائية (أكثرية وأقلية ).
التي تجعل الحياة السياسية أقرب الى فهم المواطنين من خلال مناقشة المسائل العامة بين الاكثرية والاقلية بشكل علني كما أن قبول المعارضة من قبل السلطة العامة تسمح لهذه الاخيرة بالاستفادة من نقد الأولى من أجل حسن سير المؤسسات السياسية في سبيل خدمة الإنسان .
والانسان بفضل المعارضة يتمكن من تأكيد استقلاليته الذاتية ويحافظ على حريته في مواجهة السلطة
التي تجعل الحياة السياسية أقرب الى فهم المواطنين من خلال مناقشة المسائل العامة بين الاكثرية والاقلية بشكل علني كما أن قبول المعارضة من قبل السلطة العامة تسمح لهذه الاخيرة بالاستفادة من نقد الأولى من أجل حسن سير المؤسسات السياسية في سبيل خدمة الإنسان .
والانسان بفضل المعارضة يتمكن من تأكيد استقلاليته الذاتية ويحافظ على حريته في مواجهة السلطة
خامسا : تداول السلطة :
إن القبول بثنائية السلطة / المعارضة/ يقتضي القبول بمبدأ تداول السلطة فيما بينها .
وتداول السلطة يعني انتقال السلطة من شخص لآخر , أو من جماعة سياسية لأخرى وفقا للطرق المحددة في الدستور .
ولا يشترط في ذلك , أن يتم هذا التداول بشكل بعلي خلال فترات محددة , وإنما يكفي أن تكون هناك فرصة جدية لمن في المعارضة أو للأقلية أن يصبح في السلطة ,أو يشكل أكثرية .
وتداول السلطة يعني انتقال السلطة من شخص لآخر , أو من جماعة سياسية لأخرى وفقا للطرق المحددة في الدستور .
ولا يشترط في ذلك , أن يتم هذا التداول بشكل بعلي خلال فترات محددة , وإنما يكفي أن تكون هناك فرصة جدية لمن في المعارضة أو للأقلية أن يصبح في السلطة ,أو يشكل أكثرية .
سادسا : التنظيم العقلاني للسلطة :
تقوم الانظمة الديمقراطية الغربية على تنظيم عقلاني لعنصرين نقيضين هما / السلطة و الحرية / أو كما أشرنا سابقا ثنائية السلطة / سلطة الحكام وحرية المحكومين / اللذين هم في آن واحد مواطنون يتبادلون المواقع وفقا لمبدأ تداول السلطة .
هذه العقلانية في التوفيق بين هذين العنصرين تقوم على عدة أسس : التنظيم السياسي يقوم على مبدأ التمثيل ,ورقابة الممثلين على الحكام , والانتخابات التنافسية لمدة معينة , واتباع رأي الاكثرية دون التقيد بمبدأ الاجماع وهذه نتيجة منطقية للمجتمع التعددي