محي الدين عيسو
في كل مرة نطرق فيها أبواب قضية الفقر في سوريا وننقل الواقع المأساوي للآلاف المحرومين من لقمة العيش والذين يعيشون بيننا..
نتصور بأنه هو أسوأ ما يمكن أن ننقله، ولكن عندما نطرق أبواب أخرى نفاجأ بصور أشد قسوة وأناس حالهم أشد مرارة..
نشعر بأن هؤلاء يعيشون في أفقر دول العالم وأكثرها مجاعة والحال هذه تنطبق على جميع المحافظات السورية وأكثرها محافظة الحسكة التي تعتبر الزراعة من أهم المصادر التي يعتمد عليها أبناء هذه المحافظة في الحصول على قوتهم اليومي، ومصدرهم الشبه وحيد في تأمين لقمة العيش لأبناهم
في كل مرة نطرق فيها أبواب قضية الفقر في سوريا وننقل الواقع المأساوي للآلاف المحرومين من لقمة العيش والذين يعيشون بيننا..
نتصور بأنه هو أسوأ ما يمكن أن ننقله، ولكن عندما نطرق أبواب أخرى نفاجأ بصور أشد قسوة وأناس حالهم أشد مرارة..
نشعر بأن هؤلاء يعيشون في أفقر دول العالم وأكثرها مجاعة والحال هذه تنطبق على جميع المحافظات السورية وأكثرها محافظة الحسكة التي تعتبر الزراعة من أهم المصادر التي يعتمد عليها أبناء هذه المحافظة في الحصول على قوتهم اليومي، ومصدرهم الشبه وحيد في تأمين لقمة العيش لأبناهم
وكانت هذه المحافظة حتى سنوات خلت من أكثر المحافظات استقراراً من الناحية المادية وملجئاً للمواطنين السوريين الذين يبحثون عن لقمة العيش، وفتح المشاريع الزراعية فيها لما كانت تتمتع بالأراضي الخصبة والمياه الوفيرة والتسهيلات المتاحة، أما في الوقت الحالي فقد ارتفعت أسعار المواد الزراعية، وجفت الآبار التي تضخ المياه العذبة، والكثير من الأمراض والأوبئة التي تضرب الموسم الزراعي، مما أدى على هجرة العديد من العائلات الحسكاوية تحت وطأة الجوع إلى المحافظات الأخرى وخاصة أحزمة الفقر في دمشق بغية البحث عن فرصة للعمل في المعامل والمصانع وكباعة جوالين في شوارع دمشق.
بائع جوال أمنيته إتمام تعليمه
” سامر” شاب ذو العشرين ربيعاً يرتب بضعة علب من الدخان على البسطة….
رداً على سؤال عن دخله في اليوم الواحد، بدا الإرهاق والتعب على هذا البائع بجسده الضئيل ويديه الصغيرتين، غلف رفضه لمتابعة الحوار بنظرة خجولة منكسرة، فهو لا يود الحديث عن معاناته، وبعد الإلحاح قال: بدأت بالعمل منذ أربع سنوات بعد أن أصاب العجز والدي وأقعده عن العمل، ولأني أكبر أخوتي الثمانية كان لابد لي من تدبر الأمر، فعائلتي كبيرة وتسكن في بيت إيجار، اضطررت لترك الدراسة بعدما نلت الشهادة الإعدادية، ولم أجد عملاً يناسبني سوى البيع على البسطة، العمل الذي لا يحتاج رأسمالا ولا شهادات علمية، لكنه يحتاج إلى جهد كبير حيث أقف أكثر من أثنتا عشرة ساعة يومياً على قدمي لأحصل على 200 أو 300 ليرة، ومع هذا أنا راض بهذا العمل وهذا الدخل فقط لو تكف شرطة البلدية عن ملاحقتنا وطلب إتاوة، فإذا دفعنا المعلوم لا يبق لنا شيء وإذا لم ندفع صادروا كل شيء، إنه الذل بعينه.
يتنهد فريد باحثاً عن بصيص تفاؤل ويتابع: ومع ذلك، ورغم الفقر وظروف الحرمان، أرتاح عندما أعود إلى البيت مساء وأجد ابتسامة ما على وجوه إخوتي الصغار، أما أمنية فريد الوحيدة فهي متابعة دراسته التي حرم منها لقناعة لديه بأنه لن يصبح له شأن يذكر في المجتمع ما لم يتعلم.
السفر والبحث عن لقمة العيش
ربما كان حال ” أبو محمود” كأحوال الكثير من أبناء المحافظة الذين اجبروا على الهجرة لتحسين وضعهم المادي والذي يقول بأنه ليس من المعقول أن تكون محافظة الحسكة وهي من المحافظات الكبيرة والغنية بمواردها المختلفة، مهملة وفرص العمل فيها غائبة بهذا الشكل، فعائلات كثيرة تضطر للسفر من القامشلي إلى المناطق الأخرى من أجل تأمين فرصة عمل تعود بمردود مادي يكفيها، وتعمل فيها ليلا نهارا من أجل تامين لقمة العيش لأطفالهم كعائلتي التي سافرت من القامشلي إلى دمشق بسبب الوضع المعيشي السيئ، وعملت هناك في إحدى المصانع الكبرى، وبعد عدة سنوات عادت الأسرة إلى القامشلي لتستقر بين الأهل والأقارب، ويتابع” أبو محمود” حديثة حول طبيعة العمل في دمشق قائلا بأن عدد أفراد عائلتي تسعة، لم نجد عمل في القامشلي نعتاش منه، سافرنا إلى دمشق، حيث عملت أنا وخمسة من أبنائي في أحد المصانع براتب يتراوح بين الخمسة والسبعة آلاف ليرة سورية لكل واحد منا، كان العمل صعب جداً لكن تأمين لقمة العيش أصعب فما بالك بمستقبل عائلة كبيرة، فالحياة صعبة جداً وقوتنا اليومي نحصل علية بمشقة على حساب سعادتنا وصحتنا….
مجبرين على الريجيم.
يعيش العم عادل ( 60 عاماً) في أحدى الأحياء الفقيرة في محافظة الحسكة، يملك منزلاً طينياً كسائر المنازل المحيطة حوله، عائلته مؤلفة من ثمان أشخاص، الجميع يحاول البحث عن فرص العمل، فيخرجون صباحاً ولا يعودون إلا آخر المشوار مرهقين ومتذمرين من الوضع المعيشي، يتذكر العم عادل أيام شبابه حين كان يعيل عائلته بمجهوده الفرد يتحدث قائلاً: حاولنا العمل في الزراعة عبر استثمار مشروع زراعي ولأن عائلتي كبيرة تستطيع إدارة المشروع فقد غامرنا بما نملك من المال ولكننا لم نكن موفقين بسبب ارتفاع أسعار المواد الزراعية والغلاء الجنوني لمواد المحروقات فتركنا المشروع وعدنا أدراجنا إلى بيتنا الطيني لنشارك جيراننا معاناتهم..
وحول أوضاع من حوله من الأهالي قال ” الحال من بعضو ” كل الناس هنا يبحثون عن العمل ويخضعون لعملية الريجيم الإجباري لتوفير بعض المال ….
ختام الكلام
بائع جوال أمنيته إتمام تعليمه
” سامر” شاب ذو العشرين ربيعاً يرتب بضعة علب من الدخان على البسطة….
رداً على سؤال عن دخله في اليوم الواحد، بدا الإرهاق والتعب على هذا البائع بجسده الضئيل ويديه الصغيرتين، غلف رفضه لمتابعة الحوار بنظرة خجولة منكسرة، فهو لا يود الحديث عن معاناته، وبعد الإلحاح قال: بدأت بالعمل منذ أربع سنوات بعد أن أصاب العجز والدي وأقعده عن العمل، ولأني أكبر أخوتي الثمانية كان لابد لي من تدبر الأمر، فعائلتي كبيرة وتسكن في بيت إيجار، اضطررت لترك الدراسة بعدما نلت الشهادة الإعدادية، ولم أجد عملاً يناسبني سوى البيع على البسطة، العمل الذي لا يحتاج رأسمالا ولا شهادات علمية، لكنه يحتاج إلى جهد كبير حيث أقف أكثر من أثنتا عشرة ساعة يومياً على قدمي لأحصل على 200 أو 300 ليرة، ومع هذا أنا راض بهذا العمل وهذا الدخل فقط لو تكف شرطة البلدية عن ملاحقتنا وطلب إتاوة، فإذا دفعنا المعلوم لا يبق لنا شيء وإذا لم ندفع صادروا كل شيء، إنه الذل بعينه.
يتنهد فريد باحثاً عن بصيص تفاؤل ويتابع: ومع ذلك، ورغم الفقر وظروف الحرمان، أرتاح عندما أعود إلى البيت مساء وأجد ابتسامة ما على وجوه إخوتي الصغار، أما أمنية فريد الوحيدة فهي متابعة دراسته التي حرم منها لقناعة لديه بأنه لن يصبح له شأن يذكر في المجتمع ما لم يتعلم.
السفر والبحث عن لقمة العيش
ربما كان حال ” أبو محمود” كأحوال الكثير من أبناء المحافظة الذين اجبروا على الهجرة لتحسين وضعهم المادي والذي يقول بأنه ليس من المعقول أن تكون محافظة الحسكة وهي من المحافظات الكبيرة والغنية بمواردها المختلفة، مهملة وفرص العمل فيها غائبة بهذا الشكل، فعائلات كثيرة تضطر للسفر من القامشلي إلى المناطق الأخرى من أجل تأمين فرصة عمل تعود بمردود مادي يكفيها، وتعمل فيها ليلا نهارا من أجل تامين لقمة العيش لأطفالهم كعائلتي التي سافرت من القامشلي إلى دمشق بسبب الوضع المعيشي السيئ، وعملت هناك في إحدى المصانع الكبرى، وبعد عدة سنوات عادت الأسرة إلى القامشلي لتستقر بين الأهل والأقارب، ويتابع” أبو محمود” حديثة حول طبيعة العمل في دمشق قائلا بأن عدد أفراد عائلتي تسعة، لم نجد عمل في القامشلي نعتاش منه، سافرنا إلى دمشق، حيث عملت أنا وخمسة من أبنائي في أحد المصانع براتب يتراوح بين الخمسة والسبعة آلاف ليرة سورية لكل واحد منا، كان العمل صعب جداً لكن تأمين لقمة العيش أصعب فما بالك بمستقبل عائلة كبيرة، فالحياة صعبة جداً وقوتنا اليومي نحصل علية بمشقة على حساب سعادتنا وصحتنا….
مجبرين على الريجيم.
يعيش العم عادل ( 60 عاماً) في أحدى الأحياء الفقيرة في محافظة الحسكة، يملك منزلاً طينياً كسائر المنازل المحيطة حوله، عائلته مؤلفة من ثمان أشخاص، الجميع يحاول البحث عن فرص العمل، فيخرجون صباحاً ولا يعودون إلا آخر المشوار مرهقين ومتذمرين من الوضع المعيشي، يتذكر العم عادل أيام شبابه حين كان يعيل عائلته بمجهوده الفرد يتحدث قائلاً: حاولنا العمل في الزراعة عبر استثمار مشروع زراعي ولأن عائلتي كبيرة تستطيع إدارة المشروع فقد غامرنا بما نملك من المال ولكننا لم نكن موفقين بسبب ارتفاع أسعار المواد الزراعية والغلاء الجنوني لمواد المحروقات فتركنا المشروع وعدنا أدراجنا إلى بيتنا الطيني لنشارك جيراننا معاناتهم..
وحول أوضاع من حوله من الأهالي قال ” الحال من بعضو ” كل الناس هنا يبحثون عن العمل ويخضعون لعملية الريجيم الإجباري لتوفير بعض المال ….
ختام الكلام
وضعت السلطات المختصة خطة لتنمية المنطقة الشرقية ضمن الخطة الخمسية العاشرة، وقام الوفد الاقتصادي بزيارة محافظة الحسكة، وكانت الزيارة قد تضمنت ثلاثة محاور أساسية، المحور الأول شمل التعرف على مشروعات التنمية في الخطة الاستثمارية لعام 2007 ماذا نفذ منها وماذا لم ينفذ؟ وما معوقات التنفيذ، والمحور الثاني شمل التعرف على واقع العمل في منشآت القطاع العام الصناعي ..
وأما المحور الثالث فشمل الإطلاع على واقع وآفاق الاستثمار في محافظة الحسكة ومعوقاته..
ومازال أبناء هذه المحافظة ينتظرون أن تصدر السلطات المختصة تعليماتها أو أوامرها بمباشرة العمل في بناء المشاريع التي تتيح فرص العمل لكل من يبحث عنها.
وأما المحور الثالث فشمل الإطلاع على واقع وآفاق الاستثمار في محافظة الحسكة ومعوقاته..
ومازال أبناء هذه المحافظة ينتظرون أن تصدر السلطات المختصة تعليماتها أو أوامرها بمباشرة العمل في بناء المشاريع التي تتيح فرص العمل لكل من يبحث عنها.