حوار مع مراسل الجزيرة في اربيل أحمد الزاويتي

أجرى الحوار:فارس شمسي

لا نعمل في الجزيرة من المنطلق القومي بل وفق قاعدة المهنية, وحصول الصحفي على مقابل خارج مؤسسته الصحفية خيانة للمهنة

     إيماناً منه برسالة الصحافة وسلطتها الرابعة في دفع دفة التطور نحو مناحي متقدمة وكشاهد على مجريات الأمور بدأ رحلة البحث  عن الحقيقة وإظهارها في مهنة المتاعب وبدأ حياته المهنية في بيئة لم تشهد من الاستقرار والأمن إلا في السنوات الأخيرة الماضية لتكون الانطلاقة من الصحافة المحلية في إقليم كردستان ومع دخول شبكة الانترنت إلى الإقليم عام 2000م وما وفرته من فضاءات ومساحات للنشر والبحث بدأ في مراسلة المواقع العربية  والمنتديات حتى بلغ مشاركاته حوالي 3000مشاركة ومن ثم عمل مراسلاً لشبكة إسلام لاين وإذاعة صوت ألمانيا في مسيرة إعلامية مستمرة وأخيراً مراسلاً لقناة الجزيرة الفضائية  في أربيل ومديراً لمكتبها حالياً (أحمد الزاويتي والجزيرة) وكان لنا معه الحوار التالي

 

الزاويتي ورحلة البداية


عملت مراسلاً لمؤسسات إعلامية ومنابر إلكترونية  , كلمنا عن  بداياتك وتلك التجربة ؟


بدايتي الإعلامية تعود الى ما بعد الانتفاضة في كردستان العراق عام 1991 وخاصة بعد الهجرة المليونية وتشكيل منطقة آمنة في شمال العراق ثم انتخابات وتشكيل برلمان وحكومة كردية في عام 1992، بعد ذلك حصل انعطافاً في كل مجالات الحياة في المنطقة منها المجال الثقافي والإعلامي والسياسي، وكنت من الذين استفادوا من المرحلة الجديدة فخضت في المجالات الثلاث السياسية والثقافية والإعلامية وبالتدريج برزت موهبتي الإعلامية والثقافية فابتعدت عن السياسية لأكتفي بالإعلامية كمهنة والأدب والثقافة كموهبة..
أنا عملت في الصحافة المحلية الكردية منذ عام 1994 خاصة في الإذاعة والصحافة المكتوبة، ونشرت مواضيع في الصحافة التي كانت تنشر في محافظة دهوك حتى عام 1999، في عام 1999 انتقلت بعائلتي من دهوك الى أربيل لتبدأ مرحلة جديدة في مشاركاتي الإعلامية على المستوى الكردستاني، بعد عام 2000 دخلت خدمة الإنترنيت في كردستان العراق ومنها تبدأ مرحلة مشاركاتي الإعلامية والثقافية على المستوى الخارجي خاصة العربي، فبدأت أكتب في الصحافة العربية وخاصة المنتديات حيث كنت عضواً في ما يقارب من خمسة عشر منتدى عربياً وإسلامياً، ومن عام 2000 حتى عام 2003 كانت لي ما يقارب من 3000 مشاركة في هذه المنتديات..
ثم أصبحت مراسلا لشبكة إسلام أون لاين ثم إذاعة صوت ألمانيا فالجزيرة..

كيف بدأ عملك مع فضائية الجزيرة ؟ ما حجم التمثيل الإعلامي الكردي في القناة ؟ وهل أديتم واجبكم تجاه القضية الكردية أم ثمة لاءات مفروضة لا تستطيعون تجاوزها ؟



بدأت مع الجزيرة من بداية شهر آذار من عام 2003 كمنسق للجزيرة مع مراسليها وبالتدريج تطورت موهبتي ونجاحاتي مع الجزيرة فأصبحت مراسلاً رسمياً في ديسمبر من عام 2003 ثم توسع عملي مع الجزيرة فأسسنا مكتباً لها في أربيل وتوسع العمل في المكتب فتم التعامل معي كمدير مكتب منذ تأسيس المكتب نهاية عام 2004 وبالتدريج وبعد النجاحات المستمرة في مكتبنا وتوسيع العمل والكادر الإعلامي هناك تم مخاطبتي رسميا كمدير مكتب في الجزيرة من عام 2007 وحتى الآن..
لا يمكن أن نعتبر أنفسنا ممثلين أكراد في القناة لأن الجزيرة ليست برلماناً أو حزباً أو منظمة، الجزيرة قناة إعلامية عربية من يجد له دوراً فيها كإعلامي مهني يجيد العربية سواء كان عربيا أو غير عربي يجد له دور طبعا وفق حاجة القناة لهذا الإعلامي، إذا كنت تقصد بالتمثيل الكردي في القناة كموظفين أكراد في القناة هناك موظفون أكراد في المحطة الرئيسية الدوحة هم متواجدون هناك قبلنا، ونحن أيضا في مكتب أربيل أغلبنا أكراد وبيننا موظف عربي من بغداد وتركماني من كركوك لكننا نتعامل مع الكوادر الإعلامية في الجزيرة لا من منطلق الانتماء القومي بل من منطلق التنسيب للجزيرة كموظف هنا أيا كان قوميته أو دينه أو مذهبه أو حتى جنسيته..
نعم نحن أدينا واجبنا لا كأكراد في الجزيرة بل كصحفيين في كردستان العراق، فما قمنا به أظنه انه كان يجب أن يقوم به أي آخر كموظف للجزيرة حتى ولو كان من جنسية غير عراقية ومن قومية غير كردية، لأننا نغطي الحدث كحدث، وربما يكون تغطيتنا لحدث ما لغير صالح الأكراد ولحدث آخر لصالح الأكراد نحن لا ننظر للحدث من منطلق المصلحة بل من منطلق التعامل معه كخبر وحدث..

فالخبر والحدث هو الذي يفرض نفسه على الصحفي المهني..
بالنسبة للاءات التي تقصدها فليس هناك شيء منها، هناك أسس علمية ومهنية في الجزيرة نحن نعمل وفقها ويجب أن لا نتجاوزها، مثلنا في ذلك مثل أي صحفي يعمل في الجزيرة ولا علاقة لهذه الأسس بفكرة أو إيديولوجية أو قوم من الأقوام..

ما هي حجم الضغوطات التي يتعرض لها مكتب أربيل ؟ من هي الجهات التي تمارس عليكم المضايقات ؟ وكيف تتعاملون معها ؟



ليست هناك ضغوط بمعنى الضغوط، لكن أحيانا ننحرج مع بعض الجهات والمنظمات والشخصيات وحتى الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، فنحن كجزيرة لا يمكننا تغطية النشاطات أو الفعاليات والجميع يريدون أن يظهروا في الجزيرة بوجههم الإيجابي عن طريقنا وهذا ما لا يمكننا فعله، فنظهر أحيانا على أننا نهمل أموراً كثيرة إيجابية في كردستان العراق والقضية ليست كذلك فالجزيرة هي ليست قناة دعائية كالقنوات الكردية المحلية والفضائية لتتكلم عن الوجه الايجابي عن كل شيء موجود!! الجزيرة هي قناة خبرية تتعامل مع الخبر وفق ما يعتبر خبراً في نظرة تحرير الجزيرة..

لكن كل ذلك لم يؤثر علينا وتمكنا من تجاوز ذلك الإحراج..

هل التضييق على عملكم يفقد المهنة بعض الموضوعية ؟



الجواب هو ليس هناك تضييق علينا!

كيف ترى الجانب التحليلي والتقييم الموضوعي لعملكم كمراسلين في الجزيرة وفي عموم الفضائية ؟



طبعا أنا أرى ذلك جيداً، المهم هناك تطور في هذا المجال فيوم بعد يوم عملنا في الجزيرة نحو الأفضل وهذا شيء إيجابي..

يعني ليس هناك ركود، ولا هناك تراجع..

هل تعتبر فضائية الجزيرة مستقلة ؟ أم ثمة أطراف سياسية تتحكم بسياسة القناة نتيجة النفوذ المادي الذي تقدمه ؟



نعم قناعتي هي أن قناة الجزيرة قناة مستقلة، وليست هناك أطراف سياسية وراءها، والتمويل المادي للقناة ومرجعيتها الإدارية والمادية التابعة لدولة قطر لا علاقة لها بالسياسة التحريرية للقناة بل هي أعطت الحرية المطلقة في إطار المهنية للعاملين في القناة سواء كتحرير أو صحفيين سواء في المحطة أو المكاتب الخارجية..

لكن يجب أن لا ننسى أن الجزيرة قناة عربية والعاملون فيها من العالم العربي من مشارب شتى موجودة في كل العالم العربي..

لذا ربما قد يشعر المشاهد أن النزعة العربية و الإسلامية موجودة في القناة، وسبب ذلك هو مهمتها الصحفية لتغطية الأحداث وغالبية هذه الأحداث هي في العالم العربي والإسلامي ومغطوها هم عرب..

ماذا عن الكوبونات التي أتهم فيها بعض المذيعين والمراسلين بتقاضي أموال من النظام السابق ؟ كيف تعاملتم مع الحدث ؟ أين هو جانب الخطأ والصواب من تلك المعلومات ؟



أنا حقيقة لا علم لي بكل ما ذكرت في سؤالك وما موجود عندي في هذا الشأن هو ما أسمعه في الإعلام كما سمعته في سؤالك..

أما أنا بشكل عام أقول يجب أن لا يحصل الصحفي في أي مكان على مقابل سوى من مؤسسته الصحفية ووفق عقد متفق عليه بينه وبين مؤسسته، وخارج ذلك يعتبر خيانة للمهنة..

بالنسبة للجزيرة هناك رقابة صارمة فيما إذا كان العامل فيها مقابل عمله في الجزيرة يحصل على شيء من جهة ما، والفصل طبعا هو مصير من يثبت عليه شيئا من ذلك..

مكتب الجزيرة مغلق في بغداد ويعمل بعلنية في أربيل لما ؟



لأن هناك نظام فدرالي في العراق فما يطبق في المركز ليس شرطاً أن يطبق في الأقاليم وما يطبق في إقليم ما مثلاً في نظام فدرالي ليس شرطاً أن يطبق في المركز، هناك اختلاف في القوانين بين المركز والأقاليم حسب الدستور الفيدرالي للدولة..

طبعاً ليس في الأمور المصيرية..

باختصار هذا هو السبب..

الجزيرة بين حيادية الإعلام و موضوعيته  



هل إغلاق مكتب الجزيرة يعني ديمقراطية مزيفة عند حكومة العهد الجديد ؟ أم لها أسبابها الموضوعية كما ادعت في إغلاق المكتب ؟لما أتهم مكتب الجزيرة بإثارة الفتن الطائفية ؟ ألا تتفق بأن الجزيرة فقدت بريقها عن البدايات التي انطلقت معها القناة ؟


أنا أقول أن الجزيرة كان يجب أن لا تغلق في بغداد، وإغلاقها كانت الحكومة هي المتضررة منها لا الجزيرة لأن الجزيرة قناة خبرية لا يمكن منعها من التعامل مع خبر ما في أي مكان، والحكومة بإغلاقها الجزيرة أغلقت أمامها باباً كان يمكن أن تدخل من خلاله الى العالم العربي وتنقل رأيها يومياً بل بين كل ساعة وأخرى الى ملايين المشاهدين العرب الذين لهم موقف سلبي حتى الآن من الوضع الجديد في العراق..
أنا لا أتفق مع من يقول أن الجزيرة فقدت بريقها، بل أقول أن قنوات كثيرة أخرى بدأت تقلد الجزيرة فالجزيرة الآن ليست هي الوحيدة كالسابق لكن لا تزال هي الأفضل..

الكثيرون يتهمون الجزيرة بأنها جعلت من صدام بطلاً ما رأيك  كمدير لأحد أهم مكاتبها في المنطقة ذات الأكثر تأثيراً وحساسية في الوضع السياسي والجغرافي ؟



الجزيرة لم تفعل من صدام بطلاً..

الجزيرة نقلت صدام كحدث..

وكحدث مهم  ومثير للعالم العربي والإسلامي بل لكل العالم، فصدام بكل مساوئه ومحاسنه وكل ما فيه من حقيقة وما أشيع عنه كان مثار اهتمام من أعدائه وأصدقائه من مكرهيه ومحبيه..
لذا كان شخص صدام حدثاً مهماً قبل الغزو الأمريكي للعراق وبعد الغزو ثم اعتقاله ومحاكمته المثيرة وأخيراً إعدامه المثير..
فصدام لو كان قتل قبل الدخول الأمريكي للعراق سواء بانقلاب أو محاولة اغتيال أو بثورة أو بأي شيء آخر لكان مصيره كنهاية أي دكتاتور في العالم!! أما وقتل بالطريقة التي رآها الجميع فتلك الطريقة جعلت من صدام بطلا لدى الكثير من العرب والمسلمين..
أنا استطيع القول أن الأمريكان بإسقاطها لنظام صدام حسين وبالتالي فشلها في إدارة العراق بعد صدام وفتحها الباب لتدخلات دول الجوار في العراق خاصة إيران وحكومة العراق بإعدامها صدام بتلك الطريقة كل ذلك جعل من صدام بطلاً..

والجزيرة نقلت كل ذلك بحرفية فإذا بدا صدام بطلاً من خلال تغطية الجزيرة فليس السبب هو الجزيرة بل السبب هو من صنع كل الأحداث التي أظهرت من صدام كبطل..

وهو ليس كذلك..

هل تتصور فتحاً قريباً لمكتبكم في بغداد؟ من سيخاطر العمل في المكتب والكثيرون من الصحفيين على اللائحة السوداء ؟



لا علم لي بهذا الأمر..

رغم أن الجزيرة الانكليزية تعمل في بغداد بشكل طبيعي الآن..

وجميع الصحفيين في بغداد مستهدفون من قبل جهات غير معروفة..

ما هي أهم الصعوبات التي تواجهك كمدير للمكتب وكمراسل ؟



الصعوبات التي كنا نواجهها في البداية لا نواجهها الآن، فبعد سنين من عملنا كجزيرة في كردستان العراق تمكنا من أن نجعل من الجزيرة قناة مقبولة ومقبولة بشكل جيد جداً في كردستان العراق، وكذلك جعلنا من الملف الكردي والقضية الكردية ملف مهم وقضية فاعلة في الجزيرة، هذا كان في صالحنا الى حد كبير يعني يمكن القول تمكنا من ترتيب طرفي معادلة كانت معكوسة وهي جزيرة غير مرغوبة كرديا قبلنا، وقضية كردية غير فاعلة في الجزيرة أيضا قبلنا، الآن عاد طرفا المعادلة الى وضعهما الطبيعي..
بالنسبة للصعوبات الإدارية أيضا ليس هناك ما يمكن اعتبارها صعوبات، وما نواجهها مما قد تكون مشكلة أو عائق في العمل نتجاوزه بسرعة..

يعني يمكن القول أن عملنا في مكتب أربيل يسير بشكل سلسل والحمد لله..

هكذا ينجح الصحفي



الكثير من الناس يعتقد أن مهمة المراسل الصحفي شيقة ومثيرة لما تحقق من شهرة وكثرة الأسفار والتنقل ،بحكم تجربتك ومشاهداتك اليومية كيف تقيم عمل المراسل الإعلامي ؟ وما الصفات التي تقتضي توافرها في المراسل حتى ينجح في مهنته ؟


يعني يمكن اعتبار المهمة شيقة ومثيرة لكن في المقابل هي مهمة صعبة وشاقة وتحدث التوتر والقلق لدى الصحفي خاصة إذا كانت تغطيته لأحداث هي أحداث قتل وانفجارات وحرب، وإذا كان يغطي ساحة فيها قوى متصارعة لا تراعي مهمة الصحافة وهذه القوى تعودت فقط على الإعلام الدعائي لا الإخباري، وهي تعودت أن يكون الإعلام بوقا لها لا نقلا للحقائق سواء كانت لصالحها أو غير صالحها..

وخاصة إذا أراد الصحفي أن يحافظ على مهنيته وحياده وسط ساحة لقوى متناقضة المصالح..
أنا برأي بعض ما يجب أن يتوفر في الصحفي هو التالي:
(- الحياد ـ المهنية ـ الجرأة ـ العلاقات الجيدة مع الجميع ـ الشعور بالمسؤولية ـ الموهبة ـ الثقافة والاطلاع ـ المعرفة الكاملة بساحة تغطيته ـ قوة السيطرة على فريق عمله لا من منطلق المسؤول والمشرف بل من منطلق عضو في فريق وغير مفضل على أعضاء فريقه الآخرين ـ أن لا يجعل من نفسه مسؤولا بالقوة على فريقه بل يجعله أعضاء فريقه مسؤولا عليهم ـ إجادة اللغات الحية وأهمها في منطقتنا مثلا العربية والانكليزية إضافة الى اللغات المحلية التي يعمل فيها ـ قوة الشخصية في جعل شخصيته مقبولا في الوسط الذي يغطيه وفي مركز مؤسسته الصحفية ـ الثقة المتبادلة بالآخرين من قبله وبه من قبل الآخرين)
بعد أن كان المواطن أسير صوت واحد يلقفه ومحتكر رأيه لعقود طويلة ، ثمة من يرى أن هذا الانفتاح الإعلامي ساعد المشاهد والمواطن على كسر هذا القيد وتعداه ليشارك في صناعة الخبر واتخاذ القرارات ، أم أن هذا السيل الإعلامي بالقدر الذي  ساهم في الانفتاح الإعلامي وقع في فخ الفئوية وتمثيل مصالح فئوية ؟


في كل الأحوال الانفتاح الإعلامي مهم جداً والتعامل معه بإيجابية أهم، كل ظاهرة في بدايتها تواجه مشاكل مثلاً في العراق الآن الانفتاح الإعلامي بل لنقل التعطش للإعلام والإعلان عن النفس وعن الرسالة التي يحملها شخص أو جماعة أو فئة أو حتى مذهب دفع هؤلاء إلى الاندفاع الهائل نحو الإعلام الفضائي أي الاندفاع لم يكن مبرمجاً وفتح الفضائيات أيضا لم يكن مبرمجاً في العراق كما في أغلب الدول العربية، مما أدى الى ظهور إعلام فئوي أو مذهبي سلبي على حساب الإعلام الهادف والمهني والمحايد والمتعامل مع الجميع لا مع فئته أو مذهب فقط، لكن من منطلق القاعدة أن البقاء للأقوى وهنا أقول للأصلح وللأكثر مهنية وحيادية فسيهذب غير الصالح وغير المهني وهو الذي لا ينفع الناس، جفاءاً، والمفيد سيمكث في الأرض ويثبت عن وجوده..
أما مشاركة المشاهد في صناعة الخبر فهذا أهم ميزة في الإعلام الفضائي والانترنت الآن حيث هناك مجال أكبر وأوسع للمتلقي كي يكون جزءاً من الحدث والخبر والقضية المطروحة، وأنا أرى أن المسؤولية الآن هي مسؤولية المتلقي وهو عليه أن يرفض نفسه كمتلقي وتلميذ فقط بحيث يكون جالساً أمام التلفاز أو الكومبيوتر يتلقى من الآخر شيئاً، بل عليه أن يرفض هذه السلبية، عليه أن يحشر نفسه في التلفاز أو الكومبيوتر، ويجعل من نفسه صانعاً للخبر والحدث والقضية..

أي لا يقبل بالتلقي فقط بل يكون مستلماً ومرسلاً في الوقت نفسه..

زاويتي والشعر تلازم وجداني



الكتابة الأدبية تبقى فيها مساحة اكبر للتعبير عن الرؤى الفكرية والنزعة الذاتية وفي حوار سابق لك بينت أنك تميل إلى الأدب والفن والكتابة، أين  تجد نفسك الآن  ، هل تجد ترابط بين عملك الإعلامي والأدبي  ؟وكيف تستطيع التوفيق بينهما ؟


أنا استفدت من الأدب كي أكون إعلاميا واستفدت من الإعلام كي أكون أديبا..

يعني تمكنت من ان استغل كل منهما للآخر، والآن أنا إعلامي مهنة ووظيفة وأديب و إنساناً، أنا أميل للأدب كموهبة وهواية ورغبة وشوق وعشق، أنا لست شاعراً بالمعنى المتعارف كشاعر يكتب الشعر المعروف لدى الناس الآن فانا لم أكتب الشعر ولم أجد نفسي في كتابة الشعر، لكنني شاعر روحاً ووجداناً أكتب خواطري، أكتب القصة، أكتب الخيال، أكتب الرواية، وأكتب المسرحية..
أنا لا استطيع أن أعبر عن حقيقة نفسي وعن رأي وعن العشق الذي يجول في داخلي وعن الشوق الأدبي الذي يتعشعش في وجداني، عندما أكتب للتلفزيون أو للصحافة أو لموقع الانترنيت لأنقل حدثا وأعبر عن حالة ما بل حينها أكون متجردا من كل ذلك وما أقسى على النفس أن تكتب عن شيء دون أن تعبر عما يجول في خاطرك وتعلن عن طلاق كل محب فيك من رأي وخاطرة ورسالة وقضية وعشق..

يعمل مكتبكم في منطقة شديدة التوتر ؟ ماذا أكسبتك هذه التوترات ؟



أكسبتني هذه التوترات أن أكون مهنيا أكثر، ومنفصلا عما أؤمن به من فكرة وتوجه التي تقتل الموهبة وتعيق التطور الشخصي لشخص مؤدلج، وأكسبتني أن أعط لكل فئة أو قوم أو حزب أو مذهب الحق في شيء ما، وأكسبتني أيضا مهارة أن لا أكون مع أحد من أولئك كاتجاه وفكرة، وأن أكون معهم، هم كناس وأنا كإنسان..

أكسبتني الكثير بعد أن آلمتني أكثر..

خطة الجزيرة وتوازن التغطية الإعلامية بين رأيين متناقضين


  الصراع التركي- الكردي


غطيتم الحدث الكردي التركي بجرأة ؟ كيف يمكنكم نقل وجهة النظر التركية أيضا ؟


نحن نغطي ما تصوره كاميراتنا، ونحن ممنوعون أن نعبر عن رأينا، لذا ما ننقله هو ما نصوره وما يقوله من نلتقي به، ويجب أن نلتقي بكل من له علاقة بالخبر أو الحدث الذي نغطيه، طبعاً في الحدث الكردي التركي لم يكن بإمكاننا أن نصور أو نعمل اللقاء مع الجانب التركي وهم الطرف الرئيسي والمهم في القضية، هذا من ناحيتي كمراسل للجزيرة من جانب كردستان العراق حيث تمكنت أن أصل الى أحد طرفي المشكلة وهو حزب العمال الكردستاني وكذلك تمكنت أن أصل إلى الجزء الآخر المتضرر من المشكلة بين العمال الكردستاني وتركيا وهو طرف إقليم كردستان العراق سواء كسلطة أو كشعب..

لذا مهمة الجزيرة كمحطة مهنية كانت أن توازن في التغطية فكان الجانب الآخر من تغطية الجزيرة هو مراسلونا في تركيا ومكتبنا في أنقرة الذين كانوا أيضا لا يتمكنون من الوصول الى الطرف الكردي المتمثل في حزب العمال كطرف مصارع مع تركيا وإقليم كردستان كطرف متضرر من الصراع..
يعني خطة الجزيرة في التغطية هو أن تعمل توازناً فكنت أنا أحد طرفي التوازن في التغطية وأظن أن الجزيرة هي المحطة الإعلامية الوحيدة التي نجحت في ذلك والفضل يعود لنا لأننا الوحيدون الذين تمكنا من الوصول إلى الطرف الغائب إعلاميا وهو حزب العمال الكردستاني..

على طول تغطية الجزيرة للمشكلة..

هل يمكنك أن تدون ذات يوم إنك كنت شاهداً على نقل الجرح الكردي من خلال تغطيتك المميزة للصراع الكردي التركي ؟ أم تخالف حزب العمل نهجه التحرك من شمال العراق ؟ أين تتفق وأين تختلف معهم ؟



بالطبع..

سأقول ما لم أتمكن من قوله في تقاريري الخبرية، سأبث بكل ما في داخلي، وأنا أنوي البدء بكتاب بعنوان (مذكراتي مع حزب العمال الكردستاني) أو بعنوان آخر المهم سأقول فيه كل شيء عن ذلك..

وأدع الله أن يعطيني عمراً كي أحقق أمنيتي تلك، في كتابة هذه المذكرات التي ستشمل انطباعاتي وآرائي الصريحة و أحاول أن أصبغ الكتاب صبغة أدبية..

أنا لدي الآن خزين هائل من أشياء أريد قولها ولا يمكن أن يذكر كل ذلك إلا في كتاب باسمي الصريح، وعسى أن يكون ذلك قريبا إنشاء الله..

كنت أتمنى ان يكون لي إمكانيات ان لا يكون ذلك كتابا بل فلما تلفزيونيا إلا ان ذلك صعب وصعب جدا، لذا سيتمخض المشروع إنشاء الله عن كتاب..

ولا باس بالكتاب أولا..

ثم ان وفقني الله وكانت لي إمكانيات مادية مستقبلا سأجعل من ذلك فلما..

هذه أمنية عسى ان تتحقق..

هل ترى ان عملك كمراسل صحفي يؤثر واجباتك الاجتماعية والأسرية ؟



طبعا يؤثر ويؤثر بشكل كبير..

كنت أتمنى ان أحقق ما لم يتحقق في عمري من طموحات ومواهب في أعمار أولادي الخمسة (عزام، آرام، رسن، ألند، كهي) لأنني أرى في كل واحد منهم جزءاً مني..

وكانت لي طموحات هائلة لم أستطع تحقيقها في حياتي، أردت تحقيقها في حياة أولادي لكن للأسف لا مجال فلا وقت لي أن أجلس معهم كما يجب، أو أن أربيهم كما يجب، أو أدربهم كما يجب..
وكذلك لم استطيع أن أوفي بواجب الولد تجاه والديه فوالدي لا يزالان على قيد الحياة وادع الله ان يمد في عمرهما وأن يوفقني في أن أخدمهما، والحمد لله هم لا يزالان لا يحتاجانني، بل أنا أحتاج لدعائهم ودعمهم المعنوي..

وأنا قليل الاتصال بهم وقليل الزيارة لأنني في مدينة غير مدينتهم بسبب مهمات العمل وبالتالي بعيد عنهم، ناهيك عن شبكة العلاقات الاجتماعية الأخرى..

نعم اثر العمل الصحفي والالتزامات الوظيفية بشكل كبير جدا في علاقاتي الاجتماعية..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…