قبل أن يبدأ المحاضر في القاء محاضرته الغير مكتوبة, عبر عن سعادته باللقاء بابناء مدينة القامشل, والتي وصفها “بالجميلة تاريخا و راهنا, المدينة التي تحتضن موزايكا جميلا في سوريا كما في العالم العربي.” واكد ان اختياره لهذا الموضوع جاء لاعتبارين كبيرين, اعتبار معرفي وآخر سياسي ايديولوجي.
وقد راى الدكتور تيزيني ان النظام العولمي اتى ليباغتنا, وانطلق من واقع حال اكتشفنا فيه كما هائلا من المشكلات, والاشكالات التي كانت وما زالت معلقة وبالتالي يأتي هذا الحدث الجلل ليحدث حالة من الاضطراب الكبير في العالم كله و بصورة خاصة في العالم الثالث, مخلفا حالة من الرعب, راحت تجتاح الجميع خصوصا وان الأمر وكأنه تسونامي جديد, وبدأ الناس يفكرون, ما العمل في حالة يكاد أن يكون الوطن العربي وأوطان أخرى كثيرة بمن فيها مما لا يحصى من الاثنيات والشعوب والقوميات, مصدع مفكك, والناس يحاولون لملمة مواقعهم, واتضح شيئا فشيئاً ان النظام العولمي الجديد الذي بشر بنفسه تحت عنوان القرية الكونية الوحيدة وبدا ان هذه القرية الكونية يراد لها ان تؤسس لنمط جديد للكون يقف على رأسه السوق, بوصفها البديل عن العالم القديم, وقد اكتشفت الشعوب شيئا فشيئا انها امام استحقاق قد يكون خطيرا, ولكن كل شيء له بداية وله نهاية , ولذلك فان احلام النظام العولمي الجديد بانه نظاما ابديا ينهي ما قبله من التاريخ والمجتمعات وكل انماط التفكير , واتضح ان هذا الحلم الممكن التحقق بدا انه يخرج عن طبائع الأمور, وجاء خرقا لأكثر المسائل حميمية لدى الشعوب, التعددية حالة من أهم ما يمكن أن يطرح في المجتمعات … ولذلك بدأت بالحروب الاستباقية التي اتضحت انها غير كافية لامتلاك العالم واحتضانه , فبدأت بضخ النتاجات الثقافية… وقد اسست لهذه الحالة ثورتان اثنتان, ثورة الاتصالات وثورة المعلومات, وقد تاسست هذه الحالة مع ثلاثة احداث شهيرة (نتائج حرب الخليج الثانية , تصدع المنظومة الاشتراكية , ثم ثورة الاتصالات والمعلوماتية) و الشعار الذي رفع من قبل نظام العولمي الجديد, هو شعار (وحد تسد) بدلا من الشعار السابق (فرق تسد) ..
ولكن هل جاء هؤلاء فعلا لتوحيد العالم , ونحن نلاحظ ان هناك نمطا من الوحدة , التي تعيش في اطار التعددية, ووفق مقتضيات السوق, فما لا يستجيب للسوق اقتصادا وسياسة واخلاقا وفنا , لا يصح ان يستمر , اصبح السوق المعيار الأوحد..
واكد المحاضر انه كلما ارتفعت قيمة الاشياء هبطت قيمة الانسان , وهذه النظرية من العناصر التاسيسية للنظام العولمي, الذي يعتبر نظام اقتصادي واجتماعي وعسكري وسياسي يسعى الى ابتلاع العالم بحيث تؤدي الى اخراج الطبيعة والبشر الى سلع , وبالتالي تقزيم القيم الإنسانية, ويقوم بإعادة بناء المرأة , الى إعادة المرأة الى جسدها بان أناط بها وظيفتين اثنتين أولا أن تصبح مسوقة للسوق وثانيا أن تتحول المرأة الى مسوقة, والسؤال هنا ما دور الرجال, وسيأتي الجواب ان هذين الوظيفتين للمرأة تحتاج الى (ديوس) أعظم وهو الرجل, وهذا ما يؤدي الى تفكيك الأسرة, الى تفكيك الخلية الاجتماعية, الى تفكيك الوحدة الاجتماعية, على مبدأ كل شيء يجب ان يفتت ويعاد بناؤها وفق متطلبات السوق..
ما العمل امام هذا الواقع ؟ وهنا اعني الشعوب, وقد اجتهد المحاضر كثيرا في انتقاء و احضار أمثلة من المجتمعات الأوربية وأمريكا اللاتينية, التي ترفض العولمة, وكذلك اتى ببعض الأمثلة التي تدعو الى التكيف مع العولمة كامر واقع, للحفاظ على ما هو قائم.
وفي ختام محاضرته تطرق الى موقف المجتمعات العربية ومنها سوريا من النظام العولمي الجديد, طارحاً السؤال الكبير التالي: كيف تستطيع هذه المجتمعات ان تنجز ما عليها ان تنجزه الآن , اليوم وليس غداً في مواجهة ما سماه بـ هذه الورطة التاريخية الهائلة, وقد اجاب المحاضر نفسه على السؤال الآنف الذكر , بلغة الفيلسوف ديكارت (الكوجيدو) الكوجيدو العربي, أي ان لم ننجز ما علينا اليوم, لن ننجزه غداً, لان هذا الغد لن يأتي, وعلينا الاسراع في لملمة الواقع, بعد ان اصبحنا امام حالة فريدة في العالم, فاما الاندماج, وبالتالي نهاية السيادة والتحول الى عبيد, او المقاومة وبالتالي تصبح ارهابي.
وأكد المحاضر, اننا لو فشلنا في انجاز ما هو مطلوب منا اليوم فان هناك سؤال كبير آخر يطرح نفسه, وهو ما العمل عندئذ؟ والجواب حسب رأي المحاضر هو المشاريع الوطنية, والحامل الرئيس لهذه المشاريع هو مشروع النهضة والذي يتمثل حامله الاجتماعي , الأمة كلها بكل انماطه ضمن تعددية في اطار موحد وان تكون الديمقراطية مدخلا له.
المداخلات:
بعد انتهاء المحاضرة – التي دامت حوالي ساعة كاملة- جرت مداخلات عديدة من قبل الحضور اليكم اهمها..
– عبد الكريم عطوري: وردت في المحاضرة عدة مصطلحات ارجو من الدكتور توضيحها: بناء المرأة , ماذا يقصد ببناء المرأة ؟ كذلك ورد على لسان المحاضر: يجمعنا هذا المكان والزمان, وهذا صحيح ولكن أضيف يجمعنا أيضا الفكر والوطن..
أعتقد وليعذرني الدكتور بانه قد تجنى على المرأة والرجل عبر المصطلحات التي اتى بها, فان يصبح الرجل ديوسا فهذه مصيبة وأن تصبح المرأة مسوقة, أي سلعة, أيضاً مصيبة, وأن تكون شعر المرأة هويتها فالمصيبة أكبر.
– حواس محمود : أحب أن أشير الى نقاط بسيطة جداً في المحاضرة القيمة التي قدمها الدكتور تيزيني.
العولمة هي نتاج التطور السياسي والاقتصادي العالمي ونتاج انتهاء القطب الاشتراكي, وأيضا التطور الهائل في الثورة التكنلوجية والمعرفية والاتصالاتية الكبرى التي حدثت في العالم , وأحب أن أشير الى ان هناك دول أخرى مرشحة لـ أن تكون أقطابا في المستقبل كالصين واليابان ومجموعة الدول الأسيوية التي تعرف بالنمور.
الولايات المتحدة الامريكية تستفيد من العولمة بوسائلها الخاصة, وعبر القوى العسكرية والسياسية وعبر العديد من الأشكال , لكنها ليست امتيازا امريكيا .
اشكر الدكتور على طرحه في نهاية محاضرته سؤال ما العمل وتركيزه على المشروع الوطني, والذي اعتقد انه ينبع من الحاجات الاساسية للمجتمعات العربية لدخول العصر بقوة وتوازن وجدارة , ونعلم ان الواقع العام للوطن العربي لا يبشر خيراً , لنأتي مثلا الى الجامعات العربية التي لم نرى لها تصنيف ضمن الـ 500 جامعة مصنفة في العالم.
– ولات محمد : لقد أشار المحاضر الى الجوانب السلبية للعولمة, والسؤال هل هناك جوانب ايجابية يمكن الاشارة اليها ؟.
لقد اشرتم انه عبر العولمة تم البحث عن قوميات جديدة والتركيز على هويات جديدة, والسؤال هل هذه القوميات لم تكن موجودة قبل العولمة ؟.
– محمود السالم : المحاضرة كانت لها جانبين جانب ثقافي وجانب ايديولوجي.
يقال عن العولمة بالنظام العالمي الجديد وانا اقول بانه النظام العالمي القديم , أي النظام الراسمالي الذي استطاع ان يستمر , وقد اشار الدكتور الى تغير مبدأ فرق تسد الى وحد تسد واقول انه يعمل على مبدأ فكك تسد.
– سليمان يوسف : لقد طرح الدكتور العديد من المفاهيم الاشكالية , كمفهوم الانتماء والهويات والعلاقة مع الآخر, وما يهمني ان اقوله حول مفهوم العولمة الذي تناوله الدكتور في سياق محاضرته, ارى ان المحاضرة كانت ايديولوجية, عقائدية اكثر ما هي معرفية وهذا ربما اضعف المحاضرة, ومن جهة اخرى ارى ان الدكتور قد اظهر العولمة, و ما يسمى بالنظام العالمي الجديد, كالوحش الكاسر , جاء ليبتلع الشعوب والامم الضعيفة , انا لا ارى ان العولمة هي هكذا, بل نظام حضاري انساني عصري فرضته التطورات الطبيعية التاريخية للبشرية والامم بشكل عام , وارى ان العولمة لها الكثير من الايجابيات تجاهلها الدكتور , وهذا الخوف الذي خلقه الدكتور في نفوس الحاضرين, يعود الى اسباب ايديولوجية , ليست حقيقة بذاتها, لذلك ارى من المهم ومن الأفضل في هذه المرحلة هو ان نبحث عن آليات واساليب بكيفية التكيف مع النظام العالمي الجديد او مع العولمة , واعتقد ان قطار العولمة قد انطلق على السكة ولا يمكن له ان يتوقف , ومطلوب منا كشعوب متاخرة او متخلفة ان نبحث عن آليات التكيف معه , لا ان نقف في وجهه, لاننا عاجزين وغير قادرين على ذلك.
– عصام حوج: اعتقد ان ما كان يجب ان يضيفه الدكتور في سياق المحاضرة, الاشارة الى موضوع الفساد وأخص بالذكر مراكز الفساد الكبرى في البلدان المستهلكة في النظام العولمي , لان مراكز الفساد الكبرى سواء في داخل الأنظمة أو خارجها, هي امتداد موضوعي لمشروع العولمي في هذه البلدان, وهي التي تهيء التربة الخصبة للمشروع العولمي, من خلال خطرين اساسين اولا من خلال ارتباط مصالحها بالسوق العالمية او من خلال انهاكها لقوى المقاومة وجعلها عاجزة في القيام بواجباتها , ومن هنا اعتقد ان النضال والكفاح ضد العولمة هو في ذات الوقت يجب ان يكون الكفاح ضد مراكز الفساد الكبرى, لاسيما ان مراكز الفساد هذه قادرة على ان تفرض ذاتها وان تشرع وتسن القوانين لصالها وتبيض رؤوس الأموال المنهوبة خلال عشرات السنين, باطار قانوني.
اما بخصوص الحامل الاجتماعي, اشار الدكتور الى كل الشعب , اعتقد ليس كل الشعب, لان هناك فئات ولو قلة قليلة, مصلحتها مرتبطة بالمشروع العولمي, والقوى المتضررة من المشروع العولمي هي التي من الممكن ان تكون الحامل الاجتماعي للمشروع المقاوم.
وبالنسبة الى امكانية مواجهة العولمة, اعتقد فلسفيا ان كل ظاهرة عندما تبدأ تحمل معها عوامل فنائها , وعوامل فناء العولمة تنبع من انها تتناقض مع البشر , وتتناقض مع الطبيعة, وتتناقض مع الطبيعة الانسانية وبالتالي محكوم عليها بالهلاك شاء من شاء وأبى من أبى .
– ابو زويا: اهلا بضيفنا الكريم في محافظتنا المعطاءة والمتلاحمة وطنيا.
ان العولمة في مفهومها الاقتصادي اكد عليها العلماء السياسيون قبل 160 عاما وخاصة ماركس في البيان الشيوعي, اكد على جوهر العولمة الراسمالية , وهي فعلا متوحشة وما يجري في العراق وغزة وصومال وأكثر من منطقة في العالم تاكيد على وحشية هذه العولمة التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية , وقد اكد الرفيق خالد بكداش قبل اكثر من خمسة عشرة عاما: لا يمكن ان يكون هناك قطب واحد وفعلا الاحداث والتطورات المتلاحقة أكدت على ذلك , وامريكا لم تعد قطبا واحدا بل هنالك أقطاب تعمل وتتوحد ضد هذا القطب المتوحش , والمستقبل للديمقراطية, لحركات التحرر الوطني, للعدالة الاجتماعية, وليس للراسمالية المتوحشة , ولكن ما العمل كما قال مفكرنا الكبير (تيزيني) وهذه مهمة جميع القوى الوطنية والتقدمية في المنطقة وفي العالم والتلاحم في مواجهة هذه العولمة المتوحشة , وتمكين الجبهات الداخلية وتعزيز الديمقراطية والاهتمام بالأوضاع الداخلية لحماية السيادة الوطنية التي تواجه العولمة الامريكية .
اننا واثقون تماما ان المقاومات الوطنية والممانعة لهذه العولمة ستتقدم وتقوى اكثر واكبر مثال على ذلك ما يجري في العراق وغزة.
– فؤاد عليكو : بداية نعتذر يا دكتور عن عدم اغلاقنا للموبايل* ومن ثم تاخرنا وانتم تلقون المحاضرة **, ثانيا يبدو ان البعض منا قادم اليك لتسمع اليهم لا ان يسمع منك .
لدي بعض الأسئلة حول المحاضرة , أولا انا لم أفهم من محاضرتك انك ضد العولمة , ونقطة ثانية اني لم افهم ان العولمة مرتبطة بأمريكا, بتصوري ان العولمة ظاهرة عالمية وليست مرتبطة بدولة معينة , قد تكون أمريكا الدولة الأقوى اقتصاديا هذه مسألة أخرى .
وسؤال موجه للدكتور: ماذا تقصد بقوة تاريخية لم تتشكل بعد ؟ .
اما بخصوص الحامل الاجتماعي, بتصوري ان الحامل الاجتماعي غير موجود وقمنا بتبديد الحامل الاجتماعي.
كيف نحيي الحامل الاجتماعي, او نعيد اليه قدرته على الفعل النهضوي, وقد ذكرتم بان العولمة ادى الى بروز ظاهرة القوميات الاثنية والطائفية , اختلف معك يا دكتور , ان الهويات الاثنية والطائفية كانت مطمرة, مقموعة, مضغوطة, العولمة رفعت بعض الغطاء عنها.
يبدو اننا نواجه العولمة بالخطابات , هل فكرنا يوما ان نصنع الموابيل مثلاً, هل نستطيع ان نغلق الفضائيات العالمية وننتج فضائية عربية , العولمة يا دكتور مفروضة علينا , وعلينا ان نوجهها كما ذكرت وبالطرح الذي طرحته, ولكن لفت نظري كلام مدير المركز الثقافي بقوله ان البلدان العربية رفعوا ايديهم في مواجهة العولمة ما عدا سوريا.
اذا كانت مواجهة العولمة بفتح السجون وبالأحكام العرفية وبزج المفكرين في السجون فهذا صحيح, وهذا يختلف معك في مشروعك النهضوي الذي تحدثت عنه وشكرا.
– فهمي منصور: ان الولايات المتحدة الامريكية التي تتزعم العولمة وتريد فرضها على العالم باسلوبها وبطريقتها, تعمد الى الضغط على مناطق محددة في العالم منها الحضارة الاسلامية والعربية وبالأخص في المنطقة التي نعيش فيها في سوريا … اذا كان لنا موقف من نظام العولمي الجديد علينا ان نتكاتف بالوحدة الوطنية والتي تمارسها سورية قيادة وشعبا, وان ما ذكره الأخ عليكو بفتح السجون في سوريا , نقول ان سوريا لم تفتح السجون لكل وطني ولكل خير في هذا البلد , السجون فقط مفتوحة للذي يخرج عن القانون .
– محمود عبدو: اثناء الحديث ذكرتم باننا عندما كنا صغارا نلعب الغميضة, والعولمة جائت لتعلمنا الفتيحة, ولكن مع الأسف نحاول ان نلعب الفتيحة بأدوات الغميضة.
ثانيا ذكرت ما العمل .
السؤال مشروع ولكن متأخر جداً .
– بشير: يقول ماركس التاريخ يعيد نفسه ولكن على شكل مأساة, وعلى شكل مسرحية هزلية.
العولمة هي العودة للعبودية بشكلها الأبشع… الكثيرون يخلطون بين العولمة ووسائل العولمة, العولمة هي الراسمالية بشكلها الجديد في عصر التكنولوجية المتطورة…
– د.
سربست نبي: الراسمالية في طبيعة الحال متوحشة, لكن البداية الأخلاقية تزين حقيقة الراسمالية وعلينا ان نميز هذا الطابع المتناقض لحركة الراسمالية, بين كونها تدمر وتقوض وتوفر مستلزمات انبعاث جديدة, هذه ملاحظة اولى, وانا لم يكن بودي التعليق, لكن حماسة المتداخلين , للأسف الشديد الحماسة العاطفية الايديولوجية هي التي دعتني الى ذلك..
في حديث جمعني مع عدد من الأساتذة في قسم الفلسفة في جامعة دمشق, عشية الحرب على العراق, قال أحدهم: (يا أخي شو بدك من هذا الحكي, بشرفي أمريكا راح تنهزم , وان عقارب الرمادي سوف تدخل الدبابات الأمريكية), العقارب سوف تهزم العسكري الأمريكي, في الوقت الذي يلبس هذا العسكري زي ثمنه 750 ألف ليرة سورية.
العقلانية مطلوبة وقسطنطين دريد وهو أب العقلانية في الخطاب القومي العربي , كتب ثلاث كتب في النكبة , دروس النكبة الأولى والثانية والثالثة , نبه الى ضرورة التخلي عن هذه الزعبرة: سنهزم, سنسحق, سندمر (شو بدك تدمر) , اذا القمر الصناعي الاسرائيلي أو الأمريكي قادر على التقاط لون الكرافة التي يلبسها أي مسؤول عربي, في وقت لا تزال شوارعنا مزدحمة بالعربات التي تجرها الحمير..
الارادة لا تكفي ما لم تكن معززة باقتصاد متين وبحياة وطنية خصبة وقوية هذا من جانب, من جانب آخر هذا يفضي الى حديثنا عن العولمة , العولمة ليست مجرد ظاهرة نحكي عن اوصافها وندينها , هي أعمق من ذلك وهذا الخطاب الماركسي الستاليني , قامشلي لم يتخلص منها , ماركس نفسه واقولها للجهلة الذين لم يقرأوا لماركس , اقول لهم اقرأوا كتاب ماركس راس المال المجلد الثالث , يقول حرفيا: ان التقدم التكنولوجي الهائل في العصور القادمة..
سيوحد العالم ..
اما هذا الخطاب البكداشي الستاليني ….(لم يتسنى للدكتور سربست ان ينهي مداخلته نتيجة صياح وهتاف انصار الشيوعية وتهجمهم الجماعي على المنبر , ومحاولتحم التعارك مع الدكتور سربست أو ربما ضربه, لولا تدخل الآخرين), وقد ذكرنا هؤلاء الشيوعيون بموقفهم هذا , ببعض حلقات الاتجاه المعاكس -وبصورة ابشع ايضاً- عندما يحاول أحد طرفي الحوار ومن الذين لم يتعودوا أن يستمعوا الى الرأي الآخر, بمنع الآخر من ان يعبر عن رأيه بحرية والتشويش عليه بالصياح والمقاطعة.
تلك كانت أهم المداخلات التي جرت على محاضرة الدكتور طيب تيزيني, وقد كان رد الدكتور عليها بشكل مختصر وعام ومقتضب.
تمنى في بدايتها – كتعليق على ما جرى بين د.
سربست والشيوعيين- يجب ان يضبط الأعصاب في هذه الحالات وان لا يحول حالة فكرية الى صدام , ولفت انتباه بعض المداخلين, بانهم لم ينصنتوا جيدا واعتبرها مشكلة , وعاد ثانية الى شرح ظاهرة العولمة وقال انها نشئت مؤمركة (نسبة الى امريكا) وهي محاولة بان تامرك العالم كله, وعاد ليقول بان العولمة هي مرحلة من مراحل تطور النظام الراسمالي ذاته, وامتداد للنظام الراسمالي , والجديد في نظام العولمة يكمن بانه اتت بحالة جديدة اهمها توحيد العالم تحت قيادة السوق, ولم يكن هذا مطروحا في النظام الراسمالي.
اما بالنسبة الى النقاط الايجابية في العولمة انه عمم وباتت وسائل التكنولوجيا موجودة في كل مكان, العولمة تقدم اشياء كبيرة , اذا اخرجت هذه الأشياء من سياقها السياسي الذي جاء بها, والعولمة اتت بالكومبيوتر كمثال وكسلعة عامة, هو سليل هذا النظام العولمي , ولكن قدمه من اجل الهيمنة , وما يدعونا الى مقاومة العولمة هو كونها تقوم على مفهوم الهيمنة السوقية الشاملة.
واشاد المحاضر الى بعض الأفكار الجديدة التي طرحها بعض المداخلين دون ان يحددها بوضوح لكنه اشار الى نقطة مهمة لهذه الأفكار, الا وهي استغلال النظام العولمي الجديد الأوضاع الداخلية التي تسود المنطقة العربية من فساد واستبداد والاستفراد بكل شيء بالثروة والسلطة والثقافة , ولهذا فان النظام العولمي يحاول اختراق الداخل عبر تلك المناطق.
لمحة موجزة عن حياة المحاضر (د.
طيب تيزيني)
– ولد في حمص عام 1934تلقى علومه في حمص وتخرج في ألمانيا حاملاً الدكتوراه في الفلسفة عام 1967 أولاً، والدكتوراه في العلوم الفلسفية ثانياً عام 1973.
عمل في التدريس في جامعة دمشق.
عضو جمعية البحوث والدراسات.
مؤلفاته:
1- مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط – دمشق 1971.
2- حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث، الوطن العربي نموذجاً – دمشق 1971.
3- من التراث إلى الثورة – حول نظرية مقترحة في قضية التراث العربي- بيروت ودمشق 1976.
4- روجيه غارودي بعد الصمت – بيروت 1975.
5- الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى – دمشق 1982.
6- من يهوه إلى الله ( في مجلدين)- دمشق 1986.
7- مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر نشأةً وتأسيساً- دمشق 1996.
8- النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة – دمشق 1997.
9- من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي- دمشق 1997.
10- في السجال الفكري الراهن- بيروت، 1989.
11- فصول من الفكر السياسي العربي المعاصر- بيروت، 1989.
12- على طريق الوضوح المنهجي- بيروت، 1989.
13- الإسلام ومشكلات العصر الكبرى (مع بحث لباحث آخر)- دمشق 1998
14- من اللاهوت الى الفلسفة العربية بيان في النهضة والتنوير العربي
في عام 1998 جرى اختياره واحد من 100 فيلسوف في القرن الواحد والعشرين من مؤسسة كونكورد الفرنسية الالمانية, وهو مفكر عالمي معروف على المستوى الوطن العربي والعالم.
——–
* ((اشارة منه الى تعالي رنين ونغمات الموبايل داخل قاعة المركز اثناء القاء المحاضرة, واثناء والمداخلات)).
** الاشارة الى الوصول المتأخر لوفد قيادة شعبة حزب البعث.