وقائع الاحتفال الذي أقامه الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) في ذكرى ميلاد البارزاني الخالد

كان احتفال الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) بهذه المناسبة العظيمة في هذه السنة مختلفاً عنه في السنوات السابقة ، حيث أقيمت ندوة حوارية حول جوانب متعددة من شخصية الخالد مصطفى البارزاني ، ضمت نخبة من المثقفين الكرد رجالاً ونساء من كتاب وشعراء وباحثين افتتحت الندوة باسم الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي بالترحيب بالضيوف الذين استجابوا لدعوة البارتي وحضروا هذه الأمسية الحوارية.

وكالعادة بدأت وقائع الندوة بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء الوطن ، وشهداء الكرد وكردستان ، ثم تحدث الدكتور عبد الحكيم بشار سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي ، فشبه العلاقة بين المثقفين والباحثين الكرد ، بالعلاقة بين الآثار وعلمائها أولئك الذين يبغون من وراء بحثهم بين الآثار وفي الحفريات ، الوصول إلى حقيقة وجود الإنسان على كوكب الأرض ، فرغم اكتشافهم للكثير والكثير من الدلائل والقرائن ، ورغم هذه الاكتشافات اليومية لكل ما هو جديد يعزز نظريتهم في مجال بحثي ما ، إلا أن الكثير الكثير من هذه الأسرار مازال مجهولاً هذه هي شخصية البارزاني التي يكتشف باحثونا ومؤرخونا وعلماء آثارنا ، كل يوم جانباً جديداً منها ، فمازال الطريق أمامنا طويلاً حتى نصل إلى نهايته ومازال الغموض يحول بيننا وبين الإحاطة بجوانب جديدة لهذه الشخصية الأسطورية ، ولمعرفة العديد من صفات هذا القائد الخالد ، وخصاله ومزاياه .

وبعد ذلك ألقى الدكتور عبد الحكيم بشار كلمة الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا البارتي ، ثم ألقيت كلمات أخرى ، وتليت عدة قصائد باللغتين العربية والكردية ، ثم قدمت مداخلات قيمة ، وجرت نقاشات وحوارات مفيدة وعديدة حول هذه الشخصية الفذة ، وقد قررنا أن نسلسل تلك الكلمات والمداخلات على شكل حلقات نقدمها للقراء تباعاً .

– أولى الكلمات كانت كلمة الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي ، وقد ألقاها الدكتور عبد الحكيم بشار سكرتير اللجنة المركزية للحزب:

في الرابع عشر من آذار قبل أكثر من مائة عام وتحديداً في عام 1903 انبلج فجر جديد على الشعب الكردي ، حملت معه الشمس في ذلك اليوم أكثر أشعتها لمعاناً ونوراً وأكثر لحظاتها بهجة وسعادة ، حملت معها ولادة ذلك الطفل الملا مصطفى البارزاني والذي كتب على يده أكثر الصفحات إشراقاً في تاريخ الشعب الكردي ، صفحات مكتوبة بالأمل والتفاؤل والحكمة والشهادة ، فغيرت تاريخ الشعب الكردي والمنطقة ، هذا الشعب الذي نجح في الحفاظ على نفسه رغم تعرضه لأقسى سياسات الصهر وأنجب من القادة العظام ، الذين كتبوا تاريخه بأحرف من ذهب كالشهيد القاضي محمد والشيخ سعيد بيران وغيرهم ، ولكن يبقى البارزاني الخالد القائد الأعظم والمنارة الأعلى في تاريخ الشعب الكردي ، إنه كاوا القرن العشرين ، وعظمته تجاوزت كونه قائداً لثورة عملاقة أو كونه انتزع بيان الحادي عشر من آذار والحكم الذاتي لكردستان العراق ، بل تجلت عظمته في قضايا أكثر عمقاً ، فهو الذي بعث القضية الكردية إلى الوجود بعدما تعرضت للاندثار والتغييب والغياب ، صنعها من شعب مشتت ممزق مصاب باليأس والإحباط ، ويعيش صراعات وتناحرات تمزق جسده ، صنع من واقع شعب منسي قضية قومية بكل أبعادها ، إنه صانع التاريخ الكردي الحديث بكل تجلياته وأبعاده ، وتجلت عظمته أيضاً في قدرته على توفير عوامل الاستمرارية من خلال نهج أرسى قواعده بكل حكمة ، ومدرسة في النضال والسلوك والقيم والمبادئ من خلال تجسيده في حياته العامة والخاصة ، وباتت منظومته القيمية والسلوكية والشخصية برنامج عمل ونهج ، وبوصلة يسترشد بها المخلصون من الكرد في نضالهم ليس في كردستان العراق فحسب بل في عموم كردستان ، تجلت عظمته في قدرته على خلق ظروف ذاتية للثورة وللشعب الكردي من خلال شخصيته وعبقريته التي نجحت في التفوق على الظروف الموضوعية الوطنية والإقليمية والدولية الضاغظة والمحاصرة للثورة.

لقد اقترن اسم الشعب الكردي باسمه وبات يشكل ليس رمزاً قومياً فحسب بل شكل هوية الكرد وجواز سفرهم في أرجاء المعمورة ، وبات الكردي الذي تاهت عنه الدنيا وتاه عن شعبه حيث كل فرد في الأرض ينتمي إلى شعب معروف من حيث التاريخ والجغرافيا ولكل أمة معلم تفتخر وتعتز به ، وبقي شعبنا تائها عنه إلا في أروقة معينة ومحددة وضيقة جداً ، حتى كان البارزاني الذي بات تاريخاً لشعبنا ومعلماً هو الأبرز لأمتنا ، وبات الكردي يجد نفسه وتاريخه وشعبه وقضيته من خلال هذا القائد خلال نصف قرن من الزمن.

إن الحديث عن هذا القائد الرمز يطول وتعجز عشرات المجلدات من الإحاطة بتاريخه وتراثه ونضاله ، ويكفينا فخراً بأنه خلف لنا إلى جانب كل تراثه العظيم قائداً مقداماً وملهماً تتلمذ على يده وتماهى مع خلقه ومبادئه ، إنه الرئيس مسعود البارزاني الذي نجح في الحفاظ على مدرسة البارزاني الخالد بكل أبعادها ومضامينها القومية والوطنية والإنسانية ، والمواءمة بينها وبين المستجدات والمعطيات الإقليمية والدولية المتسارعة ، وبات الشعب الكردي وقضيته تحت قيادته الحكيمة رقماً مهماً وصعباً في المعادلات الوطنية والدولية ، والكل يتابع بافتخار الإنجازات التي تحققت في كردستان العراق والتطورات المتسارعة التي يشهدها الإقليم وكذلك يتابع باعتزاز المواقف المبدئية والثابتة للسيد الرئيس مسعود البارزاني تجاه القضايا القومية والمصيرية والمكانة الرفيعة التي يحتلها على الصعيدين الإقليمي والعالمي ، وقد تابعنا منذ يومين وبكل غبطة وسرور أكبر وأعلى علم يرفرف في سماء كردستان المحررة (طوله 120 م وعرضه 60 م) كنموذج عن ذلك العلم الذي سلمه القاضي محمد إلى الخالد مصطفى البارزاني ، ليسلمه بدوره إلى الرئيس مسعود البارزاني ، ليرفعه عالياً في سماء كردستان.

إننا نحتفل اليوم بميلاد شخصية غير اعتيادية ، شخصية استثنائية ومتميزة في كل شيء ، وهذا يتطلب من النخبة المثقفة بذل المزيد من الجهود لمقاربة الجوانب المتعددة لهذه الشخصية العملاقة وإظهار ملامحها للأجيال القادمة والتي لابد أن تزداد التصاقاً به كلما ازدات معرفة بتراثه ونضاله والذي شكل وسيظل ينبوعاً لا ينضب من العطاء ، وإن خير وفاء لميلاد هذا القائد العظيم العمل وفق استراتيجيته والسير على هدي نهجه القائم على وحدة الصف الكردي ووحدة الكلمة قولاً وعملاً ، وحدة القلم الكردي ، ووحد مثقفيه ومبدعيه وتسخير كل الطاقات والإمكانيات من أجل قضية الشعب الكردي وتحقيق أهدافه القومية المشروعة وتوطيد عرى التعاون والتضامن مع مختلف القوى الوطنية والديمقراطية وترسيخ اسس التعايش القومي والديني والفكري.

في 14/3/2008

عاش البارزاني رمزاً تاريخياً إلى الأبد

عاش البارزاني رمزاً لوحدة الكلمة ووحدة القلم

عاش البارزاني رمزاً للتعاون والتضامن والتعايش بين مختلف القوميات والأديان

 

للبحث بقية …

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…