يا عالم .. ياهو .. مصيبتنا كبيرة !!

   بقلم: م .

رشيد 

     بالرغم من تفاؤلنا بتحسن الوضع الكوردي ، وقناعاتنا بأن القضية الكوردية وصلت إلى مراحل متقدمة  موقعا ً واهتماما ً وتأثيرا ً على الساحات المحلية والأقليمية والعالمية ، ويستحيل إعادتها إلى سابق عهدها ، بحكم الظروف الراهنة التي أوجدتها متطلبات النظام العالمي الجديد وتقنياته وخاصة في مجال الأعلام والاتصالات ، حيث باتت قضايا الشعوب المضطهدة  وحقوق الإنسان والديموقراطية ….

موضع اهتمام كل القوى التي تهمها إحلال الأمن والسلام والاستقرار في العالم  عامة و الشرق الأوسط خاصة، وهذا مرهون بتوفير الحريات العامة وإجراء الإصلاح والتغيير في كافة المجالات لبناء المجتمع الإنساني المدني ، يختفي فيه جميع أشكال العنف والقهر والظلم والاضطهاد والإرهاب  …

     لهذا يتوجب على الحركة الكوردية الاستعداد والتأهيل  لتوفير الشروط والمقومات اللازمة لاستيعاب ضرورات العصر ومواكبة أحداثه وتطوراته ، لغاية تعزيز مقومات الثبات والاستمرارية والتقدم والمواكبة  ،  وتبؤ الدور المطلوب منها و المنوط بها  وطنيا ً وقوميا ً، وهذا يتوقف على العامل الذاتي الذي يحتاج إلى المزيد من الصيانة والتحديث والتقوية، على أسس قومية وثوابت وطنية – استراتيجية واضحة وصريحة –  مبنية على العدالة والشرعية  التي تمنحها لوائح  حقوق الإنسان السماوية والوضعية ، وموافقة للظروف والشروط السائدة  ،  فإن توحيد الصفوف وتنسيق الجهود  ضمن أطر وتشكيلات شاملة ( مرجعيات ) و مؤسسة على برامج وأنظمة صحيحة وسليمة ،  تربط بين الداخل والخارج  ،  وتراعي الخصوصية والنوعية  في الرؤية والعمل والنشاط ، سياسيا ً وإعلاميا ً وثقافيا ً ….

اعتمادا ً على المهنية والإمكانية في ضوء الزمان والمكان المفترضين ، تتصدر أولويات إعداد وتهيئة العامل الذاتي الأساس والضمان لتحقيق المطالب وبلوغ الأهداف نحو التحرر والتقدم والسلام  ….
      و لكن للأسف الواقع الكوردي العملي لا يعكس المطلوب والمؤمل ، فالتعددية المفرطة مستفحلة ، والانقسامات على قدم وساق ، والتخندق والتكتل و..

..

و ….

    ، لا تبررها قواعد المنطق والعلم ، ولا تسوغها أصول العمل والممارسة في ميادين السياسة والاجتماع والقانون والفكر….

لا قديما ً ولا حديثا ً  في مختلف الظروف والأوضاع  ، وخاصة في حالات التحرر الوطني التي تفرض التعاضد والتلاحم والتنسيق بين القوى والفصائل المناضلة لتزيد من فرص الانتصار … والتجارب كثيرة والأمثلة لا حصر لها تؤكد رؤيتنا وفكرتنا  ، لا كما تريدها معظم المكونات والكيانات  في المشهد الكوردي  حاليا ً (ونستثني منها  صنيع قوى الظل و الظلم والظلام ، فهي أفصح للتعريف بنفسها ومهامها )، والتي  تبحث عن شرعية وجودها من خلال :
        1-  إما من  بعد ٍ كوردستاني أو إئتلا ف ٍ وطني أو تحالف قومي أو تنسيق إقليمي أو تعاون خارجي ، …..

 
        2-  أو مستخدمة بعض الإمكانات الاقتصادية والإعلامية والاجتماعية  …..
        3-  أو متذرعة بالقدم في النضال منذ تأسيس الحركة ، فتجد في نفسها الوريث
            الشرعي والحقيقي للحركة ،  وبالتالي لها الأفضلية والأحقية  في الإدارة
             والقيادة …..
        4-  أو  مستفيدة من نجومية أفراد لمعت نجومهم لسبب ما  ( حنكة ، تضحية ،
          نشاط ، ثقافة ، دين ،  عشيرة  ، ثروة ، ….

) والتخندق حولها وخلفها
          لفرض إرادتها ورؤيتها على الساحة  …..

5-   أو منتهزة لفرص ٍ وظروف ٍ طارئة  وغير مستقرة ، فركبت موجتها عن
     دراسة وتصميم ، وأطلقت  بالوناتها المتنوعة  والمتفاوتة  في الحجم والحرارة واللمعان والصعق ، حسب المواقف والمواقع  المناسبة ،  وتجاوزت بها العديد من الخطوط الحمر(بحصانة وجرأة  ودراية  ؟!)  المتعارف والمتفق عليها قوميا ً ووطنيا ً ، تأمينا ً وحماية ً لثوابت القضية المقدسة …

     لعل الجانب الشخصي والعصبوي عند هذه المكونات ، يطغى على بقية الشعارات والأهداف التي تتظاهر بها  لا بل تستغلها في تحقيق أجندتها ومآربها ، فلا تهمها الوسائل والسبل ولا تكترث بنوعيتها وشكلها ، ولا تعنيها النتائج والتداعيات التي تنجم بسبب حضورها وسلوكها  .


      صحيح أن  الحقوق الفردية للإنسان ، ومبادئ الديموقراطية  ، تعطيه الحق بالتفكير والتعبير ومزاولة النشاط الذي يرتئيه بحرية ، ولكن تبقى الأخلاق والضمير والآداب العامة والمصلحة العامة ، هي الضوابط والمنطلقات في تحديد مشروعية ومصداقية وصلاحية  أي عمل أو فكر ، لأن حدود حرية المرء تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين ، لا سيما إذا كانت القضية  تتعلق بالمقدسات  كالأرض والشعب  .
     وكثيرة هي الساحات المشاعة والخارجة عن حدود الرقابة والتحكم والتنظيم ….

وكثيرون أيضا ً من يجيدون استثمارها بغير حق ، وبدون رادع ذاتي ،  فالعواطف والآمال والآلام والمعاناة والحرمان والغبن والإخلاص والثقة والبساطة وصلات الرحم والصداقة ووحدة الوطن والعرق والدين والمذهب …….إلخ ، كلها مواد خصبة يسهل اللعب والمتاجرة بها إن أرادها المتاجرون والمتسلقون ، فالسياسة لها فرسانها وكذلك الدين والأدب كما هو الحال في التجارة  ومعادلة جنى الأرباح الهائلة في غياب الرقابة والتدقيق..
     فمبدأ:  ” ما حدا أحسن من حدا  ”  قد شجع العديد من الكيانات لتشكيل حزب أو منظمة أو لجنة أو فريق أو منتدى أو جمعية أو جريدة أو موقع …….

حتى ولو كان النموذج المقترح موجودا ً بالأصل بشكله ومواصفاته وشعاراته ، ومشهورا ً باسمه وعنوانه وشخوصه ، لأن المهم عندها هو التصنيف ضمن قائمة الأسماء اللامعة رسميا ً  وشعبياً ، مستمدة شرعيتها ورسميتها  من تلك التشكيلة ، والدخول ضمن التركيبة القائمة بتناقضاتها وتداخلاتها لتساهم في  تشرزمها وتفتيتها  ،  وتحصل  من الكعكة ما تيسر لها،  ولا يكتفي البعض منها بهذا القدر  ، بل يصرون على الظهور بأكثر من اسم وصورة ومهمة ومناسبة  ( والكائن واحد ) وفي أكثر من اختصاص وموقع  ، هدفهم تمييع نشاط ما أو جهد ما  فرديا ً  كان أم مشتركا ً ( إعلان ، وثيقة تفاهم ، بيان مشترك ، اعتصام ، عقد مؤتمر ، …….

إلخ  )، وإفشاله وإجهاضه أو إفراغه من محتواه وأهميته، باختلاق المزايد والمنافس والمضاد والبديل والمعارض…..، حتى ولو كان ذاك الجهد مجديا ً وناجعا ً ومفيدا ً لصالح الوطن والقضية على نحو تكتيكي أو استراتيجي….
      قد ينسى البعض أو يتناسى أن حضورهم وسلوكهم بالصورة الموصوفة آنفا ً،  يضران القضية ويسيئان إليها ويخدم المتسلطين والمتسلقين والمتطفلين ، ويطيل من أمد الظلم والحرمان والاضطهاد ، وهذا ما لا يريده الإنسان السوي العاقل   لنفسه ولا لغيره  ،  فالحرية والتعددية والديموقراطية والتجديد والتطوير …  عبارة عن مصطلحات ومفاهيم  لها ضوابطها ومعاييرها في التطبيق والممارسة  ، وتبقى مشروعية وصلاحية وجدية الوسائل والغايات هي المعيار في تحديد سلبية المواقف وايجابيتها وفعاليتها .


     ولتكن القاعدة: ”  التحولات الكمية تؤدي إلى تحولات نوعية  ”  في أقصى حدود تفاؤلنا، فهل تفتيت الإمكانات وتشتيت الأفكار والتوجهات  ، في حالتنا الكوردية في سوريا  صحيحة و جائزة ؟!  وهل الظروف الراهنة التي نعيشها من ضغوطات وإرهاصات وتحديات ومخاطر، مناسبة  للحركة الكوردية  بوصفها جزء من القوى الديموقراطية والوطنية إضافة لمهامها القومية  في الإطار الوطني الموحد  … حتى تفرط بإجماعها الكوردي وتتهرب منها  وتتخبط في تحديد  مواقفها و رسم مواقعها ومهامها المفترضة والمطلوبة  ؟! 
      فإن كان الجواب  بالنفي ، إذا ً ، من يقف وراء تمييع حياتنا السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية وتزييفها ، ومن المستفيد من استمراريتها وتفاقمها  ؟!
      الحل والجواب لدى العقلاء والغيورين والمخلصين والمهتمين ….، من داخل الحركة وخارجها، ومن الأصدقاء والأشقاء ، ومن داخل الوطن وخارجه ، ساسة ومفكرين  ومثقفين وإعلاميين ورجال دين….

لإيجاد القاسم المشترك على أرضية التحاور و التفاهم والتوافق ، ونبذ التشنج و التطرف والعنف والتهور ،  وكذلك نبذ الانبطاحية والتبعية والاستسلام  في النهج والممارسة ، لبناء ممثلية مستقلة  شرعية حقيقية شاملة  للشعب الكوردي في سوريا ، تقود نضالاته السلمية الديموقراطية من أجل تأمين حقوقه القومية والوطنية والإنسانية المشروعة والعادلة ، كما تفرضه الوقائع والحقائق  وتجيزه الظروف والإمكانات المتوفرة، فالكورد جديرون بذلك فلهم ماض وحاضر ومستقبل، ويشهد على ذلك الكثير ويعترف به ، ومنهم السيد رئيس الجمهورية عندما قال: ” القومية الكوردية جزء من النسيج السياسي والتاريخي لسوريا  ”  عقب أحداث    12   آذار   2004  .

    
          
          
                                20/06/2006
    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…