هكذا تكلـّم الرئيس بارزاني…

  نـوري بـريـمـو


في برنامج “مقابلة خاصة” بثـّـتها فضائية “العربية” في أواسط شهر شباط بعد أنْ كانت قد أجرتها مع السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان المعروف بطلاقته الإعلامية وثقته بنفسه وبالقضية التي يدافع من أجلها وبطبعه الهادئ لدى تعامله مع الآخرين وبأسلوبه السلس الذي يُظهر بين سطوره صلابة في الجوهر والتزام بالخيارات الديموقراطية اللاعنفية وتمسّك بالمبادئ وإحترام للثوابت وتسامح مع الآخرين ودفاع سلمي عن الحقوق القومية المشروعة لشعب كوردستان الذي يقف بغالبيته العظمى لا بل بالجملة مع رئيسه الذي أثبت جدارته في شتى الميادين فإستحق ليس من الكورد فقط وإنما من كافة ديموقراطيي الدنيا وعراقيي العراق كل الإحترام والتقدير نظراً لمكانته ولدوره التاريخي البارز في مسعى تخليص العراق من نظام البعث البائد الذي حكم البلد بالقوة لا بل تجبّر وسلـْطـَنَ عليه وخلـّف وراءه مختلف البلاوي لأهل كوردستان ولباقي شعوب بلاد الرافدين التي دنـّسها الصداميون وسرْطنوها على مدى عهود حكمهم الفاشي…،
حاول مقدّم البرنامج أحمد صالح في تلك المقابلة الخاصة استدراج الضيف لا بل إنه أراد أنْ يقوِّله ما لا يريد أن يقوله…!؟، وذلك في مسعى قد لا يكون مقصوداً من المذيع صالح أنْ يتحصّل على ذلـّة لسان أو ما شابهها عساه ولعلـّه يتمكـّن من إيقاع الرئيس بارزاني في شراك التصادم مع الآخرين حول بعض الملفات العالقة والمختلـَف عليها إقليمياً وعراقياً كمشكلة نفط كوردستان وكقضية كركوك التي تشكـّل عماد وصلب المادة 140 من الدستور العراقي الدائم…!؟، لكنّ حنكة الرئيس بارزاني ونقائه السياسي ووفائه للوعود التي قطعها على نفسه مع شركائه قبل وأثناء العملية السياسية الجارية في العراق الجديد قد حالت دون تحقيق أغراض مقدم البرنامج الذي لم يكنْ موفـّقاً لا في تحقيق ما نوى على فعله ولا في أدائه الإعلامي الذي كان ضعيفاً وخلى تماماً من الحيادية المفترَض توفـّرها لدى مذيعي هكذا قناة فضائية لا تزال تحظى بقدر لا بأس به من المصداقية لدى مشاهديها الكورد والعرب وغيرهم…!؟.
ورغم أنّ سيادة الرئيس بارزاني لم يخرج ـ خلال هذه المقابلة الخاصة ـ عن أطواره الطبيعية في الدفاع السياسي السلمي عن إستحقاقات إقليم كوردستان الفدرالي ولم يتجاوز أية خطوط قد يعتبرها البعض حمراء…!؟، ورغم أنه تحاشى الوقوع في أية هفوة قد يُساء فهما لدى الأطراف الأخرى…!؟، إلاّ أنّ العديد من وسائل الإعلام المعروفة بمسلكية الاصطياد في المياه العكرة بقصد تعكير الأجواء لغايات في نفوس أصحابها الذين بات شغلهم الشاغل هو تشويه الحقائق والإساءة لقضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان والأمم…!؟، قد أقامت الدنيا وأقعدَتها عبر تهويش وتأويل الحديث الهام الذي أدلى به رئيس كوردستان للرأي العام الكوردي والعربي والعالمي في تلك المقابلة التي خصصها لقناة العربية التي حوّرت حديث الرئيس البارزاني وقرأتهُ بشكل منقوص وبعكس ما ورد في الآية القرآنية الكريمة: ولا تقربوا الصلاة…بدون تكملتها بعبارة وأنتم سكارى…!؟، حيث إدّعتْ بعض الوسائل الإعلامية فيما بعد بأن الرئيس الكوردستاني قد جارَ قليلاً على الآخرين…!؟، وذلك بعكس حقيقة ما أراد قوله السيد بارزاني الذي قال للعربية: ” لا يمكن أن نطالب الحكومة المركزية العراقية بأن تتخذ موقفا حيال الخروقات التركية لسيادة العراق…، وهي ترى يوميا الانتهاكات التركية لسيادة البلاد”…!؟، والذي أضاف: “إنّ للصبر حدود، وفي حال استمرت الغارات التركية على كردستان وأثرت على حياة المواطنين أكثر من هذا، فلن نسكت أكثر من ذلك”…!؟، أي أنّ الذي تم الترويج له هو بعكس الحقيقة تماماً.
ولعلّ مصداقية ما نقوله حول هذه المقابلة التي أراد البعض أن يستثمرها بالضد من الصالح الكوردستاني والعراقي على حد سواء…!؟، تكمن في تذكيرنا بأبرز ما صرّح ويصرّح به الرئيس بارزاني بشكل يومي في كل مناسبة يطلّ بها في وسائل الإعلام وخاصة على القنوات الفضائية…، فهذا القائد العقلاني قد أكد مراراً وتكراراً على أنّ الكورد ليسوا معارضة عراقية وإنما هم جزء من العراق وقد لعبوا دورا كبيرا قبل وبعد سقوط صدام وعند الضرورة كانوا يذهبون وسوف يذهبون إلى بغداد وسيرفعون أي علـَم يقره البرلمان العراقي وبالفعل تم رفع العلم العراقي الجديد في سماء كوردستان أيضاً…، وفي هذه المقابلة أيضاً قال: “إنّ خيارنا ليس القوة حتى ولو تم فرضه علينا والحل المطلوب في كركوك التي هي مدينة كردستانية بهوية عراقية هو تطبيق المادة 140من الدستور…، لكن مع الأسف هناك ثمة تدخلات إقليمية في هذه القضية ولن نسمح بأية تدخلات من هذا القبيل، والمشكلة ليست كركوك فقط وإنما هنالك مناطق أخرى جرى تعريبها واستقطاعها عن إقليم كوردستان…، وأتساءل لماذا تعبنا على الدستور وسهرنا على صياغته مادام هنالك جهات تعمل من أجل عرقلته…؟!، وإذا كان الآخرون أقوياء في هذه المناطق التي عرّبها صدام فلماذا يخافون من نتيجة الاستفتاء ويحاولون إفشال هذه المادة الدستورية…؟!، في كل الأحوال نحن نحترم المواد الدستورية التي تحدد علاقة الإقليم مع المركز”.
إذنْ هكذا تكلـّم سيادة الرئيس مسعود بارزاني وهذا ما أفاد به بالضبط حول الشأنـَين الكوردستاني والعراقي…!؟، ولم يقصد أبداً إغاظة أي طرف ولم يقل البتة بأنّ الجانب الكوردستاني سوف يتعدى على حرمة وحقوق أي جهة عراقية أو إقليمية كانت…!؟، فالبارزاني الذي يُعتبر رأس هرم القيادة السياسية الكوردستانية هو أدرى الناس بماهية الخطاب السياسي المفيد والذي ينبغي أن يُقال في هكذا حالات وأوقات حرجة تطغى على الساحة العراقية والإقليمية والدولية…!؟.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…