كلمة المحامي مصطفى أوسو في الهيئة العامة لفرع نقابة المحامين بالحسكة في 3 / 3 / 2008

السادة الضيوف..

الزميلات والزملاء

تحية وبعد:

  جاء التقرير السياسي المقدم للهيئة العامة لفرع نقابتنا، بلهجته الخطابية المعتادة، وخالياً تماماً من الإشارة إلى المشاكل والقضايا الداخلية التي يعاني منها المواطن السوري في جميع مجالات الحياة، وضرورة المعالجة الموضوعية لها بعيداً عن دغدغة العواطف.

 فهو لم يتناول الفقر والعوز الذي أصبح شبحه يطال أكثر من 70% من المجتمع السوري ولم يتطرق إلى موضوع الارتفاع الجنوني للأسعار ولا عن تفاقم ظاهرة البطالة ولا عن نهب المال العام وثروات البلاد ولا عن الفساد الذي أنتشر وعم على كافة المستويات.

كما لم يشر التقرير إلى الأوضاع المتردية لحقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا، في ظل سريان حالة الطوارئ والأحكام العرفية واستمرار العمل بالقوانين والمحاكم الاستثنائية وغياب حرية التنظيم السياسي والنقابي والمدني وعدم استقلالية السلطة القضائية…الخ.

ولم يتطرق أيضاً إلى سياسة الاضطهاد القومي بحق الشعب الكردي في سوريا وحرمانه من الحقوق القومية الديمقراطية والإنسانية، وتطبيق السياسات والمشاريع العنصرية والإجراءات والتدابير الاستثنائية بحقه.

وإذا كان التقرير قد أشار إلى الظروف الصعبة والحساسة وازدياد حجم التحديات والتهديدات الخارجية، فإن هذا الأمر يضعنا جميعاً ( حكاماً ومحكومين ) أمام مسئولية كبيرة لفهم الواقع السياسي المستجد وقراءته بدقة فائقة على ضوء التطورات والأحداث الجارية، وبما يتوافق مع المصلحة الوطنية، وإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية بشكل يؤدي إلى وحدة وطنية راسخة ومتماسكة، عبر حوار وطني شامل، وإجراء التحولات الديمقراطية، تنطلق من التعددية السياسية والقومية وتهدف إلى بناء ديمقراطية قائمة على مبادئ الحق والقانون وتؤسس لحياة ديمقراطية تنتفي بداخلها جميع أشكال الاستبداد والهيمنة واحتكار السلطة والحياة السياسية، ودون تمييز أو امتياز لأية جهة أو فئة أو حزب …الخ.

فالمرحلة التي نجتازها تقتضي التفاعل الوطني الديمقراطي، من خلال الجماهير وقواها السياسية، بغية زجها في خدمة البلاد وتقدمها وتجنيبها الأخطار، وتهيئة المناخات المناسبة لحل كافة القضايا الوطنية العالقة، بما فيها القضية القومية الكردية في سوريا، وتوفير مستلزمات التنمية الشاملة والازدهار والمعيشة الكريمة، بما يحقق ويصون الحقوق والحريات الأساسية للمكون المجتمعي السوري، وتوفر له الظروف الطبيعية لأداء دوره بفاعلية في حياة البلاد والمجتمع.

أن أبرز الجوانب التي أود أن أطرحها على الهيئة العامة لفرع نقابتنا، وتحتاج إلى العمل والمتابعة من أجل معالجتها وإيجاد الحلول الموضوعية والعاجلة لها، هي:

1- إطلاق الحريات الديمقراطية، حرية التنظيم السياسي والنقابي وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر، وحرية التجمع والاحتجاج، وإصدار قانون عصري للأحزاب والجمعيات، وقانون جديد للمطبوعات.

2- ضمان سيادة القانون وفصل السلطات الثلاث ( التنفيذية، التشريعية، القضائية ) وضمان سلطة القضاء واستقلاليته، وإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية والقوانين والمحاكم الاستثنائية، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي نهائياً، وضمان عودة المنفيين والملاحقين سياسياً، وإنهاء كافة أشكال الاضطهاد القومي والسياسي، وإعادة الحقوق المدنية للمجردين منه وإلغاء اللوائح الأمنية الخاصة بالمنع من السفر خارج سوريا أو الراغبين بالعودة إلى سوريا.

3- وضع حد للارتفاع الجنوني في أسعار المواد والخدمات الأساسية ورفع الأجور والمعاشات وفقاً لارتفاع تكاليف المعيشة ومحاربة الفساد والرشوة والمحسوبية في إدارات الدولة ومؤسساتها ومحاسبة المسيئين والفاسدين في جميع المستويات.

4- إعادة الجنسية السورية للكرد المجردين منها نتيجة الإحصاء الاستثنائي الجائر في محافظة الحسكة عام 1962 والعمل على قبول خريجي كلية الحقوق من هؤلاء المجردين في النقابة.

5- إلغاء السياسات الشوفينية والمشاريع العنصرية المطبقة بحق أبناء الشعب الكردي في سوريا، مثل ( الإحصاء والحزام العربي ) وإلغاء نتائجها وتصحيح آثارها السلبية مع تعويض المتضررين منها، ورفع الحظر عن اللغة والثقافة الكرديتين والاعتراف باللغة الكردية لغة رسمية في البلاد.

6- إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والتعبير في السجون السورية.

7- صياغة دستور عصري للبلاد، يستند على المبادئ الديمقراطية، يؤسس لنظام ديمقراطي برلماني يحقق سيادة القانون وتعزيز مفهوم دولة القانون والمؤسسات المبنية على مبادئ الحرية وحكم الشعب والتداول السلمي للسلطة .

ينتفي بداخله احتكار السلطة أو الهيمنة في العمل السياسي أو أي عمل آخر ، ويحمي الحقوق ، ويضمن المساواة التامة بين كافة الأفراد وكل مكونات المجتمع السوري ، ويقر بالتعددية السياسية والقومية والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي كقومية أساسية وشريك رئيسي للشعب العربي والقوميات الأخرى والإقرار بحقوقه القومية والديمقراطية .

8- صياغة قانون جديد للانتخابات العامة في البلاد، يضمن العدالة والمساواة لكل مكونات المجتمع السوري.

9- تحقيق المساواة بين جميع الزملاء المحامين في الحقوق والواجبات وخاصة بالنسبة لمندوبي الوكالات القضائية ومحامي الشركات والمؤسسات العامة بغض النظر عن الولاء السياسي.

ومن خلال ما ذكرنا أعلاه، نستطيع، فعلياً وعملياً، أن نضع بلادنا على السكة الصحيحة وأن نرتقي بها إلى مصاف الدول القوية والمتطورة وأن نواجه جميع الأخطار والتحديات والتهديدات بإرادة وعزيمة أقوى.

 

3 / 3 / 2008  

وشكراً

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…