الهجوم التركي على اقليم كردستان.. فشل بأمتياز

شلال كدو
من المعروف ان تركيا كانت تستهدف بهجومها الاخير، على اقليم كردستان مكاسب كرد العراق دون غيرها، لان الاقليم الكردي الفتي الذي يعتبر تجربته الديمقراطية رائدة وفريدة من نوعها في المنطقة، رغم ما يشوبها من نواقص و عيوب هنا و هناك، فأنها تقض مضاجع الطورانيين، الذين لا يستطيعون قبول الآ خر ايأ كان سوى العنصر التركي، فتاريخهم مليء بالجرائم و الابادة الجماعية بحق الكثير من الشعوب، ولاسيما الارمن و الكرد و العرب واللاز و غيرهم، التي تتألف منها النسيج العام للمجتمع في تركيا سابقاً ولاحقاً.
 ان اطماع العسكر التركي المريضة في العراق وسوريا واليونان وقبرص وارمينيا، ومصادرته لقرار الحكومات التركية المدنية، جعلت من تركيا ان تتخلف عن العالم المتحضر، ولعل هذه الغطرسة والهمجية تعتبر السبب الرئيس و العقبة الكأداء اما م انضمامها الى الاتحاد الاوربي، رغم مساعي الحكومات المتعاقبة على دفة الحكم في انقرة، التي تصطدم دائماً بعقبة العقلية المتحجرة للمؤسسة العسكرية، التي تقف سداً منيعاً وحائلاً دون تحقيق طموحات البلد، ليصبح جزءاً من القارة البيضاء، وبذلك فأن تركيا لا زالت اسيرة الجونتا الكمالية، المتطفلة على الحروب الداخلية و الخارجية، التي من شأنها ان تطيل من عمرها وامد قبضتها وتسلطها على رقاب الناس والعباد، لذلك فأنها لن تتردد في اختلاق الحجج والاعذار المختلفة، لتشحن الشارع التركي بمشاعر شيوفينة حاقدة وبغيضة ضد هذا وذاك، خاصة ضد الكرد في الداخل وكذلك في اجزاء كردستان الاخرى، وبذلك فأن الخاسر الاكبر في هذه المعادلة هو تركيا دون غيرها، لانها انحرمت نتيجة هذه العقلية من فرص التقدم والتنمية و الازدهار في المدى الطويل، وعلى مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وهناك شبه اجماع بين المراقبين للشأن التركي، بأن حزب العدالة و التنمية الحاكم سوف يتمكن من تقويض دور العسكر في الحياة السياسية مع مرور الزمن، ولجم هذا الدور اكثر فأكثر، نظراً لما يتمتع به الحزب من قاعدة جماهيرية عريضة، وربما تتمكن هذه الحكومة من دفع عجلة التغييرات في تركيا قدماً نحو الامام، من خلال القيام بالمزيد من الاصلاحات الدستورية، بما يضمن بعضاً من الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للكرد هناك، اضافة الى الاعتراف بحكومة اقليم كردستان كأمر واقع لا بد من التعاطي معه بموضوعية وواقيعة، فحكومة الاقليم الكردي موجودة على الارض، ولاتستطيع تركيا الغائها ومحوها من الوجود، مهما كان الامر واياً كانت رغبة الكماليين، وليس بالضرورة ان تجري الرياح بشكل دائم كما تشتهي سفن الطورانية، فبالامس القريب ابان حرب تحرير العراق، دفعت تركيا ثمناً باهظاً نتيجة اخطائها السياسية، التي تبرز دائماً بسبب توجسها المفرط من القضية الكردية، وهذه الحقائق الساطعة تدركها القيادات السياسية بعكس العسكريتاريا، التي تغرس رأسها في الرمال، وتبقي معها البلاد في حالة من التأخر والفقر، الامر الذي ادى بالشارع التركي الى الالتفاف حول نهج حزب العدالة والتنمية، ليخلص البلاد من قبضة العسكر، و بالتالي تحقيق حلم الانضمام الى الاتحاد الاوربي، ووضع حد لغطرسة الجيش.
من هنا فأن العملية الاخيرة للجيش التركي، كانت تدخل في السياقات اعلاه، و مصيرها كان الفشل الذريع كسابقاتها، و لم تحقق اي اهداف عسكرية وسياسية من شأنها ان تعكس على البلاد ايجابا،ً بل كانت ضمن مسلسل سياسات المؤسسة العسكرية الكمالية، وشنت لاسباب وحسابات سياسية داخلية صرفة، لا علاقة لها بتدمير قواعد حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، لان القضية الكردية العادلة في كردستان تركيا، لاتحل بعبور بضعة آلاف جندي تركي الى اراضي اقليم كردستان بين الفينة والاخرى، وهدم قرى السكان الآمنين و تدمير الجسورفي الجانب العراقي من الحدود، بل انها ستحل بالتعاطي معها سياسياً و اقتصادياً، من خلال منح ملايين الكرد حقوقهم، وكذلك تنمية مناطقهم اقتصادياً واجتماعياً.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…