عثرت عليهم.. لأنهم يريدون ذلك!

  باتريك كوكبرن

مقاتلو «حزب العمال الكردستاني» أشخاص غريبو الأطوار.

فمعظم الحركات التمرّدية في العالم تحاول إخفاء وجودها، في حين أن «حزب العمال الكردستاني» هو الحركة الوحيدة من هذا النوع التي أعرفها والتي يمكن رؤيتها عبر قمر صناعي، لأنها نحتت في الصخر صورة كبيرة لزعيمها، ملونة بالأصفر والأسود والأبيض، على جانب تلّة في جبال قنديل شمال سليمانية.
لقد زرت جبال قنديل عقب هجوم «حزب العمال الكردستاني» داخل تركيا الذي أدّى الى مقتل ستة عشر جندياً تركياً، وأسر ثمانية آخرين.

ولم يكن العثور على عناصر الحزب صعباً.

فقد اتجهت من أربيل شرقاً، وبعد ساعتين ونصف الساعة من القيادة وصلت الى قرية سرغسّار خارج رانيا، حيث استأجرت سيارة رباعية الدفع ظنّاً مني أنني لن أستطيع قيادة سيارتي على الطرقات الجبلية الوعرة.

في الواقع لم تكن هناك حاجة الى هذه السيارة بسبب وجود طريق عسكرية قديمة داخل الجبال.

وما أن دخلت الجبال حتى أوقفني حاجز لـ«حزب العمال الكردستاني».

أرسلوني الى قرية تبعد ١٥ كلم، حيث قابلت متحدثاً باسم الحزب.

لقد كتبت عن سهولة العثور على أعضاء «حزب العمال الكردستاني» وتلقّفت الخبر وسائل الإعلام التركية، وسألت كيف يمكن لصحافي بريطاني أن يجد هؤلاء المتمرّدين بسهولة، فيما تعجز حكومة إقليم كردستان العراق عن ذلك؟ لقد عثرت عليهم بالطبع لأنهم أرادوا أن يتم العثور عليهم.

أصبحوا فجأة في خضم أزمة دولية وعشرات الصحافيين كانوا يأتون لرؤيتهم.

كان يجب أن يشكّل ذلك بالنسبة إليهم فرصة كبيرة كي يطلعوا العالم على معاناة الأتراك الأكراد، لكن مطلبهم الأساسي كان الافراج عن عبد الله أوجلان الذي قبضت عليه السلطات التركية في العام ١٩٩٩، أو تحسين ظروف سجنه.

إن شخصية أوجلان حاضرة في أفكار «حزب العمال الكردستاني» وأفعاله بطريقة تتخطّى حتى حضور شخصية صدّام حسين.

وأوجلان مسجون في ظروف أفضل من الظروف التي سجن فيها مئات آلاف الأكراد الذين اعتقلتهم تركيا خلال السنوات الثلاثين الماضية.

ويجب على «حزب العمال الكردستاني» أن يحتجّ على قمع ١٥ مليون كردي في تركيا وليس على ما حصل لأوجلان.


إلتقيت شقيق أوجلان عثمان الذي ترك «حزب العمال الكردستاني» في العام ٢٠٠٤ بعدما خرق قوانين الحزب المتعلّقة بالعلاقات بين المقاتلين الرجال والنساء.

لقد هرب مع امرأة مقاتلة هي الآن زوجته، ويعيش في منزل صغير في خوي سنجك.

لكنه كان حتى العام ٢٠٠٤ أحد قادة «حزب العمال الكردستاني»، وقد أوضح لي نقطة مهمّة وهي أن مقاتلي «حزب العمال الكردستاني» انتقلوا عبر الجبال باتجاه إيران لضمان سلامتهم في حال اجتاحت تركيا شمال العراق.


من المحتمل أن تجتاح تركيا شمال العراق إذا نفّذ «حزب العمال الكردستاني» هجوماً آخر أدّى الى مقتل ٢٠ جندياً تركياً أو أكثر.

لكن الأزمة الأخيرة تؤكد أن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان وحكومته يريدان تجنّب الاجتياح بأي ثمن.

وهم يعرفون أنهم لن يعثروا على مقاتلي «حزب العمال الكردستاني» في الجبال، وأن الاجتياح سيقوّي الجيش التركي في معركته مع الحكومة المدنية للحصول على مزيد من النفوذ داخل البلاد.

أردوغان يربح حتى الساعة صراعه مع الجيش ولا يريد أن يرمي ثمار انتصاراته.
——-

الأسبوعية العراقية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…