بقلم: الدكتور شمدين شمدين
مجاهدون في سبيل إعلاء كلمة الله ، لا يهابون الموت ، بل يطلبونه ، يستصغرون الصعاب ، ويتجاوزون الأنا والمصالح الشخصية في سبيل النيل من رأس الأفعى الذي حلموا بالوصول إلى دياره الحصينة ولكن المحيط ظل حاجزا ربانيا دونه ، واليوم هو في ديار الإسلام يبيح حرماته ويعتدي على مقدساته ، وبقي لسنوات طويلة يمد أعداء الأمة بالسلاح والعتاد ، هنا في ارض الرافدين معركة الإسلام الحقيقية ، وهنا سيلقن المستكبرون الأعداء درسا أصعب وأفظع من كل دروس التاريخ ، أجساد المجاهدين ستلتهم أجسادهم العفنة، وستفتك سياراتنا المفخخة بدباباتهم ومصفحاتهم ، في كل يوم يقدم الأبطال صورا للإباء والإيثار
لم تعد الصواريخ تخيف أحدا ، كل البيوت العربية أصبحت تزغرد لأجسادنا التي تذيب بنيرانها كل الحقد والغل الذي يكنه الغرب للإسلام ، مجاهدون في سبيل الله لا يستهدفون سوى الطغاة والجبابرة الغزاة لأرض الإسلام .
بهذه الصورة الوردية المؤثرة ،صورت قناة الجزيرة القطرية حياة ومسار الشباب العربي الذي اندفع أو دُفع إلى ارض العراق لمحاربة الأمريكان الغزاة ، صورة ناقصة تماما ،ولكنها تفي بالغرض حيث تصور هؤلاء الذين يكفرون كل من يخالفهم الرأي من مسلمين وغير مسلمين ، كمحاربين من اجل الحرية ، هرعوا لنجدة إخوانهم في العراق ونصرة قضيته العادلة ، وكأن خمسا وعشرين مليون عراقي بينهم مليون عسكري نظامي غير قادرين على الدفاع عن ارض العراق ، هذه الأرض التي تناست الجزيرة عن قصد أو دون قصد ، إنها احتلت بحرب أديرت بدقة بالغة من قواعد موجودة في نفس البلد الذي تبث منه الجزيرة ، كما إنها تناست أو نسيت قصدا إن معركة هؤلاء الشباب ، هي في أوطانهم التي ظل حكامها يتلقون والى الآن كل وسائل الدعم في قمع شعوبهم ،من دول الغرب والشرق وليست أمريكا فقط بل حتى فرنسا والصين وروسيا ، والجزيرة بكل براءة تصور المعركة وكأنها معركة دخول الجنة ،وتتناسى المئات من الأبرياء العراقيين الذين يقتلون يوميا في شوارع بغداد من جراء الأجساد والسيارات المفخخة، والتي تنفجر كما يقول القائمون على أمر المسلمين بزر يباركه الله ، وحاشا أن يبارك الله زرا يقتل الأطفال والنساء والشيوخ بالمئات وواحدا أو اثنين فقط من الأمريكان .
إن معركة الأجساد والسيارات المفخخة ، بدأت في لبنان حين اخذ فصيل من اللبنانيين يروج لها بدواعي المقاومة ، والنيل من إسرائيل التي تحتل الأرض وتنتهك العرض ، فهب بعض الشباب العربي المتحمس ليجعل جسده وقودا لهذه السيارات على أمل تحرير الأرض ،ولكن الأرض لم تتحرر إلا عندما أصبحت المقاومة نظامية،تستخدم أساليب حرب العصابات الشيوعية أو الكريلا ، أو ما يسمى بأسلوب اضرب واهرب، ومع كل التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة فإنها لم تستطع القضاء على هذه المقاومة ، ولكن قصة الأجساد المفخخة انتقلت من لبنان إلى فلسطين وتناثرت أشلاء الإسرائيليين جراء العمليات التي أطلق عليها العرب اسم العمليات الفدائية، وظهرت الفتاوى التي شرعت هكذا عمليات ولم يكن المشرعون بعارفين إن الكرة ستصيب في نهاية المطاف عمق مرماهم ، فانتشرت قصص وخلايا التفجيرات الانتحارية في مصر والسعودية والأردن والمغرب وأوروبا واندونيسيا والفلبين وأمريكا كمقدمات لفلسفة ، كان لأمريكا والحكام العرب الدور الأبرز في خلقها ، والحكاية بدأت حتما حين غضت أمريكا ومعها روسيا الطرف عن القمع الذي تلقته الشعوب العربية على أيدي حكامها لعقود طويلة ، ولكن الأخطر من هذا كله هو غضها النظر عن تنشئة هذه الأنظمة لأجيال تؤمن بالانتحار كمفتاح لدخول الجنة، والوصول بهذه الروح إلى الوطن الذي يباح فيه شرب الخمر ونكاح الحور العيون، ومادام الوطن الذي في الأرض لا يوفر لمواطنيه غير الفقر والقمع والتشرد وكتم الأنفاس ،فمن الأجدر بهذه الروح أن تسمو فوق جسدها وتهب هذا الجسد لنار الله الطاهرة حتى تستقر في نهاية المطاف في وطنها الذي هو في السماء .
كم هو صعب بل خطير أن تروج قناة الجزيرة لطفل لم يبلغ العاشرة بعد وهو يتمنى الجهاد أو الموت دفاعا عن ارض الإسلام ، كما علمه والده الذي قضى في عملية انتحارية أو فدائية أو استشهادية في العراق ، فأي مستقبل هذا الذي تروج له قناة ،كنا نرى فيها عند افتتاحها منبرا حرا لصرخات الملايين من المقموعين من الأنظمة العربية والشرقية وحتى من أمريكا ، لا منبرا يروج لمعركة بين الإسلام والصليبيين ، بين المجاهدين والعملاء الكفرة ، بين الأجساد المفخخة وأشلاء الأبرياء من أطفال العراق ، الذين لا ذنب لهم في احتلال العراق ، بل الذنب كل الذنب في أولئك الذين كانوا يقيمون الصفقات بمليارات الدولارات مع أمريكا وروسيا والصين وفرنسا ، بينما كان الشباب العربي يغرق في مياه المحيط في رحلته بل هروبه من البطالة والفقر وقمع الأنظمة حاملا معه حقدا عليها وعلى الغرب الذي ساندها ، واليوم تقوم نفس المليارات بنفس اللعبة القذرة التي يذهب ضحيتها الفقراء والعاطلون عن العمل والشباب التائه وسط دوامة من الفتاوى والتفسيرات ووسائل الإعلام الهادفة كما تروج لنفسها.
إن الأمة وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالعنف ، مطالبة بالتكاتف خلف مثقفيها وعلمائها المعتدلين الذين يؤثرون مصلحة الأمة على مصالحهم الفئوية والطائفية والمذهبية والمادية ، وان الوسطية هي الصفة الأساسية للدين الإسلامي الحنيف الذي كان لوسطيته وتسامحه وتفضيله السلم على العنف ، الدور الأبرز في إقبال الناس في الدخول إلى هذا الدين ، وكل المسلمين يجمعون إن أحدا لم يلاقي ما لاقاه الرسول الأكرم على أيدي المشركين وليس الكافرين ، ولكنه حين دخل إلى مكة فاتحا أمن على كل ساكنيها ولم يعتدي على شجرة أو حيوان فما بالك باهل مدينته حتى وان اختلفوا معه في العقيدة ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وان هذه الأخلاق الحميدة التي أثنى عليها رب العالمين ، لجديرة أن تحتذى بدلا من قتل الناس أو التبرير لهذا القتل كما تفعل بعض الجهات الإعلامية والدعوية.
بهذه الصورة الوردية المؤثرة ،صورت قناة الجزيرة القطرية حياة ومسار الشباب العربي الذي اندفع أو دُفع إلى ارض العراق لمحاربة الأمريكان الغزاة ، صورة ناقصة تماما ،ولكنها تفي بالغرض حيث تصور هؤلاء الذين يكفرون كل من يخالفهم الرأي من مسلمين وغير مسلمين ، كمحاربين من اجل الحرية ، هرعوا لنجدة إخوانهم في العراق ونصرة قضيته العادلة ، وكأن خمسا وعشرين مليون عراقي بينهم مليون عسكري نظامي غير قادرين على الدفاع عن ارض العراق ، هذه الأرض التي تناست الجزيرة عن قصد أو دون قصد ، إنها احتلت بحرب أديرت بدقة بالغة من قواعد موجودة في نفس البلد الذي تبث منه الجزيرة ، كما إنها تناست أو نسيت قصدا إن معركة هؤلاء الشباب ، هي في أوطانهم التي ظل حكامها يتلقون والى الآن كل وسائل الدعم في قمع شعوبهم ،من دول الغرب والشرق وليست أمريكا فقط بل حتى فرنسا والصين وروسيا ، والجزيرة بكل براءة تصور المعركة وكأنها معركة دخول الجنة ،وتتناسى المئات من الأبرياء العراقيين الذين يقتلون يوميا في شوارع بغداد من جراء الأجساد والسيارات المفخخة، والتي تنفجر كما يقول القائمون على أمر المسلمين بزر يباركه الله ، وحاشا أن يبارك الله زرا يقتل الأطفال والنساء والشيوخ بالمئات وواحدا أو اثنين فقط من الأمريكان .
إن معركة الأجساد والسيارات المفخخة ، بدأت في لبنان حين اخذ فصيل من اللبنانيين يروج لها بدواعي المقاومة ، والنيل من إسرائيل التي تحتل الأرض وتنتهك العرض ، فهب بعض الشباب العربي المتحمس ليجعل جسده وقودا لهذه السيارات على أمل تحرير الأرض ،ولكن الأرض لم تتحرر إلا عندما أصبحت المقاومة نظامية،تستخدم أساليب حرب العصابات الشيوعية أو الكريلا ، أو ما يسمى بأسلوب اضرب واهرب، ومع كل التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة فإنها لم تستطع القضاء على هذه المقاومة ، ولكن قصة الأجساد المفخخة انتقلت من لبنان إلى فلسطين وتناثرت أشلاء الإسرائيليين جراء العمليات التي أطلق عليها العرب اسم العمليات الفدائية، وظهرت الفتاوى التي شرعت هكذا عمليات ولم يكن المشرعون بعارفين إن الكرة ستصيب في نهاية المطاف عمق مرماهم ، فانتشرت قصص وخلايا التفجيرات الانتحارية في مصر والسعودية والأردن والمغرب وأوروبا واندونيسيا والفلبين وأمريكا كمقدمات لفلسفة ، كان لأمريكا والحكام العرب الدور الأبرز في خلقها ، والحكاية بدأت حتما حين غضت أمريكا ومعها روسيا الطرف عن القمع الذي تلقته الشعوب العربية على أيدي حكامها لعقود طويلة ، ولكن الأخطر من هذا كله هو غضها النظر عن تنشئة هذه الأنظمة لأجيال تؤمن بالانتحار كمفتاح لدخول الجنة، والوصول بهذه الروح إلى الوطن الذي يباح فيه شرب الخمر ونكاح الحور العيون، ومادام الوطن الذي في الأرض لا يوفر لمواطنيه غير الفقر والقمع والتشرد وكتم الأنفاس ،فمن الأجدر بهذه الروح أن تسمو فوق جسدها وتهب هذا الجسد لنار الله الطاهرة حتى تستقر في نهاية المطاف في وطنها الذي هو في السماء .
كم هو صعب بل خطير أن تروج قناة الجزيرة لطفل لم يبلغ العاشرة بعد وهو يتمنى الجهاد أو الموت دفاعا عن ارض الإسلام ، كما علمه والده الذي قضى في عملية انتحارية أو فدائية أو استشهادية في العراق ، فأي مستقبل هذا الذي تروج له قناة ،كنا نرى فيها عند افتتاحها منبرا حرا لصرخات الملايين من المقموعين من الأنظمة العربية والشرقية وحتى من أمريكا ، لا منبرا يروج لمعركة بين الإسلام والصليبيين ، بين المجاهدين والعملاء الكفرة ، بين الأجساد المفخخة وأشلاء الأبرياء من أطفال العراق ، الذين لا ذنب لهم في احتلال العراق ، بل الذنب كل الذنب في أولئك الذين كانوا يقيمون الصفقات بمليارات الدولارات مع أمريكا وروسيا والصين وفرنسا ، بينما كان الشباب العربي يغرق في مياه المحيط في رحلته بل هروبه من البطالة والفقر وقمع الأنظمة حاملا معه حقدا عليها وعلى الغرب الذي ساندها ، واليوم تقوم نفس المليارات بنفس اللعبة القذرة التي يذهب ضحيتها الفقراء والعاطلون عن العمل والشباب التائه وسط دوامة من الفتاوى والتفسيرات ووسائل الإعلام الهادفة كما تروج لنفسها.
إن الأمة وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالعنف ، مطالبة بالتكاتف خلف مثقفيها وعلمائها المعتدلين الذين يؤثرون مصلحة الأمة على مصالحهم الفئوية والطائفية والمذهبية والمادية ، وان الوسطية هي الصفة الأساسية للدين الإسلامي الحنيف الذي كان لوسطيته وتسامحه وتفضيله السلم على العنف ، الدور الأبرز في إقبال الناس في الدخول إلى هذا الدين ، وكل المسلمين يجمعون إن أحدا لم يلاقي ما لاقاه الرسول الأكرم على أيدي المشركين وليس الكافرين ، ولكنه حين دخل إلى مكة فاتحا أمن على كل ساكنيها ولم يعتدي على شجرة أو حيوان فما بالك باهل مدينته حتى وان اختلفوا معه في العقيدة ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وان هذه الأخلاق الحميدة التي أثنى عليها رب العالمين ، لجديرة أن تحتذى بدلا من قتل الناس أو التبرير لهذا القتل كما تفعل بعض الجهات الإعلامية والدعوية.