نشرة يكيتي *
ثمة ظاهرة باتت تتكرر في سوريا، تتلخص في محاولة النظام المحافظة على الأوضاع الراهنة عن طريق سياسات ظاهرها الإصلاح، وحقيقتها خداع الشعب والالتفاف على إرادته، نحو الدعوة إلى تعددية حزبية شكلية موالية للنظام، والحديث عن تعديلات دستورية تفسح المجال للتعددية السياسية تفرغ التعددية السياسية من محتواها، وبرامج انفتاح مزعومة، وإجراءات محدودة تكرس حكم الحزب الواحد.
أي أن النظام الاستبدادي في سوريا يوظف كل خبرته وقدراته في محاولة لإدامة عملية السيطرة والتحكم.
كما يعود بين الفينة والفينة إلى سياسة التخويف من التغيير، ومن القوى السياسية المعارضة، والعزف على وتر (إما “أنا” أو الفوضى والفلتان)، حتى أنهم ربطوا بين أنفسهم والهوية الوطنية، بل وتعزيز الاستقرار والنهضة الاجتماعية والاقتصادية، تبريراً لتفردهم بالحكم.
أي أن النظام الاستبدادي في سوريا يوظف كل خبرته وقدراته في محاولة لإدامة عملية السيطرة والتحكم.
كما يعود بين الفينة والفينة إلى سياسة التخويف من التغيير، ومن القوى السياسية المعارضة، والعزف على وتر (إما “أنا” أو الفوضى والفلتان)، حتى أنهم ربطوا بين أنفسهم والهوية الوطنية، بل وتعزيز الاستقرار والنهضة الاجتماعية والاقتصادية، تبريراً لتفردهم بالحكم.
ومن أجل الحفاظ على هذه الحالة كان لابد للنظام من توظيف وتزايد لأدوات العنف والترهيب الممثلة في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والبوليسية، كما وحتى العسكرية إذا دعت الحاجة –كما حصل في انتفاضة آذار 2004- لتأمين السيطرة والتفرد وكم الأفواه.
لقد شهدت سوريا نمواً هائلاً في حجم هذه الأجهزة، وتغلغلها في نسيج المجتمع خلال عقود مضت، ولكن لابد لكل هذا الظلم والاستبداد من أن يصل إلى نهايته المحتومة، ولا يمكن للأوضاع أن تستمر على ما هي عليه بدون تغييرات حقيقية قبل الوصول إلى لحظة الانفجار التي لا يتمناها أحد.
كما أن هذه التغييرات، وهذا الحراك السياسي بدأ في التبلور قبل أن تبدأ الضغوط الأجنبية، وسط مناخ عالمي من العنف والتدافع على السيطرة الاقتصادية والثقافية لأن عملية الإصلاح والتغيير ببساطة حاجة داخلية قل أن تكون أجندة خارجية؛ فهي مسالة ملحة، وضعتها المعارضة في صدر أولوياتها، ولم يعد يفيد النظام تصوير مطلب الإصلاح والتغيير السياسي باعتباره مطلباً أجنبياً، واعتبار المنادين به يتورطون في مخطط أجنبي لتقويض الاستقرار.
وليس أمام النظام، إزاء واقع كهذا، سوى الاعتراف بالقوى السياسية، والتنوع القومي، ومشاركة الجميع في السلطة والثروة، وإنهاء حالة التفرد في الحكم، واحتكار السلطة بقوانين عفا عليها الدهر، بدل الاستمرار في سياسة الخداع التي تخدم ذات الفئة الحاكمة وتوجهاتها ولكن بأغلفة جديدة ومسميات أخرى لن تحصد في النهاية سوى الويلات.
كما أنه وسط هذا المناخ العالمي من العنف والتدافع على السيطرة، والذي جعل المنطقة ساحة صراع بين القوى الدولية والإقليمية، وكذلك العنف الإسلامي العابر للحدود، والذي يعتبر القاعدة أنموذجه الرئيسي، هو في المحصلة نتاج حتمي للمناخ العالمي، وهي بلا شك ضغوط للتحول بأنظمة المنطقة من حالة الاستبداد والتفرد إلى حالة من الحكم الديمقراطي.
والديمقراطية هي إحدى محطات الالتقاء بين التحولات الداخلية والتوجهات الدولية.
وفي ضوء ذلك يمكن القول: إن عملية التحول الديمقراطي تقتضي إعادة صوغ القيم السائدة، وتغيير أنماط السلوك من خلال مجموعة كبرى من التحولات،وتعني من جملة ما تعني، المشاركة في صنع القرار.
ولكن بدل أن يشرع النظام في سوريا جدياً في عملية الإصلاح والتغيير والتحول الديمقراطي، وذلك بأن ترفع حالة الطوارئ، وتعزز دولة القانون واستقلال القضاء، وتعديل قوانين الانتخابات والأحزاب، وتعزز سلطة البرلمان في مقابل السلطة التنفيذية، وترويج التنمية الاجتماعية والاقتصادية كأساس لتسهيل العملية الانتقالية، من أجل تمتين الجبهة الداخلية، إزاء كل ما ذكرنا آنفاً، يستمر النظام في الاعتماد على قاعدة دعم ضيقة مستخدماً التهديدات الخارجية حجة لتبرير سياسة القمع والإلغاء، والقفز فوق الاستحقاقات المرحلية الملحة، فالنظام ليس على عتبة أي تحول ديمقراطي، وليس في وارد تفكيره أي إصلاح حقيقي ولا أي انفتاح على الآخر، لأن آلة القمع لديه تطحن من جديد، ولقد بدا ذلك جلياً في قمع تظاهرة (يكيتي واليساري و”تيار المستقبل”) أمام محكمة أمن الدولة العليا بدمشق يوم 16/12/2007 وقبلها في الاعتقال الجائر بعض قيادات “إعلان دمشق” وقبلها أيضاً في قمع تظاهرة 2/11/2007 وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين العزّل، مما أدى إلى استشهاد أحدهم وجرح آخرين.
وأمام هذه الممانعة العنيفة من النظام والتمترس خلف الشعارات وعدم الاحتكام إلى الواقع والمنطق، حري بنا أن نتذكر القول المأثور «إن الثورات تبدو مستحيلة قبل وقوعها، ولكنها حتمية بعد وقوعها»؟!.
——-
* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا – العدد (152) كانون الأول 2007م
لقد شهدت سوريا نمواً هائلاً في حجم هذه الأجهزة، وتغلغلها في نسيج المجتمع خلال عقود مضت، ولكن لابد لكل هذا الظلم والاستبداد من أن يصل إلى نهايته المحتومة، ولا يمكن للأوضاع أن تستمر على ما هي عليه بدون تغييرات حقيقية قبل الوصول إلى لحظة الانفجار التي لا يتمناها أحد.
كما أن هذه التغييرات، وهذا الحراك السياسي بدأ في التبلور قبل أن تبدأ الضغوط الأجنبية، وسط مناخ عالمي من العنف والتدافع على السيطرة الاقتصادية والثقافية لأن عملية الإصلاح والتغيير ببساطة حاجة داخلية قل أن تكون أجندة خارجية؛ فهي مسالة ملحة، وضعتها المعارضة في صدر أولوياتها، ولم يعد يفيد النظام تصوير مطلب الإصلاح والتغيير السياسي باعتباره مطلباً أجنبياً، واعتبار المنادين به يتورطون في مخطط أجنبي لتقويض الاستقرار.
وليس أمام النظام، إزاء واقع كهذا، سوى الاعتراف بالقوى السياسية، والتنوع القومي، ومشاركة الجميع في السلطة والثروة، وإنهاء حالة التفرد في الحكم، واحتكار السلطة بقوانين عفا عليها الدهر، بدل الاستمرار في سياسة الخداع التي تخدم ذات الفئة الحاكمة وتوجهاتها ولكن بأغلفة جديدة ومسميات أخرى لن تحصد في النهاية سوى الويلات.
كما أنه وسط هذا المناخ العالمي من العنف والتدافع على السيطرة، والذي جعل المنطقة ساحة صراع بين القوى الدولية والإقليمية، وكذلك العنف الإسلامي العابر للحدود، والذي يعتبر القاعدة أنموذجه الرئيسي، هو في المحصلة نتاج حتمي للمناخ العالمي، وهي بلا شك ضغوط للتحول بأنظمة المنطقة من حالة الاستبداد والتفرد إلى حالة من الحكم الديمقراطي.
والديمقراطية هي إحدى محطات الالتقاء بين التحولات الداخلية والتوجهات الدولية.
وفي ضوء ذلك يمكن القول: إن عملية التحول الديمقراطي تقتضي إعادة صوغ القيم السائدة، وتغيير أنماط السلوك من خلال مجموعة كبرى من التحولات،وتعني من جملة ما تعني، المشاركة في صنع القرار.
ولكن بدل أن يشرع النظام في سوريا جدياً في عملية الإصلاح والتغيير والتحول الديمقراطي، وذلك بأن ترفع حالة الطوارئ، وتعزز دولة القانون واستقلال القضاء، وتعديل قوانين الانتخابات والأحزاب، وتعزز سلطة البرلمان في مقابل السلطة التنفيذية، وترويج التنمية الاجتماعية والاقتصادية كأساس لتسهيل العملية الانتقالية، من أجل تمتين الجبهة الداخلية، إزاء كل ما ذكرنا آنفاً، يستمر النظام في الاعتماد على قاعدة دعم ضيقة مستخدماً التهديدات الخارجية حجة لتبرير سياسة القمع والإلغاء، والقفز فوق الاستحقاقات المرحلية الملحة، فالنظام ليس على عتبة أي تحول ديمقراطي، وليس في وارد تفكيره أي إصلاح حقيقي ولا أي انفتاح على الآخر، لأن آلة القمع لديه تطحن من جديد، ولقد بدا ذلك جلياً في قمع تظاهرة (يكيتي واليساري و”تيار المستقبل”) أمام محكمة أمن الدولة العليا بدمشق يوم 16/12/2007 وقبلها في الاعتقال الجائر بعض قيادات “إعلان دمشق” وقبلها أيضاً في قمع تظاهرة 2/11/2007 وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين العزّل، مما أدى إلى استشهاد أحدهم وجرح آخرين.
وأمام هذه الممانعة العنيفة من النظام والتمترس خلف الشعارات وعدم الاحتكام إلى الواقع والمنطق، حري بنا أن نتذكر القول المأثور «إن الثورات تبدو مستحيلة قبل وقوعها، ولكنها حتمية بعد وقوعها»؟!.
——-
* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا – العدد (152) كانون الأول 2007م