هل من جديد يحمله لنا العام الجديد ؟!

صوت الأكراد *

ودع العالم عاماً آخراً من حياته واستقبل عامه الجديد ، ومع إطلالة كل عام جديد تتوجه الأنظار بتفاؤل نحو أن يحمل العام الجديد تباشير مستقبل مشرق، خالٍ من المآسي والمحن على طريق بناء مجتمع تسوده العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان .

والشعوب المتحضرة والمتطورة تستقبل عامها الجديد بالسعي الجاد إلى تحقيق المزيد من الازدهار والرفاهية، والمزيد من حرية التعبير والرأي بغية إزالة كل ما يعترض تطورها وما يحد من حريتها، من خلال وضع خطط وبرامج مستقبلية لمعالجة القضايا والمشاكل العالقة بالأساليب الديمقراطية والحضارية ، وبذلك تتمكن من تحقيق إنجازات هامة تفتح أمامها آفاق رحبة لبلوغ حياة سعيدة وعيش كريم.

 

ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا أن الشعب السوري يستقبل عامه الجديد وهو مستاء وغير متفائل من تحقيق نجاحات على طريق التطور الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي، لأن السنوات السابقة أظهرت جلياً عدم إمكانية تحقيق نجاحات تسمو إلى مستوى الطموح في ظل الأوضاع السياسية السائدة ، بسبب السياسات الظالمة والخاطئة التي تنتهجها الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن ، تتجلى ذلك في بقاء البلاد تحت وطأة الأحكام العرفية التي تحد من التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ..

وكذلك تحد من إشاعة الحياة الديمقراطية، ومن حرية الرأي والتعبير، فسجون البلاد مليئة بالمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي دون تقديمهم لمحاكم عادلة إضافة إلى انتهاك حقوق الإنسان وملاحقة النشطاء السياسيين والمثقفين المتنورين الذين يطالبون بتوحيد جهود المخلصين من أبناء هذا الوطن وصولاً إلى بناء نظام وطني ديمقراطي قادر على حل كافة القضايا والمشاكل العالقة بما فيها القضية الكردية، ناهيك عن عدم وجود قانون عصري لتنظيم الأحزاب السياسية والنقابات المهنية، وبقاء المئات من ذوي الكفاءات العلمية دون عمل أو وظيفة، ووجود الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل، الذين يزداد عددهم بالتقادم مما يؤدي ذلك إلى جنوح البعض منهم إلى ممارسة أعمال تخل بقيم مجتمعنا السوري، كالسرقة وارتكاب الجرائم… في حين تبقى السلطة عاجزة عن تأمين العمل لهؤلاء ولو برواتب متدنية بغية إلهائهم بعملهم أو وظائفهم، زد على ذلك الغلاء الفاحش الذي يزيد من الاحتقان في الشارع السوري جراء زيادة أسعار السلع الضرورية لحياة ومعيشة المواطنين ، دون أن يرافق ذلك أية زيادة في الأجور والرواتب بما تتناسب مع زيادة الأسعار، وخاصة في الربع الأخير من العام المنصرم ، أما الفساد الإداري المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها من رشوة وتسيب ومحسوبية ونهب أموال الدولة وقت الشعب ، أدى إلى تدني مستوى المعيشة وازدياد حالة الفقر ونزوح أعداد هائلة من هؤلاء الفقراء إلى كبريات المدن السورية بحثاً عن تأمين لقمة العيش لأفراد أسرهم.
أما على صعيد الشعب الكردي وقضيته القومية العادلة، فقد تميز العام المنصرم بتحقيق تواصل وتفاهم بين الحركة الوطنية الكردية وبين قوى إعلان دمشق التي أقرت بإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا والدفاع عن معاناة المواطنين الكرد ، تجلى ذلك في الاعتصامات والتجمعات والنشاطات المشتركة التي قامت بها في مناسبة أحداث الثاني عشر من آذار المؤلمة ، وكذلك في مناسبة الإحصاء الاستثنائي الجائر في العام المنصرم ، وإصدار بيانات تطالب بإيجاد حل للقضية الكردية حلاً ديمقراطياً عادلاً ، وحل مشكلة المواطنين الكرد المجردين من جنسيتهم السورية ، وطالبت فيها أيضاً بالكف عن اتباع السياسة الشوفينية والتمييزية بحق أبناء الشعب الكردي ، بالضد من السياسة الشوفينية التي تتبعها السلطة حيال الشعب الكردي وحقوقه القومية والديمقراطية العادلة ، وتتمثل هذه السياسة في التنكر التام لوجوده كشعب يعيش على أرضه التاريخية ، فضلاً عن السياسات العنصرية المطبقة بحق هذا الشعب الذي لم يختلف يوماً عن أداء واجباته الوطنية في كافة المجالات سواء في الدفاع عن بلده سوريا أو حماية المكتسبات الوطنية التي تحققت أو أدائه في أعماله ووظائفه، ورغم وجود إجماع وطني من كافة مكونات الشعب السوري على مختلف انتماءاته السياسية والقومية، ورغم الوعود المتكررة التي أطلقها أصحاب القرار في السلطة لحل مشكلة الإحصاء وإعادة الجنسية إلى المواطنين الكرد المجردين منها ، كان آخرها في الخطاب الذي ألقاه السيد رئيس الجمهورية ، عندما أعلن فيه أنه سيتم وضع حل واقعي لمشكلة المجردين من جنسيتهم ، أعقب ذلك تصفيق حاد تحت قبة البرلمان من كافة البرلمانيين ، أن دل ذلك على شيء إنما يدل على وجود اتفاق وطني عام لحل هذه المشكلة ، ورغم ذلك فأن السلطة لا تزال تصم آذانها وتغض النظر عن إيجاد حلها جلاً ديمقراطياً عادلاً ينهي معاناة حوالي ربع مليون نسمة من المواطنين الكرد ، ويعيد البسمة إلى وجوه أطفالهم ، بعد أكثر من /45/ عاماً من المعاناة الصعبة والمؤلمة.
وعلى صعيد الحركة الوطنية الكردية فقد خطت الأطر الثلاثة (التحالف الديمقراطي الكردي – الجبهة الديمقراطية الكردية – لجنة التنسيق الكردية) خطوات إيجابية على طريق الوصول إلى وضع صيغة نهائية للرؤية المشتركة لتكون مشروعاً قابلاً للمناقشة في المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ، ولدى البحث عن تشكيل لجنة تحضيرية لوضع الترتيبات والأسس اللازمة لعقد المؤتمر المنشود وتشكيل المرجعية المردية من خلاله ، دخلت الحوارات من جديد – وللأسف – في عنق الزجاجة .
وفي هذه المناسبة السعيدة ، فإننا في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) ندعو إلى ضرورة عقد اجتماع عام لكافة أحزاب الأطر الثلاثة ، لإخراج الحوارات من النفق ، والسعي بجدية إلى إزالة كل العقبات بروح عالٍ من المسؤولية التاريخية ، للتوصل إلى توافقات وصيغ وقرارات تخدم مصلحة شعبنا وقضيته العادلة ، والبدء بتشكيل لجنة تحضيرية مهمتها ، الاتصال مع الأحزاب الأخرى خارج هذه الأطر، والبت في موضوع نشر مشروع الرؤية في وقت مناسب ، والإسراع في وضع الترتيبات والأسس اللازمة لعقد المؤتمر المنشود، بغية التوصل إلى تشكيل مرجعية كردية تمتلك حق التمثيل والقرار السياسي الكردي في سوريا.
ختاماً ، نأمل أن يحمل العام الجديد لشعبنا السوري عامة التقدم والازدهار ، ولشعبنا الكردي في سوريا تأمين حقوقه القومية والديمقراطية ، وللبشرية جمعاء السلام والمحبة والوئام، وللمعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي بما فيهم معتقلي شعبنا الكردي الإفراج العاجل.
وكل عام والجميع بألف خير
————-
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العـدد (398) كانون الأول 2007م ـ 2619ك

* لقراءة مواد العدد انقر هنا    denge_kurd.398

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…