اغتيال بنازير بوتو ضربة مؤلمة للديمقراطية في باكستان

سلمان بارودو

بنازير بوتو، تلك الشخصية السياسية الكاريزمية التي تنحدر من عائلة ارستقراطية عريقة في باكستان، ظهرت كزعيمة سياسية في باكستان بعد إعدام والدها ذو الفقار علي بوتو رئيس حكومة باكستان في السبعينات، تأثرت بنازير بالحياة الغربية التي عاشت فيها سنوات طويلة من عمرها خلال دراستها العلوم السياسية والاقتصاد في جامعتي هارفارد وأكسفورد، وبوالدها ذو الفقار علي بوتو الذي شغل مناصب سياسية كثيرة ومهمة كرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة في باكستان قبل إعدامه على يد الجنرال الأصولي ضياء الحق عام 1979م.
 بنازير بوتو هي أوّل امرأة تتولى رئاسة الحكومة في دولة مسلمة سنة 1988م، وهي كانت داعية من دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية في باكستان، حيث خاضت حملتها الانتخابية بشجاعة ضد التيارات العنصرية في بلادها، وكانت تؤمن وتشجع دور المؤسسات المدنية في المجتمع الباكستاني، وهي كانت سياسية معتدلة ومقبولة في باكستان، وظلت أكثر الأصوات الباكستانية المؤثرة التي تعبر عن الليبرالية والتسامح والتغيير، وكانت من مؤيدي تحالف برويز مشرف مع الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب على الإرهاب والتطرف، وكانت مصممة على أحداث تغيير فعلي في باكستان لكن الأيادي الملطخة بالدماء منعتها من تحقيق برنامجها السلمي الديمقراطي في البلاد، لأن هكذا برنامج مرفوض ومضاد للأصوليين والمتطرفين فهم يرون فيه نهاية لمستقبلهم وأفكارهم الظلامية.

تعرضت بنازير بوتو لمحاولة اغتيال إثر عودتها من المنفى في شهر اكتوبر عام 2007م في هجوم أوقع 139 قتيلاً.
رحلت المناضلة الحديدية بنازير بوتو إلى جوار والدها ذو الفقار علي بوتو ووالدتها الكردية الأصل ( نصرت اصفهاني ) في مقبرة العائلة في إقليم السند، وبذلك خلفت ورائها إرثا نضالياً وثقافة إنسانية ديمقراطية للشعب الباكستاني عموماً، وعلى حزبها مؤيديها وحلفائها إكمال مشروعها السلمي الديمقراطي، والاستمرار في النضال من أجل تحقيق أهدافها التي آمن بها وناضل من أجلها.

كما ويجب طمأنة محبي الحرية والسلام بعد أن استراح جسد المناضلة بنازير بوتو من المشوار الشاق والطويل بأن حزبها سيكمل المشوار وسيبذل كل ما في وسعه من أجل تقدم وازدهار باكستان.
 ولكن جاءت اغتيال هذه المناضلة الشجاعة بتاريخ 27/12/2007 إثر مهرجان انتخابي في مدينة روالبندي تحذير من أن الطريق إلى الحرية والديمقراطية التي حلمت بإقامتها في باكستان لن يكون سهلا، وشكل هذا الاغتيال انتصاراً لقوى الإرهاب والتطرف، وضربة مؤلمة لمسألة الديمقراطية في باكستان، حيث شاركت عشرات الآلاف في تشييع جنازة المناضلة بنازير بوتو في مسقط رأسها في لاركانا بأقليم السند.
رحمة الله على الشهيدة بنازير بوتو التي اغتالتها يد الغدر وهي تدافع عن مبادئ الديمقراطية والحرية وقيم الوفاء والإخلاص، لكن هذا الاغتيال ستبقى وصمة عار في جبين الإرهاب والإرهابيين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…