الحركة الكردية و بعدها عن الشفافية

 زانستي جومي

لقد أصبح اليوم من سمات العصر و أحد أركان التعامل و التفاهم بين القارات و الدول و حتى الأحزاب و الجمعيات ألا و هو الشفافية في التعامل و عدم الخوف أو التحايل على الحقائق المكشوفة للجميع كأن تقول: إن العالم خال من أسلحة التدمير الشامل أو ليس هناك تعذيب في سجن غونتونامو و خاصة في عصرنا هذا.؟ وفي هذه الأيام بالذات أصبح فيها العالم قرية صغيرة من خلال التطور التكنولوجي الهائل من انترنيت و الخلويات والتلفاز بحيث يستطيع الإنسان وهو جالس في بيته التحكم أو الاستماع إلى ما يجري وما يحدث في العالم.
لكن و للأسف ما يجري و يحدث داخل أروقة الحركة الكردية في سورية غريب و عجيب بكل ما يعنيه الكلمة فكل متبع لوضع الحركة الكردية من لقاءت و مقابلات يعرف ما هو الغريب و العجيب…..؟ إن مشرع المؤتمر الوطني الكردي في سورية (مرجعية كردية) الذي اقترحه حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية (يكيتي) قبل أكثر من أربعة أعوام وفي أحد اجتماعاته الموسعة ثم بعد ذلك أصبح شعارا لحزب الوحدة و بدء بالعمل من أجله من خلال طرح تلك الفكرة (مشروع) على الحركة الكردية و أيضا كان هناك اقتراح آخر و هو المؤتمر الوطني السوري بعربه و أكراده و اشو ريه ولكن ما زال لا أحد يعرف مصير ذاك المشروع الكردي (مرجعية) الفضفاض برأي أكثر من فئة أو حزب كردي في سورية و الدليل على ذلك لم يتمكن حتى الآن أن يرى النور ويخرج ذلك المشروع من بين الجدران المتعفنة إلى الشارع الكردي أي رأي الشعب الكردي و التحكم إلى لغة (الشارع).

لأن لا أحد يعرف من الشارع و حتى القواعد الحزبية في جميع أطراف الحركة الكردية ما هي أوجه الخلاف و النقاط المشتركة بين الأطراف المتصارعة داخل و خارج تلك الأحزاب و كأن هذا المشروع هو ملك خاص بالقيادات الكردية من رؤساء و أمناء عامين دون غيرهم و سيبقون في مناصبهم إلى آبد الآبدين و سيخلدون حتى حل القضية الكردية في سورية.؟ من الغريب أيضا معظم القيادات الكردية وبين الجدران و أحيانا في العلن يقولون: بأن رؤساء الشرق الأوسط و بشكل عام يتمسكون بالقيادة حتى مماتهم و لا يتخلون عنها إلا إذا أتم الله أمانته أو إذا اغتيل على أيدي أحد الإرهابيين و بنفس الوقت ينسون أنفسهم لان يدّعون بالديمقراطية والشفافية والعصرنة والمدنية وهم متحررون من أفكار قيادة الحزب الواحد و الرجل الواحد والفكر الواحد…….
 بما أننا من أبناء هذا الشرق العظيم فهذا ليس بالأمر الغريب و طبيعي أن نفكر هكذا و نربي و نتربى على هذه الأفكار التي تؤثر فينا يوما بعد يوم و لكن الغريب في ذلك أن ندّعي التحرر و الديمقراطية و الأغرب من ذلك هو ما يدور في الكواليس بشأن الحوارات التي تدور حول مشروع المؤتمر الوطني الكردي في سورية و كما أسلفنا سابقا لا أحد يعرف ما هي المعوقات لإتمام أو حتى إقلاع المشروع و لكل طرف مبرراته الغير المقنعة و التي تبرر و تبرهن لقواعده بأنه أكثر حرصا على مصلحة الشعب الكردي من أي طرف آخر؟ و في أمسية التقيت بأحد قيادي حزب الوحدة (يكيتي) وسألته لماذا لا تنشرون نقاط الخلاف و المتفق عليه بينكم و بين الحركة الكردية حول المؤتمر الوطني على القواعد الحزبية أو بالا حرى على الشارع الكردي لان في نهاية المطاف هو الحكم وليس بعض قيادي الحركة فقط هم من يهمهم الأمر إن طال هكذا مشروع.

فأجابني صديقي و بكل شفافية إن بقية الأطراف غير راضين عن نشر هكذا نقاط على القواعد نحن من جهتنا ليس لدينا مانع من نشر (جدول عمل) على الجميع أو حتى مستوى اللجان المنطقية لكي يساهموا في إتمامه و معرفة الحقيقة..؟ بعد فترة طرحت نفس السؤال إلى أحد قيادي حزب الديمقراطي الكردي في سورية (البارتي) و أيضا حزب التقدمي فكان ردهم أيضا بأن بقية الأطراف هم غير راضين عن نشر الحقائق إلى القواعد الحزبية قد تضر بمستقبل الحركة الكردية.
 فأين الحركة الكردية في سورية من الشفافية وعصر التكنولوجية و السرعة من هكذا مواقف بل أخلاقيات ومن هو الأصح إن لم نرى شياء بأعيننا ….؟ هل فعلا هكذا تعامل و إهمال للقواعد الحزبية و الأهم من ذلك التعامل على أساس غباء الشارع الكردي و عدم الرد على مطالبهم و مشاعرهم يخدم القضية الكردية و هل فعلا يجب أن ينحصر اللقاءات و التعهدات بين رموز الحركة, أم يجب مشاركة أوسع طبقة من الشارع الكردي بما أنه مشروع يخدم مستقبل القضية الكردية؟.

ولا يخفى عليكم طبيعة كل شخص من أشخاص القيادة الكردية و تاريخه النضالي و من أين و كيف أتى و وصل إلى قيادة الهرم التنظيمي ؟ فإذا كان بكتمان أسرار اللقاءات بين مختلف شرائح الطبقات السياسية وغيرها يخدم القضايا أكثر من الإعلان عنها فكيف بالدول و الأحزاب و الوزراء عندما يلتقون و بعد نهاية مناقشاتهم يعلنون للجميع بالمؤتمرات الصحفية و البيانات و التصريحات عن ما توصل إليهم و حتى إن لم يتفقوا.

و في كثير من الدول الديمقراطية يلجئون إلى الاستفتاءات الشعبية لمشاركة الشعب في اتخاذ ما هو أنسب و ما يخدم بلدهم في المسائل المصيرية و لكن أنتم تعلمون و أيضا أعرف ذلك في ظل قانون الطوارئ و الأحكام العرفية لا يمكن أن نلجئ إلى هكذا أسلوب ديمقراطي و لكن يجب أن نعرف و نعّرف الحقيقة للجميع وأن تكون القيادة الكردية أقرب إلى الشفافية و المصارحة مع قواعدها وشعبها لكي تساعدها في إيجاد الحلول لإتمام المرجعية الكردية فنحن بأمس الحاجة إليها في ظل التغيرات الراهنة.

إن عمل و نضال الحركة الكردية في سورية ليس بعمل مخابراتي و مؤامراتي فخطاب الحركة بمجمله خطاب علني وشفاف يسلك نضالا ديمقراطيا بعيدا عن العنف و شق وحدة البلاد سبيلا لحل القضية الكردية حلا ديمقراطيا عادلا بما يخدم مع مصلحة الشعبين في البلاد0فكيف الحال بين أطراف الحركة الكردية من جهة والشعب والقواعد الحزبية من جهة أخرى.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…