عبدالله كدو
مفاوضاته مع pyd:
المجلس الوطني الكردي في سوريا، هو الطرف الأكثر اندفاعاً لتحقيق إدارة تشاركية للمنطقة التي تضم الكرد وشركاءهم، من مختلف المكونات القومية والدينية، عبر إنجاح التفاوض مع الاتحاد الديمقراطي pyd الذي يسيطر عليها، التفاوض الذي من أهدافه، المنصوص عليها، الاحتكام إلى صناديق الاِقتراع، لتحقيق إدارة ديمقراطية للمنطقة.
فمعروف أن المجلس يتمتع بامتداد جماهيري واسع في الشارع الكردي المؤيد لنهجه العلماني المعتدل، ونضاله الوطني السلمي الذي يمتد لنحو سبعة عقود.
علماً أن الشارع الكردي السوري المطلع – جيداً – على السيرة الذاتية ل pyd، وخاصة في مجال التحالفات مع الأحزاب الكردية السورية، ولديه، أي الشارع الكردي، توقعاته المشوبة بالقلق والريبة إزاء احتمال نجاح تلك المفاوضات، حيث يحتفظ في ذاكرته فشل ثلاثة اتفاقات حول الشراكة، هولير 1 وهولير 2 ودهوك، تحت رعاية الرئيس مسعود بارزاني.
جدير بالذكر أن المتابعين الكرد يدركون أن pyd يتحمل مسؤولية إفشال تلك الاتفاقات، حيث كان أحدهم، على سبيل المثال لا الحصر، رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي المرحوم “عبدالحميد درويش” الذي صرح بذلك – آنذاك – على فضائية روناهي الموالية ل pyd.
لكن، رغم تلك الخيبات، لا بد من التذكير بأن التفاوض المنشود يمكن أن ينجح إن استطاع pyd، تحقيق الالتزام المبدئي بمرتكزات الحوار التي تم التوافق عليها بين المتفاوضين سابقا، وليس التزام مرحلي نفعي للاستفادة الآنية من الغطاء السياسي، الإقليمي والدولي، للمجلس الوطني الكردي العضو في المعارضة الرسمية، في هذه الفترة الحرجة التي يرى فيها “الاتحاد الديمقراطي” نفسه غير محمي بعلاقاته الإقليمية والدولية المزعومة، لدرجة الطمأنة، و يرى نفسه مرغماً على التراجع عن اجراء الانتخابات البلدية – مرة أخرى- التي كان يرى في تحقيقها اختراقا نحو انتزاع شرعية شعبية ثم دولية، ذلك بعيون أنصاره على الأقل، إضافة لتجاربه المرّة في عفرين وسري كانييه/رأس العين وتل ابيض.
فنجاح التفاوض يستدعي من pyd الالتزام المبدئي بمرتكزات التفاوض، هذه المرة، وتبنيها بنفس درجة التزام وتبني المجلس الوطني الكردي، تلكم المرتكزات المتمثلة بقبول الشراكة الحقيقة الندّية، في المجالات الإدارية والمالية والعسكرية وغيرها، إضافة إلى القبول بفك ارتباطه بحزب العمال الكردستاني pkk والاِنطلاق من أرضية وطنية سورية بدون لبس أو غموض، وإخراج العناصر غير السورية من المنطقة، وإطلاق سراح المعتقلين من أنصار المجلس، من أصحاب الرأي، ووقف انتهاكات مسلحيه في مجال حقوق الإنسان، وأولها خطف الأطفال وتجنيدهم، ذلك لتحقيق الشراكة الناجحة بين الطرفين والانتقال إلى المرحلة الأخرى من التفاوض مع بقية الشركاء في المنطقة بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية وغيرها.
علماً أن هناك صعوبات أخرى تعترض سبيل التفاوض، فإذا كان pyd، يجيز لنفسه فرض سلطته على المناطق العربية، قبل إجراء الحوار مع الممثلين الحقيقيين للمكون العربي فيها، خاصة في القسم الذي يشتمل على محافظتي دير الزور والرقة ، فإن المجلس الكردي يرفض أي تدخل في شؤون تلك المناطق، انسجاما مع الشعار الذي رفعته كل الأحزاب الوطنية الكردية بدءا من الحزب الكردي الأول، “تمتين أواصر الأخوة العربية الكردية”، ذلك بغض النظر عن التزام ممثلي المكون العربي بذلك الشعار الاستراتيجي.
تطوير أحزابه:
أياً كانت الأوضاع الراهنة والظروف السائدة ، فقد حان الوقت لتطوير الأدوات النضالية المتمثلة بأحزاب المجلس الوطني الكردي ، سواء من حيث عَدد الأعضاء أم سوية النشاط و حجم الانتشار، ربما تكون الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي العمل الجاد على توحيد الأحزاب المتشابهة سياسياً، حيث مرّت 13 سنة على التحالف والشراكة بين تلك الأحزاب تحت خيمة المجلس، ذلك لتحقيق تمثيل أوسع لمختلف الشرائح، خاصة من أصحاب المؤهلات السياسية والقانونية والإعلامية واللغوية وغيرها، بما يحقق تمثيلاً غنياً بالعناصر الشابة ومشاركة أقوى للمرأة.
الارتقاء بإعلامه :
في ظل عدم توافر الفضائيات والصحف اليومية أو الأسبوعية والمواقع الالكترونية باللغات الكردية والعربية والانكليزية، على الأقل، لدى المجلس الوطني الكردي ذلك لأسباب كثيرة، لا مجال لسردها في هذه العجالة، مقابل إمبراطوريات إعلامية متربصة بالنهج الوطني المعتدل للحركة الوطنية الكردية السورية، ومنها المجلس الوطني الكردي الممثل في هيئة التفاوض السورية المعترف بها دولياً.
ضمن هذه الظروف وفي ظل ضعف الموارد اللازمة للارتقاء بإعلام المجلس الكردي لإيصال خطابه السياسي إلى حامله القومي الكردي والوطني السوري بشكل مناسب، مطلوب من مسؤولي، أوقياديي، أحزاب المجلس ومكوناته الأخرى، من الروابط الشبابية والمرأة والمستقلين …إلخ، أن يعوضوا عن ذلك الضعف، ما أمكن، بالشرح والتحليل في مقالاتهم ولقاءاتهم الفيزيائية والافتراضية، وأن يتخذوا من صفحاتهم الشخصية – على النت – منتديات للتحاور مع الكرد وغيرهم من السوريين، ممن ينشدون الانتقال إلى سوريا الديمقراطية التعددية التي تتسع لجميع بناتها وأبنائها، من عرب وكرد وتركمان والسريان الآشوريين والشيشان والأرمن ومن مسلمين ومسيحيين وإيزيديين وغيرهم.