حاروه: عمر كوجري
قال الدكتور صلاح درويش سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا في حوار خاص مع صحيفة «كوردستان» وحول سؤال عن لقاء حزبهم مع الرئيس مسعود بارزاني: قمنا بشرح رؤيتنا كحزب لآخر المستجدات على الساحة السورية والتطوُّرات السياسية على الساحة الكردية وواقع الحركة السياسية الكردية، وحالة التشرذم التي تعيشها، والحلول الممكنة لتجنب شعبنا الكوارث والويلات، حيث أعرب جناب الرئيس البارزاني عن تضامنه ووقوفه الدائم مع مطالب الكرد السوريين أياً تكن تلك المطالب واستعداده لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية الكردية ودعمه لأي حوار كردي كردي.
وفي سؤال عن حالة الانشقاقات وتفريخ الأحزاب الكردية في غرب كوردستان، عبر السيد درويش عن استيائه بالقول:
هذه الحالة غير صحية وغير مقبولة، تجاوز عدد الأحزاب الكردية مئة حزب، جزء من المسؤولية تتحملها الأحزاب الرئيسية في ظل حالة اللا استقرار والفوضى التي تعيشها البلد وعدم وجود قانون ومعايير ينظم عمل الأحزاب.
أما فيما يخض شأن المجلس الوطني الكردي في سوريا، فقد أكد درويش أنه وبعد مرور 13 سنة على تأسيس المجلس نعتقد أن المجلس بحاجة إلى مراجعة نقدية لمسيرته السياسية، فقد حصلت الكثير من المتغيرات السياسية في المنطقة، بالإضافة الى ضرورة إعادة هيكلية المجلس وتفعيله، بالنسبة للانضمام لا نفكر حالياً بالانضمام، ولا أظن أن الوقت مناسب مع حرصنا الدائم على تطوير العلاقات مع المجلس الوطني الكردي في سوريا.
فيما يلي نص الحوار كاملاً:
الرئيس البارزاني أعرب عن تضامنه مع مطالب الكرد السوريين
*لنبدأ سؤالنا الأول حول اجتماع حزبكم الديمقراطي التقدمي مع سيادة الرئيس مسعود بارزاني في الرابع عشر من حزيران الماضي في هولير عاصمة كوردستان. لو تضعون قراء صحيفتنا في صورة اللقاء.
**كانت مصادفة سعيدة أن يتزامن لقاؤنا مع جناب الرئيس مسعود البارزاني في ذات اليوم الذي تأسس فيه حزبنا الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا. قمنا بشرح رؤيتنا كحزب لآخر المستجدات على الساحة السورية والتطوُّرات السياسية على الساحة الكردية وواقع الحركة السياسية الكردية، وحالة التشرذم التي تعيشها، والحلول الممكنة لتجنب شعبنا الكوارث والويلات، حيث أعرب جناب الرئيس البارزاني عن تضامنه ووقوفه الدائم مع مطالب الكرد السوريين أياً تكن تلك المطالب واستعداده لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية الكردية ودعمه لاي حوار كردي كردي.
الحوار الكردي – الكردي خيار استراتيجي لا بديل عنه
*في اجتماع المكتب السياسي لحزبكم مع المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، قبل حوالي الشهر من الآن، أكدتم أنه يجب ترتيب البيت الكردي، وإيجاد الآليات المناسبة لعودة الحوار الكردي – الكردي، كيف يستوي ذلك والطرف الآخر يعيق، وينسف عن قصد أي مسعى في هذا الاتجاه؟
**ناقشنا مع المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني الشقيق واقع الشعب الكردي في سوريا مطولاً، وركّزنا على أهمية تفعيل الحوار الكردي الكردي كخيار استراتيجي لا بديل عنه، فالرئيس البارزاني له دورٌ مهمٌّ، ومكانة بين الكرد ويستطيع أن يلعب دور في إعادة تفعيل الحوار الكردي كما فعلها سابقاً، وكانت وجهات نظرنا متقاربة في التشخيص والحلول، وحان الوقت أن يدرك الجميع أنّ الظروف الإقليمية والدولية ربما لا تأتي في صالح قضيتنا، وخاصة ما يخيف هو التقارب التركي السوري والهدف المعلن هي القضية الكردية. ولا يمكن لأي طرف كردي قيادة الكرد لوحده فالطريق الأسلم هو الجلوس على طاولة الحوار وقبول الآخر والشراكة الحقيقية.
الأحزاب الرئيسية تتحمل جزءاً من مسؤولية تعدد الأحزاب
*بمناسبة ذكرى التأسيس، ثمة عدد هائل من الأحزاب السياسية الكردية بأسمائها ومسمياتها، وقد وصل الأمر ببعضها أنها تقتصر على العائلة، وعدد من الجيران وأبناء الحي، برأيك لماذا هذا العدد الكبير من الأحزاب في غرب كوردستان؟
** هذه الحالة غير صحية وغير مقبولة، تجاوز عدد الأحزاب الكردية مئة حزب، جزء من المسؤولية تتحملها الأحزاب الرئيسية في ظل حالة اللا استقرار والفوضى التي تعيشها البلد وعدم وجود قانون ومعايير ينظم عمل الأحزاب. التعددية شيء وإنشاء أحزاب لا يتجاوز أعداد أعضاء البعض منها أصابع اليد وبدون برامج ورؤى من أجل استثمارها في الخصومة شيء آخر.
لم تنجح أية تجربة وحدوية بين الأحزاب المنشقة والمتقاربة
*تعرّض حزبكم الديمقراطي التقدّمي لانشقاقات عديدة عبر تاريخه، وكانت الأزمة الأخيرة بينكم وبين رفاقكم الذين يتحركون باسم حزبكم نفسه، هل يمكن أن تعود أجنحة التقدمي يوماً ما إلى حزبهم الأم؟
في الظرف الراهن لا أعتقد، لكن أبواب الحزب دائماً مفتوحة للجميع، المؤسف تجربة الحركة الكردية السورية مريرة بهذا الخصوص حتى الآن لم تنجح أي تجربة وحدوية بين الأحزاب المنشقة أو المتقاربة.
الأولوية لدينا إعادة الحزب إلى مساره الطبيعي بعد الأزمة
*لكل حزب برنامج عمل يسير على هديه في فترات قريبة أوبعيدة، ما هو برنامج عمل حزبكم بعد الأزمة الأخيرة للحزب؟
**الأولوية الآن لدينا إعادة الحزب إلى مساره الطبيعي بعد الأزمة التي مرّ بها وتفعيل دوره على الساحة السياسية الكردية والسورية كما كانت عليه في السابق، والعمل مع القوى والأحزاب السياسية الكردية على ترتيب البيت الكردي أولاً، والعمل على تمكين الحضور الديمقراطي بالتشبيك والتفاعل مع الأحزاب الوطنية الديمقراطية السورية.
مقيم في قامشلو.. وأعمل بين رفاقي
*ألا ترى أن إقامتكم خارج الوطن له تأثير سلبي على أداء عمل حزبكم؟ مع أنني ألاحظ تواجدكم في قامشلو بين فينة وأخرى.
** نعم كان له تأثير بدون شك، وسبب وجودي أحياناً في الخارج هو للعلاج وحالياً أنا مقيم في قامشلو، وأعمل بين رفاقي.
القرار الكردي ليس مستقلاً
*الحركة الكردية في غرب كوردستان تُتهم أنها تعمل ضمن أطر محاور كوردستانية وغيرها، هل هذا الاتهام صحيح؟ وهل تنجح فكرة من يدعو إلى منصة كردية خاصة بالكرد وحدهم في ذلك الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا؟
**نعم التدخلات موجودة، وهذا ليس سراً، الأحزاب الكردية تتبع محاور كوردستانية وإن كانت نسبة التدخُّلات مختلفة من محور إلى آخر، والقرار الكردي ليس مستقلاً، ومن الضروري العمل على استقلالية القرار السياسي الكردي السوري والتعامل بندية مع الأحزاب الكوردستانية الشقيقة، فاحترام خصوصية كل جزء أساس لأي علاقة بين الأحزاب الكوردستانية.
بخصوص الحديث عن منصة كردية خاصة بالكرد أعتقد أنها غير عملية. المطلوب الآن إنجاح الحوار الكردي الكردي أولاً، وهي بمثابة منصة سياسية تمثل الكرد ومن ثم التحرك باتجاه الحراك السياسي الديمقراطي السوري وصولاً الى حوار سوري سوري.
المجلس الكردي بحاجة إلى مراجعة نقدية لمسيرته السياسية
*كيف تقرؤون واقع المجلس الوطني الكردي في سوريا ضمن إطار المعارضة حالياً؟ وهل لديكم نية للانضمام إلى المجلس؟
كما تعلم، نحن كحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا من مؤسسي المجلس الوطني الكردي وكان لنا دور كبير في تأسيسه، وخروجنا من المجلس الوطني الكردي كانت لأسباب معروفة، اليوم وبعد مرور 13 سنة على تأسيس المجلس نعتقد أن المجلس بحاجة إلى مراجعة نقدية لمسيرته السياسية، فقد حصلت الكثير من المتغيرات السياسية في المنطقة، بالإضافة الى ضرورة إعادة هيكلية المجلس وتفعيله، بالنسبة للانضمام لا نفكر حالياً بالانضمام، ولا أظن أن الوقت مناسب مع حرصنا الدائم على تطوير العلاقات مع المجلس الوطني الكردي في سوريا.
واقع المعارضة السورية مخيّب للآمال
*المعارضة السورية مشتتة بشكل كبير، برأيك ما السبب؟
مع الأسف واقع المعارضة السورية مخيّب للآمال، حيث لم تستطع القوى والأحزاب السياسية السورية الناشئة من تشكيل كتلة صلبة، وفشل كل المحاولات التي قامت بها شخصيات سياسية وأحزاب من خلال عقد مئات من اللقاءات التشاورية خلال السنوات الماضية في تشكيل تيار وطني ديمقراطي علماني، والمعارضة المتصدرة للمشهد مرتبطة بأجندات خارجية مسلوبة القرار. برأي الظروف الراهنة مناسبة للحوار بين الشخصيات السياسية والأحزاب السورية من أجل تشكيل إطار سياسي ديمقراطي علماني سوري بعيدا عن تجارب التجميع السابقة، ويمكن للقوى والأحزاب الكردية المساهمة ولعب دور مهم في ذلك.
على الحركة الكردية الأخذ بجدية مخاطر التطبيع بين النظامين التركي والسوري
* ثمّة حديثٌ ورسائلُ جدية حول عودة العلاقة على مستوى الرؤساء بين تركيا وسوريا، وقد أرسل الرئيس التركي أردوغان أكثر من رسالة بهذا الصدد، ما مدى تحقق عودة هذه العلاقات؟ وما تأثيرها على مجمل الوضع السوري، وخصوصاً التواجد الكبير للمهجرين السوريين هناك، وتواجد مكتب الائتلاف الرئيسي في أنقرة؟
** رغم وجود ملفات شائكة ومعقدة بين الطرفين إلا أنهما متفقان بشأن القضية الكردية، وعملية التطبيع لن تساهم في حل القضية السورية برأينا بل ستزيده تعقيداً، وسيكون على حساب القضية الكردية والسورية معاً، القرار الأممي 2254 يشكّل أساساً لأي حل يفضي إلى انتقال سياسي وبناء دولة تعددية لامركزية تضمن حقوق جميع المكونات السورية دستورياً، وعلى الحركة الكردية الأخذ بجدية مخاطر التطبيع بين النظامين التركي والسوري، ولا شك أن الأزمة الداخلية التركية ومزاج الرأي العام التركي تجاه اللاجئين السوريين احد دوافع التطبيع، للتخلص من اللاجئين السوريين على حساب حقوق الإنسان.
لم تعد القضية السورية موضع اهتمام الدول الكبرى
*يكاد لا يمر يوم إلا ونسمع أخباراً موجعة عن غرق أو ضياع السوريين في البحار والغابات، برأيك كيف يمكن وقف نزيف هذه الهجرة المريعة؟
**سيستمر نزيف الهجرة طالما أن المجتمع الدولي لا يتحمل مسؤولياته تجاه القضية السورية، والواضح حل القضية السورية لم تعد أولوية، ولا موضع اهتمام لدى الدول الكبرى، مع الأسف الناس تهرب من الموت والجوع والفقر والبطالة وتبحث عن الأمان والاستقرار في ظل عدم وجود أي أفق للحل سياسي قريب.
تصرّفات مسلحي ب ي د لا تخدم القضية الكردية
*انتهاكات واسعة تحدث بحق المجلس الكردي والأحزاب المنضوية معه من قبل مسلحي حزب ب ي د لماذا يستمر هؤلاء بهذه الانتهاكات؟ وما السبيل لوقف هذه الاعتداءات؟
**موقفنا من الانتهاكات واضحة وهي مدانة، وعبّرنا عن ذلك من خلال بيان أصدره الحزب، هذه التصرفات غير مقبولة ولا تخدم القضية الكردية، لذلك نصر على الحوار الكردي الكردي، ولإنجاح هذا الحوار يجب تهيئة الأجواء، ووقف الاعتقالات، وحرق المكاتب وغيرها من الانتهاكات.
الموقف الأمريكي والغربي رافض للانتخابات التي ستجريها الإدارة الذاتية
*بعد أقل من شهر تجري الإدارة الذاتية التي يقودها حزب ب ي د انتخابات محلية بعد تأجيلها، ومعارضة كبيرة من المحيطين الإقليمي والدولي، برأيك مافائدة إجراء انتخابات كهذه في ظل أوضاع داخلية غير مثالية؟
** الانتخابات عادة تُجرى في أجواء مستقرة سياسياً وتوافقات بين جميع المكوّنات والقوى والأحزاب السياسية، وهذا غير موجود، ثانياً تركيا تستغل هذا الانتخابات كذريعة وحجة لضرب المنطقة وبنيتها التحتية، وربما يودي إلى تدخل عسكري بري، والوضع في مناطقنا لا يتحمّل تدخلاً عسكرياً تركياً جديداً. ثالثاً الموقف الأمريكي والغربي عموماً رافض لهذا الانتخابات، وعلى المعنيين من أصحاب القرار أخذ التهديدات التركية على محمل الجد وتأجيل هذه الانتخابات إلى أن تتاح ظروف مناسبة لها.
على تركيا التزامات وفق القانون الدولي
*تقوم الفصائل المسلحة في عفرين وسري كانييه وكريسبي بانتهاكات واسعة ضد الوجود الكردي في هذه المناطق الكردية، ما السبل الكفيلة لردع هؤلاء المسلحين؟
** الانتهاكات والفظائع التي ترتكبها هذه الفصائل بحق المدنيين الكرد لم تتوقف منذ الاحتلال التركي لمناطق في عفرين وسري كانييه وكري سبي ترتكب بشكل يومي بحق المدنيين العُزل من قتل وخطف بقصد الفدية، وعمليات التهجير القسري وفرض الأتاوات، والاعتقال بدافع الابتزاز والترهيب، والاستيلاء على الممتلكات، ويتحمل مسؤوليتها الدولة بوصفها دولة احتلال وعليها التزامات وفق القانون الدولي، وخرج كافة الفصائل المسلحة من المناطق وتسليمها لأهلها لإدارة أنفسهم.
الداخلية التركية ومزاج الرأي العام التركي تجاه اللاجئين السوريين أحد دوافع التطبيع، للتخلص من اللاجئين السوريين على حساب حقوق الإنسان.
صلاح درويش: بروفايل
مواليد القرمانية ١٩٥٤
حائز على شهادة دكتوراه في هندسة النفط من أكاديمية گوبكين- موسكو
سكرتير حزب pdpks