بيان مشترك حول التعامل مع السوريين في تركيا

 

لا يزال السوريون، في لبنان ، وربما مصر والعديد من الأمكنة  ، و بشكل خاص في تركيا، يدفعون فواتير تهميش القضية السورية وعدم الشروع في الحلول التي أقرتها الشرعية الدولية ، ويزيد الطين بلة عندما يتواجدون في بلدان لا تتمتع بديموقراطية عريقة ومؤسساتية، وتفتقر إلى الاحتكام إلى المرجعيات الدولية القانونية الخاصة بالتعامل مع اللاجئين، وربما تفتقر إلى ثقافة اجتماعية منفتحة ومتسامحة ، وذلك سواء لأسباب تعصبية قومية منغلقة أو لمحدودية إنسانية، وفي الوضع التركي تحديداً لا يبدو أن مقاربة المهاجرين-الأنصار كانت كفيلة بتجنب الاندفاعات العنصرية بين فترة وأخرى رغم التقاطع الديني والطائفي.
 وكان يمكن اعتبار هذه الاندفاعات فردية أو تعبر عن حالات منعزلة لولا استمرارها وتنقلها عبر جغرافية التواجد السوري في تركيا اعتماداً على أحداث محددة حقيقية، أو بالاعتماد على روايات غير صحيحة أو غير دقيقة، ويمكن ببساطة معالجتها وفق القوانين السائدة بوجود دولة وأجهزة شرطية قوية، إن اعتماد ذرائع غير ذات قيمة لترحيل السوريين، وأحياناً رغم امتلاكهم لأوراق نظامية، يثبت تهافت الخطاب الرسمي التركي الذي ينكر ويرفض التعامل على أساس الكراهية ، ولكنه لا يمل من الحديث عن ترحيل السوريين وما يثيره ذلك من شعور الكراهية، كما أنه يترك السلطات المحلية تتصرف وفقاً لتلك الكراهية، وهنا لا نجد تفسيراً إلا حشر القضية السورية في الصراع بين القوى السياسية التركية أو بين النظام والمعارضة، فالمعارضة التي تصل في مبالغتها إلى اعتبار قضية اللاجئين تشكل تهديدا وجودياً للأمة التركية، هي معارضة تفتقر إلى الحد الأدنى من الموضوعية، فمن حيث النسبة العددية يبدو كوميدياً القول أن ثلاثة ملايين يشكلون تهديداً وجودياً لثمانين مليوناً، ومن غير الصحيح القول إن السوريين يشكلون عبئاً على الاقتصاد التركي فأولاً الحكومة التركية تحصل على تعويضات هامة من الأمم المتحدة يجب أن تصرف على الحاجات الملحة للسوريين اللاجئين، وثانياً فإن معظم السوريين اندمجوا في السوق الاقتصادية الصناعية والتجارية التركية لا بل أن قسماً منهم وظف استثمارات كبيرة في تركيا.
وفي المناطق التي تسيطر عليها تركيا شمال غرب سوريا يبدو واضحاً أن خدمات الصحة والتعليم والعلاقات التجارية والمالية والأمور الإدارية… الخ تدار من قبل ولاة أتراك وكأن هذه المنطقة جزء من تركيا، ومن الطبيعي أن ذلك يشكل تهميشاً للوطنية السورية ، وعندما يترافق ذلك مع توجهات سياسية للمصالحة مع النظام السوري فمن الطبيعي أن يعترض السوريون ويمزقون العلم التركي في احتجاج مضاعف على الممارسات العنصرية ضد الأهل في تركيا وعلى التوجهات السياسية التي تبحث عن حلول تناسب المصالح التركية متجاهلة تضحيات السوريين وتطلعاتهم في الحرية والكرامة .
 نعتقد أن المواجهة العنيفة لن تحقق شيئاً للسوريين سواء في الأراضي التركية أو في مناطق سيطرة الإدارة التركية في شمال غرب سوريا ، كما أن الانتقام من مواطنين أتراك في شمال غرب سوريا هو سلوك مشابه للسلوك العنصري، وليس أمام السوريين إلا الاحتكام إلى القانون والمنظمات المحلية التركية والمنظمات الدولية، اعتماداً على الخطاب الرسمي التركي الذي لا يوافق على الممارسات العنصرية، والمطالبة بالتعويض على المتضررين ، ومحاسبة الذين ارتكبوا اعتداءات على الأشخاص أو الأملاك. وفي هذا المجال تتحمل المعارضة الرسمية السورية الموجودة في المنطقة التي تسيطر عليها تركيا مسؤولية هامة في الدفاع عن مصالح السوريين.
أخيراً فإننا في “تيار مستقبل كردستان ” و ” تيار مواطنة”  ندين الانتهاكات المرتكبة بحق السوريين في تركيا وفي شمال غرب سوريا وفي أي مكان آخر، ونرى أن أي حوار مع النظام السوري يجب أن يكون من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وخاصة 2254، وذلك حتى لا تكون مصالح السوريين كبش فداء لمصالح الدول الإقليمية وللمصالحة فيما بينها.
تيار مستقبل كردستان سوريا
تيار مواطنة
08/07/2024

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…