إيران.. رقابة المقاومة، امتداد لتنفيذ فتوى خميني

 

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* 

 

عقد تجمع المقاومة الإيرانية هذا العام بالتزامن مع انطلاق مظاهرة عشرات الآلاف من الإيرانيين في برلين. حضر هذا التجمع المئات من الشخصيات البارزة في العالم، وأعلن أكثر من 4000 برلماني من 81 دولة حول العالم دعمهم لبرنامج السيدة مريم رجوي المكون من 10 بنود. وطالبوا بتصنيف قوات حرس نظام الملالي كمنظمة إرهابية، وبالاعتراف رسمياً بالمقاومة المشروعة للشعب الإيراني.
الشعب الإيراني يريد الإطاحة بالديكتاتورية!
إن انتفاضة الشعب الإيراني للإطاحة بالدكتاتورية الدينية مستمرة. وكما قضى الشعب الإيراني على دكتاتورية الشاه، فله الحق في عدم السماح بوجود نظام دكتاتوري في بلده. لقد دفع الشعب الإيراني ثمناً باهظاً في هذا المسار. ولم تسمح الرجعية والاستعمار بإقامة نظام وطني شعبي مستقل وديمقراطي في إيران. لقد اصطفا بشتى الطرق للتصدي لهذا المطلب المشروع للشعب الإيراني! وهذه هي المعركة المستمرة حتى يومنا هذا. فلماذا؟
الجو العام للرقابة!
ينبغي القول من وجهة نظر علم الاجتماع إن “الرقابة على الحقائق في مجتمع ما” هي جزء من الجهود المبذولة لتدمير ذلك المجتمع، وتهميش المطلب الرئيسي للشعب، حيث يمكن مشاهدة أحدث مطلب للشعب بشكل ملموس في “صمت” أبناء الوطن ذو المغزى تجاه تجمع المقاومة، والاحتجاجات الكبيرة للإيرانيين في أوروبا. دائماً ما تراهن الرجعية والاستعمار حتى الآن على “الحصان الخاسر”. لكنهما لا يدركان أن الزمن قد تغير، وبدأ عصر جديد! ولذلك، ينبغي اعتبار ” المتواطئين الغربيين مع الديكتاتورية الدينية” هم أول الخاسرين من هذا “التغيير في العصر”. وكما هو الحال دائماً، نجد أنهم يقفون على الجانب “السيئ” و”الخاسر” من التاريخ. لهذا السبب هم بلا مستقبل ومبتورون!
ظاهرة خميني!
بعد الإطاحة بدكتاتورية الشاه على يد الشعب الإيراني عام 1979، وعقب ظهور ظاهرة خميني الرجعية؛ دخلت حركة الشعب الإيراني المناهضة للرجعية والاستعمار مرحلة جديدة، تترأسها قوةٌ خاضت صراعاً طويلاً ضد دكتاتورية الشاه، والفرصة متاحة لها الآن لإظهار قوتها ومكانتها في ساحة العمل الاجتماعي. وقد تمكنت هذه القوة من إظهار “مكانتها” و”موقعها” في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لدكتاتورية ولاية الفقيه؛ في تشكيل القوى الأصلية للمجتمع. كان تطور هذه القوة ومضيها قدماً أمراً هائلاً لدرجة أن “خميني” سرعان ما قرر البدء في التصدي لها والتفكير في إبادتهم جماعياً، واستئصال هذا الجيل. وبعد فترة وجيزة، أصدر خميني “فتوى الجهاد” ضدهم، معلناً أن (مجاهدي خلق) أسوأ من الكفار. ونفذت “لجنة الموت” هذا الحكم في صيف عام 1988، وتم قتل أكثر من 30,000 سجين من مجاهدي خلق.
حلقات ما بعد المجزرة!
لم يكتفِ خميني ورفاقه بهذه الإبادة الجماعية الواسعة النطاق والتاريخية. ووظفوا وسائل الإعلام، وأجهزة الدعاية الخاصة بهم لكي يقوموا بمراقبة الحقائق، وإنكار وجود مثل هذه القوة في تاريخ إيران! ولم يقتصر هذا الإجراء على العمل الإعلامي والدعائي للنظام الديني الحاكم، حيث شاركت سلطات هذا النظام في مثل هذا الإعلان وهذا الإجراء . وقد قال وكتب مسؤولو وأجهزة هذا النظام مراراً وتكراراً أنهم أبادوا أكثر من 90 في المائة من هذه القوة. وقال مَن يسمى برئيس جمهورية هذا النظام الدكتاتوري عام 2007، في رده على الصحفيين، خلال زيارة لبغداد، مشيراً إلى هذه القوة التي كانت محاصرة من قبل قوات حكومة بغداد الدمية: “هل لا تزال هذه القوة موجودة؟ كما استمرت الهجمات العسكرية والصاروخية والإرهابية، وشتى أنواع المؤامرات، في السنوات اللاحقة، ضد هذه القوة بأغلفة مختلفة من “الاسترضاء” في العراق وفي كل أنحاء العالم، وحتى الآن تتركز مؤامرات هذا النظام الفاشي وممارساته الإرهابية على هذه القوة المنافسة الوحيدة حتى لا يترك أثراً لها !
الرقابة، امتداد لفتوى خميني!
تعد الرقابة على حقائق إيران امتداداً لفتوى خميني، وجوهر لـ «التواطؤ مع ديكتاتورية ولاية الفقيه “. لقد رفض أنصار الدكتاتورية وسياسة الاسترضاء مع دكتاتورية ولاية الفقيه، تغطية أنشطة المقاومة الإيرانية، ومن بينها التجمع المجيد لهذه القوة هذا العام في أوروبا، والذي كان تجمعاً عالمياً، فهل لم يكن هذا التصرف سوى مساعدةً لدكتاتورية ولاية الفقيه وامتداداً لفتوى الولي الفقيه بإبادة هذه القوة؟
الكلمة الأخيرة
لقد وصلت الرجعية والاستعمار في علاقتهما بإيران إلى نهايتهما المشؤومة! إنهما يصطفان ضد الشعب الإيراني حتى لا يسمحا للشعب والمقاومة الإيرانية بإغلاق ملف الدكتاتورية في إيران. تسعى وسائل الإعلام الرجعية والاستعمارية، المتعطشة “عمدا” للأخبار التي تلبي رغباتها؛ إلى اتباع الأوامر المعطاة لهم دون تفكير أو نقاش. إلا أن وسائل الإعلام هذه مضلَّلة وتتحرك في المسار الخطأ، وتخسر خطوة نوعية وتتسبب في إحداث أضرار جسيمة! نظراً لأن الشعب الإيراني لن يقبل بأقل من إسقاط الدكتاتورية في بلاده.
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…