الكرد السوريين ليس لهم حتى الجبال

 

صلاح بدرالدين 

 

المثل الدارج ( ليس للكرد سوى الجبال ) لماذا لاينطبق على الكرد السوريين ؟
بالرغم من الحاجة الماسة لشعبنا الكردي السوري بمختلف طبقاته ، وفئاته الاجتماعية ، وتياراته الفكرية والسياسية ، داخل الوطن وخارجه الى معرفة مايجري الان على ارض الواقع في مناطقنا ، وفي بلادنا ، وما هو متوقع حصوله في الظروف الراهنة التي تحمل الكثير من التوقعات ، والسيناريوهات ، والتي تتعلق بمصير السوريين وفي مقدمتهم الكرد ومناطقهم ، ومصير اهداف ثورتهم المغدورة التي ضحى من اجلها الملايين وهم من اكثر نصف الشعب السوري بين شهيد ، ومختطف ، ومعتقل ، ومهجر ، ونازح ، والمعارضة التي أخفقت في واقع الحال ، والبديل المطلوب لملئ الفراغ ، وعلى ضوء ذلك مستقبل النظام الذي يعاد انتاجه من جانب النظام العربي والإقليمي الرسمي .
  في مثل هذه الحالات لدى شعوب العالم يتوجه الناس من اجل معرفة الحقيقة أولا ، والبحث عن من يدافع عن وجودها وحقوقها ، ومستقبلها ، الى انظمتهم المنتخبة ، وحكوماتهم التي تمثلهم ، ومؤسساتهم التشريعية والثقافية ، وقواهم واحزابهم السياسية المعبرة عن مصالحهم الانية والمستقبلية .
  السورييون عموما عربا وكردا ومختلف المكونات ، محرومون من : النظام السياسي الديموقراطي ، والمؤسسات الاشتراعية ، والثقافية ، والاعلام الحر ، ومراكز البحث المستقلة ، والأحزاب التي تنطبق عليها المعايير العالمية المعروفة ، والممثلة لارادة الناس تخويلا وانتخابا .
  ليس سرا ان الكرد السوريين يعانون تلك الظروف السلبية  – العامة – بشكل مضاعف :
  ١ –  فاحزاب طرفي الاستقطاب ( ب ي د – انكسي ) ليست في وضع تمثيلي شرعي للغالبية الشعبية من الكرد .
  ٢ –  ولان أحزاب الطرفين تفتقر الى الحد الأدنى من الديموقراطية ، والشرعية ، والتمثيل ، فلاتتوفر بين الطرفين  الصفات الطبيعية ( للحاكم والمعارض ) كما نراها عادة في المجتمعات المدنية في العالم ، خاصة وانهما مازالا ملتزمان – رسميا – ببنود اتفاقيات – أربيل ودهوك – أي مازالت المحاصصة في سلطة الامر الواقع منطلق العلاقة بينهما .
  ٣ – حتى ردود الفعل من جانب ( انكسي او الشريك المحروم ) على تعرض أعضائه للاعتقال لاتتعدى الاحتجاجات اللفظية ، ولم يشعر الكرد السورييون يوما انه طالب بالدفاع عن مظالوميات غير الأعضاء الحزبيين ، ناهيك عن غياب أي مطلب لاسقاط الإدارة الذاتية ، والبحث عن بديل مناسب ومعبر عن إرادة الغالبية الكردية .
  ٤ –  كما ان الطرفين يتشاركان في التبعية للمحاور الخارجية من دون برامج موثقة تستند الى قاعدة سياسية شفافة ، ومفصلة ، ومحددة ، تحدد التحالفات ، وأهدافها القريبة والبعيدة  ، وحدودها ، وآلياتها مع المحاور في البعد الكردستاني .
  ٥ – فلاشك ان الكرد السوريين ومن خلال حركتهم السياسية الشرعية الموحدة المنشودة احوج ماتكون الى تحالفات كردستانية على قاعدة التنسيق ، والعمل المشترك ، والتعاون ، من دون التدخل بشؤون البعض الاخر ، واحترام الخصوصيات .
  ٦ –  المسالة الأخرى التي تؤثر سلبا على المستقبل الكردي السوري ، وتعمق عزلته الوطنية هي فقدان حلفاء وطنيين سوريين موثوقين للطرفين ، فسلطة الامر الواقع بكل مسمياتها تنتقل من طرف الى آخر من دون جدوى ( النظام – أمريكا – ايران – تركيا …..) اما الانكسي فيرتبط شكلا با – الائتلاف ) وهو جسم ميت سريريا ، ويعاني حاليا اسوء الحالات امام التحولات التركية الجديدة .
  لتلك الأسباب ليس لدى أحزاب طرفي الاستقطاب ( وهما يدعيان التمثيل الشرعي ! ) ما تقدمه من أجوبة على تساؤلات اللحظة الراهنة حول الواقع المعاش ، وماسيحدث ، ومايتوجب على المواطنين اتخاذه من خطوات احترازية ، وقائية ، وتجنب المخاطر القادمة  في ظل الوضع الملتهب ، وامام احتمالات حدوث تطورات لم تكن بالحسبان .
   وماتعلمه أحزاب الطرفين وتتجاهله هي الحقيقة التالية :  ليس امام الكرد السوريين سوى صحوة قومية وطنية ، والتوجه نحو التفاهم ، والمصالحة ، والتوافق على ضرورة إعادة بناء اداتهم النضالية الحقيقية أي حركتهم السياسية من خلال توفير شروط عقد المؤتمر الكرد السوريين والخروج بقرارات من شانها مواجهة كل التحديات الراهنة والمستقبلية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في هذا اليوم التاريخي، الثاني والعشرين من نيسان، نقف بكل إجلال واحترام أمام الذكرى السنوية لانطلاقة الصحافة الكُردية، والتي تجسدت في صدور العدد الأول من صحيفة “كردستان” في العاصمة المصرية القاهرة عام 1898، على يد الأمير مقداد مدحت بدرخان. تلك اللحظة لم تكن مجرد حدث عابر في تاريخ شعبٍ محروم من حقوقه، بل كانت نقطة انعطاف نوعي في مسيرة الوعي…

د. محمود عباس تمعنوا، وفكروا بعمق، قبل صياغة دستور سوريا القادمة. فالشعب السوري، بكل مكوناته، لم يثر لينقلنا من دمار إلى آخر، ولا ليدور في حلقة مفرغة من الخيبات، بل ثار بحثًا عن عدالة مفقودة، وكرامة منهوبة، ودولة لجميع أبنائها، واليوم، وأنتم تقفون على مفترق مصيري، تُظهر الوقائع أنكم تسيرون في ذات الطريق الذي أوصل البلاد إلى الهاوية….

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…