لبنان بين ليلة وضحاها…!؟.

  نـوري بـريـمـو

يبدو أنّ صبر غيارى لبنان قد ينفذ بسبب مطمطة أو بالأحرى إطالة أمد اللقاءات التشاورية التي ينبعث منها بريق التفاؤل حيناً وترتسم حولها خيوط التشاؤم والتقهقر أحياناً أخرى…!؟،  فالفرقاء المختلفون لا يزالون يتراكلون بكرة الاستحقاق الرئاسي ويرمونها يُسرَة مرة ويمنة مرات، دون أن يتوصلوا حتى هذه اللحظة إلى أية نتيجة يمكن وصفها بتسجيل الهدف الذهبي الذي لن يتحقق ما لم يبادر مجلس النواب ويجتمع بنصابه القانوني وينتخب رئيساً جديداً للبنان الذي قد يشهد بين ليلة وضحاها، إما توافقاً سلمياً يسلم معه أهل البلد من مختلف الفتن والشرور، وإما منقلَباً عنفياً يدحرج به صوب المجهول السياسي والفراغ الدستوري والفلتان الأمني واللا سلم أي الحرب الأهلية للمرّة الثانية التي قد لا تكون الأخيرة مع أسفنا وحزننا على حاضر ومستقبل لبنان البحر والأرز والبلوط.
ورغم أنّ الكل اللبناني (معارضة وموالاة) قد كان ولا يزال يدّعي مراراً وتكراراً بأنه يسعى نحو التوافق…، لكنّ ثمة فارق كبير ما بين الإدعاء النظري والتطبيق العملي…!؟، ولعلّ مقولة: البئر يكذّب الغطاس…، تنطبق على ما تفعله الأطراف المتنافسة في الساحة اللبنانية التي قد تشهد ساعات مصيرية وساخنة للغاية…!؟، لكنّ السؤال المحيّر هو: أي فريق سيكذبه بئر الغطاس أي مجريات هذا الاستحقاق الرئاسي اللبناني المترافق بضجيج إعلامي لا مثيل له وبتحركات دبلوماسية (دولية، إقليمية، محلية) رفيعة المستوى وأشبه ما تكون بعرض عضلات مكثفة وبأجندة فوق عادية..؟!.

  
لكن على ما يبدو وفوق هذا وذاك فإنّ دائرة المراهنات والتأويلات قد أمست تتوسّع لحظة تلو أخرى بدلاً من أن تضيق هوّة الخلاف كلما اقتربنا من موعد الحسم الذي ينتظره الجميع بفارغ الصبر…!؟، ولذلك فلا أحد يستطيع أن يستشفف أية نتيجة سلبية أو إيجابية تسبق الحدث الموعود، نظراً لوجود ثمة مسارات مختلفة وخيارات متعددة لا بل هنالك خطوط أخطبوطية متضاربة تلتقي برهة وتختلف برهات كثيرة…،  خاصة وأنّ لبنان الجريح قد تحوّل غصباً عنه إلى حلبة عامة لتسوية خلافات الغير أو بمعنى أصح لتأجيج مصارعاتهم المصالحية العالقة منذ أمد…!؟، أو بالأحرى إنحصر لبنان وبات على شاكلة ملعب غير مسيّج بخطوط التماس اللازمة والتي من شأنها أن تفرض الضوابط الرادعة والعقوبات اللازمة بحق كل من يقف ضد دمقرطة واستقلالية هذا البلد المحتاج إلى لبـْنَنة مشاكله وليس أقلَمَتها كما يخطط له البعض.

في كل الأحوال ليس بوسع أي مراقب سوى أن يقول بأنّ يوم غدٍ لناظره قريب…!؟، ففي غضون ليلة أو ليلتين على الأكثر سوف يذوبُ الثلج ويَبـانُ المرج…كما يُقال!؟، لأنّ الولاية الدستورية الثالثة للرئيس لحود سوف تنتهي بدون أي جدل ومهما تمنّع الرجل ومن يقف وراءه…!؟، وبناءً عليه فلا بديل من إضاءة الأنوار وإسدال الستار على المشهد الأخير من الفصل الأخير من فصول هذه الانتخابات التي أصبحت الشغل الشاغل ليس على المستوى اللبناني وحده وإنما على مستوى المنطقة والعالم برمته…!؟، ويبقى هاجس الجميع هو التخوف الحقيقي من ماهية ونوعية هذا المشهد الأخير الذي قد ينجم عن الفصل الأخير المجهول حتى الحين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس كوردستان ليست خريطة معلقة على الجدار، ولا نشيدًا قوميًّا يُتلى في المناسبات، ولا لهجة تُنطق في وادٍ دون وادٍ آخر، كوردستان هي وحدة الوجع، وحدة الدم، وحدة الجبل الذي احتضن الثائر، ووحدة الأم التي ودّعت أبناءها في جميع جهاتها الأربع دون أن تسأل، من أي جزء أنتم؟ لكنّ المأساة الكبرى لم تكن فقط في احتلال…

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…