ملحمة الثورة النضالية والتضحية والصمود: مستمرة منذ 67 عاماً

أمل حسن
يصادف غداً الذكرى السنوية السابعة والستين لانطلاقة الحزب الديمقراطي الكردستاني في كردستان سوريا. دعت الحاجة والمصلحة القومية إلى وجود حزب أو تنظيم كردي يتبنى المطالب والحقوق القومية، فكان تأسيس البارتي في 14 حزيران 1957 على أيدي متنوري شعبنا وهم: المرحوم عثمان صبري، نور الدين ظاظا، رشيد حمو، شوكت نعسان، الشيخ محمد عيسى، حمزة نويران، محمد علي خوجة، عبد الحميد درويش، والسيد خليل محمد الموجود حالياً في أمريكا. إنهم وطنيون وقدوتنا ونفتخر بهم ونترحم عليهم، وندعو بالعمر المديد للرفيق خليل محمد وحياة سعيدة وبصحة عالية.
تعد هذه المناسبة ذات أهمية في حياة كرد السوريين لأنها تأسست في فترة كانت المنطقة تعيش حالة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية العميقة، ليكون جريئاً ومعبراً عن الأكراد السوريين.
لم يكن تأسيس هذا الحزب حدثاً عابراً، بل شكّل نقطة تحول حاسمة في مسار النضال السياسي والاجتماعي للكرد في سوريا. كان الهدف الأساسي من تأسيس الحزب هو الدفاع عن حقوق الشعب الكردي، وتحقيق العدالة والمساواة، والعمل على تحسين أوضاعهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والحفاظ على هويتهم الكردية التي تثبت وجودهم.
على مدى العقود السبعة الماضية، واجه مناضلو الحزب تحديات جسيمة، من القمع السياسي والاضطهاد والاعتقال والنفي. ورغم هذه الصعوبات، لم يتراجعوا عن نضالهم المشروع. كانوا رمزاً للأمل والطموح للأجيال الكردية المتعاقبة، وسعوا جاهدين لتحقيق أهدافهم بالطرق السلمية والديمقراطية.
تكمن أهمية تأسيس هذا الحزب في كونه البذرة الأولى التي غرست الروح النضالية في نفوس الكرد السوريين. ساهم الحزب في رفع الوعي السياسي والثقافي بين الكرد، ودافع عن حقوقهم في كل المحافل الوطنية والدولية. كان ولا يزال الحزب يمثل رمزاً للصمود والتحدي، ودرساً في التضحية والإخلاص لقضية عادلة.
اليوم، ونحن نحيي الذكرى السابعة والستين لتأسيس أول “البارتي” في سوريا، نستذكر بفخر واعتزاز تضحيات أولئك الذين قدموا حياتهم في سبيل قضية شعبهم. جسدت تضحياتهم قمة الشجاعة والجسارة، حيث وقفوا بوجه الظلم والقمع بقلوب مؤمنة وعزائم لا تلين. لم تكن دماء الشهداء إلا زيتاً يزيد شعلة النضال توهجاً، ورمزاً للفداء والتضحية في سبيل الحرية والكرامة.
إن الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم الزكية، والمعتقلين الذين عانوا من وحشية السجون، كانوا وسيظلون نماذج للثبات والجسارة في مواجهة الطغيان. كانوا شعلة النور التي تضيء دروب الحرية، وأمثلة حية للصمود والمقاومة في وجه القمع والاضطهاد. لقد ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء لمبادئهم وروحهم القومية، وكانوا بحق أعمدة النضال والكفاح.
ذكرى تأسيس الحزب هي دعوة لتجديد العهد على الاستمرار في النضال، وتعزيز الوحدة والصف الكردي، والعمل على تحقيق العدالة والمساواة لكافة مكونات المجتمع السوري. بهذه الروح، يمكننا بناء مستقبل أفضل يسوده السلام والكرامة للجميع.
في ختام إحياء هذا الحدث التاريخي في تاريخ كرد غرب كردستان، نحيي نضال البارتي قيادة وكوادر وقواعد على خط الكردايتي وتحت رعاية قائد الأمة البارزاني مسعود، والحفاظ على شخصية البارتي بقوة.
كما نهدي تحية حب وتقدير إلى أرواح المناضلين الشرفاء الذين بذلوا كل جهدهم وتضحياتهم، فمن خلال تضحياتهم حقق هذا الحزب إنجازات تاريخية لا تُنسى. نفخر بوجود المناضلين الأحياء الذين ما زالوا يمثلون رمزًا للتضحية والإصرار ضمن الحركة الكردية، مثل الشيخ أمين كولين ورفاقهم الذين يسيرون في طريق النضال والمقاومة.
نحيي ذكراهم جميعاً بهذه المناسبة العزيزة علينا، وتحية إلى أرواحهم، وتحية صادقة إلى شهداء البارتي: سليمان أدو، كمال أحمد درويش، نصر الدين برهك، وآخرين.
نقدم باقة ورد تعبيرًا عن امتناننا وتقديرنا لدماء الشهداء الذين ضحوا من أجلنا، ولعوائلهم الصابرة، ولكل المعتقلين السياسيين الذين يصارعون من أجل مبادئهم وحقوقهم ومن بينهم عضو المكتب السياسي القيادي بهزاد دورسن والشابة الكردية بريفان إسماعيل .
كما ندعو بهذه المناسبة القيادة والكوادر والقواعد للالتزام بخط البارتي ونبذ الخلافات، والحفاظ على الروح النضالية في كل المستويات، والعمل معاً على تحقيق أهداف البارتي المتمثلة بالحقوق القومية الكردية الكاملة، وتجنب الخوض في صراعات جانبية.
نتمنى المزيد من التقدم والازدهار لأعضاء الحزب، ونأمل أن يولي القادة اهتمامًا خاصًا بتأهيل الشباب وتمكين المرأة الكردية، لأن قوة الحزب تكمن في وحدته وتضامن أفراده. دعونا نرتقي بروح الفريق والتضامن داخل الحزب، فخسارة أي عضو تعتبر خسارة للجميع، ورفع معنويات الأعضاء يعزز من قوة الحزب ومكانته في المجتمع.
كل عام وحزبنا وأمتنا بخير وسعادة وتوفيق من الله تعالى، تحية صادقة إلى شعب كردستان والقائد البارزاني لتحملهم المصاعب من أجل الأمة الكردية كلها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…