في اليأس من الحوار الكردي….!

اكرم حسين 
يعتقد الكثير من اليائسين ان عملية الحوار واستكمال الاتفاق بين المجلس الوطني الكردي واحزاب الوحدة الوطنية حول سبل ادارة المنطقة الكردية ليست الاعبارة عن وهم تدفع اليه بعض الارادات التي لا تنطلق من الواقع وتتعامى عن وقائعه العنيدة التي لا تسمح لهذا الحوار ان يتقدم  ويقف على ارض متينة دون رؤية الشروط الموضوعية التي تجعل هذا الحوار ممكناً، فالواقع العياني الملموس يحفزّ الحوار بالفعل ويدفع اليه لكنه يحتاج الى رغبة حقيقية  لدى الاطراف المتحاورة والى برمجة الحوار وتنظيمه من قبل الجهة الراعية في الوقت الذي لا يحتاج الى اكتشاف البارود من جديد من يقول بان “الادارة القائمة في شمال شرق سوريا” ليست مثالية اوهي المبتغى الوطني الديمقراطي التي يطمح اليها السوريون، أو انها تدار من قبل كوادر حزب العمال.
فالأمر لا يحتاج  الى شرح أوتقديم الادلة والبراهين لان ذلك ليس بالجديد فقد تشكلت هذه الادارة بالاعتماد على هذه الكوادر وهي العصب الاساسي والدعامات الرئيسية لها، لكن السؤال الذي يحرق اللسان لماذا يثار هذا الموضوع كلما دق الكوز بالجرة وارتفعت حرارة التحرك من قبل الدول الراعية وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية لتذليل العقبات بغية استئناف المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي واحزاب الوحدة الوطنية ؟ لمصلحة من استمرار القطيعة وبقاء التوتر والتنشج وارتفاع منسوب العداء في ظل انعدام الثقة، وعدم الوصول الى تفاهمات تصب في مصلحة اهالي المنطقة واستقرارها…!
القطيعة وبقاء الوضع المهيمن دون تغير وترك المجال لهذه الممارسات والسياسات ان تمر بسهولة ودون مقاومة لا يخدم مصلحة سكان المنطقة  ويترك المجال مفتوحا لتفرد هذه الكوادر ونهب خيرات المنطقة وفرض سياساتهم العشوائية، فكل ما يمكن ان يقال حول هذه الادارة صحيح من استبداد وفساد  ومحسوبية وغياب للحوكمة لكن الصحيح ايضا  ان هناك فئة هي الاخرى لها مصلحة حقيقية في منع التقارب وبقاء الوضع على حاله من خلال خلق اجواء التوتر والاحتقان والبحث عن الحجج والذراع التي تبقيهم في مواقعهم …!
وفي موازاة كل ذلك ماذا نحن فاعلون في اللحظة الراهنة في ظل غياب حل سياسي واستمرار السيطرة القائمة ؟ هل نكتفي بالسرديات السهلة والمتنوعة التي تلهم المخيال الكردي وتعيننا على الصبر والثقة بالمستقبل ؟ ام ان علينا ان نخوض معارك سياسية ونضالا عملياً في وجه تغول “الادارة” وسياساتها ونضغط من اجل عقلنتها وحوكمتها بغية اشراك جميع الفئات والمكونات في مؤسساتها على اسس واضحة بحيث لا تكون اداة في يد حزب الاتحاد الديمقراطي وتعبيرا عن سياساته الايديولوجية كي نجنب شعبنا ومنطقتنا المخاطر والمخاوف التي تهدد وجودنا ومستقبلنا….!
الاخلاص للقيم والقضية لا ينطلق من الافكار والمثل المجردة بل من الواقع والتاريخ المعاش فالكثير من القادة كان بإمكانهم الخروج بسهولة والاكتفاء بالتصريحات والبيانات لكنهم اثروا البقاء في اوطانهم ومع شعوبهم وعانوا ما عانوه وبعضهم استشهد، وهذا لا ينتقص من قيمة من خرج قسريا او طوعيا لكن  كل من خرج يجب ان يعي ويتفهم واقع وظروف وامكانات من يعيش في الداخل ويعاني في ظل سلطة نمطية استبدادية لا تتوانى عن استخدام القهر بأساليب متنوعة
 استمرار الواقع وعناده، قد يكشف ضعفنا وعجزنا كنخب ثقافية وسياسية وكقوى وطنية كردية خارج التصنيفات المعتادة والمحاور الاقليمية التي ننطلق منها في التوافق المأمول كرديا وهذا لوحده لا يعبر عن كامل الحقيقة، فالواقع الموضوعي يشترط توفر جملة عوامل وشروط محددة لإنتاج هذا البديل الذي لم يتحقق اوانه بعد في حالتنا الكردية السورية لان الانقسام والتمحور الحاد قد جعل من ولادته شبه استحالة  في ظل استمرار الشروط الراهنة فهناك من العقليات العقيمة التي يشكل علاقتها بالحوار ما يمنع تقدمه، تلك العقليات التي تحاول ان تستأثر بالواقع وتحاول تخليقه وفق ايديولوجيتها المغلقة التي يحركها الحقد والاقصاء ما يمنع عودة الثقة المفتقدة على كافة المستويات ويزيد الشرخ والانقسام ويعمق التعفن والاستنقاع.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…