العمال «الكردستاني»: الوكيل الحصري للحرائق

عمر كوجري
مثلما أن البناء والإعمار والنزوع نحو الرقي والتطوُّر ثقافة يتملكها الفرد ضمن محيطه المجتمعي، ويشيع هذه الثقافة لتكون عنوان مجتمع ككل، كذلك الهدم والتخريب والتطلُّع بخطا عابثة نحو الإساءة وإعطاء صورة وحشية قذرة، أيضاً ثقافة من يريد بثّ الشرور والآثام، وتقصّد السلبية لكلّ معالم البهجة والجمال في أي مجتمع.
منظومة حزب العمال (الكردستاني) – والكلمة الأخيرة من برنامجه ومنهاجه وسلوكه براء – منذ أن تأسست؛ تشيع الثقافة التي تشيطن، وتشوّه كلّ من لا يدور في فلكها، وتحاول تشويه صورة الجمال كردياً أينما تجدها.
هذه المنظومة التي وسّعت مساحة المقابر التي تضمُّ قبور منتسبيها بشكل فظيع ومريع، لا يُتوقع منها غير ثقافة التخريب. تتحرّك بوصفها الوكيل الحصري للحرائق والدمار في المجتمع الكوردستاني.
 حزب الاتحاد الديمقراطي، التابع لهذه المنظومة، ومنذ استلامه “الحكم” بالتنسيق مع نظام دمشق، لا يتوانى عن هدم الجمال في غربي كوردستان، وعن سبق ترصّد. كأن الحزب، ومَن يدعمه في حالة ثأر مع غربي كوردستان! ومن ذلك، ما جرى في صبيحة الرابع عشر من الشهر الحالي، حيث تعرّض مكتب الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا في قامشلو للحرق المُتعمّد من قبل مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي. وبهذا يكون الحزب قد (حقق) إنجازاً كبيراً، ونجح في إشاعة ثقافته التي لا يتقن سواها، وهو الحرق والتعدّي والهدم. ذلك أن عدد المكاتب المحروقة في مختلف مدن غربي كوردستان وصلت إلى عشرة مكاتب تابعة لأحزاب المجلس الوطني الكُردي منذ بداية شهر آذار المنصرم، وحتى الآن، ولا يبدو أن مسلحي الحزب، وخصوصاً تنظيم “جوانين شورش-كر” سيجدون مَنْ يردعُهم عن اقتراف هذه الجرائم والأعمال الإرهابية.
قبل أيام، من المضحك أن تنبري مسؤولة “كبيرة” لتقول: إن حزب الاتحاد الديمقراطي بريء من هذه التصرُّفات، وهي “مدانة” من قبلنا!! وهي تعلم أن نملة لا يمكنها التحرك إلا بأمر من تنظيم ب ي د في المنطقة الكردية التي يحكمها منذ عام 2012.
تعلم هذه المنظومة أن هناك مشروعاً دولياً لا يريد استدامة الوضع كما هو في المنطقة، وعلى وجه التخصيص أمريكا. وبهذا، يقوم مسلحو ب ي د، بأوامر مباشرة من قنديل، بتخريب كلّ مسعى دولي في اتجاه إعادة إحياء أي حوار كردي كردي في الأيام القادمة..
من جانبه؛ المجلس الكردي، بات في حيرة من أمره. يسارع للإدانة، وإصدار بيانات الاستنكار لأعمال هؤلاء. تلك البيانات، لن تردع منظومة متمرّسة على التخريب من الكف عن ارتكاب المزيد. وعليه، لابدّ أن يتحرّك المجلس وكوادره على مستويات عليا، وطرق أبواب الهيئات الأممية، ووضع “الراعي” الأمريكي في صورة كارثية الأوضع، وعدم الاكتفاء ببيانات السفارة الأمريكية في دمشق، التي لن تثبط من عزيمة الـ ب ي د في استدامة ما أوكلت إليه من قبل “قنديل”!!
   ينبغي القيام بمظاهرات سلمية عارمة في عموم مناطق غربي كوردستان، واستضافة وكالات الأنباء العالمية، وتنشيط الإعلام المناهض لهذه المنظومة، ليوصل صوت الحق إلى أقصى المدى.
من لا يملك غير رسم القبح ومناهضة الجمال، لا يمكن الوثوق به بأي شكل.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس كوردستان ليست خريطة معلقة على الجدار، ولا نشيدًا قوميًّا يُتلى في المناسبات، ولا لهجة تُنطق في وادٍ دون وادٍ آخر، كوردستان هي وحدة الوجع، وحدة الدم، وحدة الجبل الذي احتضن الثائر، ووحدة الأم التي ودّعت أبناءها في جميع جهاتها الأربع دون أن تسأل، من أي جزء أنتم؟ لكنّ المأساة الكبرى لم تكن فقط في احتلال…

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…