من دفتر يومياتي: ماذا كان موقفنا عندما تراجع النظام العراقي عام 1974 ، عن اتفاقية آذار – او اتفاقية السلام – للحكم الذاتي عام 1970 ؟

صلاح بدرالدين
  كان واضحا منذ عام ١٩٧٣ ان نظام الدكتاتور المخلوع صدام حسين بصدد التراجع عن اتفاقية آذار للحكم الذاتي ، بل نسفها من الأساس ، تلك الاتفاقية التي حققت السلام ، وحظيت بالارتياح من جانب القوى المحبة للحرية والسلام ، وقد ومهد – صدام –  لذلك عبر حبك مخططات تصفية الزعيم الراحل البارزاني ، وكذلك نجله الراحل ادريس ، وارسال الجيش لكردستان تحضيرا للهجمات العسكرية ، بالترافق مع التواصل مع نظام الشاه في ايران من اجل التوصل الى موقف معادي موحد ضد قيادة الثورة الكردية ، وعلى اثر ذلك ، وبعد حصول توترات ، ومواجهات ، وعودة الوزراء الكرد الى كردستان ، كان واضجا ان الأمور تسير نحو حصول عدوان جديد على شعب كردستان.
  ولحرصنا على ذلك الإنجاز الرائع – الحكم الذاتي – الذي تحقق بفضل التضحيات الجسيمة ، وكنموذج للحل السلمي للقضية الكردية في احد أجزاء كردستان بالعصر الحديث ، ومحاولة منا في وقف التدهور الحاصل ، وقطع الطريق على اية اضرار تلحق بشعبنا في كردستان العراق ، فقد اتخذنا جملة من الخطوات بحسب قدراتنا المتوفرة ومنها:
  أولا – اصدار موقف سياسي تجاه التطورات المحتملة ، وحول تراجع حكومة بغداد عن بيان آذار التاريخي ، وذلك عبر النداء التالي:
وجه مصدر مسؤول في البارتي الديموقراطي الكردي اليساري في سورية, النداء التالي :
إن الرأي العام- العربي والكردي- يتابع التطورات الجارية في العراق, وبصورة خاصة في كردستان العراق بقلق بالغ خاصة بعد ورود أنباء تشير الى توتر الوضع بين الحكومة وقيادة الثورة الكردية.
إن حزبنا يتوجه بهذا النداء نيابة عن جماهير الشعب الكردي في سورية, ويناشدكم بعدم اللجوء الى القوة في حل المسائل المختلف عليها, وذلك حرصاً على الدماء العربية والكردية, ورفقاً بآلاف العوائل التي سيصيبها الهلاك والدمار.
إن نشوب القتال, واندلاع الحرب من جديد في كردستان العراق لم ولن يكون لصالح الشعب العراقي بعربه وأكراده وأقلياته, وسيكون له آثاره السيئة على مسيرة الحركتين التحرريتين العربية والكردية, وبالأخير لن يكون إلا لصالح الدوائر الامبريالية والرجعية والصهيونية أعداء الشعبين العربي والكردي.
نطالب كل القوى الوطنية والتقدمية في العراق,  وكذلك حزب البعث الذي بيده السلطة الفعلية ونضعكم أمام مسؤولياتكم التاريخية على العمل الجاد والسريع من أجل الحيلولة دون إراقة الدماء البريئة, واقتتال الأخوة, وحل المسائل المعلقة بالحوار الديموقراطي البناء, في سبيل ترسيخ أساس متين وصحيح للحكم الذاتي لكردستان, والذي يوجب بضرورة إعادة النظر في المشروع المقدم من جانب الحكومة, بما يضمن المطامح القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار الجمهورية العراقية.  15/3/1974
• – تم ارسال النداء بداية الى كل من الزعيم الراحل مصطفى بارزاني ، وكذلك الحكومة العراقية ، والاتحاد السوفيتي ، والدول الاشتراكية – سابقا – ومنظمة التحرير الفلسطينية ، ، قبل نشره في جريدة – البارتي اليساري – ثم في وسائل الاعلام بلبنان .
  ثانيا – أجرينا اتصالات مع عدد من الزعماء ، والقيادات من بينهم : الشهيد كمال جنبلاط ، والراحلين : ياسر عرفات ، وجورج حبش ، والرئيس اليمني الجنوبي الراحل – سالم ربيع علي – واقترحنا عليهم – كتابيا وشفهيا – بالموافقة على تشكيل لجنة سلام للعمل على وقف التدهور بين الحكومة والثورة الكردية ، وقطع الطريق على نشوب حروب جديدة ، ومطالبة نظام صدود بالالتزام باتفلقية اذار عام ١٩٧٠ للحكم الذاتي ، وسحب القانون الجديد الذي يفرغ اتفاقية اذار من مضمونها الحقيقي ، فوافق الجميع على مقترحنا ، وفوضوا – جنبلاط – للعمل باسمهم ، وتوجه الى بغداد عام ١٩٧٤ ، والتقى بالرئيس صدام حسين ، ثم توجه الى كردستان حيث التقى الزعيم الراحل البارزاني ، وبعد عودته اخبرنا التالي : ( ان صدام رفض توسطنا ، ومصر على مخططه في محاربة الكرد ، واظهر البارزاني كل الاستعداد للحوار السلمي ، وقدم شكره لمبادرتنا السلمية ، كما قال انه سيضع أعضاء اللجنة الاخرين بالصورة بكل صراحة ووضوح ، وقد ابدى خشيته من نشوب دورات جديدة من الحروب بكردستان ) ، وبكل اسف لم تمر عدة اشهر حتى ابرم صدام اتفاقية الغدر بالجزائر مع الشاه وبوساطة الدكتاتور هواري بومدين ، حيث تم القضاء على ثورة أيلول ، هذا وقد نشرنا كل هذه التطورات في ادبيات حزبنا – آنذاك – كما انني نشرتها لاحقا في مذكراتي .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…