تمكين الشعب الإيراني من خلال نزع الشرعية عن النظام القمعي

سعيد عابد* 
لأكثر من أربعة عقود، عانى الشعب الإيراني من القمع القاسي تحت حكم رجال الدين في طهران. لقد أقام هؤلاء الملالي نظاماً يتسم بالفساد والقمع وسفك الدماء، مما أدى إلى خنق تطلعات الشعب الإيراني إلى الديمقراطية الحقيقية والحرية والحكم الذاتي رغم حملات القمع المتكررة والعنيفة.
ومن خلال ترسيخ سلطتهم، قام الملالي بتوسيع قوتهم من خلال حملة لا هوادة فيها من الإرهاب العالمي والعدوان بالوكالة، ونشروا نفوذهم في لبنان واليمن وسوريا والعراق. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1979 للتعامل مع آيات الله، لم يتم إحراز تقدم يذكر. وبدلاً من ذلك، شاب تاريخ إيران أعمال إرهابية، واغتيالات، واضطرابات في الخليج، ودعم أنظمة وحشية كما هو الحال في سوريا، وإخضاع لبنان.
طوال هذه السنوات، عززت إيران قوتها العسكرية، وطوّرت صواريخ بعيدة المدى، وتحركت بثبات نحو اكتساب القدرات النووية، دون أن تردعها الوعود بتخفيف العقوبات. ويصر النظام على رفض السماح بالتعبير الحقيقي عن إرادة الشعب الإيراني في صناديق الاقتراع أو الالتزام بالمعايير الدولية المعاصرة.
وفي مواجهة هذا النظام العنيد، يبرز السؤال: ما الذي يمكن عمله؟ فهل تكون الخسائر البشرية والنكسات الاقتصادية والاضطرابات العالمية عواقب مقبولة، أم ينبغي لنا أن نتخلى عن مبادئ النظام الدولي القائم على القواعد ونسمح للإرهابيين الإيرانيين بإملاء مسار القرن الحادي والعشرين؟
يجب أن يكون هناك بديل للصراع الإقليمي وهذا النظام الإرهابي. لذا، دعونا نتساءل: ما الذي يضفي الشرعية على النظام الإيراني كممثل لشعبه؟ وهل يستمد شرعيته من رضا المحكومين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلابد من التشكيك في شرعيته، لأن الحكومة التي تتمتع بدعم حقيقي لن تلجأ إلى القوة والقمع والعنف ضد شعبها.
وبدلاً من ذلك، هل يتم تبرير الشرعية من خلال الأعمال الخيرية والعلاقات الإقليمية المتناغمة؟ ونظراً لسجل النظام الإيراني في رعاية القتل والإرهاب والعدوان، فمن المؤكد أن الشكوك تنشأ حول شرعية الملالي.
وعلى الرغم من سيطرتهم على إنتاج النفط والغاز، وامتلاكهم لأسلحة هائلة، وترهيب الدول المجاورة، وتحالفاتهم الاستراتيجية مع جهات مثيرة للمشاكل، لا يمكن اعتبار النظام الإيراني شرعيا أو يستحق الاعتراف به. ورغم أنهم يشغلون مقعدا في الأمم المتحدة، فإن ذلك لا يمنحهم الشرعية.
وفي القرن الحادي والعشرين، لا بد من اتباع بديل لشن الحرب ضد الحكومة الإيرانية. ومن الضروري الاستماع إلى أصوات الشعب الإيراني وتمكينه من تشكيل حكمه. ومع ذلك، لا يمكن تحقيق ذلك إذا استمرت الجهات الخارجية في التعامل مع النظام الحالي باعتباره الممثل الشرعي للشعب الإيراني.
لقد حان الوقت لكي تسعى الدول الغربية وجيران إيران والمجتمع الدولي إلى البحث عن قيادة بديلة للشعب الإيراني وتأييدها. ويستلزم هذا دعم الحركات الشعبية، والأفراد الذين يظهرون شجاعة في المدارس والشوارع، والمنظمات مثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي دافع لفترة طويلة عن التطلعات المشروعة للإيرانيين.
إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بمرونته الدائمة والتزامه الذي لا يتزعزع، يقدم بديلاً قابلاً للتطبيق لحكم الملالي. وعلى مدى عقود، وقفت بثبات في الدفاع عن حقوق الشعب الإيراني. يدعو برنامج السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة، المكون من عشر نقاط إلى الحكم الديمقراطي، والحرية الدينية، وحقوق الإنسان، والحريات السياسية.
وبعد أن اكتسب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية معرفة وثيقة بظروف إيران واحتياجات شعبها، فهو مجهز جيدًا لتعزيز التقدم الأخلاقي والسياسي والقانوني والاقتصادي داخل البلاد. ويتعين على المجتمع الدولي أن يعترف بهذا البديل وأن يمتنع عن اللجوء إلى مزيد من الصراع. وبدلاً من ذلك، ينبغي بذل جهود متضافرة لدعم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وتسهيل رؤيته لإيران أفضل.
يمثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) قوة سياسية وأخلاقية داخل إيران المعاصرة. وهو يمثل الهدف ذو الأولوية القصوى للنظام الإيراني بسبب إمكاناته كحكومة انتقالية في حالة انهيار النظام الحالي. ومع وجود شبكات اتصالات واسعة النطاق وتمثيل في جميع أنحاء إيران، يتمتع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بنفوذ ونطاق كبيرين.
وبدعم من برنامج جيد التنظيم، يهدف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إلى إحداث تغيير إيجابي للشعب الإيراني وتعزيز الشراكات البناءة مع الدول الأخرى على المستويين الإقليمي والعالمي. وعلى الرغم من التحديات الكامنة في التعامل مع إيران، فإن نزع الشرعية عن النظام الحالي من الممكن أن يمهد الطريق لتحقيق تطلعات الشعب الإيراني إلى حكومة تمثله وتخدمه حقاً.
ومن خلال دعم كيانات مثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والعمل على نزع الشرعية عن النظام القمعي، هناك أمل في تسهيل ظهور حكومة تتوافق مع رغبات وقيم الشعب الإيراني. يحمل هذا النهج القدرة على إحداث تحول حقيقي ومشاركة بناءة داخل إيران وعلى الساحة الدولية.
*سعيد عابد عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ ناشط في مجال حقوق الإنسان، وخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…