أن الحجل خوان قومه

المحامي عبد السلام أحمد- سوريا – الحسكة

يحتار المرء في إيجاد التوصيف والتسمية المناسبة لواقع حال بعض المثقفين والكتاب الكرد ممن أرتضوا لأنفسهم لأن يكونوا بشكل مباشر أو غير مباشر أداة من أدوات الهدم والتخريب ضمن المنظومة الاعلامية والفكرية للجبهة المعادية للشعب الكردي في أجزاءه الأربعة، والتاريخ الكردي حافل باسماء كردية اختارت التمترس في الخندق المعادي بحجج ومسميات عديدة، فكانوا اشد حقداً وإجراماً من العدو الذي جاء غازياً من الصحارى، واستطاعوا بحكم إمكاناتهم السياسية والاجتماعية والثقافية ومعرفتهم بطبيعة وجغرافية الوطن أن يلحقوا الضرر الفادح بأبناء جلدتهم ويصبحوا عوناً وسندا للمحتل.،
ولعل أبلغ الصور الحية هو ما نشاهده على شاشات التلفاز العالمية لصور بعض الكرد المتعاونين مع الجيش التركي، ويطلق عليهم أبناء الشعب الكردي في كردستان الشمالية أسم (القوروجي) أما في كردستان الجنوبية فهم (الجحوش) وهم مجاميع كردية مرتزقة تسير كالكلاب البوليسية أمام الجنود كأدلاء وصائدي جوائز ودروع بشرية للمعتدي، وقد فعلها في السابق النظام المقبور في العراق فشكل ما أطلق عليه أسم أفواج صلاح الدين التي عاثت قتلاً وتدميراً في كردستان لصالح النظام البعثي العفلقي في بغداد، ومن نافلة القول أن هذه المجاميع لم تكن تتحرك دون الدعم المادي والشحن الفكري والإيديولوجي الذي يزين لهم قبح أفعالهم ، والقلم أمضى من السيف في التخريب إذا وضع في خدمة الاعداء، ولعل أفضل من يحمل أعباء برمجة العقول وتشتيت الصفوف هم رجال الدين وتلامذتهم من الكتاب لأنهم يحظون بنوع من الاحترام والتقدير في المجتمع الكردي وكلامهم مسموع إلى حد ما لما تتمتع به هذه الفئة من قدرة على الحديث وتنميق الكلمات، سيما لمن أمتهن حرفة الكتابة وصنعة الخطابة وجعلها سلعة تباع على صفحات الجرائد والمجلات الصفراء وعلى منابر الجوامع.
ولا اظن بأننا سنختلف على تسمية الصحفي المرتزق باسم الجاش أوالقوروجي وأن تسمى باسم كردي أو حمل “خرج” الكردايتي متسولاً على أبواب أوربا وجوامعها مدعياً النطق باسمها، عندما يتأكد لنا بأنه ينضم في كتاباته إلى جوقة مزوري التاريخ ومشوهي الحقائق الكاذبين في حضرة الحقيقة التي تصفع الوجوه، ومن يقرأ لهم  يخال له  بأنه يقرأ مقالات غلاة الصحفيين القوميين الترك والتي تعج بها صفحات جرائدهم ومجلاتهم الكالحة والتي تنز حقداً وكرها على كل ما هو كردي خاصة إذا كان مقرباً من حزب العمال الكردستاني وقائدها أوجلان.
ترى هل يمكننا أن نعد المقالات التي تتهجم على السيد عبدالله أوجلان وحركة التحرر الوطنية الكردستانية والتي اعادت الحياة للجسد الكردي المتهالك في شمال الوطن بعد سنوات من الانكار والقمع والاضطهاد – في الوقت الذي كان فيه البعض يكرع كؤوس الخمر في حانات أوربا –  بأنها تندرج في حدود النقد البناء الهادف إلى تقويم الاعوجاج وتصحيح الأخطاء التي ترافق العمل النضالي، أم نقرأها في سياق الحملة الشعواء التي رافقت الانطلاقة الأولى لهذا الحزب والسعي المحموم من قبل المؤسسة العسكرية التركية على وأدها في المهد بكل الوسائل الممكنة لكبح صوت الحق وتشويه صورة الحزب وقائده عبر مراكزها الاعلامية الضخمة وخبراتها التي تراكمت خلال عشرات السنين، وما تملكه من كوادر علمية وفقهاء وعلماء نفس متخصصون واساتذة بارعون في الكذب وحبك الدسائس ممن حفظوا جيداً تعليمات غوبلز وزير الاعلام الهتلري تلامذة أتاتورك عندما كان يقول أكذب أكذب حتى يصدقك الاعداء، ينتهجون في ذلك مسلكاً خسيساً في مجال الاعلام  أي أزرع الكذبة أو الاشاعة المقصودة كما يقال في علم النفس التجريبي وأترك الطرف الآخر ينفي أو يحاول الدفاع وبعد مرحلة الزرع تأتي مرحلة التنقيط التي تتسرب إلى أفكار القراء والأناس العاديين لكن الكذب لايخفي الحق دائماً.
يدرك الجميع أن حزب العمال الكردستاني قد أعلن وقفاً لأطلاق النار من جانب واحد ولعدة مرات وكان آخرها المعلن في 1/10/ 2006  ودعا لحل المسألة الكردية بالحوار والطرق السلمية حيث لم يستجب الجنرالات الترك ولم تتوقف الحملات العسكرية وتمشيطات قوات الجندرمة، والاشتباكات الأخيرة جاءت دفاعاً عن النفس، ولم تكن قوات الدفاع الشعبي هي المبادرة في الهجوم وقد أكد على ذلك السيد مسعود البرزاني في مقابلته مع إحدى الفضائيات العربية عندما قال أن المعلومات التي نملكها هو أن الجيش التركي هو من بادر بالهجوم، إلا أن بعض الكتاب الكرد يصر على تحميل حزب العمال مسؤولية ذلك، ويصرون على ترديد مقولات الاعلاميين الترك وتجميل وجه حكومة أردوغان القبيحة، وبأنها تسعى إلى حل المسألة الكردية سلمياً مع أننا لانجد على أرض الواقع غير الرصاص والسجون وأنكار الوجود، حتى أن الدستور الجديد المنوي طرحه على الاستفتاء لايتضمن أي كلمة تشير إلى حقوق الشعب الكردي،
لقد أظهر البعض من الكتاب المرتزقة عداءهم السافر للحركة التحررية الوطنية الكردستانية  بقيادة PKK في هذه المرحلة المصيرية التي أظهر فيها الكرد عامة وحدتهم وتضامنهم ووقوفهم في وجه التآمر الاقليمي والتهديد العسكري التركي ، وأعلن الجميع أن المستهدف هو الشعب الكردي برمته وتجربته في كردستان الجنوبية وكان الموقف المشرف للسيد مسعود البرزاني رئيس أقليم كردستان الاثر الطيب في نفوس كل الكرد، وشحذت من همم جميع الشرفاء في كردستان للتوحد ونبذ الخلافات.

إلا الجبناء ممن يتلطعون وراء الاسماء الوهمية – وهؤلاء يتحملون جزءاً كبيراً من وزر أتهام حزب العمال الكردستاني بالارهاب – ، فقد راعهم ماوصل إليه الشعب الكردي من وئام واتفاق فأعادوا فتح أدراجهم التي تفوح منها الروائح العفنة، وعلا زعيقهم وصراخهم حتى أعتقدنا بأن الجنرال التركي الذي تمرغ أنفه في تراب (أورامار) هو من  بقية أهلهم.
لن ينال هؤلاء النافخين في بوق أبناء الذئبة الرمادية من إرادة وعزيمة مقاتلي الحرية مهما كبر حجم التآمر وعظمت التضحيات، فهم فوق ذرى الجبال كالنسور وفي أرض كردستان – التي ماوطئت هامتها أبداً  للغزاة والمعتدين – يتربصون بالأعداء وكل من تسول له نفسه لعب دور (بكو عوان).

  15/ 11 /2007 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…