موضوعات امام المؤتمر الرابع لتيار مستقبل كردستان سوريا..!

 

اكرم حسين

 

امام تعقيدات الازمة السورية وتشابكها العميق مع الاوضاع في الاقليم والعالم ،  والحالة التي تعيشها اغلب الاحزاب الكردية السورية ، بسبب الظروف الذاتية والموضوعية  وفقدانها لدورها ولاستقلاليتها السياسية ، وضعف الثقة بالأحزاب وبالمشتغلين الحزبيين عامة ، وما فرضه واقع الانشقاق ، وتدني مستوى الوعي والسلوك والممارسة السياسية  بسبب تخليد الشخصيات في مناصبهم  ، وتحول اغلب احزابهم  وتياراتهم الى “دكاكين سياسية ” ، وفي ظل استشراء المحسوبية والزبائنية  والانا الفردية ، بعيدا عن الوفاء للبرامج السياسية وللأنظمة الداخلية ،

 

وامام هذا الواقع المزري الذي يتعايش معه المشهد السياسي الكردي ، والذي بات يهدد مستقبل القضية الكردية ووجودها القومي في سوريا ، فقد حان الوقت لامتلاك زمام الارادة السياسية والتنظيمية لإعادة تأهيل ما يمكن تأهيله  ، وانجاز بعض التحالفات والاشكال الموجبة كي تكون قادرة على اداء دورها المنوط بها عبر امتلاك الشجاعة الكافية لإجراء المراجعات الضرورية ، وتفعيل مبضع النقد في الجسد الكردي المترهل  لتحديد الاخطاء والنواقص ، ورفع وتيرة النضال وارتفاع نبرته ، والتوجه الى الجماهير لاستعادة ثقتها في هذه المرحلة الحساسة ، والتي تتعمق فيها الازمة ، وتزداد الهشاشة الحزبية ، وتسود الامية السياسية ، وينخفض منسوب القيم ، وكل ذلك يتطلب بالضرورة جهدا ووقتا وعملا استثنائيا وبطولياً ..؟
فلا يمكن لأحزاب غير ديمقراطية ان تنجز التغيير الديمقراطي  وتتحدث عنه – تلك التي تفتقر الى السلوك الديمقراطي ، ويتمركز القرار الحزبي بيد المسؤول الاول مما يجعل منه “الهاً” يفرض شروطه الصارمة في الولاء والتبعية والمنح ، وبالتالي من المعيب ان تعد هذه الاحزاب الناس بأشياء لا تستطيع ان تلزم  نفسها بها…..!
وانطلاقا مما تقدم وما تتطلبه هذه المراجعات  بما هي وقفة مع الذات قبل الاخر ، لم يستطع التيار خلال مرحلة الثورة ان يدرك المغزى الثوري لما حدث ، وان يناهض  السلطوية التي برزت داخل المجتمع السوري والحركة الكردية السورية ،  ما ادى  الى ابتعاده عن السياسة ، وفشله في بناء التحالفات وكسب الاعضاء والاصدقاء قياسا بالظروف الجديدة والتبدلات التي احدثها تطور الاوضاع في المشهد العام السوري ، فقد اكتفى بالمراقبة واصدار البيانات والانشغال بالخلافات التنظيمية  ، وكيفية الولوج الى المجلس الوطني الكردي رغم انتقاداته العديدة  ، وعدم رضاه على الاداء ، بحيث تحولت لديه هذه السياسة  الى “صنم” بعيداً عن ربط تحقيق برنامجه وعمله التكتيكي بصورة ايجابية مع الحياة اليومية والعادية التي تحياها الجماهير الكردية ، فقد كان من شأن هذا الربط  – لو تم – ان يوحّد العملية الموضوعية والوعي الذاتي لدى الجماهير عبر استغلال التناقضات الى الحد الاقصى وصولاً الى انتاج وعي مقاوم يسعى للانتقال والتغيير ، ويدفن الجثث “العفنة” في الساحة الكردية ..!
ان فشل التيار في تأكيد الحاجة الى استراتيجية جديدة للعمل والتغيير وضرورة صياغتها بأسرع ما يمكن  تلبية لديالكتيك الواقع والحاجات الموضوعية للبشر اضف الى ذلك استشهاد مشعل وابتعاد الممارسة عن بيان التأسيس قد اديا الى التراجع والانكفاء وسقوط المراهنات وانحسار دوره المأمول  وبالتالي الانغلاق والدوران حول الذات ، وعدم انتاج مفاهيم جديدة تعزز الحقوق القومية ، وتكرس الوجود القومي الكردي في اشكال رسمية  أو كيانية ملموسة…!
من هنا فان افتقار التيار الى ممارسة عينية في السياسة هي محصلة منطقية لغياب هذه الاستراتيجية التي تحدثنا عنها قبل قليل في ابتعاد قيادات التيار واعضائه عن معاناة وهموم البشروتطلعاتهم المرتبطة ارتباطا مباشرا بالواقع العياني الملموس ، وبالصراع الدائر في المجتمع ، وبالصيرورة التي تتحكم في مساره …!
يحتاج التيار كما هي باقي القوى الى انتاج دراسة موضوعية عن الاسباب التي ادت الى صعود وسيطرة بعض التيارات الراديكالية والميليشياوية بما فيها الاشكال شبه الفاشية من كافة جوانبها وتفسيرها تفسيراً علمياً دقيقاً عبر دراسة حركة الواقع والتحولات التي تجري فيه نتيجة تناقض المصالح التي تفرضها صيرورة البنية الاجتماعية والاقتصادية  بعيداً عن احالة هذا الصعود الى طبائع المسلمين النفسية وثقافتهم الدينية و”العبودية الطوعية” للجماهير لان هذا الخلط المتعمد الذي يجري عادة من قبل البعض يهدف الى تشويه التفسير المادي للتاريخ لصالح الطبائع “المتأصلة “وسياسات النهب والاحتكار والهيمنة الايديولوجية والسياسية والثقافية والعسكرية …! وبالتالي يكتسب النضال ضد التشيؤ داخل نطاق الذات وبين الاعضاء ، وضد فرض التطويع وتبني القيم والاخلاق الزائفة اهميةً خاصةً مما يستدعي التطور النظري والاستراتيجي خارج مفاهيم ومقولات هذه الحركة لا بل في مواجهتها ….!
لا شك ان الاتجاه النقدي الرافض للواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي  للمجتمع الكردي السوري يعود الى المرحلة الاولى من تأسيس التيار ، وخاصة كتابات الشهيد مشعل التمو والاعداد الاولى من صحيفة المستقبل  ، وهي احد الاسهامات الهامة  في الفكر النقدي السياسي الكردي عبر التحديد الدقيق للنواقص والتشوهات المتأصلة في بنية المجتمع الكردي ، واسباب تخلفه ، وعدم تقدمه ، وتجاوز العجز في  قراءة الواقع قراءة شجاعة من موقع النقيض  للثقافة السائدة ومقولاتها الدارجة في التنميط  والتوحيد ومعيارية القياس التي يفرضها واقع الشمول والاستبداد للضبط والسيطرة وتأمين الرتابة ، والحد من الاصوات العالية  والارواح المتمردة….!
لا بد من اجراء مراجعة نقدية لمواقف التيار ولخطه السياسي ، و تحديد رأيه في قضايا تهم الكرد والسوريين جميعا ، ومنها اعادة النظر بالعلاقات الكردستانية  وتدخلاتها “الفظة ” في شؤون كرد سوريا وفي صياغة مستقبلهم  ، والادوار الوظيفية التي يقوم بها البعض لصالح جهات وقوى اقليمية ودولية ، وتحديد طبيعة التحالفات التي يجب ان يجريها ، وشكل التنظيم وطريقة انتشاره ، وقضايا الديمقراطية واشكالها التوافقية واحترام حق الاقلية ورأيها في الاختلاف ، وصولا الى بنية تنظيمية مرنة وافقية  ؟ وهل هناك امكانية لقيام دولة كردستان المستقلة  الان ؟ ام ان الواقع العنيد يقتضي تجميد الشعار والعمل وفق خصوصية كل جزء جنبا الى جنبا مع القوى الوطنية والديمقراطية التي تعترف بحقوق الكرد وتناضل في سبيل قضايا الانتقال الديمقراطي والمواطنة المتساوية بما فيها شكل الدولة ونظام الحكم والمركزية واللامركزية وقضية الاحتلالات على الارض السورية والموقف منها ….الخ
والسؤال الذي يحرق اللسان هل يستطيع مؤتمر التيار القادم ان يقوم بكل ما سبق ام انه لن يكون الا تكراراً لطبعاته السابقة ، وكأنك يا ابو زيد ما غزيت …!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…