الأزمة السورية وغياب الحل

 

افتتاحية جريدة الديمقراطي*
لا شك أن الصراعات الحاصلة في المنطقة والعالم وتضارب مصالح القوى العظمى والتي تترجم في العديد من المناطق بارتفاع منسوب التوتر إلى مستويات خطيرة، وفي أماكن أخرى متفجرة وتأخذ شكل القصف المحدود أو المناوشات تحت السيطرة إلى حد ما كما يحدث على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، وكذلك ما يشهده مضيق باب المندب وما يقوم به الحوثيون من تهديد للملاحة البحرية عبر هذا الممر التجاري العالمي من خلال الهجوم على السفن التجارية والاستيلاء عليها أو قصفها بشكل مباشر ، والرد عليهم من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا بقصف مواقعهم العسكرية بضربات صاروخية وقصف للطائرات الحربية، وكذلك التهديدات الإيرانية الصريحة بإغلاق هذا الممر، وأخرى حروب مستعرة ضارية، كما الحرب الروسية- الأوكرانية وحرب إسرائيل وحماس، وكذلك تركيا التي تبتز العالم أجمع وتستغل أي حدث قد يحدث على وجه الأرض لتنفذ عدوانها الشرس على المناطق الكردية حيث أنها ما برحت منذ أشهر تقصف البنى التحتية والخدمية في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية أمام أنظار الأعداء وكذلك
” الحلفاء ” دون أن يحرك أحد ساكنا، ويكاد الناس يعودون إلى حياة البداوة والوسائل البدائية لتدبير أمورهم المعاشية..إضافة إلى العديد من المشاكل والصراعات الأخرى في مناطق مختلفة من العالم، كل هذه المشاكل إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية والقصف المتبادل بين مختلف الجهات والقوى المتصارعة على الساحة السورية، تكاد تدفع بالأزمة السورية إلى زاوية النسيان ولا يبدو بصيص أمل منظور أمام الشعب السوري الذي عانى ويلات تكاد لا توصف، وربما لم يحدث مثلها في التاريخ الحديث على مدى أكثر من عقد من الزمن، فتستمر الأوضاع المعاشية المزرية، حيث الانهيار المتسارع لقيمة الليرة السورية أمام العملات الصعبة لتصبح الغالبية العظمى من الشعب السوري تحت خط الفقر، وانعدام الخدمات كالماء والكهرباء ومواد التدفئة، وتدهور الأوضاع الأمنية والصحية وغياب الأمن والأمان والاستقرار، والزيادة الملحوظة في نشاط المجموعات الإرهابية من داعش وأمثالها من الفصائل المدعومة من تركيا والتي تخرب المناطق التي تسيطر عليها بشكل ممنهج من تغيير ديمغرافي وقمع وتنكيل للمواطنين وحتى إبادة أشجار الزيتون وتدمير البيئة.
كل هذه الأمور  والتعقيدات تسد الطريق أمام أي حل للأزمة السورية في الأفق المنظور ويبدو أن هذه الكارثة ستستمر طالما تناقضت مصالح وسياسات المتحكمين بزمامها، حيث أن القوتين العظميين، أمريكا وروسيا تبدوان أمام مشاكل كبيرة، وقد  وصل “البلل إلى لحاهما “، فروسيا منهمكة في حرب تبدو استنزافية في أوكرانيا، وقد بدأ صوتها يخبو في المنطقة بعد حرب غزة، والولايات المتحدة وجدت نفسها أمام تحد خطير يتعلق بوجودها في المنطقة بعد الحرب المذكورة آنفا حيث أن حليفتها إسرائيل مرت ولا تزال تمر بامتحان عسير إثر عملية طوفان الأقصى وكذلك الاستهدافات شبه اليومية للمواقع والقواعد الأمريكية في كل من سورية والعراق كرد على الحرب الإسرائيلية على غزة وبهدف الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من المنطقة، و في مثل هذه الأجواء الملبدة بشتى أنواع
” الغيوم “، لا تبدو أمام السوريين أية فرصة للحلول إلا الحوار الوطني السوري- السوري والتخلي عن التبعية للأطراف الخارجية، والرجوع إلى حل وطني يرضي الجميع من خلال إيجاد حكم ديمقراطي تعددي لا مركزي وحل مجمل القضايا الداخلية ومن ضمنها الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية للشعب الكردي كثاني أكبر مكون في سورية..
——————————–
*جريدة الديمقراطي /العدد 628/ شباط/ 2024
*الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا
لقراءة و تحميل كامل العدد أضغط هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…