نظام مير محمدي*
في محكمة استئناف ستوكهولم الخاصة بالتحقيق في جرائم حميد نوري.. لمحة عن حرب مجاهدي خلق مع النظام الإيراني
…
وأضاف المحامي كينيث لويس: “يقال إن منظمة مجاهدي خلق تلقت دعماً مالياً من العراق، وفي هذا السياق، أود أن أذكركم بالكميات الكبيرة من الأسلحة وغيرها من المعدات التي حصلت عليها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من القوات الإيرانية، خاصة خلال عملية الثريا التي بلغت تكلفتها مليارات الدولارات، لقد قدَّمنا العديد من الوثائق التي تثبت أن مجاهدي خلق كانوا يتحملون دفع نفقاتهم الخاصة، دون مساعدة من الآخرين، وكانوا يشترون الأسلحة، وقد نشرت مجلة (مجاهد) جزءً من هذه الوثائق في عددها الـ 915 الصادر بتاريخ 25 حزيران/ يونيو 2008”.
وأظهر كينيث لويس وثيقتين مصرفيتين في المحكمة مفادهما أن: “مجاهدي خلق حوَّلوا 8 ملايين دولار من بنك الائتمان السويسري إلى الحكومة العراقية، مقابل حصولهم على دنانير عراقية لتغطية نفقاتهم في العراق”.
وعرض كينيث لويس أمثلة على وثائق تتعلق بشراء مجاهدي خلق للأسلحة والذخيرة من العراق في أعوام 1992 و2000 و2001، وقال: “إن ذلك يدل على أن الصراعات المسلحة غير الدولية بين مجاهدي خلق ونظام الملالي استمرت أيضاً بعد عام 1988″، كما أظهر تقريراً صادر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في يوليو 1993 حول منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ووجودها في العراق، وصرح بأن: “مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة قاموا في أوائل فبراير 1992 بتفقد القاعدة الرئيسية لجيش التحرير الوطني الإيراني (NLA) في الخالص، والمعروفة باسم قاعدة أشرف، ويفيد تقرير مفتشي الأسلحة بأن قاعدة أشرف تشبه السفارة، ويعتبرها العراقيون أرضاً إيرانية”.
وعرض رسالة مؤرخة في 15 كانون الأول/ ديسمبر 1998 موجهة من الأمين العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، جاء فيها نقلاً عن الوكالة الدولية لمراقبة أسلحة الدمار الشامل في العراق أنه: “تم منح حق الوصول إلى هذه المواقع وإجراء عمليات التفتيش عليها باستثناء منشأة واحدة كانت تحت سيطرة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وأعُلن أن موقع هذه المنشأة ليس تحت سيطرة العراق”، وعرض أيضاً رسالة مؤرخة في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2002 موجهة من السلطات العراقية إلى وكالة الرقابة على أسلحة الدمار الشامل في العراق التابعة للأمم المتحدة؛ تفيد بأن منشآت مجاهدي خلق في العراق ليست تحت السيطرة العراقية، وورد فيها: “إن المنشآت التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية تحت سيطرة المنظمة دون تدخل الحكومة العراقية”، مبيناً: “ان هذه الوثائق استقلال منظمة مجاهدي خلق الإيرانية عن العراق وتشير أيضًا إلى أن الصراع المسلح غير الدولي استمر أيضاً بعد عام 1988”.
وحول خلفية الحرب الأهلية بين مجاهدي خلق ونظام الملالي، قال كينيث لويس: “إن مسعود رجوي وغيره من قادة مجاهدي خلق كانوا في السجن حتى قبل 3 أسابيع من الإطاحة بنظام الشاه، وبعد 5 أيام من خروجه من السجن، قال مسعود رجوي زعيم مجاهدي خلق، في أول خطاب له في جامعة طهران “عاشت الثورة الديمقراطية الإيرانية”، بيد أن خميني كان يعتبر مصطلح (الثورة الديمقراطية) كفراً، وأكد على مصطلح (الثورة الإسلامية)، وبما أن الإيرانيين كانوا على علمٍ بنضالات مجاهدي خلق والتضحيات التي قدموها في عهد الشاه، فسرعان ما أصبحوا حزباً واسع الانتشار في جميع أنحاء إيران، وكان لديهم مكاتب في جميع مدن إيران، ولكن منذ الأشهر الأولى تعرضوا لهجمات متكررة من قبل العصابات الموالية لخميني”.
وأوضح: “ان 20 حزيران/ يونيو 1981 يعتبر أهم نقاط التحول في تاريخ إيران، حيث جرت آخر مظاهرة سلمية ضد النظام الإيراني، وحوَّلها نظام الملالي إلى حمام دم، والجدير بالذكر أن أكثر من مليون شخص في طهران وحدها؛ شاركوا في هذه المظاهرة، وأمر خميني قوات حرس نظام الملالي بفتح النار على المظاهرات، وقُتل العشرات من المتظاهرين وأصيب المئات، وتم القبض على آلاف الأشخاص، ومنذ مساء يوم 20 حزيران/ يونيو، بدأت موجة الإعدامات الجماعية لمجاهدي خلق وغيرهم من الجماعات المعارضة للنظام الإيراني، وبعد 3 أيام من المظاهرة، نشرت صحيفة «اطلاعات» صور 12 فتاة مجاهدة مراهقة تم إعدامهن دون تحديد هوياتهن، وطُلب من عوائلهن استلام جثثهن”!
وأشار كينيث لويس إلى: “ان حسين علي منتظري احتج في رسالة وجهها إلى خميني في 27 أيلول/ سبتمبر 1981؛ على الأبعاد غير المنطقية لعمليات الإعدام والقمع غير القانونية التي تضطلع بها الحكومة في سجون نظام الملالي، كما جاء في هذه الرسالة «إن إعدام الفتيات في سن الـ 13 و الـ 14؛ بسبب الاشتياط غيظاً دون حمل السلاح أو المشاركة في المظاهرات لهو أمر جائر تماماً، إنه لأمر فظيع، نظراً لأن الضغط والتعذيب الذي لا يُطاق في ازدياد»، وللعلم، صحيفة “فرانس سوار” هي التي نشرت على صفحتها الأولى، في أكتوبر 1981، خبر إعدام 200 طفل في طهران، ولإثارة الخوف وترويع المواطنين، تم على الملأ تنفيذ العديد من عمليات الإعدام في الساحات العامة في المدن، ويتم في بعض الأحيان إعدام أكثر من 100 شخص كل ليلة، وبحسب الشهود، وخاصة السجين السابق محمد زند، في المحكمة الإبتدائية، فإن مسؤولي السجن قالوا إنه تم خلال 3 أيام من 27 إلى 29 أيلول/ سبتمبر 1981؛ إعدام أكثر من 1800 شخص في سجن إيفين، وقد يكون عدد الأشخاص الذين أُعدموا في عامي 1981 و1982 أكبر من عدد عمليات الإعدام التي تمت في عام 1988″، مبيناً: “ان منظمة مجاهدي خلق الإيرانية نشرت قائمة في عام 2006 بأسماء وتفاصيل أكثر من 20,000 شخص من أعضائها ومؤيديها الذين تم إعدامهم في تلك السنوات، وتمثل هذه القائمة جزءًا صغيرًا من الـ 100,000 شخص الذين تم إعدامهم منذ عام 1979 حتى الآن”.
وتابع المحامي لويس بالقول: “حدثت الاعتقالات الجماعية والتعذيب والإعدامات الجماعية بعد أن فتحت قوات حرس نظام الملالي النار على المظاهرة الحاشدة التي انطلقت في طهران في 20حزيران/ يونيو1981، دعماً لمنظمة مجاهدي خلق، ولم يعد النشاط السياسي السلمي ممكناً، ولم يحمل مجاهدو خلق السلاح لمواجهة نظام الملالي إلا بعد ما تم ذكره من أحداث، وقد اعترفت السلطات الرسمية للنظام الإيراني مراراً وتكراراً باندلاع هذه الحرب في شوارع طهران ومختلف المدن الإيرانية، وقال وزير الداخلية الحالي لنظام الملالي (أحمد وحيدي)، وهو القائد السابق والأول لقوة القدس الإرهابية التابعة لقوات حرس نظام الملالي، في مقابلة أجريت معه عام 1997 إن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية كانت تقوم بـ 300 عملية عسكرية يومياً ضد قوات حرس نظام الملالي في طهران”…
(يتبع..)
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني