كردستان العراق تأمل في محادثات مع تركيا لحل الأزمة الكردية

  نجيرفان برزاني

عندما التقى الرئيس بوش ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجان في واشنطن يوم الاثنين الماضي لمناقشة الأزمة الناشبة بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، كنا في حكومة إقليم كردستان العراق نصغي باهتمام وأمل كبير.

وقد رحبنا بهذا اللقاء.
حيث أن الحل الوحيد لهذه المشكلة الممتدة لعقود يكمن في الدبلوماسية.
دعوني أكون واضحا بأن حكومة إقليم كردستان العراق مستعدة تماما وسوف تظل مستعدة تماما لإيجاد حل طويل الأجل لهذه المشكلة.ولهذا الهدف نقترح إجراء محادثات بين أنقرة وبغداد واربيل وواشنطن.فهذه قضية عابرة القومية تعقدها الروابط العرقية ولا يستطيع اي طرف ان يجد لها حل من نفسه.وسوف نجلس في أي وقت مع أي أحد يسعى الى حل دبلوماسي متفاوض عليه.

يتعين علينا التخلي عن الخطاب السياسي الذي يحمل في طياته العنف وندرك ان الرد العسكري على الأزمة الحالية يمكن ان يشكل كارثة للكل عدا حزب العمال الكردستاني.

فنحن في إقليم كردستان العراق سوف نفترق في طريقنا الى السلام
والديمقراطية والرخاء،ويمكن للجيش التركي ان يصبح غارقا في مستنقع صراع دموي وغير فعال ضد حزب العمال الكردستاني خارج حدوده،ويمكن للولايات المتحدة والحلفاء الغربيين ان يصبحوا نافرين من حليف حيوي في حلف شمال
الاطلسي،واقتصادات وشعوب المنطقة-لاسيما تركيا وسورية وايران والعراق-سوف يعانون.
لقد حاولنا ان نشرح لأصدقائنا الاتراك اننا لا نريد سوى السلام والتعاون معهم.ان اقليمنا يعتمد بشكل كبير على الاستثمار والتجارة مع تركيا.فالغالبية العظمى من الشركات الاجنبية العاملة هنا هي شركات تركية وتقريبا فان كل عمليات بنائنا تتم عن طريق مقاولين اتراك ونحن نحصل على كثير من طاقتنا الكهربائية من تركيا اضافة الى ان اكثر من 75% من وراداتنا تصل عبر تركيا.فلماذا اذاً نستفز تركيا الى القيام بعمل عسكري يمكن ان يدمر اقتصادنا بشدة؟
ان تاريخ هذا الجزء المتنازع من العالم يحمل رسالة مفادها ان مشاكل مثل حزب العمال الكردستاني لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية.فعلى مدى عقود حاولت حكومة صدام حسين تصفية الشعب الكردي عن طريق العنف بثمن فادح بالنسبة للطرفين.

ونحن انفسنا حاربنا ضد حزب العمال الكردستاني في اواخر التسعينات بمساعدة من الجيش التركي وبعد 10 سنوات نجد انفسنا مرة اخرى في حالة ازمة.لقد حمت الجبال داخل اقليمنا وفي تركيا حزب العمال الكردستاني لعقود ولا يوجد مبرر كبير للاعتقاد بأن العمليات العسكرية الجديدة سوف تكون ناجحة بشكل أكبر من المحاولات السابقة.

ان الحل العسكري لمثل هذه المشاكل لا يعمل ابدا.
لقد أدنا وسوف نستمر في إدانة حزب العمال الكردستاني على هجماته غير المبررة في تركيا.

ونصر على أن يتخلى أفراده عن أسلحتهم فورا.ولا نسمح لهم بالعمل بشكل حر على العكس مما يوحي البعض.ان تركيا بقدرتها العسكرية الكبيرة لم تقو على القضاء على حزب العمال الكردستاني داخل حدودها ومع ذلك يتوقع بعض الاتراك منا ان ننجح
نحن في القضاء على هذا الحزب بقدراتنا ومواردنا الاقل بكثير.تماما،وكما نطلب من الاتراك السعي الى حل سلمي،فإنه يتعين على حزب العمال الكردستاني ان يتخلى عن استراتيجيته الفاشلة في الصراع المسلح.حيث يتعين اعطاء الدبلوماسية والحوار فرصة.فمن خلال الوقت والصبر والاستقرار نعتقد ان التغير السلمي يمكن ان يحدث.فقبل 10 سنوات فقط كان يتم النظر الى منظمة التحرير الفلسطينية والحزب الجمهوري الايرلندي على انهما منظمتان ارهابيتان.اما الان فقد بداوا عملية تحول ويعملون داخل الاطار السياسي.الا يمكن ان يحدث مثل هذا التحول لدى حزب العمال الكردستاني؟ لا يمكننا الجزم بذلك.غير اننا نعرف ان العمل العسكري سوف يزيد من تشدد الوضع بشكل اكبر وسوف يولد العنف بالتاكيد مزيدا من العنف.
اننا نريد السلام على طول حدودنا مع تركيا.ونحن نريد التعاون في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.اننا نرغب في ان نكون جار جيد وان نتحمل مسئولياتنا كجيران جيدين.ان محاولاتنا الناجحة في التعاون مع انقرة وبغداد لتامين الافراج عن الجنود الاتراك يظهر رغبتنا المخلصة في ايجاد حلول سلمية للمشكلة.

وسوف نستمر في القيام بخطوات ثابتة بغية تحسين البيئة الامنية على الحدود.غير انه على الحكومة التركية ان تتخلى عن رفضها اجراء محادثات معنا بوصفنا جيران.
إن إقليم كردستان هو الجزء الوحيد في العراق الذي ازدهر فيه السلام والتنمية منذ التحرر في 2003 ونحن الحكومة الاقليمية المعترف بها دستوريا في المنطقة.

وقد اجتازنا طريقا طويلا على الصعيد الاقتصادي والسياسي.وان كان لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب.لقد اختارنا ان نصبح جزءا من عراق فيدرالي وسوف ندعم هذا الالتزام.ولم نهدد احدا، ونحن نتحرك صوب تنمية اكبر.ونأمل ان نستطيع مد يد الصداقة لتركيا والعمل معا من أجل إيجاد حلول لهذه المشكلة تؤدي الى استقرار طويل الأجل وعلاقات سلمية.

نشيرفان برزاني
رئيس وزراء حكومة اقليم كردستان العراق.

خدمة لوس انجلوس تايمز- واشنطن بوست خاص بـ(الوطن)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…