إبراهيم محمود
اليوم الاثنين ” 30-10-2023 “انطلقنا صباحاً، زميلي الباحث والمترجم ولات توفيق في مركز بيشكجي للدراسات الإنسانية- جامعة دهوك، وأنا، بسيارة الأستاذ الصحفي نوزاد زاده” صديق ولات توفيق ” إلى جامعة سوران، حيث الموعد مع إدارتها وفي المقدمة رئيس الجامعة البروفيسور الدكتور شيروان شريف قرطاس” الذي لم يستطع الحضور والمشاركة، لوضع طارئ في هولير، ورجع لهذا الغرض سريعاً، لنلتقيه في مكتبه في نهاية النشاط التكريمي “، حيث خُصّص موعد لتكريمي الساعة العاشرة صباحاً. وكان للصديق الدكتور الباحث إبراهيم ملا زاده ” أستاذ في قسم علم الاجتماع “، صاحب فضل كبير في التنسيق وتحديد الموعد، والمتابعة، إلى جانب دور لا يُنسى للدكتور سالار تاوكَوزى أستاذ بقسم اللغة العربية/ كلية التربية/ شقلاوة/ جامعة صلاح الدين ” هولير ” في التأكيد على موضوع التكريم، حيث أمضينا ساعتين ونصف الساعة في الطريق، دون شعور بوطأة الزمن، إذ إن التنوع الطبيعي لجغرافية كُردستان، ومجموعة السلاسل الجبلية وشعرية القمم فيها، والسماء التي تتراءى وكأنها تتوكأ عليها، يملأ الروح متعة .
كان للتكريم موقعه في الأحاديث التي تسطرت على الطريق. ماذا يعني التكريم؟ كيف يُنظَر إلى التكريم؟ وما يخص اعتبار التكريم وحافزه القيمي من الجهة المعنية في الجامعة ومن يجري تكريمه وكيف.
ولعله هم كبير يرتبط بجملة من الاعتبارات الشخصية، والمعرفية، والاجتماعية، عموماً .
من اليمين: د. كارمند عبدالله، د. سالار ناوكَوزى، أنا، والزميل الباحث ولات توفيق” قبل بدء النشاط”
كما أشرتُ،يشير التكريم إلى قيمة شخصية، وما فيها ولها من مؤهلات، وخاصية العطاء المميز خارجاً. ولأثر التكريم خارجاً، في الوسط الجامعي بالذات، وفي المجتمع، وما يمثله من تقدير فكري وعلمي، ما يستحق النظر فيه، والتوقف عنده، إن أريد للمجتمع أن يعيش تاريخه الحي، والعلم قيمتَه المثلى. وهذا حديث لا يُسمى، لأن الموضوع يخصني شخصياً، إنما ما ينبغي التذكير به في سياق الجاري.
الدكتور كارمند عبدالله ، عميد كلية الآداب ، جامعة سوران
حيث تبقى القيمة متعلقة بطبيعة الجهة وما يمكن أن يقال، وصلة القائم بالتكريم بما يخص المتوخى من التكريم بالذات، وما يكون محط اهتمام الجهات المعنية. ثمة شعور بالذات لا يتوقف على مجرد التعريف بالاسم، كما هو المتداول، وإنما ما يمكن أن يكون للاسم من اعتبار، وصلة المتردد حوله بوسطه .
الدكتور إبراهيم ملا زاده
أي ما يكون له تصريف باسم الثقافة الفعلية، وفي طريق الارتقاء بها، ونشرها، وما للجامعة من دور فاعل في ذلك، ولإشعار كل من له صلة بالثقافة والمجتمع، والعلم، أن هناك اعتبارات يُراعى فيها هذا المسمى بالتقدير العلمي، أو التكريم الشخصي لأي كان من خلال أسهم في كتابته وعطائه .
مع الدكتور سالار تاوكَوزى
ما أريد التشديد عليه، هو أن التكريم الذي تم، كما هو تقديري للموضوع، انبنى على أساس ثقافي – علمي، وما في ذلك من تعزيز دور الجامعة في ذلك.
والهموم الثقافية التي شكلت مادة الحوارات المرتجلة أو الأحاديث الجانبية، بدءاً من لقاء الدكتور كارمند عبدالله عميد كلية الآداب وقد استقبلنا في مكتبه، وحين قدِم الدكتوران إبراهيم ملا زاده، وسالار تاوكوزى الذي تكلف عناء السفر قادماً من هولير، وبعد التكريم، وخاصة في مكتبة البروفيسور الدكتور شيروان شريف قرطاس رئيس الجامعة، أفصحت عن هذا القاسم المشترك، حيث أمضينا وقتاً طال نسبياً، ولم نشعر، جرّاء تبادل أحاديث تخص هموماً ثقافياً، وذات صلة بما هو كردي، وكيفية العمل في هذا السياق داخلاً وخارجاً، حيث أشير إلى نقاط مهمة ذات صلة بمفهوم البحث العلمي ومحتواه، وما يمكن للقائم بهذا العمل أن ينجزه، ويكون له موقع، وتكون بصمته على وقع المسجَّل باسمه علمياً.
وبعيداً عن الاسترسال في الموضوع، أشير إلى أن المناخ الذي ساد، حيث الكلمات قرئت وارتجلت في قاعة اسماعيل بيشكجي للمحاضرات، عبّر عن تلك الجدية والتأكيد على أن ما هو علمي وليس سواه يعزّز مكانة الجامعة.
وقبل الحديث، عما جرى، أنوّه إلى الحضور القليل في القاعة، وليس في الإمكان اعتبار الجامعة مسئولة عن ذلك، فلقد تلمست ذلك في مناسبات كثيرة، جهة العزوف عما هو ثقافي، وفي الجامعة بالذات، وهذه نقطة تتردد على ألسنة الأكثرية، وإضاءتها تتطلب المزيد من الوقت، والدخول في نقاشات ربما تكون لانهاية لها.
ماذا عن حيثية التكريم؟
أستطيع التأكيد على أن الهدوء الذي صاحب الكلمات التي قيلت عبَّر عن ود قائم، وبدءاً من افتتاح الجلسة والترحيب بالحضور وبالجاري تكريمه ” أعنيني ” .
وليكون لكلمة عميد الآداب الدكتور كارمند، وهي موجزة، أثر وجداني يحتفى به في هذا المضمار. إن خير الكلام ما قل ودل، ومن جهة من يشغل منصباً جامعياً مثله، يجلو كلمته الدقيقة مبنىً ومعنى .
أما بالنسبة لكلمة الدكتور إبراهيم ملا زاده، فقد أظهر جهداً في تعقّب جوانب مختلفة مما أقرأ وأكتب: أسماء كتب بعناوينها، نوعية الاهتمامات، طبيعة الموضوعات، في التأليف والترجمة، وموقع الكردية في هذه الاهتمامات والتوجهات وقيمتها. لتتشكل فكرة واضحة، كما أظن، لدى الحضور عما تعرَف به كتاباتي.
الدكتور كارمند عبدالله وهو يسلّم الدكتور سالار تاوكوزى شهادة المشاركة التقديرية
كلمة تقدير….
وليكون لكلمة الدكتور سالار، الاعتبار الآخر، وقد أعد بحثاً طويلاً نسبياً إنما كان متعدد المقاصد المعرفية، وثرياً بمحتواه، وقد أفصح عن جهد لافت لديه في القراءة والتحضير للموضوع بالذات، وما في ذلك من تجلّي سمة الباحث المقتدر، عن طبيعة اهتمامي بالثقافة الكردية وغيرها، جهة الشخصية الكردية، الجسد الكردي، صورة الكردي في مرآة الآخر” العربي نموذجاً ” وفي التصوف الذي أخذ حيّزاً ملموساً في موضوعه، وهو يجمع ما بين الارتجال والنظر في النص المكتوب أمامه، وأعتقد أنه تطرق إلى أشياء كثيرة، كنت هيأت نفسي لها، لأنصرف إلى جوانب أخرى، أو آتي على ذكرها من باب الربط.
وهو يسلّمني شهادة المشاركة التقديرية
وما حاولت التركيز عليه، هو: توجيه الشكر إلى جامعة سوران ومبادرتها الكريمة هذه، ثم التعرض لما يصلني بموضوع الكاتب، ومن أين ينطلق، وماذا يدوره في ذهنه ناحية ” اللقب ” هذا. أي : كيف يمكن لأحدهم أن يكون كاتباً بالفعل، وليس كما هو مشا. أن يكون مفكراً، أن يكون باحثاً، أو مثقفاً، وبالنسبة للكردي بالذات، حيث إنه ليس من السهل التعريف بأحدهم كاتباً، إنما لا بد من قراءة مختلفة ليكون لدينا صاحب بصمة ثقافية مختلفة، والاستعداد الدائم لما هو صادم، ومباغت، وموجع، وربما كارثي، وبالنسبة للكردي بالذات، وفي وسط اجتماعي لا يخفي تمسكه بالعادات والتقاليد، ويعرَف بثقافة لا تخفي من جهتها ما هو محظور هنا وهناك..
الدكتور كارمند عبدالله وهو يسلّمني درع التكريم الكريستالية، وهي تحمل اسم جامعة سوران واسمي
( الصف الأول: د. فاتح، د. إبراهيم،أنا، د. كارمند، ماموستا ولات، ماموستا ستار مساعد عميد كلية الآداب،د.محمد مدرس قسم التاريخ، ماموستا جيهانكَير، مدرس علم الاجتماع .
ئینجا مامۆستا رێباز ژ بەشا کۆمەڵناسی.
الصف الثاني:ماموستا كاروان، د. سالار،م. دلشاد،؟…قسم اللغة العربية، ماموستا ريباز” قسم علم الاجتماع .)
وتلك النقاشات التي جاءت على خلفية من الكلمات التي قيلت عبّرت عن هذا التوجه الثقافي المشترك وفي تنوعه.
وفي النهاية جرى التكريم، حيث أشير إلى تلك ” الشهادة ” الاعتبارية والرسمية والتي أرّخ لها ووقّعت من قبل رئاسة الجامعة في شخص البروفيسور الدكتور شيروان شريف قرطاس، شهادة تقدير وتكريم، وما جاء منقوشاً في تلك اللوحة الكريستالية” الدرع ” بقيمتها الرمزية اللافتة، وهي تحمل اسم جامعة سوران” كلية الآداب- قسم علم الاجتماع -2023 ” واسمي، كما نوّهت أسفل الصورة ذات الصلة.
وللصور التي اُلتقطت بطابعها التذكاري مكانتها الاعتبارية هي الأخرى.
الصورة الجماعية الأخيرة مع البروفيسور الدكتور شيروان شريف قرطاس
شكراً لجامعة سوران، ممثلة في جهود الذين لهم دور مؤثر في التكريم: فرداً فرداً، والذين تكلموا في هذا الموضوع، بكلماتهم المعبّرة بداية.
شكراً للأحبة الذين شاركوا في النقاش داخل القاعة وخارجها.
شكراً للزميل ولات توفيق الذي رافقني في السفر ذهاباً وإياباً وكان له حضوره الجميل .
وشكراً للأستاذ الصحفي نوزاد زاده، الذي لم يدّخر جهداً في تسجيل حيثيات التكريم والتقط صوراً بهذه المناسبة، وما يخص سيارته التي وضعها في خدمتنا .
شكراً للذين باركوا التكريم ورحبوا بنا ” زميلي ولات وأنا ”
وعذراً للذين لم تسعفني الذاكرة في تسجيل أسمائهم، أو أعوذتني الدقة في كتابتها أو التعريف بها.
…
حين خرجنا بدت سوران أكثر حلاوة وزهو قيافة
بدت وكأن جبالها المتاخمة لنا تحيل قممها أذرعاً وهي تلوّح لنا مودعة إيانا.
كما لو أنها تقول: كرروا الزيارة. لنكون في عهدة تكريم من نوع آخر، وفي إهاب شعور وجداني مختلف .
نعم، لا بد أنها لن تكون الزيارة الأخيرة !!