لا للصراع الكردي العربي

د. عبدالحكيم بشار

استمعتُ صباح اليوم إلى فيديو للسيد جلال خبيل شقيق رئيس المجلس العسكري في محافظة دير الزور الذي اعتقلته قوات سوريا الديمقراطية “قسد” مساء أمس، وحيث يناشد جلال خبيل في الفيديو المذكور أفراد عشيرة عكيدات الفرسان قائلاً: إن الأكراد قد طوقونا واستدرجوا أخاه ولا نعرف إن كان معتقلاً أم هو تحت الإقامة الجبرية.
بدايةً نقول للأخ جلال ومن يفكر على طريقته بأن ليس الأكراد هم من يطوقونكم أو يحاصرونكم، بل هي قوات “قسد”، وللتعريف بها، فإن قوات “قسد” تتألف من كتائب عربية وسريانية وتركمانية وأخرى من أصول كردية، ولكن ليس لهم علاقة بالقضية الكردية في سوريا، فقادتهم من أكراد تركيا، وهم ليسوا فقط لا يعملون من أجل القضية الكردية، بل ويعتبرون أن عصر القوميات حسب فلسفة زعيمهم قد انتهى، وهم بصدد بناء نظام سياسي اجتماعي جديد يستند على نظرية السيد عبدالله أوجلان القائمة على الإيكولوجيا وأخوة الشعب.
بناءً عليه فهم ليسوا جزء من الحركة الكردية في سوريا، ولا يمثلون أكراد سوريا، بل يمثلون الأمة الديمقراطية، لذلك فإن تسميتهم بالكرد دون الوقوف على خلفيتهم السياسية والفكرية وأيدلوجيتهم ومهامهم الوظيفية يؤسس لصراع كردي عربي؛ وفي هذا الإطار أكد الدكتور رياض حجاب في أكثر من مناسبة أنه حضر لقاءًا ضمه إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد واللواء علي مملوك وهشام بختيار، حيث أُقر في ذلك الاجتماع بضرورة استخدام النظام لحلفائه من حزب العمال الكردستاني بمهام محددة، وهي: حماية آبار البترول لصالح النظام مقابل فوائد مادية، قمع الاحتجاجات الكردية ضد النظام وقمع الحركة الكردية وتحييد الكرد ومنع مشاركة الحركة الكردية في النضال ضد النظام، وإذا اقتضت الحاجة يمكن خلق صراع كردي عربي من خلال العمال الكردستاني مقابل تسليم المناطق الكردية للعمال الكردستاني مع احتفاظ النظام بمقرات أمنية وسيادية في تلك المناطق.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو يا ترى هل الذي يجري في محافظة الحسكة في الوقت الراهن يُشكل المرحلة الثالثة من المهام الوظيفية لحزب العمال الكردستاني أي في العمل على خلق صراع كردي عربي؟ حقيقةً بعض الدلائل تشير إلى إمكانية حدوث ذلك أو ربما هي محاولة لخلق الأرضية لهكذا صراع تناحري محتمل بين طيفي المجتمع السوري أي العرب والكرد.
لذا على الكرد والعرب وبالأخص نخبهم الثقافية والسياسية والاجتماعية الحذر من الانزلاق نحو أي صراع تناحري محتمل بين أطياف المجتمع السوري بوجه عام، والوقوف بوجه المحاولات الرامية إلى خلق صراع كردي عربي بوجه خاص، والعمل معاً من أجل بناء أسس التعايش السلمي بين مختلف المكونات السورية، وتكثيف كل الجهود السورية الثورية لتحقيق الانتقال السياسي السلمي، والمضي قدماً نحو سوريا ديمقراطية تعددية تصون الحرية والعدالة وتقر بالحقوق القومية لجميع المكونات السورية من العرب والكرد والتركمان والسريان الآشوريين، وتكون سوريا المستقبل لكل السوريين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…