حراك الجبل إنتفاضة جَمل

احمد عبدالقادر محمود 

لا أخفي أن حراك سهل وجبل حوران حرّك فيَّ المشاعر التي أنتابتني أول مرة ، التي لا أستطيع وصفها ،  عندما أنتفض الشعب السوري وفي جميع المدن السورية مطالباً برحيل الأسد ونظامه 
 ذاك الهيجان كان خرافيا وفوق الوصف ، ملايين الناس تهدر بصوت واحد ” أرحل أرحل يا بشار ” ، ” الشعب يريد إسقاط النظام ” ، ” واحد واحد واحد الشعب السوري واحد ” . 
هذه الشعارات التي تكررها الأن الجماهير المنتفضة في جبل وسهل حوران بعض أن ضاقت أمامهم  سبل العيش الكريم بالإضافة إلى شعارات أخرى لا تخلو من الطرافة مثل ” أرحل ولاك ما بدنا ياك ” 
و” يا أسماء مش عاوزينيك ضبي غراضك وإلحقي جوزك ” . ولكن هذا الحراك على أهميته المكانية والزمانية ، إلا أنه حراك مبتور الأطراف كون سوريا مقسّمة واقعيا والتواصل بين مدنها فيزيائياً 
أشبه بالسير فوق الرمال المتحركة ، الشمال السوري مفصول عن جنوبها وشرقها  مفصول عن غربها  والوسط مفصول عن كل الجهات الأربع . بمعنى إن إستمرار الحراك وتضخمه جماهيريا في أي  منطقة ما
 بحاجة إلى دعم لوجستي وجماهيري ومادي وهذا مايفتقده الحراك في الجنوب السوري ، بالإضافة إلى التغيّر الديمغرافي الملحوظ  في كل المناطق المذكورة ، أي انتفاء الحاضنة الشعبية وبالتالي ضعف فرضية 
نهوض المناطق برمتها ، وهذا لا يعني أن نرى كتلة منتفضة هنا وهناك كالحاصل في ما يسمى بالمحرر المحمي بالاحتلال التركي ولكنها تبقى زوبعة في فنجان والحراك هناك وإن تضخم يبقى هياج لا طائل منه 
 بإعتبار أن لا سلطة للنظام هناك  وبالتالي وهم ليسوا  قادرين على التأثير في تغير واقع النظام ، والكل يعلم جيداً  أن شرق الفرات برمته تحت سيطرة قوات قسد التي لن تأبه  لمطالب الحراك الجاري  بدرعا والسويداء 
وليست معنية أصلاً بإسقاط الأسد ونظامه ولم تطالب به يوماً إنما هي في تفاهمٍ وتناغم معه ، لا بل ربما تمنع أي حراك مناهض للنظام ، وهكذا المناطق الخاضعة للنظام الذي لن يتوانى على البطش بأي جسمٍ متحركٍ منتفض 
خلاصة القول للجبل الأشم ربٌ يحمه ، ربما يتساءل سائل إذاً ما الفائدة من هذا الحراك ؟! هل من المعقول أن يكون لشيوخ العقل مطالب غير المعلن عنها ؟! هل هناك يدٌ خارجية حرّكت السويداء بغاية البناء عليه ؟!
كل هذه الأسئلة وغيرها سيُجاب عنها في القريب العاجل ، إنما سأتناول الموضوع بمقلبٍ أخر ، ماذا لو تم توظيف هذا الحراك ؟ أولاً : لا شك أن الدول الفاعلة في الملف السوري تراقب الأمر عن كثب ولا شك أيضا أنها تبحث عن بوابة  لتستخدمها كورقة ضغط على المحور الحليف لنظام الأسد ( روسيا ، إيران ) وتقول له أنظروا أن السوريين مجدداً لم يقبلوا بهذ النظام الفاسد المجرم ونخشى ما نخشاه أن نعود للمربع الأول ،  وبالتالي تحثهم  على الإسراع  بقبول  بتنفيذ القرار 2254  بحذافيره ، سلطة إنتقالية ودستور ومن ثم إنتخابات ديمقراطية ، ثانياً : ربما تستفيد المنظمات الحقوقية الإنسانية التي تتبّى محاسبة الأسد ومعاقبته على الجرائم التي أرتكبها بحق السوريين ،
ثالثا : أن تقوم الدول العربية التي أعادته للجامعة العربية بمشروع خطوة بخطوة بالتنصل من المشروع برمته وخاصة أنه ليس فقط لم يخطي أي خطوة أرادوها إنما سفه الجامعة العربية وبالدول الأعضاء فيها في المقابلة التي أجريت معه على قناة سكاي نيوز العربية ، وهناك رابعاً وخامساً … إلخ . بقولٍ أخر ختامي  أن يكون حراك جبل وسهل حوران المبارك  القشة التي ستكسر ظهر الأسد . 
هولير 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…