رأي في الوضع الكردي السوري …

اكرم حسين

تحولت  المؤتمرات الحزبية لكرد سوريا في الآونة الاخيرة إلى مصدر للتفكك والانقسام والخلاف والهروب من العمل التنظيمي . بعد أن كانت محطة ضرورية لإجراء مراجعات نقدية سياسية وتنظيمية ، ووضع خطط تكتيكية ، وعملية لممارسة السياسة والدفاع عن الحقوق القومية والديمقراطية في ظل أنظمة توتاليتارية وقمعية،  فقد كانت تعقد في ظروف سرية صعبة ، وخوف شديد من انكشاف امرها ومداهمة المكان والاعتقال ، ومع ذلك كانت قيادة هذه الأحزاب اكثر جدية و تصميما وتماسكا على متابعة النضال ومواجهة التحديات ، وتعرض العديد من قاداتها إلى الاستجواب والاعتقال لسنوات.
الان باتت تعقد هذه الأحزاب مؤتمراتها في ظروف شبه علنية ، وأحيانا في مكاتبها ، وبعضها في الخارج  وتراجعت نسبيا حدة القمع والاعتقال لكن الملاحظ بأن معظم هذه المؤتمرات قد شهدت خلافات حادة . كادت أن تودي بالحزب نفسه إلى الانقسام ، وأدت إلى حصول استقالات جماعية  وفقدان للثقة ، وتقزيم الحزب ، اي ان المؤتمر عمق خطوط الانقسام ، وكرس الخلاف والمرض في الحزب . مما أدى إلى الشلل والعطب ، وعدم الفاعلية ، وكأنك يا ابو زيد ما غزيت. 
ليس لدي اجابات قطعية ونهائية لكني أزعم بأن عدم نجاح هذه المؤتمرات  يعود في جزء منه إلى  العامل الذاتي المبني على الأنانية والمصلحة والمنفعة الشخصية ، والمكاسب التي توفرت وانتفاء ظروف الخوف من الاعتقال والسجن لكن الأساس هو درجة العطب والعجز التي أصابت هذه الأحزاب نفسها ، وتدني درجة الإنجاز والفعل بسبب الشرط الموضوعي الذي يحد من الفاعلية ويدفع بالتناقض الثانوي إلى الواجهة  في انحراف الصراع عن  مستوياته ، والتناقض في أولوياته فبدلا من أن يحدد الحزب تناقضه الرئيسي مع مضطهدي الشعب الكردي وينطلق منه ، يجعل من هذا التناقض ثانويا،  ليبرز إلى الواجهة الخلاف مع الرفاق ، وكيفية الاستئثار بالقيادة واستحواذ منصب السكرتير او الشخص الأول ، والمحافظة عليه  حتى لو كانت النتيجة الدعس على النظام الداخلي وتفكك الحزب وانفضاض الرفاق وتقزيم وزن الحزب ودوره لأنه اصلا بدون دور او فاعلية . يكفيه فخرا ان يحوز على اللقب من خلال بعض الشخصيات التي تتقن الولاء والاذعان والتبعية …!
والسؤال الذي يحرق اللسان كيف نخرج من دوامة التوالد الذاتي والعطب  الفكري والثقافي والسياسي ونعيد صياغة أفكارنا ومبادئنا وممارساتنا على أسس حداثية ، انطلاقا من الوقائع العنيدة ومن إمكاناتا المتواضعة والتعقيدات الكثيرة التي تحيط بنا وبظروف عملنا ….!
أسئلة نتركها للمتابع الذكي للرد بغية الاستفادة  .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…