جلسة خاصة مع الكاتب والروائي البريطاني جيمس أولدريدج

ربحان رمضان *

جيمس اولدريدج كاتب رواية الجبال والسلاح، هي تتابع لرواية الدبلوماسي التي كتبها عام 1946 تدور أحداثها بين جزئي كردستان، أقصد كردستان ايران وكردستان الشمالية الملحقة بتركيا . 
إنها رواية تاريخية كتب فيها جيمس اولدريدج عن حياة الكرد القاسية في الجبال وعكس صورة واقعية عن الكرد بعاداتهم وتقاليدهم وصراعاتهم بين قادتها من شيوخهم  وقادتهم واشار بوضوح الى شخصيات قومية مناضلة من اجل تحقيق تقرير المصير للشعب الكردي في دولة كردستان  المستقلة ..  والسياسية لدى الكرد ، إنها تجسيد للعلاقات الاجتماية في قرى كردية واقعة في الجزأين الكردستانيين  ” ايران وتركيا ”  يشير كاتب الرواية فيها إلى محاولات المخابرات البريطانية التغلغل بين صفوف الحركتين الوطنيتين ” الكردية والآذربيجانية ” لبث روح العداء بينهما . 
الرواية اشتريت مخطوطتها الأصلية من حسابي الخاص مع ثلاثة روايات أخرى من الدكتور بافي نازي وكان معه زملاءه في الرابطة  ولاتو عمر ” كدر” والمرحوم عبد الرزاق أوسي ” رزو ” ومحمد عبدو النجاري  ” ولاتو ” بشهادة الرفيق مصطفى عثمان ” أبو عثمان ” يومها ، و لكني لم استطع طباعتها لأني اعتقلت إثر مظاهرة أو بالأحرى انتفاضة نوروز بدمشق عام 1986 وخلال فترة اعتقالي انتقلت كتبي من مكان لآخر .. وبعضها ُأتلف و لم اعرف مصيرها حتى انه لم يكن لدي وقت كافي للبحث عنها في ذلك الوقت الذي هربت خلاله به خارج الوطن ابحث فيه عن ملاذ هربا من اجهزة قمع نظام حافظ أسد المجرم ، لكني فوجئت فيما بعد  بطباعتها ثانية عن دار آراس للطباعة والنشر بكردستان العراق بالرغم من انها ملكي الشخصي  ..  
أما  رابطة كاوا للثقافة الكردية فقد نشأت في موسكو باسم : (رابطة كاوا للمثقفين اليساريين الاكراد ) وُأجيزت في بيروت بمساعدة لوجستية من قبل الكاتب اللبناني جورج حداد صاحب دار الكاتب للطباعة والنشر بدعم من منظمة لبنان لحزب الاتحاد الشعبي الكردي الفرع اللبناني من حزب الاتحاد الشعبي الكردي الذي كان يقوده الأستاذ صلاح بدر الدين حيث شغل موقع رئاسة حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا لمدة اربعة عقود ونيف وأشرف على كينونتها منذ ولادتها مرورا بوجودها في مدينة رام الله عقب الاجتياح الاسرائيلي للبنان التي كان يتواجد مكتبها  في عاصمتها بيروت مكتب خاص لحزب الاتحاد الشعبي الكردي ولمنظمته وكان يقودها آنذاك  الأستاذ مصطفى جمعة عضو المكتب السياسي للحزب الذي كان يومها يشغل موقع عضو في مجلس الحركة الوطنية اللبنانية لفترة طويلة من الزمن ـ فقد صرح الأستاذ صلاح بدر الدين لاحد المواقع الألكترونية عن نشوئها بقوله : ” .. نشأت رابطة كاوا للثقافة الكردية لإعادة التوازن إلى حالة غير سوية وسد فراغ عميق بخصوص جهل النخبتين السياسية والثقافية العربية والسورية منها على وجه الخصوص، لحقيقة الكرد عموما والسوريين بخاصة وتاريخهم، والأهم موقعهم في المجتمع ودورهم الماضي والحاضر على الصعد الوطنية ومعارك الاستقلال والتحرر الوطني، ولذلك بدأنا بترجمة ونشر أعمال مهمة الى اللغة العربية تخدم فكرتنا من الأرشيف السوفييتي الغني جدا بوثائق قديمة وحديثة حول الكرد والقضية الكردية، وإعادة طبع أعمال لم تعد متوافرة في المكتبات . 
وتابع قائلا : ” في مرحلة تواجد الرابطة في لبنان قدمَت حوالي خمسين كتابا الى المكتبتين الكردية والعربية وأكمَـلت مهامها بعد الانتقال الى أربيل عاصمة إقليم كردستان منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، بعد انقضاء حوالي ستة أعوام صعبة في لبنان بسبب الحرب الأهلية ودخول الجيش الإسرائيلي المحتل إلى بيروت، ومن الأسباب الأخرى هو ( الثأر ) الثقافي لنكسة الحركة الكردية في مركزها الرئيسي في كردستان العراق عام 1975، بعد التآمر المحبك من جانب صدام حسين وشاه ايران وهواري بومدين وسكوت المجتمع الدولي حينها، أراد أعداء الكرد أن يوحوا بأن الكرد انتهوا والبارزاني مريض وغادر إلى الولايات المتحدة الأميركية للعلاج من مرض السرطان، وأن ثورة أيلول أخفقت وأن كل مطامح الكرد وآمالهم أصبحت مجرد أحلام وأردنا أن نثبت العكس بطريقتنا الناعمة  . ” .
في دمشق وبعد الاجياح الاسرائيلي للبنان التقيت أنا ربحان رمضان ومعي مجموعة من نشطاء الثقافة والسياسة  بكاتب إحدى الروايات التي طبعتها ونشرتها رابطة كاوا ، إنه هارولد إدوارد جيمس الدريدج  الكاتب الاسترالي من أصل بريطاني صاحب رواية ” Signed with their Honor ” التي كتبها عندما كان يعمل كمراسل حربي في الشرق الأوسط أثناء الحرب العالمية الثانية ” إضافة الى ثلاثين كتابا بعضها روايات رائعة كرواية ” نسر البحر و” قضية شرف ” و” الدبلوماسي ” و” الصياد ” و”   أبطال النظرة الفارغة ” ورواية ” الجبال المروية بالدم ” التي دارت أحداثها في كردستان الشرقية فكتب عن الكرد .. عن  تواجدهم ..  عاداتهم .. تقاليدهم .. 
جيمس اولدريدج حاز على جوائز في حقبة صعود فكرة االتضامن الأممي كان اهمها – الميدالية الذهبية لمجلس السلام العالمي  1953 وجائزة لينين للسلام 1972 و الميدالية الذهبية للصحافة من المنظمة الدولية للصحفيين عام 1972 ووسام الصداقة بين الشعوب (اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ، 1988)
ولد جيمس في العاشر من يوليو / تموز عام 1918 ، مثل هذا اليوم تماما .. كان اللقاء مطولا وحارا ً ، كنا متشوقين للقاء به 
التقيت به مع نخبة من القيادات السياسية والثقافية  بدمشق .. 
كان ذلك في صيف 1985 عندما زار سوريا لحضور مهرجان دمشقها السينمائي الرابع فقرر اعضاء رابطة كاوا للثقافة الكردية يومها دعوته الى بيتي في حي الأكراد، وحضر كل من الدكتور بافى نازي وولاتو عمر وسعيد النجاري والمرحوم عبد الرزاق اوسي لعندي في بيتي واخبروني انهم دعوا الكاتب جيمس اولدريدج على طعام الغذاء وطلبوا مني ان تكون الدعوة في بيتي كوني من اعضاء الرابطة من جهة ولكون فرش بيتي كان من الصدف الخالص لتكون ذكرى في بيت كلاسيكي، فحضرت بمساعدة والدتي رحمها الله طعام الغذاء بالشكل المطلوب إلا أن الكاتب جيمس اولدريدج اعتذر عن الحضور بعيدا عن مكان المهرجان مما اضطرنا الى تحويل الدعوة إلى فندق الشام وحضر يومها كل من الاخوة والرفاق : 
– شيخ داوود ” أبو سعود” عضو المكتب السياسي للبارتي 
– عبد الرحيم وانلي ” أبو نوزاد” عضو اللجنة المركزية للبارتي الديمقراطي الكردي في سوريا، مسؤول منظمة دمشق .
– طاهر صفوك عضو المكتب السياسي للتقدمي الكردي 
– الرفيقة لينا ميقري وأنا ربحان رمضان ممثلين عن حزب الاتحاد الشعبي الكردي وبوصفنا عضوان  في رابطة كاوا الثقافية الكردية .
– مصطفى ” بافى توجو ” عضو المكتب السياسي لحزب طليعة عمال كردستان ” بيشنغ” .
– المرحوم سامي عبد الرحمن امين عام حزب الشعب : كه ل ” 
– الأخ عدنان مفتي، عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الكردستاني – العراق .
إضافة لأعضاء الرابطة الأربعة بافى نازي وولاتو عمر وسعيد نجاري والمرحوم عبد الرزاق اوسي مع العلم ان المرحوم عبد الرزاق اوسي كان يومها من اعضاء اللجنة المركزية الاحتياط لحزب الاتحاد الشعبي الكردي .
أما المدعوون كانا المرحوم جيمس اولديردج والسيدة حرمه .
جميعنا رحبنا بهما .. افتتح الحديث الدكتور بافي نازي وعرفهما علينا واحد واحد .. وساهم البقية في الترحاب والتحية مع التقدير للكاتب بعمله الأدبي الذي خصه للشعب الكردي في روايته الرائعة ” الجبال المروية بالدم ” .
دار حديثنا حول  الثقافة الكردية ودورالكتاب سواء التاريخي أم الثقافي والعلمي في  انفتاح الشعوب على بعضها البعض والإشارة إلى أن التمازج الثقافي لا يُلغي قيمة وأهمية الجذور الثقافية لكل مجتمع، وعندما ننشر كتابا يهتم كاتبه بتاريخ الشعب الكردي وثقافته لا يلغي بالتأكيد ثقافة الشريك الذي نتعايش معه بل يعزز الروابط الوطنية في الدول التي تتعايش بها عدة شعوب كالدول التي تتقاسم كردستان كتركيا وايران والعراق وسوريا . 
كان السيد اولدريدج بغاية اللطافة والثقافة، كذلك كانت زوجته التي شاركتنا الحديث مطولا .. 
أما من جهتنا كرابطة وأحزاب فكان أكثر المتحدثين بيننا كان الأستاذ عدنان مفتي و  المرحوم سامي عبد الرحمن لطلاقة لسانهما باللغة الانكليزية ولتجربتهما التاريخية ضمن الحركة الكردية في كردستان . 
 والدكتور عبد اللطيف ” بافى نازي ” أدلى بدلوه ايضا كونه مترجم الرواية إلى اللغة العربية ، 
في نهاية اللقاء تبادلنا الهدايا .. لم افهم لماذا اختارني من بين الجميع أن يهديني هديته اللطيفة .. شكرته طبعا بابتسامة ارتسمت صورتها على وجوه الجميع .. 
ختمنا يومها اللقاء ونحن على امل ان نستمر في نشاطاتنا السياسية والثقافية وكانت رابطة كاوا للثقافة الكردية من اولى المجموعات التي اهتمت بالكتاب ونشر الكتاب .. 
رحم الله جيمس أولدريدج   .. توفي في لندن عام 2015 . 
* كاتب وناشط سياسي كردي – سوري 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…