إيران .. البديل الديمقراطي؛ يجتاز المؤامرات منتصراً !

عبد الرحمن كوركي *

مع اقتراب التظاهرات السنوية وتجمع قمة المقاومة الإيرانية، والتي كان الأصدقاء والأعداء على اطلاع بها ، كان هذا القلق هناك بشأن ما سيكون عليه مصير المقاومة الإيرانية! الحكومة الفرنسية تحظر التظاهرات الإيرانية في الأول من يوليو من العام الحالي! الشرطة الألبانية تهاجم أشرف 3 في 20 يونيو من هذا العام وتنهب أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالسكان! ووفق الخبر المنشور الذي لا يزال محل نقاش ساخن مطروح على الطاولة سلّمت الشرطة الألبانية أكثر من مائتي جهاز حاسوب تمت مصادرتها من أشرف3 وتسليمها إلى نظام ولاية فقيه الملالي في خبر صادم! وزارة الخارجية الأمريكية من خلال تكرار خطها المقزز المعتاد بدعمها لإجراء الشرطة الألبانية تكون قد أعطت الضوء الأخضر لنظام الملالي، وكل الأدلة في الأمر تبعث على المزيد من القلق!
تشبه هذه الأجواء بغض النظر عن الآلية وبعض جوانبها إلى حد كبير تطورات ربيع عام 2003 حيث قصفت طائرات التحالف في العراق في تلك الأيام قواعد المقاومة الإيرانية على أرض العراق! في فرنسا ومن خلال إجراء غير قانوني هاجم الآلاف من رجال شرطة هذا البلد مقر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية و … 
وكما في الأيام الأولى للتطورات الأخيرة كان نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران يعتلي المشهد راقصاً بضحكات السفهاء! لكن! في هاتين الحقبتين من التاريخ وعلى بعد عشرين عاما من بعضهما البعض لم تدم فرحة نظام الملالي طويلاً حتى تتحول إلى “حزن” وأصبح مسار التطورات مريراً على مذاق وفي حلق الملالي والإرادة؛ وسيصبح أكثر مرارة، وفي كلا الهاتين الحقبتين اصطفت قوتانِ معاديتانِ ضد بعضهما البعض قوى الشعب والمقاومة الإيرانية من جهة وقوة السلطة الدكتاتورية وداعميها الدوليين من جهة أخرى!
المهادنة والاسترضاء مع الدكتاتورية الحاكمة في إيران!
على الرغم من أن سياسة الاسترضاء مع دكتاتورية ولاية الفقيه كانت تستخدم على الدوام على مدار العقود الأخيرة المتعلقة  بتاريخ إيران فإن ما تميزت وتتميز به سياسة المهادنة والاسترضاء في الظروف الحالية عما سبق هي أنها ترافق وتتزامن مع الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني والدور الحتمي الذي لا غنى عنه للبديل الديمقراطي الحقيقي للشعب الإيراني!
في هذه الانتفاضة رأت شعوب العالم من جانب أن الشعب الإيراني يريد الإطاحة بالدكتاتورية في وطنه ولأجل ذلك دفعوا عبر التاريخ كُلفةً عالية من الأموال والأرواح! ومن جانب آخر فقد ثبتت حقيقة أنه لم يكن هناك في مواجهة الدكتاتورية في إيران سوى البديل الديمقراطي أي “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، ولم يُعتقد أن هناك بديلاً آخراً عن الديكتاتورية الدينية الحاكمة لإيران ولا يوجد، وأن ما أُعلِن في انتفاضة الشعب الأخيرة من قبل بعض الأوساط الإقليمية والدولية كان صنيعة زائدة لا عازة لها من نسل الدكتاتورية في إيران ولا جذور لها في المجتمع الإيراني!
حديث جديد!
كانت تظاهرات وتجمع الإيرانيين هذا العام في باريس والتي كانت تتقدم تجسيدا للإيرانيين النبلاء والأحرار في إيران وفي جميع أنحاء العالم، وقد نتجت قبل كل شيء عن حرب “تاريخية” و “غير متكافئة” بين هاتين القوتين المتعاديتين في إيران، وقد دخلت مرحلتها الأخيرة في الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني!
انتفاضة منتصرة وضعت نظام ولاية الفقيه الدكتاتوري الحاكم على وشك السقوط، وأثبت البديل الديمقراطي قوته وإمكانياته وعدم إمكان الإستغناء عنه داخل وخارج إيران، وعليه فإن ما ترسخ في أذهان الرأي العام الآن هو أن ما سعى إليه الاستعمار والقوى الرجعية بأقدامهم وأرجلهم قد اقترب من خط نهايته، وعلى حد تعبير مايك بنس المرشح الرئاسي الأمريكي الذي قال في خطابه بتجمع القمة الأخيرة: لم يكن النظام الإيراني حتى يومه في مثل هذه النقطة من “الضعف” ولم تكن المقاومة الإيرانية في مثل هذه النقطة من “القوة والشرعية”!
إذا دخلت سياسة الاسترضاء مع الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران المشهد في فرنسا بأداة منع تظاهرات المقاومة الإيرانية، وتمكنت المقاومة الإيرانية أن تجرها إلى الهزيمة والإنكسار بأداة «القانون والعدالة»، وإذا كانت هذه السياسة تهدف إلى تغطية هجمات الشرطة الألبانية غير القانونية على أشرف3 متسترين برداء العدالة والقانون فقد تحدتها المقاومة الإيرانية بوسائل “العدالة والقانون” وحتى قبل تطبيق العدالة، وسرعان ما انكشفت طبيعتهم غير العادلة وغير القانونية على الملأ! وبردا وسلاماً على إبراهيم رمز الحق المنتصر على الطغاة.
مفترق طرق تاريخي!
قضية النظام الإيراني والمقاومة الإيرانية المطروحة الآن على طاولة المجتمع الدولي هي قضية أوسع من برنامج وسياسة وحتى استراتيجية دولة أو عدة دول معنية بالظروف الراهنة المتعلقة بإيران؛ فهل ستقف حكومات العالم بكل ما لديها من برامج  وسياسات واستراتيجيات إلى جانب شعب ومقاومة إيران أم إلى جانب الدكتاتورية الالمتحكمة بهذا البلد ؟! المنطق الإنساني والواقعي والتقدمي يخبرنا بأن تحولاً تاريخياً لصالح الشعب والمقاومة الإيرانيين يوشك على الحدوث!
قوة البديل!
لقد نهضت المقاومة الإيرانية في ظل تغيرات العصر مراراً متنفسة من تحت رمادها مثل طائر الفينيق وأثبتت شرعيتها، وذلك عندما تحزمت قوى الرجعية والإستعمار خاصة في العقود القليلة الأخيرة على تدميرها، وفي كل مرة يضربون رأسها بحجر  يتعرضون أنفسهم لهزيمة كبيرة في كل مرة!
ورأت كل شعوب العالم ذلك في الانتفاضة الأخيرة كيف سارعت فلول دكتاتورية الشاه إلى مساعدة الدكتاتورية الدينية الحاكمة لينعموا بمنجزات انتفاضة الشعب والمقاومة الإيرانية وإبقاء الدكتاتورية في سلطة حكم إيران!
لقد رأت كل شعوب العالم كيف سارع “الاستعمار” لمساعدة قوى “الرجعية” وقدم دعماً مادياً ودعائيًا وإعلامياً للدكتاتورية الدينية، ومرة أخرى يحوك مهرجو العصر من أجل “سرقة قيادة الانتفاضة” حتى ينحون “البديل الديمقراطي” جانباً!
 ورأت كل شعوب العالم أنه ما لم تكن المقاومة الإيرانية حاضرة صامدة فاعلة على مسرح الأحداث فإلى أين سينتهي مصير كل فرد وجماعة إيرانية خاصة في الانتفاضة الأخيرة! إنها المقاومة التي هي قبل كل شيء كنزٌ تاريخي ووطني لجميع الإيرانيين المؤمنين المتعهدين بحرية إيران!
لقد رأت كل شعوب العالم أن ” الصمود أمام الاسترضاء مع الدكتاتورية” و ” والصمود في مواجهة مؤامرات الرجعية والإستعمار” كانت متجلية فقط في إمكانية وقدرة هذا البديل، وقد أقام تظاهراته وتجمع قمته السنوية العالمية في باريس، ورأت كيف حيد بدائل التبعية الصنيعة وجعل مؤامرات المسترضين السياسية التي في ظاهرها قضائية كمن يرسم على الماء أو كما يُقال هواء في شباك، وشقوا الطريق في المقاومة لأنفسهم وشعبهم للمضي قدماً ضد الدكتاتورية في إيران!
تألق المقاومة الإيرانية!
لقد أثبت تجمع القمة السنوية العالمية للمقاومة الإيرانية مرة أخرى حقيقة أن “أشرف هي أشرف” وهي بمثابة “رمز النصر” للبديل الديمقراطي على قوى الرجعية والاستعمار، وها هي أشرف تشرق مرة أخرى وتُبقي العالم مُثاراً ضد الدكتاتورية في إيران!
ليس من قبيل الصدفة أن الآلاف من برلمانيي العالم، والمئات من قادة وشخصيات العالم البارزة بما في ذلك مايك بنس المرشح الرئاسي الأمريكي والسيدة ليز تراس رئيسة وزراء إنجلترا (2022) و … من بين تعداد الحاضرين في هذه القمة لدعم الانتفاضة والمقاومة الإيرانية ونهضوا على وجه التحديد لدعم برنامج السيدة مريم رجوي من أجل غد إيران حرة… إنه مشهد مواجهة تاريخية مواجهةٌ لا تتعلق بدولة بعينها لكنها أبعد وأوسع من ذلك، ولقد أعلن العالم وآثار هذه المواجهة حتى قبل إسقاط الدكتاتورية في إيران .. لقد رأى العالم النور!
* كاتب ومحلل سياسي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…