شريف علي
ما إن قطعت ثورة أيلول بقيادة البارزاني الخالد إشواطا بعيدة في مسار إنتصاراتها ضد دكتاتورية البعث الفاشي ووصولها إلى مراحل متقدمة لبلوغ إهدافها و تحقيق آمال الشعب الكوردســــــتاني وطموحاته حتى باتت الأنظمة المشاركة بإغتصاب كوردستان تشعر بخطر إنجازاتها على الصعيدين الميداني و السياسي الأمر الذي دعاها للأستنجاد بسادتها ممن رأت بدورها في إنتصار الثورة الكوردستانية تهديدا ينسف الخارطة السياسية التي رسموها للمنطقة منذ الحرب العالمية الأولى وهو ما قادتها للإيعاز بضرورة إيجاد تفاهمات إقليمية تضع حدا لتلك الثورة العظيمة وطموحاتها التحررية فكانت إتفاقية الجزائر 6 آذار 1975 التي جمعت الشاه الإيراني وصدام حسين نائب الرئيس العراقي آنذاك وبرعاية الرئيس الجزائري حينها هواري بومدين،و التي تمت على هامش انعقاد قمة البلدان المصدرة للنفط – أوبك.
جراء تلك المؤامرة الدولية الغادرة ،وبين ليلة وضحاها الشعب الكوردي رأى نفسه وحيدا في مواجهة الآلة العسكرية لحكام العراق لتبدو حينها حكمة قائد الثورة بالإعلان عن توقف الثورة والخروج بأقل الخسائر والكوارث والويلات ، وتحمل مسؤولية ذلك تاريخيا على ضوء ما استجد من الظروف الإقليمية والدولية . ليتبعها وخلال فترة لم تتجاوز السنة بتوجيهات للكوادر المتقدمة للحزب والقادة الميدانيين للثورة بضرورة إعادة تنظيم صفوفها و تشكيلاتها من البيشمركة والإستمرار في مقاومة الدكتاتورية ، وفي 26 أيار 1976 إنطلقت الشرارة التي أعادت الحياة لثورة أيلول وأعادت الأمل إلى الشعب الكوردي أينما وجد ،وأن المقاومة تجددت برو ح وعنفوان ثورة أيلول وباستراتيجية وتكتيكات تلائم ما استجد من الظروف والتغيرات المحيطة في ظل نخبة من القادة السياسيين والميدانيين للبيشمركة ممن لهم باع طويل في قيادة المعارك أبان ثورة أيلول وظلوا أوفياء لمبادئها وأهدافها – القيادة المؤقتة وقيادة الرئيس مسعود بارزاني ومهندس المقاومة الثورية الخالد إدريس بارزاني – حيث أجمعت على أن تكون ” كوردستان الساحة الحقيقية للنضال ” كما عنونت به بيان الإنطلاقة .
لقد شكل يوم 26 أيار من عام 1976 إنعطافة تاريخية في مسيرة النضال التحرري الكوردستاني بالنظر للسرعة التي تحلت بها في إعادة تنظيم صفوف قوات البيشمركة والإلتفاف الجماهيري المنقطع النظير حول الثورة وقيادتها التي ترعرعت في كنف ثورة أيلول المجيدة واستطاعت أن تعيد للجماهير الكوردستانية روح الثورة والتضحية والثقة بقدراتها النضالية ،واستيعاب ظروف الإنتكاسة المؤلمة ، فكان وقعتها كالصاعقة على مسامع الأعداء لإعتقادهم بأن إتفاقية الجزائر المشؤمة كانت نهاية القضية الكوردية والنضال التحرري الكوردي ،ومع التطور المتسارع في اتساع المناطق المحررة ودائرة علاقات قيادة الثورة داخليا وخارجيا كانت الدكتاتورية البعثية تزداد شراسة وفتكا في عدوانيتها على السكان الكورد المدنيين متبعة سياسة الإبادة الجماعية و الأرض المحروقة دون إنصياع للأعراف والقوانين الدولية حيال المدنيين حتى توجت الثورة انتصاراتها بإنتفاضة ربيع 1991 لشعب كوردستان والجبهة الكوردستانية التي أسس لها المناضل الخالد إدريس بارزاني ،وتتوالى بعدها تحقيق الإنجازات والمكتسبات لعل أبرزها إنتزاع الإعتراف الدستوري بكوردستان كإقليم ضمن عراق إتحادي،وذلك بفضل تضحيات الشعب الكوردي وحكمة ودراية قائد ثورة كولان الرئيس البيشمركة مسعود بارزاني. القائد الذي ظل مثابرا من أجل الحقوق الكوردية ومواجها أصعب التحديات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية ليصل بالشعب الكوردي إلى مصاف لاعب أساسي ومؤثر في قضايا المنطقة لا بل والعالم في ظل المشاركة الكوردستانية الفاعلة للتحالف الدولي من خلال قوات البيشمركة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي – داعش – من كركوك إلى كوباني ،والسعي الدؤوب لمعالجة تداعيات إحتلال الإرهابيين ورعاتهم الإقليميين للمناطق الكوردستانية مؤكدا في كل خطوة على وحدة الشعب الكوردستاني ومبديا إهتمامه بأمنه وسلامته ليتجدد التأكيد بأن ثورة كولان هي إمتداد لثورة أيلول التي قادها البارزاني الخالد وتظل مستمرة ومتجددة إلى أن ينال الشعب الكوردستاني حقه المشروع في الحرية والإستقلال .