الإعدام في إيران عامل لإثارة الرعب أم دافع للانتفاضة؟!

نظام مير محمدي* 

تُظهر عمليات الإعدام الأخيرة في إيران، والتي طالت 122 شخصاً على الأقل في أيار/ مايو 2023، إصرار الولي الفقيه للنظام الإيراني على إثارة الرعب في المجتمع والتعامل مع الروح المتمردة للشعب الإيراني بوحشية مفرطة.
لكن مع هذه الإعدامات، هل حقق هدفه كما أراد خامنئي، هل تعرض المجتمع للترهيب والتخويف أم أصبحت هذه الإعدامات سبباً للانتفاضة والتمرد في المجتمع؟
إن عمليات الإعدام في خضم الأوضاع المتفجرة حالياً للمجتمع الإيراني، بذريعة الجرائم العادية، وتفضيل إعدام سجناء الانتفاضة، تسعى لتحقيق هدف في غاية الخبث، هو: مواجهة روح التمرد في المجتمع وتأخير انطلاق ثورة شعبية كبرى تطيح بالنظام.
لكن في الممارسة العملية، على عكس توقعات خامنئي وأجهزته القمعية الضخمة، أصبحت هذه الأعمال سبباً للانتفاضة والتمرد والثورة. يُظهر هذا التطور أن أداة الإعدام فقدت فعاليتها في ترهيب المجتمع وحفظ على النظام، وكل إعدام لسجناء سياسيين ومنتفضين يمكن أن يصبح حبل إعدام آخر للنظام.
والمنتفضون ومن يرددون مطالبهم في الشارع يهتفون :” هذه هي الرسالة الأخيرة .. نفذوا إعداماً آخر  .. وستندلع الانتفاضة”، أو يهتفون : “الانتفاضة هي الرد على الإعدام “.
بعبارة أخرى، يمكن أن يصبح كل إعدام للسجناء السياسيين والمنتفضين بمثابة حبل المشنقة للنظام ويجعل الخناق أكثر إحكاماً على خامنئي نفسه.
تشير تصريحات مولوي عبد الغفار نقشبندي، رجل الدين البلوشي والإمام السني السابق في مدينة راسك في 17 أيار/ مايو 2023، إلى أن المجتمع يتجه نحو الراديكالية.
وقال خلال حديثه: “لقد مرت أربعة وأربعون عاماً منذ أن دعوناك لمتابعة رغباتنا من خلال المسار القانوني، بمعنى آخر، لقد مرت أربعة وأربعون عاماً منذ أن قمنا بدعوتك إلى سراب بعيد المنال، لقد مرت أربع وأربعون عاماً منذ أن قدمنا لك العنوان الخطأ، لكن هذا يكفي، لن نحصل أبداً على حقوقنا من خلال هذا المسار القانوني، لأن هذا النظام الفاسد لا يمكن إصلاحه، هؤلاء الملالي الفاسدون لا يمكن إصلاحهم، لغة الملا هي القهر والعدوان، لغة الملا هي الرصاص والرشاشات، لغة الملا هي التعذيب والإعدام ولن يفهم أبداً لغة المطالب، لذلك أقول لكم اليوم إن طريق المطالب هو الطريق الذي لن نحصل فيه على شئ أبداً من هذا النظام الفاسد، ومن اليوم فصاعداً، نعلن أن طريقنا هو طريق النضال وليس طريق المطالب، انتهى عهد الصمت، انتهى عصر الكر والفر، إذا ضربت ضربنا! .. اتخذنا قرارنا إما بالموت أو الحرية وسنطهر الوطن من وسخ ونجاسة الملالي القذرة… وعلينا أن ندفع ثمناً باهظاً في هذا الاتجاه “.
لذلك، فإن عمليات الإعدام تُسَرِّع الانتفاضة، يجب على المجتمع أن يضيف المزيد من النار والتنظيم، وبالطبع، هذا ممكن فقط في التماسك ودعم المقاومة المنظمة على مستوى البلاد، والتي تبلورت الآن في وحدات المقاومة “.
يبدو أن النظام، وتحديداً خامنئي، ليس لديه خيار آخر سوى المضي في تنفيذ الإعدامات واتباع نموذج مذبحة عام 1988 على غرار الخميني الذي أمر بتنفيذ تلك المذبحة.
يعتقد خامنئي وعصابته أنه من خلال زيادة عدد سجناء الانتفاضة والتعذيب والإعدام، يمكنهم ترهيب المجتمع ومنع انتفاضة أخرى من طريقهم، لكن الحقيقة هي أن الإجراءات القمعية للنظام تسببت في مزيد من الغضب والكراهية في المجتمع وخلقت إمكانات في المجتمع لتحويل أعمال التمرد المحلية والاضطرابات المكبوتة إلى انتفاضة.
يواجه النظام الإيراني اليوم موجة من الاحتجاجات الشعبية وأعمال الشغب، التي نجمت عن فشل النظام في الاستجابة لاحتياجات الناس وحقوقهم.
انتشرت أعمال الشغب هذه في مناطق مختلفة من البلاد بما في ذلك سيستان وبلوشستان وكردستان وطهران وأصفهان والعديد من المدن الإيرانية.
ترتبط بعض أهداف أعمال الشغب هذه بقضايا مثل الفقر والبطالة والظلم والفساد السياسي والاقتصادي ونقص الرعاية الاجتماعية.
في هذه الحالة، يمكن أن تؤدي عمليات الإعدام في النظام الإيراني إلى موجة من الانتقام والغضب بين الناس، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى سقوط هذا النظام القمعي والفاشي.
وغني عن التوضيح أن المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان يمكنها أيضاً أن تلعب دوراً فاعلاً في مواجهة الإعدامات الجماعية وقمع الشعب الإيراني.
يجب على هذه المنظمات ممارسة المزيد من الضغط على النظام الإيراني من أجل وقف هذه السلوكيات اللاإنسانية وإرساء الديمقراطية وسيادة القانون.
الخلاصة هي؛ على الرغم من أن النظام الإيراني يستخدم الإعدامات كأداة لترهيب المجتمع والشعب، لكن يبدو أن هذه الإجراءات قد فاقمت أعمال الشغب والغضب الشعبي وستؤدي في النهاية إلى ثورة وطنية تطيح بالنظام.
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…