كيف يحقق أردوغان النصر

د. محمود عباس

نجح حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، وبأبداع في الخدع السياسية، من جر القوى القومية التركية المتطرفة إلى منهجيته القومية الدينية، وطموحاته الداعية إلى الدولة الملية العثمانية، وتمكن من إضعاف القوى القومية التركية الكمالية وتشتيتها، والتي كانت تحلم بالنهضة ثانية عن طريق التحالف الذي تم، والتي تآلفت تحت غطاء الأحزاب المعارضة.
 فمن جهة جذب أردوغان، وقادة حزبه، الأكثرية من القوة الثالثة التي شاركت في الانتخابات وتمثلت في حزب سنان أوغان -الحاصل على نسبة أصوات بلغت 5.17%، مؤكداً بهم حصوله على الأغلبية المطلقة للنجاح. النجاح الذي، على الأرجح، أجله أردوغان إلى المرحلة الثانية، 
وعلى الأغلب كان بإمكانه النجاح في المرحلة الأولى، وإلا فكيف أستطاع أن يحصل على الأغلبية المطلقة في البرلمان وخسر في الرئاسة بفارق بسيط، ولا يستبعد أن تكون الخسارة من إحدى مسرحياته السياسية وبمشورة روسية، حاول من خلالها الطعن في القوى الديمقراطية الأوربية وأمريكا الذين يصفونه بالقضاء على الديمقراطية في تركيا وحكمه بالدكتاتورية، وبين من خلالها أعطى رسالة على أن تركيا لا زالت ديمقراطية وليست كما يصفونها.   
 ومن الجهة الأخرى دفع بحزب (النصر) المتطرف والذي يرأسه، أوميت أوزداغ، والذي حصل على نسبة أقل من 2%، إلى الاتفاق مع قوى المعارضة عن طريق كمال قليجدار أوغلو والذي يدرك أن أصواته ليست كافية لتحقيق أي تغيير في النتائج، بل وربما لم يدرك أنه دفع به من قبل أردوغان أو دولته الخفية، إلى هذا التحالف:
1- لخلق حالة عكسية، تم بها تشويه سمعة المعارضة.
2- كما وسيؤدي هذا الاتفاق إلى إحداث شرخ بين أطراف المعارضة إن كان على مستوى الأحزاب أو شرائح من مؤيديهم ومناصريهم. 
3- إيقاظ الخلاف بين القوى التركية الكمالية وشريحة واسعة من مؤيدي الحزب الكوردي (حزب الشعوب الديمقراطي) الحالة التي أدت إلى تناقص المصوتين للحزب من 12% إلى 8%.
 والبيان الأخير لحزب الشعوب الديمقراطي وتبيان دعمه لكمال قليجدار اوغلو لغة سياسية صرفه، تعكس حنكة دبلوماسية، لا يقطع فيه أتفاقه مع التحالف والتعامل الحزبي، كما ويفتح حرية المجال لمؤيديه بالتصويت له أم لا، وذلك من خلال الاعتراض على الاتفاقية التي تمت بين قليجدار أوغلو وبين أوزداغ رئيس حزب النصر. 
  بهذه الخدعة السياسة الخبيثة، تمكن أردوغان من تأكيد النتيجة النهائية لصالحه في الانتخابات الثانية القادمة، زيادة الأصوات المؤيدة له وإنقاص أصوات المعارضة، وعلى عتبات هذا الاتفاق سيقوم ببناء إستراتيجيته الحديثة بمنهجية الشراكة، مع القوى القومية التركية المتطرفة العلمانية، لبناء تركيا الملية. 
 وفي الحالتين القوى الكوردية يصبحون خارج المعادلة، ولذلك كان عليهم إما التعامل وبنفس منهجية سياسة أردوغان، التحالف مع القوي والذي كان بحاجة إلى أصوات ناخبيهم، وعلى الأرجح كانوا سيحصلون على بعض المكاسب، أو دخول الانتخابات بشكل منفرد أي بشراكة مع القوى الكوردية الأخرى.
الولايات المتحدة الأمريكية 
25/5/2023م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…