السبيل الى الحل الشامل للقضية السورية (رؤية حراك «بزاف»)

قرر معظم بلدان النظام العربي الرسمي وقبل ذلك تركيا في الآونة الأخيرة  بالانفتاح على النظام السوري، وتبادل الزيارات الدبلوماسية، والأمنية سرا وعلنا، من دون اعلان جميع الشروط والاسس التي يستند اليها القرار، والخطوات الواجبة اتخاذها من جانب نظام دمشق، مع تدني الامال الى درجة الانتفاء على احتمالات فرض شروط لمصلحة السوريين، وتحقيق حتى جزء من أهدافهم التي قدموا في سبيلها ملايين الضحايا، والمهجرين، والنازحين فقط في العقد الأخير.
وعلى اثر ذلك وفي سياق متصل نشرت اطراف بالداخل السوري مواقف ومبادرات مختلفة حول الموضوع من بينها مجموعة من معارضي النظام القريبين من – الائتلاف -، وكذلك الإدارة الذاتية بالقامشلي، والتي تفتقر بمجملها الى وضوح الرؤيا، والتعبير عن مصالح ومطامح الغالبية الشعبية، فاعلان المجموعة كان بمثابة رد فعل اعلامي على خطوات الانفتاح العربي، وليس برنامجا متكاملا مدروسا لحل القضية السورية، اما موقف الإدارة الذاتية فجاء لخدمة مصالح فئة محددة، ومحاولة استغفال السوريين باالقفز فوق حقائق تدينها بموالاة النظام، وإيجاد موقع لها في أي استحقاق قادم،ولم يستند لا الى رؤية وطنية عامة ولا الى تمثيل المطامح الكردية الى درجة انها اعتبرت القضية السورية بكل ثقلها الوطني وجوانبها الثورية، والديموقراطية، والحقوقية مجرد أزمة ! .
طريقان لايجاد الحلول لاثالث لهما
منذ انهيار الثورة، على ايدي جماعات الإسلام السياسي، وتوابعها، وبتواطئ من عواصم النظام الإقليمي الرسمي، وغض النظر من جانب المجتمع الدولي، وارتداد المعارضة وتشتتها، وتوزعها في مولاة الدول الإقليمية المانحة،  تراجعت حظوظ حل القضية السورية كما كان يتمناها الشعب السوري، عبر اسقاط نظام الاستبداد، واجراء التغيير الديموقراطي، حيث كان الطريق الاصح لبلوغ ذلك اجراء مراجعة شاملة في اطار مؤتمر وطني سوري بمشاركة مختلف المكونات، والتيارات السياسية المؤمنة بالتغيير، وقد يكون مازال هناك ولو بصيصا من الامل لتحقيق ذلك اذا توفرت الشروط اللازمة المطلوبة .
اما الطريق الاخر فهو هرولة الجماعات الحزبية والمجموعات المسلحة، وسلطات الامر الواقع، وكل على حدة باتجاه دمشق كما تظهر بوادرها الان، وحصول كل طرف على حصته من الصفقة في ظل النظام القائم اصل البلاء، لان غالبيتها لم تؤمن يوما باهداف الثورة السورية، هذا اذا لم تكن معادية لها أصلا.
هناك شروط لابد من توفرها من اجل إيجاد الحل العادل والمستدام للقضية السورية (وليست المعالجات الترقيعية الوقتية) ومن ابرزها:
أولا – أي حل قادم يجب وبالضرورة ان يكون وطنيا – سوريا موحدا، يشمل جميع المناطق، والمحافظات بحزمة متكاملة واحدة، وان يحظى بموافقة غالبية السوريين على قاعدة تغيير نظام الاستبداد وليس راس النظام فحسب، واجراء التغيير الديموقراطي، وحل جميع  المسائل بمافي ذلك تطبيق العدالة وتحرير كل السجناء، والمعتقلين، والمخطوفين، وعودة المهجرين، والنازحين، وإعادة اعمار ماتهدم، واجراء انتخابات ديموقراطية في البلاد، واطلاق الحريات العامة، وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، والاجتماعي، وتحقيق مصالحة عامة بعد ذلك على أساس التسامح، والعيش المشترك بين مكونات الشعب السوري، وإزالة كل أنواع الاضطهاد القومي، وحل القضية الكردية حسب إرادة الكرد في تقرير مصيرهم في اطار سوريا الجديدة الموحدة.
ثانيا – الحل المرجو لن يتحقق الا اذا توفرت شروط إعادة توحيد الحركة الوطنية الديموقراطية السورية في مؤتمر وطني شامل، وانتخاب مجلس يمثل إرادة السوريين، ويحاور، ويتفاوض باسمهم مع جميع الاطراف الداخلية، والخارجية المعنية بالقضية السورية.
ثالثا – على الصعيد الكردي الخاص ليس هناك طرف بعينه في المرحلة الراهنة  يمثل إرادة الكرد السوريين او يحاور باسمهم، في ظل تفكك الحركة الوطنية السياسية الكوردية، وانقسامها، وتبعية البقية الحزبية الباقية منها للمحاور الخارجية على حساب القرار الكردي الوطني المستقل، لذلك فان اية محاولة من جانب أي طرف حزبي او عسكري في الساحة الكردية في الادعاء بتمثيل الكرد تبقى باطلة، بل ستؤزم الوضع اكثر، وتعمق الانقسام، والطريق الوحيد لإزالة هذه العقبة الكاداء هو اللجوء الى مؤتمر كردي سوري جامع لتوحيد الحركة، واستعادة الشرعية، وصياغة المشروع الكردي للسلام القومي والوطني، وتوفير محاور كردي واحد مخول لتمثيل الكرد ضمن صفوف الحركة الديموقراطية السورية والمشاركة في القرار الوطني، وفي مختلف المحافل.
صحيح ان هذه الحلول الجذرية العامة والخاصة ليست سهلة التحقيق، وستعترضها عقبات وعوائق كثيرة، ولكن ليست مستحيلة اذا توفرت الشروط اللازمة الذاتية أولا، والموضوعية تاليا، وحتى لو طال زمن تحقيقها فذلك افضل من إعادة تجارب سابقة تكلف المزيد من الخسائر، والدمار، خصوصا ونحن نجتاز ظروفا محلية، وإقليمية، ودولية شديدة التعقيد والخطورة، وقابلة للانفجارات، والسورييون مجبرون على التريث مع مواصلة البحث عن طرق الخلاص حتى تنقشع الغيوم، وتظهر نتائج عمليات – خلط الأوراق – والاصطفافات الجديدة بالمنطقة، وظهور ملامح  النظام العالمي الجديد.
رابعا – من اهم المخاطر المحدقة بالقضية السورية مستقبلا هو إعادة تسليم المصير الوطني السوري الى النظام الإقليمي والعربي الرسمي، او الاعتماد الكلي على الوعود الخارجية، والعودة الى حضن نظام مجرم قبل اسقاطه ومحاكمة رؤوسه المتورطة، واتخاذ طريق العنف والعسكرة وسيلة لتحقيق الأهداف، والائتمان الى جماعات الإسلام السياسي التي غدرت بالثورة، والمعارضة، والقضية، واحلال الفردية، ومراكز القوى الحزبية، والفئوية محل القيادة الجماعية.
لجان تنسيق مشروع حراك “بزاف”
لاعادة بناء الحركة الكردية السورية
    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقطات من المسافة صفر: يقف عند باب منزله في الشيخ مقصود، ذات صباح أسود، وهو يحدق في الجدران التي شهدت تفاصيل حياته. على هذا الحائط علّق صورة عائلته الصغيرة، وعلى ذاك الركن كانت أول خطوات طفله. كل شيء هنا يروي حكاية وجوده، لكن اللحظة الآن تعني الفقد. جمع بضع” حاجيات” في حقيبة مهترئة، نظراته ممتلئة بالحزن، وكأنها تقول…

عبدالرحمن كلو يبدو أن منطقة الشرق الأوسط أمام معادلة توازنية جديدة وخارطة علاقات أساسها أنقاض المشروع الشيعي العقائدي المهزوم. ويمكن تسمية المرحلة على أنها مرحلة ما بعد هزيمة دولة ولاية الفقيه. فحرب غزة التي أشعلتها إيران نيرانها أشعلت المنطقة برمتها، ولم تنتهِ بصفقة أو صفقات كما توقع البعض، إذ خابت كل التوقعات والمراهنات بما في ذلك مراهنات البيت…

قهرمان مرعان آغا تقع موصل على خط العرض 36.35 على إمتداد إحداثيات موقع حلب 36.20 بالنسبة للحدود السياسية التركية جنوباً ، والنظر إلى الخريطة تفيد إنها تقع على خط نظري واحد و تعتبر تركيا هذه المساحات مجالها الحيوي منذ تشكلها كدولة إشكالية سواء من حيث الجغرافيا أو السكان وتتذرع بحماية بأمنها القومي و ضرورة رسم منطقة آمنة لها ، لكنها…

إبراهيم اليوسف إلى أين نحن ذاهبون؟ في الحرب الغامضة! ها نحن نقف على حافة التحول المباغت أو داخل لجته، في عالم يغمره الغموض والخداع، في مواجهة أحداث تُحاك خيوطها في غرف مغلقة لا يدخلها إلا قلة قليلة. هذا الزمن، بملامحه الغامضة، رغم توافر أسباب وضوح حبة الرمل في قيعان البحار، ما يجعلنا شهودًا على مأساة متكررة…