رسالة بالبريد المفتوح إلى قيادات الأحزاب الكردية في روج آفايي كوردستان.

كلستان بشير الرسول

 يوما بعد يوم تضاف أرقام جديدة إلى قائمة أحزابنا ومنظماتنا الكوردية في روج آفاي كوردستان، بينما يصبح عدد أبناء شعبنا في تناقص، و يتحول وضعه المعيشي من سيء إلى أسوأ، فإذا ما عدنا إلى بداية نشوء الحركة الكوردية في الخمسينات والستينات نجد بأنه كانت هناك آنذاك ثلاثة محاور للنضال، وهذا أمر طبيعي، لأن الاختلاف في الراي والفكر نجده في كل دول العالم كلها، ولكن الأمر غير الطبيعي هو ما نجده في وقتنا الحاضر في هذا الكم الهائل من الأحزاب والمنظمات التي تعمل دون أن يعي العديد منها أهدافه الحقيقية التي يناضل من أجلها  ودون أن يكون لهذه الأحزاب أثر إيجابي، وخطوات عملية على أرض الواقع، في ظل الظروف العصيبة التي بمر بها أبناء شعبنا.
  وحين نقارن بين الماضي والحاضر نجد أن الحزبي آنذاك كان له وزنه في الوسط الكوردي. ووقتها، لم تكن الأحزاب لتقبل طلبات الانتساب إلى الحزب إلا بعد دراسة وتمحيص وتدقيق في السيرة الذاتية لصاحب الطلب، إضافة إلى أنه كان يخضع لفترة مراقبة واختبار، حتى بعد قبول طلب انتسابه للحزب، رغم أن النضال وقتها كان في ظل نظام قمعي مستبد، حيث الاعتقالات والنفي، إلى أقاصي البلاد، وحرمان الكثيرين من وظائف الدولة والمناصب الإدارية، والعسكرية، وغيرها الكثير، إضافة إلى بث حالات الذعر والقلق والخوف، من جراء الملاحقات الأمنية المستمرة، إلا أن الأحزاب الكوردية آنذاك لم تنكس رأسها للنظام، ولم تستسلم، بل ناضلت بإمكاناتها المتواضعة، وظروفها الصعبة، وقد شهدت التفافا جماهيريا كبيرا حولها، وإن دل هذا على شيء فإنه  ليدل على صدق ووفاء أعضاء الحزب: قاعدة وقيادة، ومبدئيتهم في نضالهم، رغم وجود بعض ضعاف النفوس بين صفوفهم، ولكن الإقبال على الانتساب للأحزاب كان كبيرا جدا، لأن شعبنا الكوردي شعب عانى الظلم والاضطهاد كما عانى من فقدانه لأبسط  حقوقه وقد كان بأمس الحاجة للأحزاب التي كانت تلبي متطلباته، لأنها كانت تحمل مضامين توعوية ونضالية لنيل حقوقه المشروعة، والشعب الكوردي بطبيعته شعب تواق للحرية والسلام، واستمر التلاحم والانسجام بين الشعب وتلك الأحزاب عقودا من الزمن، ولكن رويدا رويدا بدأت الهوة تظهر، والشرخ يزداد بين الطرفين، حين بدأت الانشقاقات تزداد وتستفحل بين صفوف الأحزاب الكوردية، ويوما بعد يوم ازدادت أعدادها بشكل غير منطقي، وغير معقول، وانحرف مسار العديد من هذه الأحزاب عن خطها النضالي ونهجها المرسوم، لأسباب عديدة، لسنا بصدد ذكرها الآن  وأصبحت العديد من هذه الأحزاب مجرد اجندات لهذا الطرف وذاك
وقد بلغت ذروة ازديادها في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد انحسار القبضة الأمنية، وأصبح النضال علنيا، وغدا كل من هب ودب بين صفوف الأحزاب لا يعرف الصالح من الطالح، ولا المبدئي من الانتهازي  والمتسلق، وقد استفادوا جميعا من تقدم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وبدلا من أن يستخدموها بشكل إيجابي، ومبرمج  لكن للأسف الشديد لم يستخدمها الكثيرون إلا لمصالحهم   الشخصية، وظهورهم على السوشل ميديا بمحتويات تافهة، وغير مدروسة و مسؤولة، وأصبح نضال العديد منهم عبر الانترنيت من خلال جلسات الزووم، وغيره، و أصبح كثيرون يلتحفون بالصور والأعلام الكوردية والحزبية وكأنهم  يوهمون أنفسهم ويبينون للآخرين بأنهم مناضلون من الطراز الأول، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: 
هل قومتم أنفسكم أيها المناضلون؟
  ماذا أنجزتم؟ وما الذي ستنجزونه؟ ما فحوى نضالكم على الصعيد الشعبي والجماهيري؟ أليس الهدف الأساسي لنضالكم هو تأمين حياة حرة وكريمة للشعب على فرض أنكم لم تستطيعوا تحقيق ذلك نتيجة إمكاناتكم المحدودة وظروفكم الذاتية والموضوعية، كما تدعون وتزعمون؟
لماذا لم تبحثوا عن سبل وطرق مدروسة ومبرمجة لتقديم يد العون والمساعدة لهذا الشعب الذي تهجر معظمه، وبات يتخبط في مهاوي الفقر والحرمان والمرض والذل والاضطهاد؟
 لماذا لا تسألون أنفسكم لماذا ابتعد عنكم أبناء شعبكم وانعدمت ثقته بكم بل أصبحوا ينفرون من ذكر أسمائكم، فقد أصبحتم في واد وشعبنا المغلوب على أمره في واد آخر
باعتقادي لا وقت لديكم لتلبية متطلباتهم لأنكم  مشغولون بل منهمكون في صراعاتكم الحزبية وتكتلاتكم وانشقاقاتكم التي تدر عليكم النفوذ والشهرة وكسب المال وهذا جل ما يصبو اليه الكثير منكم بينما شعبنا يموت جوعا وقهرا وذلا ومرضا..
أليس الأجدر بكم أن تولوا هذا الشعب بعضا من اهتمامكم، وأنتم من تنادون بالنضال من أجلهم ومن أجل تأمين حقوقهم، لكن في الحقيقة هم من يناضلون وهم من يبذلون الغالي والنفيس من أجلكم، ويضحون بفلذات أكبادهم من أجل قضيتنا
 هل سألتم أنفسكم لماذا عاد عهد العشائرية بالظهور من جديد؟ 
 لماذا نالت الجهود الفردية الأمنية التي تتبرع وتتصدق على الشعب أسماء لامعة بين أبناء شعبنا
  كفاكم تكتلات وانشقاقات كفاكم مقايضات ومتاجرة بمصير هذا الشعب لقد بات الوطن بلا شعب، وأصبح الشعب بلا مأوى ينام في العراء في القر والبرد ينام جائعا ويفقد فلذات أكباده هنا وهناك، فالخيار لكم إما أن تكونوا مناضلين حقيقيين تخدمون ابناء شعبكم بكل أمانة وإخلاص ونزاهة، وترجعوا بذلك ثقة شعبكم بكم، و إلا فلا تلوموا شعبكم، إذا فقد ثقته بكم، وقل احترامه لكم حافظوا على البقية المتبقية من أبناء  شعبكم  حتى لا يصبح الوطن خاليا من الشعب.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…