إبراهيم اليوسف
استعادة شعار: أسلم تسلم!
قبل كل شيء، أشير إلى أنني تربيت في أسرة- دينية- أباً عن جد، وأنني ممن يؤمنون أن لهذا العالم خالقاً، وهو ما أعلنه دائماً، وأحترم جميع ديانات العالم. كان أصدقائي المسيحيون جد مقربين مني، وطالباي اليهوديان كانا جد مقربين مني، وإن حدث أن غابا، نهائياً، ذات يوم، فجأة، لأعلم، فيما بعد، أنهما سافرا مع ذويهما إلى “إسرائيل”، ضمن دفعات المهاجرين، في أوائل الثمانينيات، وهكذا الإيزيديون، كما أني من عداد من يحترمون رجال الدين، وأتذكر أنني عندما نقدت د. محمد سعيد رمضان البوطي، إثر تصريح انفعالي له عن أصله الكردي، فإنه كان قد قال للملا عبدالله الغرزي الذي كان برفقة نجله المحامي الكاتب محمد جان: إنه من أكثر من نقد بعقلانية- رغم قسوتي النقدية آنذاك- كما إني حزنت على طريقة مقتل الإمام محمد سعيد رمضان البوطي، بحقد ولؤم، على أيدي حواضن داعش الذين نراهم الآن، أدوات قاعدية، داعشية، في يد الاحتلال التركي، وإن كنت أختلف معه فيما طرحه من أفكار، و رددت على من شمتوا باستشهاده!
و أعترف، أن أسرتي-تاريخياً- رغم تحفظها الديني، فقد كان للأسرة أصدقاء إيزيديون ومسيحيون، كتبت عنهم مراراً، ومن بين ذلك أن هناك إيزيديين لا يهدأ لهم بال إن تعرضت أسرتنا لمظلمة، فإنهم يناصروننا، وهكذا بالنسبة إليهم أنى تعرضوا لمظلمة، وهذا ما قاله لنا عجوز إيزيدي هو والد المهندس نوري رمو، عندما عزيناه- برفيقة دربه- كوفد من قيادة الحزب الشيوعي السوري في الجزيرة، في تسعينيات القرن الماضي، وثمة أكثر من ذلك ما كتبته، ويعرفه مقربيَّ الإيزيديون الذين نتواصل على نحو يومي، ويحتاج سرد أسمائهم إلى قائمة، وهم مدعاة اعتزاز عندي كما أصدقائي: السريان أو الآشوريين أو الأرمن!
أذكر، كل هذا لأبين للقارىء الكريم، رؤيتي، من الفسيفساء، المحيط، إذ إنني أرى أن من حق الآخرين أن يؤمنوا بما يشاؤون، كما أن من حقي أن أؤمن كما أريد، من دون أن يحق لأحد إلزام الآخر، على أن يكون نسخة مشوهة عنه، أو حتى نسخة مطابقة له، كما يتم تحت وطأة روح التسلط. روح الهيمنة على الآخرين.
داعش بين الافتراضي والواقعي
لأول مرة، وبعد حوالي ثلاثين سنة، أتابع مسلسلين رمضانيين، باهتمام جد كبير، أحدهما بعنوان- ليلة السقوط- والآخر بعنوان- ابتسم أيها الجنرال- تأليف الصديق المبدع سامر رضوان وأنتظر موعدي بثهما، على خلاف عادتي مع موقفي من مباريات كرة القدم، أو المسلسلات، إذ أهملها، تماماً، إلا إذا كنت في زيارة إلى مقربين: أهال أو أصدقاء، فأكره على المتابعة، وكنت أكتفي بمتابعة الأفلام السينمائية والمسرحيات، أنى أتيح لي ذلك، بهذه الطريقة أو تلك.
ما إن وصلني خبر دخول شخصين كرديين إيزيديين الدين الإسلامي، على يدي أحد رجال- دين- الاحتلال- المستوطنين في عفرين، بوساطة المحتل التركي، ووفق- اتفاق دولي متواطىء- حتى تذكرت، مشهداً، من الحلقة العاشرة من مسلسل- ليلة السقوط- والذي يتم فيه فرض- الإسلام- على الأطفال الإيزيديين السبايا، بعد قتل آبائهم وأخوتهم وسبي أمهاتهم وأخواتهم، واعتبارهم من أشبال دولة الخلافة، واغتصاب نسائهم، ولا فرق أن يتخذ عجوز سبعيني طفلة في الثالثة عشرة من عمرها سبية، ورحت أتابع الخبر في مظانه، لاسيما إن لي أصدقاء جد مقربين من قرية مسرح الحدث- قيبار- ومنهم د. عدنان حسن، وأسرة- مجلس إيزيديي سوريا- لأعلم أن الشخصين هما حيدرعارف وشيخو عارف. ابني آل: عارف- المعروفة.
حزنت كثيراً وأنا أتابع حديث- رجل الدين”….؟” الذي تم إسلام الرجلين الإيزيديين على يديه، وإعلانه عن ذلك، واعتباره ما تم إنجازاً عظيماً- رغم إن ماتم وفي هذه الظروف جريمة بحق أسيرين- إذ إنني كنت سأعتبر الأمر، ضمن إطار القناعة الشخصية فيما لو أسلم ذان الإيزيديان، على نحو طوعي، وليس في ظل أكثر من احتلال، طرفاه: تركيا المحتلة وأدواتها من مرتزقة الفصائل ذات التاريخ الأسود، وبطانتيهما، ناهيك عن أن كل ذلك يتم في ظل ما نتابعه من انتهاكات متواصلة بحق إيزيديي عفرين، وقد جاء الحدث بعد مجزرة- جنديرس- و رحت أسأل ذاتي:
لو كان هذان الإيزيديان في أوربا أو أمريكا هل كانا سيسلمان على نحو حر؟
أجزم أنهما ما كانا ليسلمان…
لو لم تكن عفرين تحت سلطة الاحتلال- المركَّب- هل كان في مستطاع رجل الدين أن يبادر في استجرار هذين الإيزيديين إلى جادة الإسلام؟
داعش يتواصل داعش يتمدد:
برسم المعنيين
في ظل كل ما يدور، فإن على المعنيين في الأسرة الدولية إيلاء ملف عفرين الأهمية القصوى، إذ تتم فيها ممارسة جينوسايد مضاعفة، بحق أهلنا الكرد الأسرى، بالإضافة إلى استهداف- دين- مهدد بالانقراض، كاستمرار لما ارتكبه تنظيم داعش الإرهابي، وهذه صرخة نطلقها، لعلها تتصادى، و يتم الإصغاء إليها، لمواجهة حرب الإبادة- بأصنافها وأنواعها- ضد الكرد، بشكل عام، والكرد الإيزيديين، على نحو خاص!