فلنقرأ الواقع الكردي السوري كما هو عليه

صلاح بدرالدين

 
  كل البيانات، والتصريحات، والديباجات الانشائية والتجمعات الاحتجاجية، خلال الأسبوعين الأخيرين لم تحقق شيئا يذكر بالملموس لاهلنا في – جنديرس -، كما لم تتناسب مع قطرة من دماء الشهداء الأربعة – شهداء شعلة نوروز – ( مع كل التقدير للنوايا الحسنة، والجهود الفردية المخلصة )، ومهما استمرت هذه الأساليب وبهذا الشكل – ويبدو انها ستستمر – فلن تحقق اية نتائج مرجوة، فموضوع – جنديرس – والمواضيع الأخرى المتفرعة عن القضية المركزية – القضية الكردية السورية – وعندما يتم التعامل معها بطرق متباينة، واشكال مختلفة، ودوافع حزبية، ومناطقية، وتتحول الى منصة للمزايدات، وسرعة تسجيل المواقف، فلاشك انها ستنحرف عن المسار،وتلحق الاضرار.
ولكن لماذا ؟ 
أولا – ومن حيث المبدا وكما اثبتت التجارب الحية على ارض الواقع، يفتقد الكرد السورييون اداتهم النضالية، الشرعية الجامعة الموحدة – الحركة الوطنية السياسية – وهذه الحقيقة تعني فقدان الاستراتيجية الموحدة من مشروع قومي كردي ديموقراطي، الى برنامج سياسي وطني، الى سياسات مدروسة معبرة عن مصالح الغالبية الكردية ليس حول مجمل القضية الكردية فحسب، بل حتى بشأن المناطق وتحديدا – عفرين – والمناطق الأخرى التي ترزح تحت قبضة النظام، ونير الاحتلالات، وسلطات الامر الواقع، وتحكم المستوطنين المسلحين.
ثانيا – فشلت تجربة (الإدارة الذاتية) حتى في تعريف نفسها، هل هي شكل من اشكال الحقوق القومية الكردية، ام تعبير عن الآيديولوجيا الآبوجية الوافدة التي فشلت في موطنها الأصلي – تركيا – ام سلطة الحزب الواحد كوليد مشوه خارج من رحم حكم الحزب الواحد بدمشق الذي له الفضل الأكبر في الصعود – الصاروخي – لحزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله اوجلان في البدايات الأولى .
  ثالثا – لم ينجح – المجلس الوطن الكردي – وقبله – الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا – في الحلول بديلا للإدارة الذاتية، وحتى شريكا لها، من دون ان يعترفا بذلك حتى الان، وفشلا حتى في الدعوة الى إعادة بناء الحركة الكردية، وخسرا الجمهور الواسع المتعلق روحيا بإقليم كردستان العراق حينما ارادا استثماره، عندما اكتشف هذا الجمهور ومعه الوطنييون المستقلون انهما لايحملان المشروع الكردي السوري بشقيه القومي، والوطني، والفساد ينخر الجسد والمفاصل فيهما .
  رابعا – حتى اللحظة – ويجب الاعتراف – لم تنجح التيارات الفاعلة في صفوف الوطنيين المستقلين من انجاز تنظيم الطاقات، والتوصل الى جسم تنظيمي موحد شرعي من خلال المؤتمر الكردي السوري المنشود لاسباب مختلفة، بينها تردد فئات من المثقفين، واعتراض أحزاب طرفي الاستقطاب، وفقدان الدعم المطلوب من العديد من الأطراف المعنية بالملف الكردي السوري، الذي لن يتم طبعا دون تنازلات باهظة الثمن.
خامسا – وإزاء ماتقدم وفي ظل هذا الواقع المرير نرى حصول اختزال القضية الكردية السورية (بشمال شرق سوريا) او بهذه المنطقة اوتلك، او بشروط التبعية الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، والشعاراتية للعمق الكردستاني، وهذا يعيد القضية عقودا زمنية الى الوراء، وسيستمر ذلك اذا لم ننجز مهام إعادة بناء حركتنا من جديد وبالسرعة الممكنة بالرغم من كل العوائق، وتجسير الهوة مع المعارضة الديموقراطية السورية بتعزيز الحوار مع شركاء الوطن حول الحاضر، والمستقبل.
  قراءة الواقع كما هو عليه بمثابة الخطوة الأولى نحو التغيير
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…