إبراهيم اليوسف
بعد أيام- فحسب- تكتمل خمس سنوات، من القهر والألم والمعاناة، على احتلال تركيا لعفرين، وتسليمها إلى وكلاء أعمالها الشنيعة، من مرتزقة، مأجورين، بعد أن عاثوا فساداً، في السنوات السابقة، على الاحتلال، إذ كان أنموذجهم وبالاً على الثورة السورية التي بدأت مجسدة لطموحات السوريين، في مقاومة الاستبداد، تحت نيرحزب البعث، بعد أن قبل أمثال هؤلاء على أنفسهم، أن يكونوا أدوات رخيصة بأيدي المحتل الذي نخر مركبة الثورة من داخلها، وفق تخطيط انطلق على مراحل منذ بدايات هذه الثورة، ومارس لعبة الترغيب والترهيب، مع كل تابع له، بعد سيل من الأكاذيب والعهود، قبل أن يلجأ إلى- تجويع الذين أذعنوا لها رواتب ومراتب وتربيتات- ما جعلهم يخضعون له، ويقبلون بما يمليه عليهم، فاتخذ منهم طلائع في مقدمة قواته المحتلة، خلال حرب الثمانية والخمسين يوماً سنة 2018، والتي استخدم خلالها- بعد الحصول على التأشيرة الأمريكية الروسية- الأسلحة الفتاكة ما بعد الحداثية: جواً وبراً، عبر عشرات الآلاف من العسكريين والخبراء، ومن بينهم هؤلاء المرتزقة، سوريي الهوية الذين سرعان ما قبلوا برفع العلم التركي، واعتماد اللغة والعملة التركية، وتعليق صور- أردوغان- في مقارهم ومكاتبهم، بعد أن اتخذوا عصابة مطلقة اليد، بصلاحيات كاملة: قتلاً، وسجناً، وخطفاً وطلب فديات- وسرقات واعتداء على الكرامات.
صار كل هؤلاء، ومعهم من سميوا بنازحي بعض المناطق السورية، أصحاب بيوت جاهزة، بعد طرد أهلها، أمام أعين العالم، ليتصرفوا بخيرات هذه المنطقة، يسطون على مزارع الأهلين، ويفرضون الأتاوات والخوات على المزارعين، فلهم حصة في كل حبة زيتون، أو قطرة زيت، وبات كل ثري مستهدفاً لهذه العصابة، عبر البطش بهم، وسرقة أموالهم، لاسيما أن هناك ثمة تهمة جاهزة توجه إلى كل كردي، ألا وهي انتماؤه، أو تعاطفه مع حزب العمال الكردستاني، وتحت غطاء سياسي- من قبل الائتلاف الذي قبل أن يؤدي هذا الدور التخاذلي مع المحتل، بعيداً عن أية قيم وطنية أو إنسانية!
و لقد أماطت كارثة زلزال السادس من شباط فبراير2023، اللثام عن إمعان شركاء الجريمة في العمل على مفاقمة أذى الكردي، إذ إن تركيا لم تكترث بكارثة هذا المكان المحتل، حتى هذه اللحظة، لتطلق أيدي عتاة اللصوص في مواصلة سرقاتهم التي كانت دواجن أهل عفرين، ومواشيهم، من ضمن قائمتها التي أسالت لعابهم وسولت أنفسهم لهم بغزوها-مع بداية فعل الاحتلال المجرم- لينهب بعض سراقهم البيوت التي تهدمت فوق أصحابها، بسبب هذا الزلزال، بل ليسطو بعض هؤلاء- الأغراب- على مايرسل إلى بعض أبناء عفرين من مساعدات مالية، ولو بسيطة، من ذويهم، من خارج قبضة هؤلاء الذئاب وسلوقييهم، ناهيك عن سرقة ما وصل من معونات ومساعدات، و حرمان كثيرين من المنكوبين منها، أو إعطاء جزء جد يسير لبعضهم، وحتى سلب ما أعطي لهذا الجزء منهم، بعد انتهاء التصوير، وهو ما يتم كامتداد لممارسات وكلاء المحتل، أو جلاوزته الذين ينفذون أجنداته، ويركعون أمام حذائه، أذلاء صاغرين، أنى دعت الضرورة ذلك، ولايتورعون عن تنفيذ أية مهمة تسند إليهم، فلا حياء، لا قيم، لا كرامة، بعد الخضوع للمغتصب، وهذا ليس غريباً عمن كان يؤدي- في الأصل- مثل هذه المهمات للنظام السوري، فانقلب عليه، عندما باتت المؤشرات كلها تدل على وشوك سقوطه، فهرع إلى المركبة الأخرى في قفزة بهلوانية، ماهرة،، ليلعب الدور نفسه الذي طالما أداه، من قبل، فكان مصيره أن غدا صيداً بين أنياب مخادع له مشروعه الخاص، وتاريخه من الإيقاع بالادوات التي” يستلمها لحمها وعظماً ويرميها عظاماً في مزابل التاريخ” وهذا ما ينتظر كل هؤلاء” المعتبشمين” الأرذال!
استمرار واقع عفرين، في ظلِّ هذه العصابة التي تتخذ من الائتلاف غطاء لها، وهو محض غطاء كاذب، والائتمار، بما يفرضه المحتل، وتشريد ابن المكان، واستغلال مآسيه، حتى في ظل إحدى أعظم كوارث الطبيعة في هذه الألفية الثالثة، وصمة عار على جبين قادة المجتمع الدولي، لاسيما: أمريكا- روسيا، اللتين كانتا وراء المساومة على صفقة عفرين، وإرضاء أردوغان الذي قدم التنازل تلو التنازل، أمام الغرب، عامة، تحت وطأة أحلام مخملية، تداعب مخيلته، ولقد آن الأوان لمن يتنطعون لقيادة العالم إعادة أعظم خلل في معادلات منطقة الشرق الأوسط التي تدخل مئويتها، وقد ارتكب كل ذلك، بسبب سوء سياساته التي جعلت المنطقة مرتعاً لأنظمة الاستبداد التي أوصلت شعوبها إلى الهاوية!
على العالم. العالم أجمع، الانتباه إلى مايجري للكرد- بل ضرورة إيقاظ وصحوة ضميره المعربد- بعد مئة سنة من معاهدة لوزان الغادرة 1923، حيث تستعد دورة الاحتلال التركي، لتقوي شوكتها، في محاولة استعادة دورة مئوية أخرى، كي تؤسس إمبراطورية أخرى- بعض أن باتت بعض مقوماتها تتهيأ- ليس لإمحاء الكردي أحد أبرز قرابين المخطط الغربي في الشرق الأوسط، وحده، وإنما لإعادة استعباد شعوب المنطقة- برمتها- بعد أن بات صبي قطر-المونديالي كأنموذج خليجي لبناء المستوطنات في عفرين- يرفد إشعال لهيب مستعبد آبائه، وجدوده، من نفط بلاده، ودماء عربه، ومسلميه، كي يكون- اللاعب- المغفل، المأجور، كما- فريق بلاده الرياضي- في المباراة الحامية، في دور صباب قهوة، ومصفق، منتش، في الملعب الذي ليس له فيه شيء، رافداً لكل مشاريع الفاتح الذليل، من دون أن ينتبه: أين مكمن مصلحة، مواطنه، وإنسانه، وجيرانه، في ضوء معادلة: الماضي والحاضر والمستقبل، في هذه المباراة. حامية الوطيس