عنايت ديكو
بعد انشغال العالم بالربيع العربي وبالحرب الأوكرانية وانهيار الكثير من النظم والأنظمة، وخسارة وتوظيف الترليونات من الدولارات. تعاظم دور تركيا الوظيفي والاقليمي والدولي، وباتت تركيا الاردوغانية تبحث عن موطئ قدمٍ لها بين الكبار وتُجَهَّز نفسها لقيادة المرحلة وخاصة في هذه المفصلية التاريخية، ومنافسة اللاعبين ومشاركتهم في القرارات المصيرية والسياسية والمحاور والأحلاف. وعليه قام السيد ” أردوغان ” بتنصيب وتعيين نفسه كخليفة على الشعوب والأمم في المنطقة … شاهراً بأصابعهِ الأربعة قائلاً : بأنه سيكون سلطاناً أوحداً على هذه الأرض من حدود منغوليا الى أبواب البلقان الفسيحة .!
لكن يظهر حساب الحقل لا ينطبق على البيدر ، وخاصة عندما ينشب ويندلع حريق دامي حقول الزاد والقمح .!
فجاء الزلزال والنار والدمار والخراب، وتحطَّمَت الأحلام أمام أعين السلطان أردوغان .!
عشرات المدن والبلدات والقرىٰ والمحافظات في تركيا قد سُويت بالأرض، وأصبحت منكوبة ومهدّمة ومرعبة وخالية من البشر .!
الملايين والملايين من البيوت والأبنية والجوامع والمساجد والمعامل والمصانع والادارات والجسور والطرقات والاوتوبانات والبنية التحية قد أصبحت في خبر كان .!
الملايين من البشر، أصبحوا مشردين وفقدوا أرزاقهم وأعمالهم ومشاغلهم وبيوتهم وأولادهم ومالهم وأموالهم ومستقبلهم وحياتهم والى الأبد .!
زلزالٌ … قد فرمل السادية الطورانية لبعض الوقت، وأنهىٰ كل السيناريوهات والخطط والسياسيات الأمنية والعسكرية.!
زلزالٌ قد ضرب رأس الأفعىٰ وبقوة عشرات القنابل النووية .!
السؤال هنا : هل الزلزال الذي ضرب تركيا … هو زلزال طبيعي وجغرافي وأرضي كما يحلو للبعض أن يفسّره ويقوله ويسوّقه على الاعلام … أم أن هذا الزلزال هو بالدرجة الأولى … زلزالٌ سياسي واقتصادي واجتماعي .؟
لتجتمع كل الدول الصديقة واللصيقة لتركيا … ولتقدّم لها ما تستطيع من مالٍ وأموال وغذاءٍ ودواء، لكن على أرض الواقع لن يستطيع أردوغان بناء 20% من ما حصل للشعب التركي من خراب وانهيار ودمارٍ على الأرض، فالأرقام مرعبة وهائلة وصادمة .!
فما هذه المجاهرة والنفاق من طرف السلطان أردوغان بإرجاع الحياة الى سابق عهدها والى ما قبل الخراب والدمار والانهيار من خلال عصاه السحرية.؟
فكيف لأردوغان بناء ما تهدَّم وما حصل لعموم تركيا من خرابٍ ودمار وانهيارات في سنةٍ واحدة فقط .؟
فهل ستكون تلك المنح والمساعدات التي ستأتي الى تركيا، أكبر وأكثر من تلك المساعدات التي تنهال وتُمنح وتُقَدَّمُ لأوكرانيا في حربها ضد روسيا ؟ … بالمطلق لاء.!
فبأي وجه حقٍ ، سيذهب أردوغان السلطان الى تلك الأمهات والعوائل المنكوبة والجريحة، ويطلب منهم الصبر وتقديم الشهداء والقرابين ثانية من أجل العثمانية الجديدة.!؟
فهل سترضى تلك الامهات والعوائل ارسال أبنائهم الى المحارق والمهالك والحروب مجدداً .؟
وهل ستسكت المعارضة التركية عن تلك الزلازل وارتداداتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والانسانية التي غيّرَت قواعد اللعبة ليست في تركيا وحدها، بل في كل المنطقة .!؟
التاريخ لا يرحم… على الجميع قراءة التاريخ مراتٍ ومرّات والاستفادة منه من أجل العيش المشترك والمتشارك، ومن أجل عالمٍ خالٍ من الارهاب والعنصرية وتقبل الآخر المختلف!
——————