أسئلة كوردية «1»

د. محمود عباس

ما هو هدفنا في الحياة؟
  هل هو تحرير كوردستان؟
 كوردستان حتى ولو كانت غارقة مثل الدول المجاورة في التخلف والاستبداد؟ 
هل بإمكاننا تحريرها ونحن على ما نحن عليه؟ 
ماذا يتطلب لتحريرها؟
هل نختلف عن الشعوب المجاورة؟
 هل نستطيع بناء وطن ديمقراطي؟ 
أسئلة تناولها الحراك الثقافي قبل السياسي، طوال القرن الماضي، وخلقت حيرة لدى الأعداء قبل الكورد، رافقتها الكثير من الأسئلة الاعتراضية والشكوكية، والقليل من الأجوبة المقنعة، المرفقة بالدراسات الأكاديمية، وشبه عدمية في استراتيجية العمل. 
الأسئلة التي دفعت ولاتزال تدفع بالعديد من الكتاب والقراء إلى النقد الحاد قبل التحليل والبحث عن الأجوبة التي يمكن بها دحض حجج الأعداء وإقناع الدول الكبرى أو المعنية بأمر المنطقة، بل جلها ظهرت لإقناع الذات قبل الأخرين، فسقط معظمهم بعد كل محاولة في مستنقع تضارب المفاهيم وضبابية الرؤية.
الأسئلة التي لم ترفق بدراسات تؤثر على مصالح الدول الكبرى، فتحت الأبواب للأعداء على خلق التهم بكل أنواعه؟ خاصة عندما لم يتم تقديم أجوبة منطقية وبسوية أكاديمية وعلى مستوى القضية، أو حتى تلك التي تم لم تبلغ مداها، على خلفية ضعف الإمكانيات.
الهدف، على خلفية بساطة الأجوبة، يتم تداوله بسهولة أكثر من الحلول، ومن البحث عن الدروب المؤدية إليه، فكثيرا ما يختصر الجواب، أننا نريد وطن حر.
أسئلة تؤكد على أننا نحن أمام أزمة العمل وليست الغاية، فالغاية معروفة، وأزمتنا أننا نغوص في مستنقع التشتت والتعنت لكننا ننظر إلى الأفق البعيد نلهي ذاتنا كفاقد الأمل في إنقاذ الذات.
كما وهناك أسئلة مرافقة بألسنة مختلفة، لماذا نسير في دروب متضاربة ومتقاطعة، رغم أن الهدف واضح، ألا يثبت هذا على أننا لا زلنا نعيش الضياع بين ما تلقيناه من ثقافات دخيلة ومفروضة، وما حصلنا عليه من الآباء والأجداد. بين تاريخ عرضوها لنا في المدارس، وما اكتشفناه من الحقائق دون تحريف، بفضل وسائل حضارة العصر.
ألا يثبت على أن قضيتنا راجت ما بين حراك منعدم الإمكانيات، لم يتمكن من تطوير ذاته، وشعب طموح هائل الإمكانيات لكنه غارق في الأحلام.
 طوال القرن الماضي، ألتهينا بالأسئلة والأجوبة الضبابية وغير العملية، وتناسينا أننا نحتاج إلى توعية ذاتنا، وتوسيع مداركنا، ودراسة المجتمعات الحضارية والتعلم منها، لا العيش على خيراتهم ونبذ ثقافتهم وأساليبهم. 
 ولم نتعلم التمييز بين السياسة والتحزب، ولا نعرف كيفية التعامل بالأساليب الدبلوماسية بين بعضنا، لا زلنا نغرق في النقد السلبي والحوارات الخلافية. قساة على بعضنا ليس من أجل التصحيح والتصويب، بل للتصغير والهدم. 
رغم أن شريحة واسعة من مجتمعنا بدأ يعيش الحضارة، لكن لم نتعلم إلا الفتات، ولم نعرف كيف نكون قساة عند الضرورة وحضاريين عند حضور الغاية. 
نعم نريد كوردستان حرة، ديمقراطية فعلا لا قولا. لا نختلف عن الشعوب المجاورة، لكن ربما لطول المعاناة قد نتمكن من بناء دولة دون استبداد، لذلك نلاحظ كيف أن الشعب الكوردي يرفض منطق الحزب الواحد، لهذا فتحرير الوطن تحرير لشعوب المنطقة من أنظمتهم الاستبدادية. وندرك أن:  
قضيتنا ليست عصية على الحل، بل نحن كحراك لا زلنا عصاة الحلول. من شبه المستحيل تحرير الوطن ونحن على ما نحن عليه، لا شك أعداؤنا قساة وأقوياء، لكنها أنظمة فاسدة دكتاتورية على شعوبها مثلما على الكورد، لذا فهم ليسوا خارج مجال احتمالات خسارتهم للصراع، عندما نؤمن بذاتنا، وننهض بإمكانيات أمتنا، ونقنع الشعوب المجاورة والمحتلة لكوردستان أنهم يعانون مثلما نعاني، ونوعي مجتمعنا ونتشارك في الدرب حتى ولو كنا على خلاف، فقضيتنا حق ومن يملك الحق سيملك يوما ما القوة.
الولايات المتحدة الأمريكية
1/2/2023م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…