نظام مير محمدي*
عقد يوم الجمعة 27 يناير المؤتمر العربي الإسلامي في بروكسل بمشاركة البرلمانيين والشخصيات السياسية من مختلف الدول العربية تضامناً مع ثورة الشعب الإيراني المستمرة.
شاركت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة للفترة الانتقالية عبر الإنترنت وألقت كلمة في هذا المؤتمر.
وفي دراسة أبعاد وأهمية ونتائج هذا المؤتمر خصصت المقالة الأولى لدراسة أجزاء من خطاب وكلمة السيدة مريم رجوي.
وستناقش المادة الثانية خطب أو رسائل المتحدثين من الدول العربية وتضامنهم مع ثورة الشعب الإيراني.
وقالت السيدة رجوي في جزء من حديثها “…إن انتفاضة الشعب الإيراني استمرت بدماء 750 شاباً شهيداً على الأقل وأسر وتعذيب 30 ألف من المعتقلين.
لم تحدد هذه الانتفاضة مصير إيران فحسب، بل حددت أيضًا مصير الشرق الأوسط بأكمله وستؤثر بلا شك على العالم أيضًا…”
بدأت الانتفاضة في 16 سبتمبر 2022، ومنذ ذلك الحين استمرت 135 يومًا في 282 مدينة إيرانية.
إن مطالب المنتفضين وتوجهاتهم سياسية بالكامل وتكررت شعارات الشعب المحتج (الموت للظالم سواء كان الشاه أو المرشد)، وغيرها من الشعارات التي تحمل نفس المحتوى مثل الموت لخامنئي والموت للديكتاتور، آلاف المرات لتعبر عن الرفض الشعبي التام لكلا النظامين السابق والحالي وأي نوع من الديكتاتورية.
من سمات هذه الانتفاضة ؛ هو الدور المميز والقيادي للمرأة الذي فاجأ العالم ورأى الجميع الإمكانات العالية للمرأة الإيرانية في التمرد والثورة على القمع والاستبداد.
في كثير من المشاهد، كانت الشابات والفتيات في طليعة المواجهة والصراع مع قوى القمع وفي الاحتجاجات المنظمة.
وتُظهر إحصائيات النساء اللائي ضحين بأرواحهن واستشهدن أو فقدن بصرهن على يد القوى القمعية دورهن الواسع.
فالثائرات والمنتفضات بحضورهن وشعاراتهن السياسية بالكامل أثبتن أن المطلب ليس بين موضوعي الحجاب من عدمه، بل بين الشعب المنتفض والاستبداد الديني الحاكم، ولا بد من بذل كل الجهود لإسقاطه.
وهتفت الرائدات “بالحجاب أو بدونه .. إلى الأمام نحو الثورة”.
يستحق الحضور النشط والراديكالي للطلاب في 204 جامعة إيرانية ودور العديد من الطلاب المنتفضين في استمرار الانتفاضة الاهتمام وتسليط الضوء عليه بشكل أكبر.
لطالما لعب الطلاب والجامعات دورًا فاعلًا وحاسمًا في المشهد السياسي والثوري لإيران منذ عام 1953 والانقلاب المشين ضد الحكومة الوطنية والشعبية للدكتور محمد مصدق.
كما تجدر الإشارة إلى الدور الحاسم لمجاهدي خلق ووحداتها المقاومة في تنظيم الانتفاضة واستمرارها ونشر شعار “الإطاحة بالنظام” على أوسع نطاق وتعزيزه لكسر مناخ الخوف والكبت الذي خلقه النظام الحاكم.
باعتبارهم المكونات الرئيسية للنظام وبصفتهم الرافعات الرئيسية للقمع، من حرس الملالي وقوة الشرطة إلى أئمة الجمعة للنظام، الذين يعكسون رغبات خامنئي ويكررونها دوماً، فقد أكدوا مرارًا وتكرارًا على دور مجاهدي خلق كقادة للانتفاضة، لدرجة أن حسين سلامي، قائد حرس الملالي، في 29 أكتوبر 2022 واليوم الرابع والأربعين من انتفاضة شاه جراغ شيراز، طلب يائسًا من شباب الانتفاضة ترك الشوارع والعودة إلى بيوتهم.
لكن واقع المجتمع الإيراني وما أثبت نفسه على الأرض أن انتفاضة الشعب الإيراني لن تعود إلى “التوازن السابق” رغم كل التقلبات. لقد وقع النظام في فخ الإطاحة به ولا مفر له من هذا المأزق”.
إن الانتفاضة الحالية للشعب الإيراني هي نتاج 43 عامًا من العنف والقمع الذي فرضه الاستبداد الديني للملالي، وهي ليست مسألة حديثه أو غير مسبوقة.
منذ بداية صعود الخميني إلى السلطة عام 1979 وبقاء نظام ولاية الفقيه حتى يومنا هذا، اعتمد على أساسين للاستمرار في الحياة: “القمع المجرد الوحشي والعنيف داخل إيران وتصدير الإرهاب والذبح والقتل والترويج للحرب في المنطقة و العالم.”
لقد نفذ نظام الملالي سياسة القمع والقتل واعتمد نهج كراهية النساء في الداخل والإرهاب والحرب القذرة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة تحت اسم الإسلام وتوسيعه والدفاع عنه بكل دجل وخداع.
“توسع حرس الملالي، الذي كان القوة الرئيسية في الميدان خلال حرب الثماني سنوات مع العراق، وراء حدود إيران وأسس فيلق القدس الإرهابي، معتمداً على مجموعات تعمل بالوكالة عنه في لبنان وفلسطين واليمن والعراق وسوريا، وخلق وبث الفرقة والرعب والجريمة التي ما تزال مستمرة حتى اليوم.”
وبالنظر إلى هذه المعايير، قالت السيدة رجوي في الجزء الأخير من كلمتها أمام الحضور والمشاركين في مؤتمر بروكسل:
“منذ سنوات طويلة ونحن ندعو دول المنطقة إلى إقامة جبهة مشتركة ضد نظام ولاية الفقيه، والتي يعتبر الشعب الإيراني ومقاومته جزءًا ضروريًا مهمّا فيها. وهذا أمر ضروري لتخليص إيران والمنطقة بشكل أسرع من شرّ التطرف الديني والإرهاب وإثارة الحروب من قبل نظام الملالي.
وبديل النظام المتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية یناضل من أجل إيران حرة تبشّر بالصداقة والأخوة والسلام في المنطقة والعالم.”
والنتيجة هي:
إن انتفاضة الشعب الإيراني على امتداد 135 يومًا هي بمثابة معيار لنفاذ صبر الشعب الإيراني وتصميمه على الإطاحة بهذا النظام الاستبدادي. وإن إعلان تضامن الشخصيات من الدول الشقيقة والصديقة، التي يتربص لها نظام ولاية الفقيه ومن خلفهم بقايا البهلويين بخنجر الغدر والخيانة والجريمة، هو أمر قانوني ووقوف على الجانب الصحيح من التاريخ من أجل إحلال السلام والأمن في المنطقة والعالم.
* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني