الحدث السوري والبراعة البراديغمائية

وليد حاج عبدالقادر / دبي 

بداية لابد لي من الإقرار بأنه مهما تعمقنا في بنية الأزمة السورية ، لابد أن يدركنا بعض من الرتابة من جهة ، وتكرارية الحدث / الأحداث وتراتبياتها التي لازالت تنتج ذاتها ، وذلك منذ الأزمنة والعصور السحيقة ، وعليه ومن دون الغور في أحداث تلك الأزمنة ، وفي عودة هادئة إلى سوريا المحدثة وفق متواليات سايكس بيكو وخرائطها والاتفاقيات كما المخططات التي أنتجت هذه الدولة وعلى أرضية ان جينات تشظيها هي فيها ومنها ، هذه الجغرافيا التي أحدثت وفق مبدأ القص واللصق ، وذلك حسب القوى التي هيمنت تاريخيا على المنطقة وبالتالي تقاسمتها ومن جديد بمبضع وفق مصالحها ، وعليه فقد تم استحداث دول وقصقصة او تقسيم أخرى ، ونتذكر جميعا تلكم الدويلات التي تشكلت ، وخفت الأمر إلا أنها لازالت وكقواعد خرسانية صلبة تموضعت على ارضية خرائطها المنبسطة ، اما لماذا وماهو الغرض في هذا السرد ؟ فبالتأكيد ان جذوة – بنية الصراع الذي أسسته دول الإنتداب وكنار كامن فوق فوهة بركان متقد ، 
هذا الامر الذي واكب مسيرة القص واللصق وسلسلة الضم والإلحاقات وصناعة اوطان – خرائط ورقية لم تلبث ان اصبحت سلسلة لبراكين نشطة وقابلة للإنفجار في اية لحظة ، هذه الخرائط التي لم تؤسس لجغرافيات طبيعية فقط ، بل قسمت شعوبا أيضا ، بعد أن كانت قد أقرت لهم حق تقرير المصير ، وهنا ساطالب كل من يزاود علينا / أقله اعبر عن ذاتي / في قضية حق تقرير المصير للشعب الكردي وفي إطار أجزاءه الأربعة ، لابل وحتى اعلان دولة كردستان الكبرى وتضم جميع الاجزاء وحتى تداخلات او تسويات حدوده مع دول أخرى !! ومن هنا فكل مزاودة مردودة وبعنف على اصحابها .. والآن وبكل بساطة ! ألا يبدو التخبط وكذلك معيار الإزدواجية غير المنضبطة من الذين نصبوا ذواتهم أوصياء على الأرض والعباد وسياقات حججهم ( سوريا ) في عدم التصادم مع نظام الإستبداد ، وبالتالي دموية هذا النظام ووجوبية الحفاظ على المدن والقرى الكردية ووو .. وهنا : أوليست مناطقنا حسب ( هوبراتهم ) الإفتراضية هي ( جزء من كردستان ) وبالتالي فرضية وجوب السعي لتأمين الحقوق التي يلزمها تضحيات ؟! .. اذا كانت الحجج واقعية هنا فلما تتهاوى ولم تزل في كبرى الأجزاء الكردستانية وكلنا يعلم مدى طغيان واستبداد الجونتا التركية وتنقل كامل آليات الصراع الى غير مكانها الصحيح ؟! .. ولماذا ينأوون بمدنهم عن الإستهداف ويزحفون صوب الأجزاء الاخرى جلبا للعسكر التركي ؟ او ليست مساعدة مكشوفة ومبررات تعزز وتشرعن الإستدراج التركي ، واصبحت مدننا هدفا مباحا لها وما يمارس فيها ؟! .. وعليه ! أوليس الأهم هو العمل الجاد في الحفاظ على مكانية النضال وساحتها الحقيقية ، وفسح المجال أكثر للنضال المدني السلمي وبتعابيره الإحتجاجية المؤثرة اكثر في الرأي العام العالمي ؟! .. وبالتالي حيز الصراع العسكري وجبال كردستانهم الأبية !! .. اردوغان ليس سوى امتداد لمنهجية نظام مثله وخامنئي وبشار والعروبيون في بغداد .. نعم كلهم في هوى وأد المشروع القومي الكردستاني واحد .. كم كنت اتمنى ولازلت ألا توضع كل هذه التضحيات في خانة الصراع الإقليمي وبما لا يخدم مطلقا قضية كردستان والشعب الكردي … وستبقى نصرخ ونقول كل التضامن مع مدن كردستان قاطبة ولا والف لا لجعل او السعي لجعل قضية شعب كردستان تركيا ورقة .. نعم مجرد ورقة في الصراع البيني الإقليمي .
إن أبشع أنواع الداء الذي يفتك بنيويا في الحركات والأحزاب والمجموعات السياسية منها والعسكرية هي الذرائعية التي تستخدم كتبرير وتعليل معاكس في واقعة تتشابه مع الحالة الأولى الى حد التطابق !! كردستان تركيا أنموذج صارخ ومثيلتها في سوريا .. وبالتأكيد لن يفوتني هنا بإعلان كل التضامن مع شعبنا في كردستان تركيا وحقوقه المشروعة .
نعم ؟ عندما يسفه الوعي بصاحبه وتتقمصه نزعة التخندق حتى في بنية خلايا جسده فيعيش حالة فوبيا تتأصل في داخله ويصبح كل خطوة ممارسة من الآخر انما مؤامرة كون / جرمية – من الأجرام السماوية – / تحاك ضده !! وقد عشنا وسمعنا !! ما رددته جوقتهم في مرياعية وبقطيعية فظة وقالوا : ان البرزاني دعا للإستفتاء على الإنفصال !! للتشويش على ثورة باكور  / يعني الشمال / .. تناسوا مستخدمين ( سوفتوير عالي الدقة مع قطيعهم ) ان الرئيس مسعود ومنذ سنين كان يدعو لهذا الطرح ، وكان إجراء استفتاء تقرير المصير تنفيذا لذلك ، والتي ورغم كل ما مارسه الأعداء فإن الإستفتاء قد عزز من همة النضال القومي الا اللهم عند من يريد ممارسة التقية وصناعة البدع الدونكيشوتية كما في مشروع باكور والتي هي صور طبق الأصل عن الكانتونات حتى لا أقولها كا …
 إن استهداف الشعوب وقضاياها المصيرية وجعلها حقل تجارب نظرية والعبث بالمصطلحات تشويها وبرؤى ديماغوجية ، هو في الواقع استهداف ممنهج ما ولن تكون الغاية منها سوى الدفع بالجماهير نحو الزوغان واختلاط لمفاهيم الحقوق واولوياتها ، وإلا فما الغاية من خلطة المواقف والأهداف وأولويات الحقوق المفترضة ؟ فهل صراع الشعب الكردي مع النظم الغاصبة والمقتسمة لوطنه هو صراع شعب من أجل قضية أرض وشعب ؟! ام قضية صراع طبقي ومن جديد ترف فكري وسماع ليوتوبيا جديدة وقد تزنرت ب ( براديغما ) هجرها صاحبها من جهة و .. سيلزمنا قرون لنفهم المصطلح ولمجرد مصطلح لا أكثر …

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…